المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

طوق التغول الاستيطاني

إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس، ثمة صراع ديمغرافي وجغرافي حاد، بدأ منذ عام 1975 وكبر واتسعت حلقاته حتى اليوم.

وتتجلى تفاصيله على قمتي جبلين /ترتفعان 800 متر عن سطح البحر/، تتربع فوقهما قرية جالود التي تجابه الخطر القادم من 10 بؤر ومستوطنة ومعسكر لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تحاصر جنوب وشرق القرية.

جالود، القرية التي استقر عدد سكانها على 800 نسمة بعد أن اتجهت بعض الأسر فيها للعيش في رام الله ونابلس؛ نتيجة إجراءات الاحتلال من استيلاء على الأراضي، واعتداءات المستوطنين المتكررة على المواطنين وممتلكاتهم.

آخر تلك الاعتداءات، كانت الليلة الماضية، حيث هاجم عشرات المستوطنين منازل المواطنين في الحي الشرقي من القرية بالحجارة، وحطموا زجاج مركبتين في ساحة أحد المنازل، كما تعرضت امرأة لحالة إغماء نقلت إثرها للمستشفى، خلال محاولة المستوطنين اقتحام منزل عائلتها.

محمد كمال عباد /38 عاما/ صاحب إحدى المركبات التي تعرضت لاعتداء المستوطنين، قال لـ”وفا”، إن قرابة 30 مستوطنا اقتحموا ساحة منزلهم من بؤرة “احيا” الاستيطانية في الساعة التاسعة من مساء أمس، وحطموا مركبته ومركبة ابن عمه نعيم عباد.

وأضاف أنه صد هجوم المستوطنين برفقة أهالي القرية، وحضر جيش الاحتلال للتحقيق بالحادث، وأثناء تواجدهم عاد المستوطنون لمهاجمة المنازل من جديد دون أن يحرك الجيش ساكنا.

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها عباد للاعتداء، فمنذ عام 2000 تعرضت عائلته لاعتداءات شتى من المستوطنين، عبر إلقاء الحجارة تارة أو قلع الأشجار أو تحطيم زجاج المركبات أو إعطاب إطاراتها.

ويشير عباد إلى أن اعتداءات المستوطنين على القرية ارتبطت خلال السنوات العشر الماضية بأحداث يتعرض لها المستوطنون بالضفة الغربية.

وقال: حتى في حال حراثة المزارعين لسهول القرية، تتعرض المنازل في المنطقة الشرقية لهجوم من المستوطنين.

الحاج فرح عباد /68 عاما/ الذي تعرضت زوجته للإغماء أثناء هجوم المستوطنين، قال لـ”وفا”، إن أكثر من 35 هجوما من المستوطنين تعرضت له عائلته خلال السنوات الماضية، آخرها كان الليلة الماضية.

وتابع: لن ترهبنا اعتداءات المستوطنين الإرهابية، ولدنا هنا وسنبقى هنا.

وأقيمت أول مستوطنة عسكرية “معسكر” على أراضي القرية عام 1975، لكن سرعان ما توسع الاستيطان حتى وصل نهاية هذا العام إلى 10 مستوطنات وبؤرة استيطانية، كان آخرها إقامة “بؤرة زراعية” قبل شهر على جبل النَجَمة، حيث نصب المستوطنون الخيام وخزانات المياه.

ويشير رئيس المجلس القروي عبدالله الحج محمد، خلال حديثه لـ”وفا”، إلى حزام استيطاني يمتد حول القرية من المنطقة الجنوبية باتجاه الشرق، يبدأ من مستوطنة “شيلو” التي أقيمت عام 1978، مرورا بـ”شفوت راحيل” عام 1991، فبؤرة “كيدا” عام 2003، وصولا لبؤرة “إحياه” عام 1997، إلى بؤرة “عادي عاد” عام 1998، وبؤرة “ايش كودش” عام 2000، ومستوطنة “عميحاي” 2018.

وقبل أسبوع، صادق الكنيست الإسرائيلي، بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون شرعنة البؤر الاستيطانية الذي تقدم به أعضاء “لوبي إسرائيل” في الكنيست المشكّل من أعضاء أحزاب مختلفة.

وقُدِّم مشروع القانون من قِبل عضو الكنيست اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى “العمل بسرعة لتمرير القانون بالقراءات الثلاث التي تسمح بأن يصبح ساريًا”، إذ يهدف مشروع القانون، إلى تنظيم وشرعنة نحو 70 بؤرة استيطانية منتشرة في الضفة الغربية.

خمس بؤر بين السبعين بؤرة التي صودق على مشروع شرعنتها بالقراءة التمهيدية، مقامة على أراضي قرية جالود، وهي: احيا، عادي عاد، ايش كودش، كيدا، هوديعات”، وفق ما أوضح حج محمد.

ويؤكد حج محمد أن “ما يجري في البلدة صراع وتغول، 140 أسرة فلسطينية يصل عدد أفرادها إلى 800 نسمة محاطين بأكثر من سبعة آلاف مستوطن في 10 مستوطنات وبؤر استيطانية تحاصر القرية”.

ونوه إلى أن أخطر المشاريع الاستيطانية التي تواجهها القرية، تتمثل بمخطط إنشاء تجمع استيطاني يمتد على مساحة 8.5 كيلومتر مربع، يمتد من الشارع الذي يسميه الاحتلال “شارع 60” قرب مستوطنة شيلو المقامة على أراضي عدة قرى فلسطينية بينها جالود إلى الشارع الاستيطاني “ألون” شرقا.

وأشار حج محمد إلى أن مساحة أراضي القرية 22400 دونم، تبتلع منها المستوطنات ومعسكرات الجيش وقرارات الإغلاق بحجج أمنية منذ عام 2001، /17500/ ألف دونم، منوها إلى أن معظم المناطق السهلية لا يوجد قرار مصادرة فيها، بل وضع يد، فيما استولى الاحتلال على المناطق الجبلية وأقام عليها المستوطنات.

ويبذل أهالي القرية والمجلس القروي جهودا بمساعدة المنظمات الحقوقية لإعادة أراضيهم المسلوبة، بالترافع أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، حيث كسبوا عددا من القضايا، آخرها عام 2016 عندما قررت المحكمة إعادة 1675 دونما من أصل 1705 دونمات سيطر عليها الاحتلال لإقامة معسكر للجيش عام 1978، لكنها لا تسمح لهم بدخولها حتى اليوم، بذريعة الضرورة الأمنية.

ونوه حج محمد إلى أن المستوطنين بالمنطقة يتمتعون بدعم هائل من الحكومة الإسرائيلية وأركان دولة الاحتلال، وأن ما يجري دليل على أنه مخطط مدروس للسيطرة على المنطقة الممتدة من “شارع 60” حتى “شارع الون” قرب أراضي دوما والمغير، وهي مناطق استراتيجية تشرف على الحدود الشرقية.

وفا – زهران معالي

Exit mobile version