أطفال في العراء

يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته وممارساته العنصرية في قرى وخرب وشعاب مسافر يطا جنوب الخليل، حيث طالت عمليات الهدم خلال الأسابيع الأخيرة عشرات المساكن والحظائر، ضمن برنامج تهويدي مستمر تسعى سلطات الاحتلال من خلاله إلى إقامة المزيد من البؤر الاستيطانية في كافة أرجاء المحافظة.

وبقضمها المزيد من أراضي المواطنين، تعمد سلطات الاحتلال على توسيع المستوطنات التي اقامتها عنوة على اراضي المواطنين وممتلكاتهم في هذه القرى والخرب المهددة بالهدم من قبل حكومة الاحتلال، على غرار ما تقوم به في كافة ارجاء فلسطين.

المواطن الذي يقطن قرية الركيز بمسافر يطا، شاهر خليل جبر حمامدة (50 عاما) يقول لــ”وفا”: “داهمت قوات الاحتلال الاسبوع المنصرم قريتنا وقرية شعب البطم، مصطحبة جرافاتها ورتل من آلياتها العسكرية، وهدمت غرفة وخيمة سكنية و”بركسا” لأعلاف المواشي للمواطن موسى اسحاق الجبارين، وغرفتين سكنيتين من الطوب والصفيح و”بركسا” للأعلاف وطابونا لصنع الخبز للمواطن محمد اسحق الجبارين، كما هدمت في قرية الركيز 4 مساكن يقطنها 15 فردا من عائلة الحمامدة، منهم 2 من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

ويضيف “عقب عملية الهدم التي باغتنا بها الاحتلال، ودمر بجرافاته كافة مقتنياتنا ولم تسلم ألعاب الاطفال والأدوية، وبات اخواني رائد، ومراد، وعامر، وماهرة وعائلاتهم في العراء بلا مأوى، ليقضوا ليلهم في كهف وخيمة تبرع بها المجلس المحلي لقرية التوانه”.

ويتابع: “نحن في قرى ومسافر جنوب وشرق الخليل سواء بني نعيم أو يطا، في صراع مستمر مع الاحتلال ومستوطنيه من أجل البقاء، وسنبقى متشبثون بأرض آبائنا وأجدادنا، ونومنا وأطفالنا في العراء لن يثنينا عن الدفاع عن أرضنا”.

ويشير شاهر إلى أنه هذه ليست المرة الأولى التي يهدم الاحتلال بها مساكننا وحظائر ماشيتنا، هم يهدمون ونحن نواصل البناء، هذا الوطن المكلوم لا يعمر فيه ظالم، وسيعود أطفالنا يلعبون داخل بيوتهم ولن يكون العراء مأواهم”.

مراد شقيق شاهر الذي هدم منزله أسوة بأشقائه، يرى أن هدم الاحتلال المساكن يهدف إلى ارغامهم على الرحيل لتوسيع مستوطنتي “ماعون” و”افيجال” المبيتان عنوة على أراضينا وممتلكاتنا.

يامن (9 أعوام) نجل مراد يقول “دخل أكثر من 20 جنديا غرفتي حاملين سلاحهم وطردوني ومنعوني أخذ أي شيء من ألعابي، المجرميبن هدموا الدار وقلبوها فوقاني تحتاني بالجرافات.. وخربوا ألعابنا”.

من جانبه، أوضح رئيس مجلس قروي التوانه محمد ربعي لـ”وفا” أن عمليات الهدم والتجريف بمسافر يطا، سواء في قريتي الركيز وشعب البطم او غيرها من القرى، تهدف لتهجير المواطنين عن أراضيهم لضمها إلى الأراضي التي سرقها الاحتلال سابقا لإقامة وتوسيع المستوطنات.

ويقول “لكننا لن نهجرها ومهما تنوعت واشتدت اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، لن تزيدنا إلا قوة في مواجهة هذه الغطرسة الاستيطانية والهمجية الاسرائيلية، التي لا تستهدف كل ما هو فلسطيني من شجر وحجر”.

ويشير منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الضفة راتب الجبور إلى أن جرافات الاحتلال دمرت خلايا شمسية مقدمة من دول أوروبية لتغذي عدد من مساكن مسافر يطا بالكهرباء، وهدمت غرف وخيم سكنية وبركسات وحظائر ومخازن لأعلاف المواشي خلال الاسبوع المنصرم في قرى ومسافر يطا المهدده بالاستيلاء عليها من قبل الاحتلال ومستوطنية، وتعود ملكية عدد منها لمواطنين من عائلة الجبارين وحمامدة.

ويضيف الجبور “قوات الاحتلال بشكل متكرر تقوم بعمليات الهدم والتجريف، لسرقة أراضي المواطنين وضمها إلى الأراضي التي سرقوها سابقا لإقامة وتوسيع مستوطنات “افيجال ومتسبي يائير وبيت يتير وسوسيا وماعون وحفات ماعون وكرمئيل وابناء يعقوب وداليا وبني حيفر” وغيرها من المستوطنات.

وعدد سكان قرى وخرب مسافر يطا 3000 نسمة تقريبا، موزعين على 16 تجمعا، ويزيد عدد سكان قرية الركيز عن 100 نسمة، بينما يبلغ عدد سكان قرية شعب البطم حوالي 300 نسمة، وهم يعتاشون بمجملهم على تربية المواشي، وبيوتهم ومساكنهم مخطرة بالهدم بحجة أنها تقع في المنطقة (ج).

ويوضح خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش لـ”وفا”، أن عمليات الهدم والاستيلاء على أراضي المواطنين وبناء المستوطنات في قرى ومسافر جنوب وشرق الخليل، تأتي في سياق مخطط إسرائيلي يقوده المستوطنون بدعم من حكومتهم، يهدف في مضمونه إلى فرض أمر واقع على الارض يسير بشكل متوازي لتسهيل تنفيذ ما تسمى عملية الضم ولإيجاد منطقة “أمنية” عازلة في المناطق القريبة لتجمعاتهم الاستيطانية التي تعد بالعشرات في هذه المناطق .

ويقول “في عام 1996 أصدرت حكومة الاحتلال أمرا عسكريا يقضي بالاستيلاء على 250 ألف دونم في مناطق مسافر يطا وبني نعيم وجنوب شرق الظاهرية، وفي عام 1998 طرد الاحتلال 83 عائلة أي ما يزيد عن 250 فردا من كهوفهم ومساكنهم في قرى يطا، لكن استطاعت اللجان الفلسطينية العاملة في المنطقة تعزيز صمود المواطنين آنذاك واعادتهم الى كهوفهم ومساكنهم.

ويضيف “لم تتوقف عملية الاستيطان الهادئ والمعلن منذ عقود، مبينا أن “الهادئ” أخطر من المعلن لأنه يتم عبر منظمات استيطانية ناشطة، ولا يتم الاعلان عنه من قبل حكومة الاحتلال، كما أن الوقائع على الأرض توضح أن الاحتلال من خلال حملات الهدم المسعورة التي تطال الحجر والشجر، بدء فعليا التحضير لعملية الضم التي ستطال ما يزيد عن 33% من مساحة الضفة الغربية”.

ويؤكد حنتش أن عمليات التهويد التي تتم بالاتفاق بين قيادة الجيش الإسرائيلي والحكومة وما يسمى مجلس المستوطنات، لم تتوقف لحظة واحدة منذ احتلال الضفة عام 1967 لكن بوتيرة مختلفة تشهد ارتفاع ملحوظ هذه الايام جراء الدعم الكامل الذي توفره امريكا لحكومة الاحتلال، والعالم في سباته لا يحرك ساكن، فلا قوانين ولا قوى رادعة لإسرائيل التي تفرض ما تشاء كيف تشاء على الارض حتى طالت اعتداءاتها المقدسات الاسلامية والمسيحية.

وفا- جويد التميمي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version