دراسة هامة /// حركة فتح واليوبيل الذهبي

بقلم: عكرمة ثابت

إن حركة فتح إذ تقدمت على زمان السكون والحيرة وإذ حملت النضال الفلسطيني من مرحلة الهوان والضعف والارتباك الى مرحلة فرض الذات وكسب الهوية واحداث التغيير من خلال اطلاق ثورة استطاعت أن تحقق المستحيل وتنتصر ، فإنها اليوم تقترب من الإحتفال بذكرى إنطلاقتها الخمسين ( اليوبيل الذهبي ) في معركة مصيرية حاسمة بعد خمسين عام من النضال والعطاء والبذل والسخاء ، لتبقى هي الرافعة الوطنية والحامية النضالية للإنجازات السياسية والدبلوماسية التي تم تحقيقها حتى الان في مسيرة التضحيات والنضالات الفلسطينية للتخلص من الاحتلال والإستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة والحدود الواضحه .

مع نهاية عام 2014 ، عام الإعتداءات الإسرائيلية وإستباحة الدم الفلسطيني ، تدخل ثورتنا الفلسطينية وحركة فتح أعتاب ميلادها المتجدد وإنطلاقتها المجيدة لتطوي صفحة خمسين عام من النضال والكفاح الوطني المحفوف بالمخاطر والمجازفات وبالهزائم والانتصارات دفاعا عن الحقوق والثوابت الوطنية ، ففتح التي تمكنت عبر نضالها الطويل ومسيرتها الكفاحية العملاقة من ابراز قضية الشعب العربي الفلسطيني كقضية وجود وأسهمت في صياغة المشروع السياسي العربي المقاوم في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني هي مطالبة اليوم بالتأكيد مجددا على جذرية فهمهما لهذا المشروع واتخاذ كل ما يلزم من قرارات واجراءات عملية لتصويب مسارات مشروعها كافة .
فتح التي قدمت كوكبة من قادتها ومؤسسيها ( اعضاء من لجنتها المركزية ومجلسها الثوري وكوادرها الحركية) شهداء على دروب الحرية والاستقلال وتصدرت بواكير العمل الثوري ووضعت بصماتها المميزة على سجلات النضال الطويل والمرير وتربعت على عرش الابداع الثوري والانتماء الصادق مطالبة بعد كل هذه السنين بإعادة إستملاك القدرة النضالية وتطوير الرؤية التنظيمية الى حد يتلائم ومتطلبات المرحلة .

اليوم ، وفي ذكرى الانطلاقة ( اليوبيل الذهبي ) ، تعيش المنطقة العربية برمتها حالة من التغيير والإستنهاض لا يمكن التغاضي عنها ، وقد ترجل فرسان كثر عن صهوة ما يسمى (الربيع العربي) تاركين خلفهم قوافل من الفرسان الرافضة للذل والهوان والمقاتلة في سبيل الحرية وإنتصار إرادة شعوبها ، ولا زالت الأحداث من حولنا تتسارع بوتيرة وخطى لا تعرف التوقف والإنتظار ويتقاطع فيها المحلي مع الاقليمي والدولي ، الامر الذي يتطلب من ابناء فتح وأطرها القيادية والتنظيمية أن تسارع الى تحصين صفوفها وتفعيل برامجها السياسية والنضالية بما يتساوق ومتطلبات التغيير الحاصلة ويساهم في التأقلم مع النظم الجديدة المستحدثة بما يحقق المصلحة الفلسطينية الوطنية وينسجم مع الطموحات والآمال الفلسطينية .
إن التحديات التي ستواجهها حركة فتح – العمود الفقري في مسيرة النضال والكفاح الوطني الفلسطيني – في مسيرتها الحالية وسط التغيرات والتحولات الحاصلة في المنطقة هي بالتاكيد تحديات صعبة وشائكة ومتعددة الأشكال والمخاطر ، وكي تتجاوز فتح هذه الصعوبات وتتخطاها بنجاح وانتصار ، مطلوب منها قبل كل شيء أن تستعيد قوتها وتلملم قواها وصفوفها من خلال اعادة تنظيم أطرها وقطاعاتها الحركية والنقابية وتستجمع كوادرها المشتتة وتوحدها على برنامج تنظيمي وسياسي وإعلامي واحدا موحدا ، كما ينبغي عليها أن تحدد موقفها ودورها /من وفي/ العديد من القضايا المصيرية والاستراتيجية كمنظمة التحرير ، والسلطة الفلسطينية ، والأمن ، والمفاوضات ، والإنقسام والمصالحة والإنتخابات ، والعلاقة مع حركة حماس والإسلام السياسي وإستمرار السيطرة على قطاع غزة …الخ فالتساؤلات المهمة المثارة داخل نفوس أبناء فتح وكوادرها ولدى اوساط فلسطينية واسعة تتركز بشكل كبير حول مخاطر ومخاوف اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومدى جاهزية واستعداد فتح وفصائل منظمة التحرير لها ، في وقت أنهكت فيه الحركة وهذه الفصائل وتبعثرت طاقاتها وقواها بشكل ملموس ، وكذلك تتطرق التساؤلات حول نوايا حركة حماس ومصداقيتها في التعاطي مع الجهود التي تبذلها حركة فتح وفصائل منظمة التحرير لإنجاز المصالحة وانهاء الإنقسام ، لا سيما وان سلوك وتصرفات وتصريحات كوادر حركة حماس والمسؤولين في اذرعها الامنية والعسكرية تأتي بعكس ما يشتهيه الكل الوطني ومخيبة للآمال والطموحات !!! فهل ستستطيع حركة فتح تحديدا إستعادة قوتها وإستكمال نهضتها التنظيمية والجماهيرية لتحقق حلم الشهداء والأسرى في انجاز مشروع التحرر والإستقلال وإقامة الدولة ؟!! أم أنها ماضية نحو مواجهة حتمية مع الاحتلال الاسرائيلي وقطعان مستوطنيه ومع ادوات التعطيل واذرع المؤامرة على المشروع الوطني الفلسطيني ؟؟!!!

فتح : بين شرعية منظمة التحرير والسلطة ومشروعية المقاومة

في كل المراحل التي مرت فيها القضية الفلسطينية وثورتها المعاصرة وتعرضت خلالها لأعتى المؤامرات والضربات بهدف القضاء عليها أو إضعافها أو حتى محاولات خلق البدائل لها ، كانت فتح هي المحك العملي ورأس الحربة لحماية منظمة التحرير والدفاع عن كينونتها وشرعيتها وإستقلالية قرارها بصفتها البيت المعنوي لشعبنا وخيمته ومظلته ومرجعيتة الشرعية والقانونية والسياسية ، وعلى الرغم من الاتهامات الموجهة للحركة بأنها تهيمن على منظمة التحرير وان سياساتها الفئوية هي السبب في ترهل وتآكل مؤسسات المنظمة ، تسعى حركة فتح الآن – وفي ظل حراك المصالحة الذي تشارك فيه الفصائل المنطوية في اطار المنظمة وحركتي حماس والجهاد الإسلامي – الى إعادة ترميم هياكل ومؤسسات منظمة التحرير بمشاركة التنظيمات جميعها والتي لديها الاستعداد بالموافقة على برنامج المنظمة والإنضمام اليها ، وهي لا زالت متمسكة بشرعية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني وتحارب عن مبدأ وقناعة كل من يحاول المساس أو القفز عن هذه الشرعية .

إن الحديث عن المعارك السياسية التي خاضتها فتح دفاعا عن مكانة منظمة التحرير طويل ومليء بالأحداث والمواقف والمواجهات التي وصلت الى حد الإشتباك المسلح والصدام العسكري ، وقد تمكنت ” فتح ” بإقتدار وحرص وطني مسؤول أن تتخطى مراحل الخطر على كافة أشكاله ومشاكله بدءا من الكرامة وأيلول الأسود وتل الزعتر وبيروت والبقاع والبداوي والبارد وأثناء معركة الدفاع عن المخيمات عام 1982 ومعركة الدفاع عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل عام 1983 والتي تّرجل فيها إبن الشبيبة الفتحاوية في جامعة بئر زيت -إبن خانيونس الفداء والعطاء- الشهيد البطل شرف الطيبي وإستمرت فتح بعطائها وتضحيات رجالها الباحثين عن حرية شعبهم والمخلصين لوطنهم خلال الإنتفاضة الاولى ” إنتفاضة الإستقلال ” والتي خسرت فتح فيها أبرز وأهم أعضاء لجنتها المركزية الشهيد القائد خليل الوزير ” ابوجهاد ” – اول الرصاص واول الحجارة – وأيضا تقدم أبناء فتح الصفوف في مواجهات هبة النفق عام 1996 وهبة الاسرى عام 2000 ، وكذلك في التصدي لكل مشاريع ومؤامرات الشطب والبحث عن البديل مرورا بهبة رفح ضد جدار الفصل العنصري وإنتهاءا بإنتفاضة الأقصى التي قدمت فتح فيها خيرة قادتها وكوادرها الميدانية والسياسية وأبرزهم الشهيد القائد الدكتور ثابت ثابت وكوكبة من شهداء كتائب الاقصى ومئات الاسرى والمعتقلين منهم ، وقد استمرت معارك اثبات الوجود والنضال لاسترداد الحقوق عبر محطات ومنعطفات لا تقل خطورتها واهميتها عن سابقاتها ، وكانت معركة ايلول/2011 المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو في الامم المتحدة من اخطر وادق هذه المعارك والتي قادها الرئيس محمود عباس بحكمة عالية ومسؤولية وطنية كبيرة حيث اعاد في خطابه التاريخي على منصة الامم المتحدة الى الذاكرة تلك الوقفة التي وقفها رفيق دربة الرئيس الخالد ” ابو عمار ” عندما القى خطابه الشهير عام 1974 .

وفي معركتها السياسية والدبلوماسية الضارية في مواجهة الصلف والتنكر الاسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني وتهرب الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة من اتفاقيات السلام المبرمة برعاية دولية ، نجحت حركة فتح وقيادتها في فضح الاساليب الاسرائيلية الوحشية والقمعية خلال انتفاضة الاقصى ، لا سيما اثناء الاجتياحات المسعورة التي شنها الجيش الاسرائيلي على المخيمات والمدن والقرى وإستهدف من خلالها مقار المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية المختلفة ، والتي فيها ارتكبت الحكومة الاسرائيلية ابشع جرائم القتل والتهجير والتطهير العرقي في مجزرة مخيم جنين وفي حصار الرئيس الرمز ياسر عرفات في مقر المقاطة برام الله ، هذا الحصار الممزوج بصمود اسطوري لبطل الحصارات الفتحاوي الاسمرالذي علا نجمه في سماء الشرف والكبرياء مثبتا للعالم كله أن دولة الاحتلال الاسرائيلي هي العدو الفعلي لكل قيم ومباديء السلام والأمن الدوليين ، وكان الصمود العرفاتي وسط هذه الهجمة الاسرائيلية أكبر وأقوى دليل على مصداقية حركة فتح في حماية الكرامة الانسانية والدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية مهما كان الثمن وبلغت التضحيات .

لقد خاضت فتح تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها الوطنية المتعددة – ولا زالت – معركة التفاوض بصمود وثبات على الموقف والمبدأ الوطني الفلسطيني ، وعند كل منعطف من منعطفات النضال لحماية الثوابت الوطنية كانت ” فتح ” تستمد قوتها وصمودها من التفاف الجماهير حول قيادتها وموقفها السياسي ومقاومتها لكل محاولات التركيع والاخضاع التي مورست ضدها واصبحت تواجه سياسات الاحتلال مباشرة على الارض ووجها لوجه ، فهي – وإن وقعت على اتفاقيات السلام وبروتوكولاته المتعددة والتزمت بشروطه وقواعده – لم تتخلى مطلقا عن حق المقاومة المشروع ولم ترفع يديها مستسلمة لغطرسة الاحتلال ووحشيته ، بل على العكس تصدرت فتح المقاومة الشعبية وكانت دائما في مقدمة المواجهات وقادت معركة النضال والاشتباك ببسالة وقدمت خيرة كوادرها وقياداتها اما شهداء واما جرحى وإما اسرى ومعتقلين ،وفي هذا السياق لا بد ان نستذكر القائد الوطني بطل المقاومة الشعبية الشهيد الوزير عضو المجلس الثوري لحركة فتح ” زياد ابو عين” الذي ارتقى الى العلا بعد الإعتداء عليه من قبل قوة عسكرية من الجيش الإسرائيلي اثناء قيامة بغرس الزيتون في خاصرة الاستيطان الاحتلالي على اراضي قرية ترمسعيا يوم 10/12/2014 .

لقد قدمت فتح ما لم يقدمة أي فصيل آخر في سبيل الحفاظ على السلطة الفلسطينية وحمايتها من مخاطر التدمير والانهيار ، لدرجة أنها اضعفت بنيتها التنظيمية وهياكلها الحركية كي تقوي بنية وهيكلية مؤسسات السلطة ، وهنا اذابت فتح قوتها وطاقاتها البشرية والمهنية في بوتقة السلطة وسخرت لها قياداتها وامكانياتها وبرامجها دون الاخذ بالحسبان ضرورة الحفاظ على اطر ومؤسسات فتح التنظيمية وبرامجها كحزب حاكم او كفصيل يمثل الاغلبية في سلطة ولادتها عسيرة ومعقدة ، كما أن فتح عانت الأمرين من الصاق التهم والانتقادات الجارحة لها كونها تقود هذه السلطة ، فكل سلبيات ومساويء السلطة الفلسطينية ألقت بظلالها المقيته على حركة فتح .

إن الإستمرار في تعليق سلبيات السلطة الفلسطينية على شماعة حركة فتح بات إتهام مستغرب ومستهجن وعلى حركة فتح أن تقول كلمتها في هذا الإتهام وأن تعمل على إقناع الجمهور الفلسطيني بأنها كحزب وفصيل وطني يشكل الأغلبية في مؤسسات السطة المدنية والأمنية لها موقفها من السلبيات الموجودة كالفساد وسوء الإدارة وتفشي المحسوبية والواسطة ، وأنها حركة تؤمن بالحريات العامة والمدنية وبتداول السلطات ومحاربة الفساد وإجتثاث الفاسدين ، وإن كانت قد دفعت ثمن وجودها بهذه السلطة وتعرضت للهزيمة في انتخابات تشريعية وبلدية سابقة نتيجة هذا الالتصاق الوظيفي مع مؤسسات السلطة إلا أنها اليوم ترفض استمرار الصاق التهم لها لا سيما وان السلطة لم تعد سلطه – حسب تصريحات الرئيس الفلسطيني – وهي رغم حالة الوهن والضعف الموصوفة بها حظيت في الانتخابات التشريعية الثانية بمشاركة جميع الاحزاب والفصائل بما فيها حركة حماس ، وبالتالي فإن مسؤولية حماية هذه السلطة والنهوض بأدائها الوطني تقع على عاتق كل هؤلاء .

فتح بعد غياب القائد الرمز ياسر عرفات

شكلت إنتفاضة الأقصى ومشاركة حركة فتح بفعالياتها العسكرية بشكل واضح وملموس – من خلال كتائب شهداء الاقصى – منعطفا خطرا وحساسا على مسيرة ودور الحركة في المشروع الوطني التحرري ، فقد خسرت فتح خيرة كوادرها وقياداتها اما شهداء واما معتقلين في سجون الاحتلال وليس هذا فحسب بل تعرض مؤسسها وقائدها ورئيس السلطة الوطنية المرحوم ياسر عرفات ” ابو عمار ” الى الحصار السياسي والعسكري وتم عزله مع مجموعه من رفاق دربه واخوته العاملين معه في مقر المقاطعة برام الله ، والذي انتهى بارتقائه الى الرفيق الأعلى يوم 11/11/2004 ، وبرحيل القائد الرمز ياسر عرفات – الذي لا زال السؤال حول ملف إستشهاده بحاجة الى إجابة شافية مقنعه – دخلت حركة فتح مرحلة صعبة جدا سادها خلالها حالة من الوهن والترهل والارتجالية الفوضوية …. مرحلة كانت تبحث فيها الحركة عن خليفة جامع ووريث قائد ينقذها من الوضع الصعب التي غرقت فيه ويقودها الى شط من الامان تنطلق من خلاله عبر فضاء الريادة الوطنية التي خسرتها في مراحل بناء وتطوير مؤسسات السلطة الوليدة .

فجاء الخليفة الرئيس القائد محمود عباس ” ابو مازن” ليقود المرحلة بعجرها وبجرها رافعا شعارات التنمية والاصلاح والشفافية والديمقراطية وسيادة القانون ومؤمنا بالمقاومة الشعبية السلمية ، وعلى الرغم من الاشكاليات الداخلية في حركة فتح أشرف الرئيس ” ابو مازن ” على سير الانتخابات التشريعية الثانية راضيا بنتائجها الوخيمة على الحركة وذهب الى تسليم السطة الى حركة حماس – التي فازت بجدارة في هذه الانتخابات – بشكل ديمقراطي سلس وبآلية سياسية ووطنية لم تناسب حماس التي سرعان ما نفذت انقلابها العسكري الدموي في قطاع غزة لتسيطر بقوة السلاح على كامل الاوضاع هناك ولتعلن عن ما يشبه الامارة والدولة الحمساوية بمؤسساتها المدنية والعسكرية وبإقتصادها المستقل ” إقتصاد التهريب وتجارة الأنفاق ” .

لقد شكل الانقلاب العسكري وما نجم عنه من إنقسام مرحلة مثقلة بالهموم الوطنية والمشاكل السياسية والأمنية ليس للرئيس فحسب بل للشعب الفلسطيني بأكمله ، وكان الانقسام ولا زال حجر العثرة في تقدم مسيرة الاستقلال وبناء الدولة وهو الصخرة الضاغضة على صدر وحدة الشعب الفلسطيني وتماسكه ومع إستمرار الانقسام إستمرت مشاريع الإستيطان وإستهداف الاماكن والمقدسات الدينية والإعتداء على المساجد وإحراقها ، وأطلق العنان للمستوطنين ليعيثوا خرابا ودمارا في المدن والقرى الفلسطينية ، وقد إستغلت إسرائيل هذا الانقسام لتتهرب من التزاماتها تجاه عملية السلام وإستخدمته كذريعة في تبرير مواقفها العدائية وتمرير مخططاتها الإحتلالية وفي التصعيد من إجراءاتها التعسفية والقمعية اليومية بحق المواطنين الفلسطينيين والاسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية .

فتح الاصلاح ومحاربة الفساد

يسجل التاريخ للرئيس الفلسطيني محمود عباس ” ابو مازن ” وهو رئيس وقائد حركة فتح دوره الكبير وشجاعته المميزة في إطلاق يد القانون والعدالة لملاحقة الفاسدين والعابثين بمقدرات وممتلكات الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية ، وقد خطى الرئيس خطوات عديدة لتحقيق الاصلاح الداخلي في فتح واطرها التنظيمية في الداخل والخارج ، ومن أجل ان يحقق تقدما ملموسا في عملية الاصلاح والتعمير التنظيمي كان لا بد من مواجهة واقع الفساد المالي والاداري والوطني الذي نخر بعض المراتب القيادية وتسلل ليهدد تاريخ وماضي ومستقبل الحركة .

وفيما يرى البعض ان قيام حركة فتح بنبش اوكار الفاسدين قد أظهر العيوب والسلبيات الضخمة فيها مما سيؤثر سلبيا على مدها الجماهيري وصوتها الانتخابي ، يؤكد في نفس السياق محللون وخبراء سياسيون عكس ذلك ويرون أن حركة فتح بإنتهاجها نهج الاصلاح ومحاربة الفساد تتجه باتجاه الصعود الى القمة وتقترب من رغبة الجماهير اكثر ، لا بل انها وضعت يدها على الجرح الذي ادمى الكف الوطني المخلص للقضية وللشعب وطوحاته وأماله ، فالفساد والعبث بمقدرات الشعب الفلسطيني من الظواهر المرفوضة وطنيا ودينيا واخلاقيا ويجب القضاء عليها وإجتثاثها كليا من واقعنا ومجتمعنا ، والخطوة التي اقدمت عليها حركة فتح هي خطوة سليمة ومطلوبة ولن تتضرر منها الحركة .

ومع كل ذلك توجد تساؤلات كبيرة حول موضوع الفساد والفاسدين وملاحقتهم ومحاكمتهم قضائيا ، إذ انه من الخطأ ان يفتح ملف الفساد لشخص ما وتقوم الدنيا ولا تقعد حوله ولا يتم متابعة قضيته حتى النهاية لا قضائيا ولا حركيا ، وبمعنى أدق يجب على حركة قتح ان لا تتراجع ولا تتهاون في ملاحقة كل من يتهم بالفساد والعبث بالمصالح الوطنية والتنظيمية وان تستمر في محاسبته وتقديمه للقضاء مهما بلغ شأنه ونفوذه أما أن تمارس سياسة ” الطبطبة ” وتكليف ” لجنة او لجان ” لبحث قضية فلان وعلان ، فهذه سياسة مدمرة ولها مردودات سلبية جدا تمس العلاقة بين القواعد التنظيمية والجماهيرية والهيئات القيادية العليا للحركة وتعزز عدم الثقة بينهما .

لا نستطيع ان ننكر أن غياب آليات المسائلة والمحاسبة للفاسدين كان أحد أهم الأسباب في ترهل حركة فتح وإنخفاض مستوى التأييد الشعبي لها ، وأن فساد بعض المحسوبين على حركة فتح ، أو المعدودين من كوادرها من الذين إنخرطوا في السلطة ، ومن أولئك الذين رشحتهم الحركة لتمثيلها في الإنتخابات المحلية أو التشريعية ، كان أيضا له كبير الأثر في الاساءة للحركة وإلصاق تهمة الفساد بها ، وعلى الرغم من ان الفساد لا يقتصر على حركة فتح وحدها والفاسدين ليس شرطا ان يكونوا من كوادرها وقياداتها فقط ، الا ان الحركة قد بادرت من تلقاء نفسها بقرع جرس المسائلة والمحاسبة في وجه كل من قدم ضده تقارير او معلومات او اثباتات تشير الى ارتكابه اي شكل من اشكال الفساد ، ولتعميق رؤية الحركة في ارساء قواعد المسائلة والمحاسبة قامت بانشاء ” المحكمة الحركية ” وعينت لها هيئة مختصة وتم احالة العديد من ملفات الفساد اليها .

فتح : الإنقسام والمصالحة ومعركة الانتخابات التشريعية والرئاسية

الانقسام الفلسطيني الذي تسبب به الانقلاب العسكري الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة هو هّم ومشكلة فلسطينية عامة تؤرق الجميع دون إستثناء ، وقد تضررت منه حركتي فتح وحماس على السواء لكن الضرر الأكبر هو الذي طال المصلحة الفلسطيني العليا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وامنيا ، وهنا لا يمكن التغاضي عن عمليات القمع والملاحقة والتصفية الجسدية التي نفذتها ولا زالت اذرع حماس العسكرية والامنية بحق كوادر حركة فتح في قطاع غزة ، نعم فممارسات اجهزة حماس الامنية ضد ابناء حركة فتح في غزة مجحفة وظالمة وقد وصلت الى حد منعهم من احياء احتفالاتهم الوطنية بذكرى استشهاد القائد الرمز ابو عمار وبإحياء ذكرى انطلاقة فتح ؟؟؟!!!

وعلى الصعيد السياسي اتضح الضرر من استمرار الانقسام الداخلي من خلال النتائج التي حصدتها الدبلوماسية الفلسطينية في معركتها الدولية للاعتراف بعضوية فلسطين في مؤسسات الامم المتحدة ، وكذلك في حالة الجمود السياسي الذي تمر به عملية السلام وعدم احراز اي تقدم فيها بسبب المواقف الاسرائيلية المتهربة من الالتزام باتفاقيات السلام من ناحية وتبريرها ذلك بالحالة الفلسطينية المتفككة وغير المؤهلة لتكون شريكا في عملية السلام من ناحية اخرى وتحت ذرائع وحجج وجود راسين وكيانين وحكومتين أحدهما بالضفة والثاني في قطاع غزة .

وبعيدا عن الخوض في التفاصيل المخزية للانقسام وآثاره المدمرة ، فقد آن الأوان لإنهائة وإجتثاثه كليا من حياتنا الفلسطينية ، وهذه مسؤولية وطنية كبيرة تقع على عاتق كل انسان فلسطيني حر وتتحمل حركتي حماس وفتح الجزء الاكبر من هذه المسؤولية وعلى الحركتين أن تحترم رغبة الشعب الفلسطيني العارمة لانها ملف الانقسام وانجاز المصالحة الوطنية على اسس سليمة بعيدة عن الثنائية والمحاصصة وتشمل الجميع ولا تقتصر على فتح وحماس فقط .

لا شك انه ومن اجل تحقيق مصالحة فعلية لا بد ان تكون هناك تنازلات لدى حركتي فتح وحماس وسيدفع كل منهما فواتير غير متوقعه ، والتنازل ودفع الفواتير مقابل المصلحة الوطنية الفلسطينية ليس خسارة بل هو مكسب وطني وأخلاقي وإنساني له ثمنه وتقديره العالي ، وبالتأكيد سيجزي شعبنا هاتين الحركتين من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات التي سيتم التوافق عليها في حوارات المصالحة الجارية في القاهرة فهل حركة فتح جاهزة لهذه الانتخابات ؟!! وما هي الآليات التي ستتخذها الحركة من حيث برنامجها الانتخابي ومرشحيها سواء للرئاسة او للتشريعي ؟!! هل عالجت فتح كل مشاكلها الداخلية وتعافت منها تماما كي تذهب الى انتخابات عامة سيكون التنافس فيها صعبا وشرسا ؟!! أم انها ستخوض الانتخابات بنفس الوتيرة والاليات التي خاضت فيها انتخابات سابقة وفشلت في حسم نتائجها لصالحها ؟!!

لا زالت الشكوك حول قدرة حركة فتح على الفوز بالانتخابات القادمة قائمة ومثار نقاش جدي ومنطقي ليس فقط في اوساط الكادر الفتحوي بل في الوسط الجماهيري والشعبي الفلسطيني ، لا سيما وأن الكادر الفتحوي لم يلمس حتى الان ان حركة فتح تستنهض قواها وتتطور بذاتها واطرها وهياكلها ، وأن قيادة الحركة تسعى لاحداث تقدم واضح وجوهري في مسيرتها !!! فالواقع التنظيمي الذي تعيشه حركة فتح لم يتغير عليه شيء إن لم يكون أسوا مما كان عليه خلال الفترة السابقة ، والكادر المبعد والمغيب عن الحركة إتسع أكثر والقوة التنظيمية لفتح ضعيفة ومشتتة ولا زالت تعاني من الصراعات والخلافات والتجنحات سواء بالضفة او في قطاع غزة – وهي الأخطر – أو في الأقاليم الخارجية ، وكلما اقتربت فتح من عقد مؤتمرها السابع كلما زادت حدة الصراعات الداخلية والتكتلات المحورية فيها .

فتح الديمقراطية والإنتخابات والمؤتمر السابع

في جميع المحطات الانتخابية التي خاضتها حركة فتح بعد عام 2004 سواء كانت انتخابات داخلية ” البرايمرز ” ام انتخابات فلسطينية عامة ” تشريعية ومحلية ” أم مؤتمر حركي سادس ، أظهرت نتائج هذه الانتخابات ان حركة فتح تعاني من تراجع واضح في زخمها ونفوذها الجماهيري وضعف كبير في برنامجها الديمقراطي والانتخابي ، وقد أشارت المراجعات والتحليلات السياسية والإدارية التي تطرقت لتراجع انتصارات الحركة في الانتخابات الى مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي تسببت في حالة الفشل والهزيمة لحركة فتح كان من ابرزها على سبيل المثال لا الحصر الارث السلبي لانصهار حركة فتح في السلطة الفلسطينية ، وكذلك تشعب الخلافات والصراعات الشخصية داخل الهرم القيادي للحركة والذي القى بظلاله على غياب البرنامج الانتخابي الموحد وعدم الاتفاق على قائمة انتخابية واحدة للحركة ، كما ان غياب القرار والمرجعية المركزية داخل حركة فتح جعل منها حركة مستباحة لاصحاب النفوذ وقوى التاثير غير الايجابي فيها .

ومع مجمل الاحداث التي عصفت بالحركة في المنعطفات الانتخابية آنفة الذكر بات الوضع العام لحركة فتح معروف للصغير والكبير من ابناء الشعب الفلسطيني ، وفي مقابل ذلك خلقت هناك حاله من الانفلات التنظيمي سمحت بتسرب كوادر واعداد من داخل فتح الى تنظيمات وتيارات اخرى ابرزها تيار الطريق الثالث الذي يتزعمه رئيس الوزراء الفلسطيني السابق د.سلام فياض ، وقد تنامت حالة التسرب بعد انعقاد المؤتمر الحركي السادس في مدينة بيت لحم والذي سجل بحقه عدة ملاحظات سلبية بمجملها وصفت المؤتمر بانه مخيب للآمال ، والتخوفات حول اتساع دائرة الانفلات التنظيمي مع اقتراب انعقاد المؤتمر الحركي السابع لا زالت قائمة لا سيما بعد ان تم حسم عدد المشاركين بهذا المؤتمر والذي لن يتجاوز عددهم ال 1200 عضو .

والمتتبع لآليات عمل فتح الانتخابية وللأساليب والأدوات والشخوص التي إعتمدت عليها الحركة لخوض الانتخابات الخاصة بها ( انتخابات تنظيمية ) او الانتخابات العامة ( تشريعية ومحلية ) يلمس بوضوح حجم الأخطاء التي وقعت بها الحركة ويستشعر مدى الخطورة في غياب الديمقراطية التنظيمية وعدم جاهزيتها في خوض اية انتخابات قادمة والخروج منها منتصرة ، إذ ان حركة فتح لا زالت تراوح مكانها ولا زالت تعاني من نفس العيوب والمشاكل التي تسببت في خسارتها السابقة وفي تراجع نفوذها وتأثيرها الانتخابي والجماهيري ، كما أن الديمقراطية وحق الترشح والتصويت في حركة فتح هي من الركائز التي لا زالت تتطلب المزيد من البحث وإعادة النظر في حقيقة وجودها وآليات إستثمارها – إن وجدت – في تعمير أطر وهياكل الحركة لا تدميرها .

لذلك فحركة فتح مطالبة اليوم – واكثر من اي وقت مضى – بالاسراع في لملمة صفوفها وتجميع وتوحيد كوادرها واطرها النقابية والشبابية والنسائية والطلابية في بوتقة تنظيمية واحدة وموحدة بالرؤية والبرنامج والتعليمات ، وأن تعمل على إحداث حراك فتحوي موجه ومدرك لطبيعة المرحلة ومهماتها بحيث يكون حراكا مضبوط الايقاع مضمون التأثير ، أما أن تستمر الحركة بمجازفاتها غير المدروسة وبسكوتها عن حالة الترهل وتغييب وتهميش الكادر فيها وتستهتر بوقائع الامور فهذا لن يفيدها بل على العكس سيجلب لها المزيد من الهزائم والاخفاقات .

فمنذ تدهور الأوضاع السياسية والداخلية الفلسطينية وتعاظم حجم الإشكالية الوطنية التي تسببت فيها حالة الترهل والتراجع الفتحاوية ، أجمع الوطنيون على مختلف أطيافهم وإنتماءاتهم السياسية والحزبية على ضرورة أن تعيد فتح مكانتها كحركة ريادية للشعب الفلسطيني من خلال ترتيب أوضاعها التنظيمية والسياسية والتعبوية والإعلامية وتقوية هياكلها وأطرها وتجديدها ، فهي الوحيدة القادرة على حماية مسيرة النضال الفلسطيني والإستمرار في بناء منجزات المشروع الوطني ، وعلى كاهلها تقع مسؤولية توحيد قطاعات الشعب وتنظيماته الوطنية والإسلامية وإنهاء حالة الإنقسام القائمة .
بيد أن التحديات أمام حركة فتح كبيرة وليست سهلة ، فالإنقسام الفلسطيني والإنقلاب الدموي والمؤتمر السابع والجمود السياسي التفاوضي والقدس واللاجئين والأسرى والمعتقلين والمستوطنات والجدار والمياه وغيرها ، تحديات تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير لتذليلها والله أعلم إن كانت حركة فتح لوحدها قادرة على إنجاز الحد الأدنى منها ، أم لا ؟!!!

فتح التعبئة والإعلام

مقارنة مع بقية الفصائل والتنظيمات العاملة على الساحة الفلسطينية – وتحديدا حركة حماس – لا يوجد ما يذكر حول النشاط التعبوي والإعلامي لحركة فتح ، رغم أن الإعلام هو من أهم وأقوى السلطات التي يجب أن تتوافر في الانظمة السياسية وهو من الإحتياجات التي لا يمكن الاستغناء عنها ، وللأسف لا زال الاعلام الفتحوي غائبا وربما مغيبا ولا يوجد أي سبب مقنع لهذا الغياب .

ما معنى أن لا تتمكن حركة واسعة ورائدة كحركة فتح من خلق إطارا إعلاميا لعملها ونشاطها ؟!! ما معنى أن لا تستطيع هذه الحركة العملاقة بكوادرها وتاريخها من امتلاك محطة اذاعية او قناة فضائية ؟! هل صحيح ان حركة فتح عاجزة عن إصدار نشرة دورية أو جريدة يومية مثلا ؟!! بالتأكيد أن فتح – إن أرادت- قادرة على أكثر من ذلك وقادرة ان تصنع المعجزات الاعلامية ، لكن السؤال لماذا لم تقم فتح بذلك حتى الآن ؟ وماذا تنتظر ؟!!
وعندما نتحدث عن الاعلام الفتحوي لا نقصد تلك المواقع المتعددة من الشبكات الالكترونية التي اصبحنا لا نميز لاي جهة تتبع وأي شخصية قيادية ستخدم !!! نحن نتحدث هنا عن إعلام حركي موجه وموحد ومقنن يخدم السياسات والمصالح العليا الفلسطينية وغير مسخر لخدمة مصالح شخصية … نحن نتحدث عن إعلام عال المسؤولية ووطني حريص على الإستنهاض بالواقع المتردي لحركة فتح بشكل خاص وللقضية الفلسطينية بشكل عام .

وبما ان حركة فتح حركة مليئة بالكفاءات والخبرات الإعلامية والتعبوية ، فهي مطالبة وبشكل جدي وعملي في الإسراع بتأسيس شبكة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة ، شبكة إعلامية واحدة ومركزية لها هيكليتها وطواقمها وغير خاضعة لصراع واجتهادات المفوضيات المتعددة لحركة فتح ، شبكة اعلامية مستقلة لا علاقة لها بإعلام السلطة الفلسطينية ، بحيث تكون قادرة على خدمة ابناء فتح ومساعدتهم في الوصول الى حالة تنظيمية متماسكة ومميزة .

فتح : الثوابت الوطنية في مواجهة الإحتلال والإستيطان

تعتبر حركة فتح ورئيسها القائد ابو مازن أن الثوابت الفلسطينية ( التحرير وبناء الدولة وانهاء الاستيطان واطلاق سراح المعتقلين والقدس والمياه والحدود والوحدة الوطنية ) هي خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وأن الخطر الحقيقي لمشروع السلام هو استمرار الاحتلال الاسرائيلي ومواصلة سياسات التهويد والاستيطان في الاراضي الفلسطينية وتحديدا في القدس المحتلة ، لذلك فقد رفع تمسك قيادة فتح بهذه الثوابت من رصيد الحركة الوطني والجماهيري ، ولعل ما تحدث به الرئيس ” ابو مازن ” في خطابه التاريخي على منصة الامم المتحدة في ايلول 2011 قد وضع النقاط على الحروف وأثبت للقاصي والداني أن مسالة التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية غير واردة على الاطلاق وأن السلام في ظل الإحتلال والاستيطان صعب المنال .

ومع ان حركة فتح ليست وحدها المسؤولة عن مواجهة السياسات الدولية المنحازة لإسرائيل ، الا أن جميع التنظيمات الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس تقر وتعترف بدور حركة فتح وبقدرتها على تشكيل حالة من الإصطفاف الداخلي والإقليمي والدولي حول الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وان ضعف فتح هو ضعف للموقف الفلسطيني العام ، كما انه إذا صلحت فتح صلح الأداء الفلسطيني وكلما زادت قوة فتح إرتفع منسوب الإنجازات السياسية في مشروع الاستقلال الوطني .

لقد ارست فتح ولا زالت مبدأ حق المقاومة الشعبية السلمية وهي تمارسه فعلا على ارض الواقع من خلال انشطتها المقاومة للجدار والاستيطان في مختلف محافظات الضفة وفي القدس على وجه التحديد ، وهي لا زالت متمسكة بموقفها بضرورة التوجه الى المؤسسات الدولية ومجلس الامن للخلاص من الاحتلال وترسيخ كيانية الدولة الفلسطينية المستقلة جنبا الى جنب مع مقاضاة الاحتلال الاسرائيلي وقياداته التي تمارس الاجرام والقتل اليومي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة وفي القدس وفي كل مدينة وقرية ومخيم فلسطيني

فتح والتغيرات الإقليمية ( بعد ما سمى بالربيع العربي )

لم يعد خافيا على احد أن الشعوب اذا هبت ستنتصر ، وبغض النظر عما يحصل وكيفية حصولة في معظم الدول العربية وما نجم عنه من استبدال لانظمة الحكم القائمة ، لوحظ التدهور الملموس في صعود الاسلاميين واصبح المستقبل السياسي للمنطقة مرهون بتأثير أجندات خارجية بعضها اتسم بالاعتدال الاسلامي والاخر أخذ أقصى اليمين في التسلح بما يطلق عليه التطرف الديني ( داعش مثلا ) ، وهناك اجندات خارجية أخرى تسعى الى إعادة ترتيب الخارطة السياسية بشكل يرضي مصالحها وتحالفاتها ويحقق خططها وأهدافها ويخدم إستراتيجياتها بعيدة المدى ، والصورة بدأت تظهر بشكل جلي اقليميا وعربيا .

أن تقف حركة فتح مكتوفة الايدي أمام هذه التغيرات فذلك مستحيل ، لا سيما وان فتح أدركت اكثر من غيرها من القوى التقدمية واليسارية أن الجمود الفكري والتقوقع التنظيمي ليس له عمر ، فكانت هي حركة الجماهير المرنة والمتعددة الالوان والأطياف ، وقد يسعفها ذلك لمواجهة ما يجري والـتأقلم مع المتغيرات الحاصلة بحكمة ودبلوماسية مدروسة ودون ردود فعل هوجاء وفوضوية ، ولكي تحمي فتح مشروعها السياسي والوطني عليها أن تكون جاهزة للتأقلم مع المتغيرات الحاصلة وتعيد صياغة علاقاتها وتحالفاتها ومواقفها بما يتناسب والواقع العربي الجديد .

حركة فتح وإستثمارالإنجازات السياسية والدبلوماسية لرئيسها محمود عباس ‘ ابو مازن ‘

الأعباء والمشاكل التنظيمية والسياسية والجماهيرية والمالية في حركة فتح كثيرة ولها تفاصيل مقيتة أثرت بشكل ملموس على تماسك ووحدة الحركة وكذلك على علاقتها بالجمهور ، إلا أنه ومنذ فوزه بالانتخابات الرئاسية الثانية وتوليه منصة القيادة للشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير وحركة فتح – لم يترك الرئيس القائد محمود عباس ‘ ابو مازن ‘ – جهدا الا وبذله في سبيل تصحيح المسار الفتحاوي وترميم وتطوير الفعل التنظيمي لحركة فتح بخطة إستنهاضية شاملة بدأت بتنفيذ الخيار الديمقراطي والإنتخابي في اطر ومؤسسات فتح والشروع في تنفيذ القرارات والقوانين التي تحارب الفساد والشللية والفردية القاتلة ، وإنطلق بخطة مدروسة وواضحة لتفعيل دور ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية دفاعا عن الحقوق الفلسطينية الضائعة بين مفاهيم العدالة وحرية الشعوب وقوانين الأمن والسلم العالميين ، وواجه بحكمة وحنكة سياسية منقطعة النظير الدبلوماسية الدولية ، قارع ولا زال يقارع المفاوضات المضنية واليوميات الصعبة في مواجهة أعتى ىسياسات التلاعب والتآمر على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة ، وإذا اردنا أن نصف هذا القائد الفذ بقيادته الواضحة الصادقة وقرارته الحكيمة المدروسة ومواقفه العنيدة الثابته ، نصفه بأنه السياسي البارع والدبلوماسي المبدع والقائد الفتحاوي الحريص على مكانة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وقوتها وهو الرئيس الفلسطيني الذي يؤمن بالشفافية والاصلاح واحترام التعدديات والشراكة السياسية وتعزيز القضاء والقانون وتثبيت نهج المسائلة والمحاسبة .

لقد أعاد الرئيس ‘ ابو مازن’ الهيبة للكوفية العرفاتية وللدبلوماسية الثورية الحرة المستقلة ، وها هو يمضي بعناده المعهود وحنكته الصلبة ليرسخ مكانة وهيبة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطيني ( الوطن السياسي والبيت المعنوي لنضال الشعب الفلسطيني وكفاحه ) من أجل إسترداد حقوقه الوطنية وبناء مؤسسات دولته الفلسطينية المستقلة .

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version