المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

خمسة أسباب لفشل اتفاق التطبيع بين نتنياهو وابن زايد

بقلم: د. علي الاعور

تميزت العلاقات الإقليمية في المنطقة العربية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حتى الخمسينات من القرن الماضي بتحالفات تشمل قطبين من الدول العربية ” محور الدول المعتدلة والتي سارت في ركب بريطانيا ومن بعدها الولايات المتحدة الامريكية ممثلة في مصر والأردن والسعودية والمحور الثاني وهو محور المقاومة والصمود والثورة ويشمل العراق وسوريا وفلسطين ولكن المهم في المحورين هو رفض وجود إسرائيل في فلسطين وان تغير موقف الدول المعتدلة و معهم فلسطين من خلال اتفاق أوسلو 1993 في نهاية القرن الماضي الى الاعتراف بوجود إسرائيل وليس الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ممثلا في مصر والأردن والسعودية وفلسطين .

ولكن ما يميز العلاقات الإقليمية في بدايات القرن الحادي والعشرين هو بروز تحالفات سرية وعلاقات تطبيع بين إسرائيل ودول جديدة في المنطقة العربية كان اكثرها علانية و فشلا في الأيام الأخيرة الاتفاق الثلاثي بين نتنياهو ومحمد ابن زايد وترمب لاستكمال مسلسل ما يعرف بصفقة القرن والمرة الأولى التي يعلن فيها حاكم عربي باعترافه بإسرائيل والعمل معها على تصفية القضية الفلسطينية ولكن هناك خمسة أسباب تجعل من هذا الاتفاق حبرا على ورق وتساهم في افشاله على الصعيد الداخلي في الامارات وإسرائيل وعلى الصعيد الخارجي فيما يتعلق بالولايات المتحدة الامريكية.

أولا : اتفاق التطبيع وقع بين دولتين غير متجاورتين ولا حدود بينهما وغير متحاربتين والامارات ليست من دول الطوق او الدول التي دخلت في حروب مع إسرائيل مثل مصر والأردن وقدمتا الاف الشهداء مما يعكس توقيع اتفاق لا معنى له من ناحية جيوسياسية وبين الامارات وإسرائيل الاف الكيلومترات وهما ليستا بحاجة الى توقيع مثل هدا الاتفاق خصوصا لا يوجد خلافات بينهما على حدود برية او بحرية وبالتالي فان الشعوب غير معنية بتبادل ثقافي او تجاري حيث الدولتين تعتبر من الدول المستوردة باستثناء التكنولوجيا التي تمتلكها شركات إسرائيلية تتعلق بمراقبة ومتابعة الأجهزة الخلوية وقنوات وسائل التواصل الاجتماعي داخل كل دولة ومتابعة المعارضين السياسيين في الامارات وهذه التكنولوجيا معروضة في الأسواق ويمكن لقبائل افريقيا واسيا شرائها بدون توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل.

ثانيا: اتفاق التطبيع تم توقيعه بين أنظمة سياسية حاكمة في الامارات وفي إسرائيل بمعنى انه اتفاق بين محمد ابن زايد ونتنياهو والشعوب في وادي والأنظمة الحاكمة في وادي اخر حيث الشعب الاماراتي العظيم لن ينسى فلسطين ولن يساوم على فلسطين ولن يتخلى عن القضية الفلسطينية وبالتالي سوف يبقى الاتفاق بين بنايتين تمثلا سفارات بين الدول بدون جمهور وبدون زيارات وبدون تطبيع على ارض الواقع سواء في التجارة او الاقتصاد او التعليم او الثقافة ومثال على ذلك اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ، لم يقم الشعبين العظيمين باي نوع من أنواع التطبيع حتى على مستوى مباراة لكرة القدم بين إسرائيل ومصر والأردن بل على العكس تماما قام النجم محمد أبو تريكة بارتداء قميص في كأس الأمم الافريقية كتب عليه” التضامن مع غزة ” حتى وان كان عدد من رموز النظام في الامارات بتعليمات من محمد بن زايد لممارسة عددا من النشاطات التطبيعية في مجال الاستثمار والثقافة والفن ، وحتى في مجال الاستثمار اشترط نتنياهو ان يكون الاستثمار للإماراتيين في منطقة النقب فقط وليس في الجليل الشمالي وليس في المركز في تل ابيب مع العلم ان ” دافيد بن غوريون ” مؤسس إسرائيل قد انتقل الى النقب وعاش ومات في النقب لكي يلحق به الإسرائيليون للتنمية والاستثمار ولكن تركوه لوحده يموت فيها وبالتالي فان الاماراتيون لن يستثمروا في الصحراء واذا استثمروا في صحراء النقب لن يجدوا إسرائيلي واحد يشتري منهم مشاريعهم وربما لن يتبقى معهم ثمن تذكرة سفر للعودة الى الامارات.

ثالثا: محمد ابن زايد لا يعتبر ايران دولة معادية بل هناك تبادل تجاري وسياسي بين الامارات وايران بمليارات الدولارات وبالتالي فان إسرائيل ترى في ايران دولة معادية بينما يراها محمد ابن زايد دولة حليفة له في المنطقة ضد دول ربما يتنازع معها في المستقبل وتمثل قوة سياسية واقتصادية كبرى في الخليج العربي وبالتالي فان صفقة الأسلحة اف35 التي وافق عليها ترمب ونتنياهو لبيعها للامارات كما وافق على بيع المانيا لغواصات حربية متقدمة الى مصر ، فهي مرفوضة كليا من وزارة الدفاع الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية و الجمهور الإسرائيلية خوفا من وصولها في المستقبل الى ايران من خلال تحالفات جديدة في المستقبل بين ايران والامارات.

رابعا: محاكمة نتنياهو تمثل هاجس كبير الى نتنياهو ومحمد ابن زايد على اعتبار ان محاكمة نتنياهو سوف تبدا في يناير القادم 2021 بثلاث جلسات أسبوعيا واذا تم ادانة نتنياهو سوف يكون خارج الخارطة السياسية في إسرائيل وسوف يكون خارج دائرة القرار السياسي في إسرائيل وربما ينتهي عهد نتنياهو السياسي ويصبح اتفاق التطبيع حبرا على ورق خصوصا ان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ” افيحاي مندلبليت ” قد اكد انه يملك ادلة كافية لادانة نتنياهو. بالإضافة ان هناك جمهور كبير من الإسرائيليين ربما يمثلون سياسيين وباحثين ومثقفين بالإضافة الى اليسار ووسط اليسار الإسرائيلي ينظرون الى اتفاق التطبيع مع محمد ابن زايد لا يساوي شيء في ظل غياب حل سياسي مع الفلسطينيين.

خامسا: الانتخابات الامريكية في نوفمبر القادم والظروف السياسية وأزمة كورونا والمظاهرات من قبل جماهير ذوي البشرة السمراء في الولايات المتحدة الامريكية ضد الشرطة الامريكية وسياسة ترمب في قمع المظاهرات ربما تعكس تقدم بايدن مرشح الحزب الديموقراطي على ترمب مرشح الحزب الجمهوري ويخسر ترمب الانتخابات في الولايات المتحدة الامريكية ويصبح خارج البيت الأبيض مما يعني وفاة ما يسمى بصفقة القرن ومعها جنينها المعاق اتفاق التطبيع بين نتنياهو ومحمد بن زايد ومع خروج ترمب من البيت الأبيض ينتهي كل شيء خصوصا ان بايدن يدعم ويؤيد حل الدولتين في اطار سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين .

تلك مجموعة الأسباب التي من شأنها ان تلغي وتعمل على افشال اتفاق التطبيع بين نتنياهو ومحمد ابن زايد خصوصا ان هناك سياسيين وعسكريين وأساتذة جامعات بينهم البرفوسور ” الي بوديه ” ووزير خارجية إسرائيل الأسبق وعضو الوفد الإسرائيلي المفاوض الى كامب ديفيد الثانية ” شلومو بن عامي ” اكدوا بان الاتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وزيارة رام الله وتوقيع اتفاق سلام مع الرئيس أبو مازن افضل بكثير من الذهاب الى الامارات وتوقيع اتفاق التطبيع بين نتنياهو ومحمد ابن زايد على اعتبار ان نتنياهو يقدم نفسه بانه من عمالقة السياسة في إسرائيل على خطى رابين ومناحيم بيغن ولكن في الحقيقة هو ابعد بكثير عن هذا التصور في نظر الكثير من الإسرائيليين.

Exit mobile version