علي أبو عليا والصورة المقلوبة

بقلم: الأسير أسامة الأشقر

لم يكن استشهاد الطفل علي أبو عليا الأول ولن يكون الأخير فالاحتلال الإسرائيلي وعصابات جيشه ومستوطنيه ومنذ ما يقارب القرن من الزمن قد اعتادوا البطش بالشجر والحجر والصغير قبل الكبير، وهو لم يفرق في يوم من الأيام ما بين مقاتل في ساحة المعركة أو مواطن أعزل لا يملك سلاحا، ولم يسلم من بطشه هذا حتى الحيوانات وقد اعتاد الشعب الفلسطيني على آلاف الصور البشعة التي خلفتها آلة الحرب والدمار الإسرائيلي منذ ما قبل النكبة حتى الآن وهو مستمر ولم يتوقف. وجاء اغتيال الطفل الصغير علي أبو عليا ابن الخامسة عشر من بلدة المغير في إطار الحرب الأشمل التي تشنها إسرائيل على كل ما هو فلسطيني فالهدف الإسرائيلي أن لا يبقى هذا الشعب في حالة مقاومة مع جيش الاحتلال وأن لا تبقى القضية الفلسطينية تتصدر وسائل الإعلام والأخبار المحلية والعالمية، وأن يختفي اسم فلسطين من على شاشات التلفزة الدولية وهذا ما يسهل المهمة على إسرائيل للاستمرار في إجرامها وعدوانها وتوسعها وتنفيذ كامل مخططاتها على الأرض الفلسطينية، كما أن لذلك أهمية خاصة في ظل الظروف الحالية فأي حديث عن عمليات الاستيطان والقتل وجرائم أخرى كثيرة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني يظهرها على حقيقتها أمام أصدقائها الجدد ومن تحاول استغفالهم وإقناعهم بأن الشعب الفلسطيني راضي وأنه لا يحرك ساكنا وأن تطبيعهم معها يصب في صالح السلام الإقليمي، هذا السلام الذي تهدف إسرائيل من خلاله لإحكام سيطرتها الأمنية والاقتصادية على المنطقة العربية بالكامل ولتحقيق هذه الغاية وهذا الهدف الإستراتيجي لا يجب أن يكون هناك صور للقتل والجرائم التي يقوم بها جيشها كل يوم في الأرض الفلسطينية أو على الأقل أن لا تظهر هذه الصور للعلن وتبقى طي الكتمان لكي لا تلقى التعاطف والدعم العالمي وللتغطية على مثل هذه الصور تتفنن إسرائيل وآلتها الإعلامية بالتلاعب بالحقائق وقلب الصور لإعطاء طابع بأن وجود هذا الجيش على هذه الأرض وبين سكان عزل هو أمر عادي وطبيعي بل بالعكس فوجود هذا الجيش هو في صالح هؤلاء السكان ولخدمتهم وحمايتهم والدفاع عنهم، لهذا الهدف يبرز الإعلام الإسرائيلي في نفس اليوم الذي قتل فيه الشهيد علي أبو عليا صورة أحد جنوده وهو يلعب كرة القدم مع أطفال فلسطينيين في مدينة الخليل، هذه الصورة التي لم تكن صدفة ونشرها في نفس اليوم لم يكن صدفة بل جاء لقلب الصورة والقول للعالم أجمع بأن مقتل هذا الطفل هو حدث عابر غير مقصود ولم يكن في يوم من الأيام سياسة لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي وأن الحقيقة على الأرض هي غير ذلك والدليل على هذا الجندي الذي يلعب كرة القدم مع الأطفال وهذه إستراتيجية جديدة ستعمل عليها إسرائيل وجيشها خلال السنوات القادمة حيث ستبدأ بضخ الكثير من مقاطع الفيديو والصور التي تظهر إنسانية جنودها وستعمل على القول في كل مناسبة بأن هذا التواجد بين السكان الفلسطينيين هو شيء طبيعي بل هو مطلوب لحمايتهم ومساعدتهم والوقوف إلى جانبهم، لهذا فالمطلوب هو فضح هذه السياسة المخادعة وإظهار الوجه الحقيقي لهؤلاء الجنود الذين يقومن بمئات الجرائم كل يوم بحق الفلسطينيين الآمنين في منازلهم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version