المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

المواجهة الكبرى

بقلم: ربحي دولة

في ظل هذه المعركة الشرسة التي تخوضها القيادة الفلسطينية في وجه كل التحديات التي تعصف بالقضية الوطنية، وفي ظل تنكر دولة الاحتلال وبدعم أمريكي لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وفي ظل انهيار منظومة القيم لدى بعض العرب وما نشاهده من استعدادات في دولة الامارات العربية لأكبر انتكاسة عربية في الوقت الحاضر لتوقيع الاتفاق بين دولة الاحتلال ودولة الامارات والذي يُفضي الى إنهاء حالة العداء بين البلدين هذا العداء الذي نشأ مُنذ لحظة قيام دولة الكيان على أرضنا الفلسطينية الموجودة قبل استقلال الامارات.
هذا الموقف العربي الموحد والذي جاء ليُعبر عن الموقف الأصيل برفض هذا الكيان الغريب الذي زُرع في خاصرة هذا الوطن ليُفرقه ويُقسمه من أجل السيطرة على خيراته ومقدراته تنفيذاً للسياسة الاستعمارية التي وضعتها دول الاستعمار العالمي وعلى رأسها راعي الارهاب العالمي أمريكا، حيث استمرت حالة الرفض والعداء الى عشرات السنين حتى ما بعد توقيع جمهورية مصر اتفاق “كامب ديفد” منفردة مع دولة الكيان والذي كان بداية الاختراق العلني لقلب الوطن العربي ولكن هذا الاختراق الرسمي لم يلقى اي قبول من قبل الشارع العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص واستمرت حالة الرفض العربي لوجود هذا كيان دولة الاحتلال حتى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام وبمشاركة العديد من الدول العربية والذي أسفر عن إبرام اتفاق سلام مع الممكلة الاردنية وفشل المفاوضات مع سوريا وإبرام اتفاق مع منظمة التحرير أفضى الى إقامة السلطة الوطنية على طريق اقامة الدولة المستقلة.
مع عودة قيادة منظمة التحرير الى أرض الوطن لقيادة دفة الحكم والسلطة من الداخل وكذلك قيادة العملية التفاوضية مع دولة الكيان على كل النقاط التي جرى تأجيلها لما عُرف بقضايا الحل النهائي منها الحدود واللاجئين، فيما تعثرت المفاوضات واندلعت الانتفاضة الثانية والتي كانت أول مواجهة عسكرية بهذا الحجم استمرت عدة سنوات وما أسفر عنها من تفاهمات جديدة بعيدة كل البعد عن الحلم الذي انتظره شعبنا بعد سنوات من المعاناة وحجم التضحيات الكبيرة من الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال .
في هذه الأثناء تفردت أمريكا وحدها في صياغة شكل العالم الجديد الذي دعت اليه “أمريكا”، هذا العالم المراد منه تطويعه لصالح هذه السياسة التي تهدف الى السيطرة على العالم ، كان من ضمن هذه الخطة السيطرة المُطلقة على النظام العربي المُتردي من خلال الخريف العربي الذي دعمته أمريكا في بعض الدول العربية ونجحت في ذلك، حيث تم تغيير بعض الأنظمة، وعاشت هذه الدول في حالة صراع مستمر ، وبعد غزو العراق وتدميره والسيطرة عليه وعلى مقدراته أظهرت أمريكا إيران كقوة تهديد جديدة في الشرق الأوسط وأصبحت دول المنطقة “تهرول” نحو أمريكا تحت شعار “التعاون الأمني والعسكري”، لمنع المد الايراني ومحاربته في سبيل الحفاظ على عروشهم الهشة، ومن هنا أدخلت أمريكا دولة الكيان في دائرة العمل والتعاون فيما بين هذه الدول على اعتبار أن ايران هي العدو المشترك لهم جميعاً.
وبعد وجود الدول العربية لحل صراعاتها الداخلية ومعركة الحفاظ على أنظمتهم من الزوال أصبحت القضية الفلسطينية هي قضية ثانوية للعرب بعد أن كانت القضية الأولى وكانت المواقف العربية تنتزع انتزاعاً بفعل قوة الرسالة الفلسطينية .
أعتقد أن الموقف الصلب الذي اتخذته القيادة الفلسطينية في مواجهة ورفض ما يُسمى بصفقة ترامب التي ستؤدي الى تصفية القضية الفلسطينية وغزو اسرائيل لعالمنا العربي كشريك وصديق بعد هذه الحالة العدائية التي استمرت لسنوات طويلة، وهنا أصبحت الأمور بالنسبة للقضية الفلسطينية أكثر تعقيداً وخاصة بعد إعلان عن تطبيع العلاقات الاسرائيلية الاماراتية على طريق دخول دول أخرى ضمن هذه المنظومة، فيما اشتدت المعركة على القيادة الفلسطينية وفتحت أكتر من جبهة علينا منها وقف كل المساعدات الامريكية والقرصنة الاحتلالية على أموالنا، وتوقف بعض العرب عن التزاماتهم من جهة ومن جهة أخرى إظهار شخصيات فلسطينية تُهاجم القيادة لاضعافها في عيون مواطنيها ولاضعافها خارجياً في هذا الوقت بالتحديد الذي نحن بأمس الحاجة فيه الى وحدة الصف الفلسطيني لمواجهة كل التحديات التي تواجه مصير مشروعنا الوطني وترك كل خلافاتنا جانباً حتى الخلاص من سبب كوارثنا ومصائبنا وهو الاحتلال.
نعم نؤمن ايمانا عميقا أن المعركة قاسية والمواجهة صعبة لكن ايماننا أكبر بعدالة قضيتنا وحتمية النصر، ونؤمن أيضاً أن قيادتنا تمتلك من الحكمة والقوة الكافية للانتصار في هذه المواجهة الكبرى.

• كاتب وسياسي

Exit mobile version