المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أمريكا تغلق مجلس الأمن

بقلم: عبدالله الأيوبي

يناقش مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع (يرجح أن يتم غدا الأربعاء 24 يونيو الجاري)، شكوى فلسطينية بشأن المخطط «الإسرائيلي» لضم غور الأردن والمستوطنات الصهيونية المقامة فوق أراضي الضفة الغربية المحتلة، مثل هذه الخطوة الفلسطينية واجبة وضرورية في إطار النضال الوطني الفلسطيني السلمي للحيلولة دون تضييع ما تبقى من حقوق فلسطينية تاريخية بعد ضياع الحق الأكبر في فلسطين منذ أن أقيم الكيان الصهيوني فوق الجزء الأكبر منها، فهذه الخطوة الفلسطينية المتمثلة في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، يجب أن تدعمها خطوات أخرى وفي أكثر من محفل دولي لمواجهة الصلف الصهيوني والقضم المتواصل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

السفير الفلسطيني لدى روسيا الاتحادية عبدالحفيظ نوفل أعرب في تصريح لصحيفة «إزفستيا» الروسية عن أمل القيادة الفلسطينية في ألا يسمح مجلس الأمن لـ«إسرائيل» بضم غور الأردن وأن يتخذ المجلس إجراءات صارمة، بما في ذلك فرض عقوبات. ما عبر عنه السفير الفلسطيني من حيث الواقع، لا يعدو أن يكون حلما وأمنية بعيدة المنال، ذلك أن الفيتو الأمريكي جاهز لتوفير المظلة الحمائية للسياسة العدوانية التي تنتهجها «إسرائيل» ليس ضد الشعب الفلسطيني، بل إن هذه الحماية تشمل جميع الإجراءات «الإسرائيلية» بما في ذلك اعتداءاتها المتكررة على أكثر من دولة عربية.

التوجه إلى مجلس الأمن الدولي وتقديم شكوى ضد الممارسات العدوانية «الإسرائيلية» المتواصلة، وآخرها إعلان النية في ضم غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، هذا التوجه إلى هذه المؤسسة الدولية المهمة ليس خطأ، بل هو العمل السياسي الصحيح، فلجوء السلطة الوطنية الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي لن تخسر من وراءه أي شيء، على الرغم من أن السلطة تعرف جيدا، وهي مقتنعة تماما، بأن أي قرار ضد «إسرائيل» لن يمر، طالما بقي نظام «الفيتو» معمولا به في هذا المحفل الدولي؛ لأن هناك حماية مضمونة لهذا الكيان.

فالسلطة الفلسطينية تأقلمت مع «الفيتو» الأمريكي عندما يكون المستهدف من أي قرار هو الكيان الصهيوني، لدرجة أن البعض من باب السخرية يقول إن هناك ست دول تملك حق النقض «الفيتو» ويعني «إسرائيل» بالدولة السادسة، ذلك أن الفيتو الأمريكي جاهز مائة بالمائة للدفاع عن مصالح الكيان الصهيوني وسياساته في المنطقة، ومع ذلك نقول ونكرر إن التوجه إلى مجلس الأمن خيار لا مفر منه بالنسبة إلى الفلسطينيين، ومع أن المجلس لن يحقق لهم مبتغاهم للسبب المذكور سلفا، إلا أن المجلس يعتبر منصة لفضح السياسة الإسرائيلية وتواطؤ الولايات المتحدة مع العدوانية الصهيونية.

بالعودة إلى لب الموضوع، فإن ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية المحتلة، هو تنفيذ عملي للسياسة التي انتهجتها «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في عدوان الخامس من يونيو عام 1967، وتحديدا في الضفة الغربية المحتلة، حيث عمدت إلى تقطيع أوصال أراضي الضفة وتحويل التجمعات الفلسطينية فيها إلى جزر بشرية مترامية بالتوازي مع التوسع التدريجي في المستوطنات وبناء أخرى، مع تكثيف الأعداد البشرية من المستوطنين في الضفة الغربية، كل ذلك يجري بموافقة الإدارات الأمريكية ودعمها، إذ ما كانت «إسرائيل» لتجرؤ على تنفيذ مثل هذه الاعتداءات المنافية لكل القرارات الدولية لولا الدعم الأمريكي والحماية السياسية الثابتة.

في مثل هذه الأوضاع السياسية الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وحالة الضعف والتشتت التي تعاني منها العلاقات بين الدول العربية وغياب شبه تام لما يعرف بـ«التضامن» العربي، فليس أمام السلطة الوطنية الفلسطينية من خيار سوى طرق أبواب مختلف المحافل الدولية، بما في ذلك محكمة الجزاء الدولية وغيرها، سعيا وراء محاسبة قادة الكيان الصهيوني على الجرائم التي يقترفونها بحق الشعب الفلسطيني، فهذه الجرائم لا تنحصر في الاعتداءات العسكرية وقتل المدنيين من شيوخ وأطفال، فالاستيلاء على أرض الغير بالقوة يصنف وفق القانون الدولي على أنه جريمة يحاسب عليها.

في موازاة التحركات الفلسطينية الخارجية، والتي يجب تكثيفها خلال الفترة القادمة مع اقتراب موعد تنفيذ «إسرائيل» مخططها الإجرامي في الضفة الغربية المحتلة، يجب أن تكون هناك مساندة جماهيرية فلسطينية لهذا التحرك من خلال النضال الشعبي، وهذا متوقع جدا، حيث يرجح المراقبون أن تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة هبات شعبية واسعة، ليس مستبعدا أن تتحول إلى انتفاضة على غرار الانتفاضتين السابقتين اللتين عمتا الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد أثبتت التجارب السابقة مدى جدوى وقدرة الشارع الفلسطيني على إحداث تغييرات سياسية مهمة ومؤثرة.

صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية

Exit mobile version