المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

هويتنا فلسطينية، وهوية فلسطين التعددية

بقلم: باسم برهوم

تاريخ فلسطين لم يكن يومًا حكرًا على رواية مغلقة أو ثقافة أو دين بعينه، الصحيح الوحيد أن فلسطين وطن الفلسطينيين، وهم عبر التاريخ تعدديون في ثقافتهم ودياناتهم. قدمت الصهيونية رواية شوهت تاريخ فلسطين، رواية مغلقة على نفسها عنصرية تنكر الآخر وتنكر تعددية فلسطين والتي هي نموذج لتعددية الحضارة الإنسانية.

لا يمكن أن نواجه رواية مغلقة برواية مغلقة أخرى، لذلك طرحت فتح وطرحت منظمة التحرير الفلسطينية في نهاية ستينيات القرن الماضي فكرة الدولة العلمانية الديمقراطية، التي تعبر فيها كل الثقافات والديانات عن نفسها بحرية من دون أي احتكار من أحد. إن مشكلة الشعب الفلسطيني مع إسرائيل الصهيونية، في كونها تحاول احتكار تاريخ فلسطين، وأن تجعله حصريا تاريخ ووطن “الشعب اليهودي”، وهذا الادعاء يرفضه الواقع والتاريخ نفسه.

اعتراضنا على ما قامت حماس ودائرة أوقافها أنها تقدم رواية مغلقة تنفي هوية فلسطين التعددية. وهنا علينا أن نذكر حماس ان كل الشعب الفلسطيني له ذات الهوية الوطنية، في إطار تعددية تاريخ فلسطين الإسلامي والمسيحي، وكل ما راكمه تاريخ فلسطين منذ أكثر من عشرة آلاف سنة من حضارة.

على أيّة حال، أنا استغرب ممن استغربوا من مواقف حماس سواء من احتفالات عيد الميلاد أو من رزنامتها المغلقة على تاريخ حماس وجماعة الإخوان وحدهم، ولا تعترف بتاريخ الشقيق الفلسطيني، فما بالك بتاريخ غير فكر حماس وسلوكها، والذي هو فكر وسلوك الجماعة، بني أساساً على إنكار الآخر. كما استغرب من الذين لا زالوا يعتقدون، بأن حماس قد تدخل في حالة وحدة أو شراكة وطنية، فمن يتنكر لياسر عرفات وتاريخه الوطني الكفاحي وينكر تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية هل يؤمن بالوحدة؟

حماس منذ تأسيسها لم تقبل بأن تكون متحدة مع الحالة الوطنية؛ والسبب أن حماس فوق وطنية، وأنها حركة عابرة كونها جزء من التنظيم الدولي لجماعة الاخوان وتنسجم مع استراتيجية الإخوان، وأن القضية الفلسطينية وفلسطين ما هي إلا ورقة تستخدم إما لتعزيز شرعية الجماعة الشعبية، أو لجمع مئات الملايين من الدولارات سنويًا من زكاة وتبرعات باسم فلسطين وحصار غزة تذهب جميعها لخدمة أهداف التنظيم الدولي للاخوان.

لو قرأ أي شخص أدبيات جماعة الإخوان ومنها حماس، لوجد أنها ترى أن التاريخ والإسلام هو فقط تاريخ وإسلام الجماعة، لذلك لم تر حماس وجودًا لياسر عرفات وتاريخ منظمة التحرير الفلسطينية النضالي، في رزنامة الفكر الظلامي والتكفيري. ومهما حاولت حماس تغليف نفسها بالهوية الوطنية الفلسطينية، أو بشعار المقاومة، فهي تبقى وفق أصلها الاخواني المنكر للآخر، تبقى حركة تكفيرية.

نحن فلسطينيون وهويتنا وطنية فلسطينية، ونعترف بكل تاريخ فلسطين كله لأنه تاريخنا بكل ما فيه من تعددية فكرية وثقافية ودينية، لذلك نرفض الرواية الصهيونية، وأي رواية أخرى تحاول احتكار تاريخ فلسطين ولا تعترف بالآخر.

Exit mobile version