نتنياهو: نحن لا نخون تاريخنا! 

بقلم: فوزية رشيد*

في سؤال لصحفي في مؤتمر صحفي أقامه «نتنياهو» مؤخرا حول (تجميد المستوطنات) ردّ بأنه «تجميد مرحلي»، بحسب طلب «ترامب»، ولكنه أضاف جملة يجب تعليقها في الأذهان العربية خاصة، وهي كما قال «نحن لا نخون تاريخنا»!
والسؤال في ذهن من يعرف تاريخ قيام «الكيان الصهيوني» هو عن أي تاريخ يتحدث؟! هل عن اغتصاب فلسطين؟! أم عن احتلال الضفة الغربية وتفتيت جغرافيتها بالمستوطنات لتتحول إلى أمر واقع سيتم فرضه بالقوة؟! أم هو يتحدث عن تاريخ «الصهيونية العالمية» وما أحدثته بعد سايكس – بيكو واغتصاب فلسطين، من متغيرات على الأرض العربية؟! أم هو يتحدث عن تاريخ بائد يعود إلى (ألفي عام) وجد فيه اليهود بعض الوقت على أرض فلسطين؟! أم هو يتحدث عن تاريخ «الفصل العنصري».. أم تاريخ حرب إبادة القرى في حرب 48، أم تاريخ قتل الفلسطينيين الذين ناضلوا من أجل استعادة جزء من وطنهم وليس كل الوطن، أم أنه يتحدث عن تاريخ التزوير والتلفيق وكتابة الأساطير التي أسست للكيان الذي يحكمه كرئيس وزراء؟! عن أي تاريخ يتحدث «نتنياهو» ويتباهى بأنه لا يخونه؟!

في المقابل هناك عرب ذوو تاريخ حقيقي مجيد وحضارات عريقة أسهمت في بناء الإنسانية حضاريا، وذوو أعظم دين ارتضاه الله لكل البشرية، حباهم الله في هذه المنطقة بكل النعم والإمكانيات والقدرات، ولكنهم حرموا أنفسهم من الإرادة الحرة، ومن تحمل المسؤولية، ومن الوحدة، ومن التفكير العلمي، ومن الرؤية الاستراتيجية، كل ذلك وغيره هم من حرموا أنفسهم منه بالإرادة الحرة! وتحولوا من خير أمة أخرجها الله في الأرض، إلى أمة تعيش «الهزائم الذاتية والخارجية»، وأصبحوا قابلين للتخلي عن ماضيهم وتاريخهم المجيد، وعن قضاياهم الرئيسية.

«نتنياهو» يقف بأساطيره الملفقة وتاريخه المزور ليعلن «نحن لا نخون تاريخنا»! أليس في هذا أبشع انقلاب للمنطق ولكل معنى؟! فيما هناك البعض من العرب يتباهون بالمقابل بتصهينهم على الفضائيات ويمتدحون الكيان الصهيوني الغاصب، باعتباره حليفا منقذا، أليس في هذا ما هو أكثر من البشاعة نفسها في انقلاب المنطق أيضا؟! بل هناك من يملأ وسائل التواصل الإلكتروني بالسباب واللعن للعرب والعروبة في حالة (انتكاس ذاتي) على كل ما يتعلق بهويته ودينه وتاريخه والقضايا العربية؟! هذا التخلي عن مكونات الإنسان كالهوية والدين والتاريخ والمبادئ، ألا يدل على أي درك أسفل أوصل العرب أنفسهم إليه، حتى أصبح التفاخر لدى هؤلاء يصب في نبذ الذات وكراهيتها؟!
هنيئا لـ«نتنياهو» إخلاصه للكذب والتلفيق والتزوير في التاريخ ولصهيونيته المقيتة، التي أوصلته إلى أن يقف متبجحا بذلك الإخلاص! وبؤسا لكل عربي لم يدرك قيمة ذاته ولا قيمة تاريخه وحضاراته الممتدة، ولم يدرك معنى الحفاظ على دينه وعلى هويته وقضاياه الوجودية! بل حتى لم يدرك معنى إنسانيته ورمزية تعاطفه مع من ظلمهم «الكيان الصهيوني» من الفلسطينيين العرب الذين تم اغتصاب وطنهم وتشريدهم، ثم القضاء على ما تبقى لهم من فتات الأرض بالاحتلال والاستيطان! وعجبي!

*مقال للكاتبة البحرينية فوزية رشيد نشر لها في صحيفة أخبار الخليج البحرينية يوم الأحد الموافق 6 سبتمبر 2020

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version