غموض سيناريو رحيل نتنياهو

بقلم: عمر حلمي الغول

فجر الخميس الماضي 12/12/2019 حلت الكنيست ال22 نفسها، وذهبت إلى غير رجعة بعد 69 يوما من إنتخاب أعضائها في 17 ايلول / سبتمبر الماضي، وهي الكنيست الثانية بعد الكنيست ال21، التي ايضا لم تعش طويلا، وتم إنتخاب أعضائها في 9 نيسان/ إبريل الماضي، وماتت بسبب الشلل والإستعصاء في تشكيل حكومة إسرائيلية بأغلبية 61 مقعدا.
وكانت دولة الإستعمار الإسرائيلية دخلت أزمة حادة بعد تمرد أفيغدور ليبرمان على إئتلاف اليمين المتطرف الحاكم في تشرين ثاني / نوفمبر 2018، مما دفع الكنيست ال20 لحل نفسها في 24 كان أول / ديسمبر 2018، والأزمة لا تتعلق بخروج حزب إسرائيل بيتنا، بل هي اعمق من ذلك، ولها أسباب سياسية وإجتماعية وقانونية وإقتصادية ودينية وثقافية. فضلا عن إنزياح النظام السياسي الإسرائيلي إلى الشعوبية والنظم العالم ثالثية، وتفشي الفساد في رأس الحكم، وتمسك ملك الفساد بالبقاء على رأس الحكومة، وللأسف أن الشارع اليميني الإسرائيلي واصل دعم بنيامين نتنياهو زعيما لليكود، ورئيسا للحكومة، وهو لا يعكس فقط ملامح النظم السياسية المتخلفة والمحافظة، انما يشير لتجليات الفاشية، التي تتمظهر بأجلى صورها في دولة الإستعمار الإسرائيلية من حيث عنصريتها، وإرهابها الإستعماري، وتغولها الإستيطاني على الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967، وإختطاف القانون والمؤسسات القضائية، وتكميم الأفواه، وملاحقة المؤسسات والمنابر الإعلامية والثقافية، ومطاردة القوى والأحزاب المعارضة بمن فيهم داخل أحزاب اليمين المتطرف، بمعنى رفض قبول الرأي الآخر، وإلصاق التهم بها لإسكاتها، ومصادرة حقها في التعبير عن ارائها، ودمج الديني بالسياسي، ومعاداة قوانين ومواثيق ومعاهدات الشرعية الدولية، والعمل على تصفية عملية السلام الممكنة والمقبولة … إلخ
في اقل من سنة تذهب الدولة المأزومة لإنتخابات برلمانية، حيث أقرت الكنيست ال22 المنحلة يوم الثاني من آذار/ مارس 2020 موعدا لإنتخابات الكنيست ال23، والذي قد لا يكون حظه افضل من حظوظ دورتي الكنيست ال21 و22 السابقتين في حال تمسك زعيم الليكود بالبقاء على رأس الحكومة وزعامة الحزب، وإذا لم يتمكن جدعون ساعر من هزيمته في الإنتخابات الداخلية لليكود في 26 كانون أول/ ديسمبر الحالي، وإذا ما بقيت قوى اليمين المتطرف تحيط به، وتمنحه شبكة أمان، وفي حال ايضا لم يتمكن تكتل كاحول لافان بزعامة بيني غانتس من حصد مقاعد تؤهله مع حلفائه في الكنيست القادمة من تشكيل حكومة جديدة، سيبقة الشلل سيد الأحكام في دولة الإستعمار الإسرائيلية، وقد تذهب لإنتخابات رابعة وخامسة إن لم يتم كسر المعادلة الحزبية والسياسية القائمة.
يجري حاليا التداول ما بين تكتل أزرق ابيض وحزب إسرائيل بيتنا لعرض إقتراح على نتنياهو الفاسد، عنوانه: عدم محاكمته مقابل ان يعتزل العمل السياسي، كمخرج له ولليكود وللنظام السياسي الإسرائيلي. ولا ادري من خلال قراءتي لشخصية رئيس حكومة تسيير الأعمال ونرجسيته، وتضخم الأنا لديه، ومن خلال رهانه على انصاره ومحازبيه، إن كان يقبل المساومة، أو يُّصر على البقاء على رأس الحكم، وتحدي القضاء والقانون والمشاركة في الإنتخابات القادمة. مازال من المبكر إستشراف كنه وفحوى ما يسعى إليه بيبي. رغم انه الآن في أضعف لحظات مسيرته السياسية، ويعيش حالة رهاب من السجن والخصوم في الداخل والخارج، وتلاحقه الكوابيس الليلية بالإضافة لإحلام اليقظة.
نعم، نتنياهو إنتهى، واسدل الستار على مسيرته السياسية والحزبية. ولكن كيف سيكون الإخراج النهائي لإنزاله عن مسرح الحياة الحزبية والسياسية وشجرة الحكومة المتشبث بها بجنون. الأيام والأسابيع القادمة بالضرورة ستميط اللثام عن كيفية خروج زعيم الليكود من المشهد بكل مستوياته، وأعتقد جازما حتى لو بقي مصرا على الترشح لرئاسة قائمة الليكود قبل نهاية الشهر الحالي، وفاز في دعم انصاره، غيرانه سيترك الحكم شاء أم ابى، لإنه لم يعد من مصلحة الليكود ولا من مصلحة اليمين المتطرف بقاء الفاسد نتنياهو على رأس الحكم.
oalghou@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.coml

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version