يفتقد داود (9 أعوام) والدته ميسر كثيرًا.. في لعبه ودراسته ونومه وكل تفاصيل حياته، ولا ينفك عن الحديث عنها لأقاربه وأصدقائه.
في السابق، اعتاد داود الذهاب للمدرسة برفقة والدته التي توصله، ثم بعد انتهاء الدوام يجدها تنتظره في الخارج لتصطحبه للبيت، وتقوم بعمل مراجعة للدروس التي أخذها، وتلعب معه ومع شقيقيه عبد الله (4 أعوام)، وليان (3 أعوام).
غير أن كل ذلك أمسى من الماضي. ففي الرابع عشر من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، فارقت ميسر الكعكة وجنينها الحياة جراء إصابتها بفيروس كورونا، بعد أيام قليلة من إصابتها التي أدخلتها غرفة العناية المكثفة والتنفس الاصطناعي في المستشفى الأهلي بمدينة الخليل، جراء مشاكل في التنفس وهبوط حاد في نسبة الأوكسجين، ليتوقف قلبها فيما بعد.
رحلت ميسر تاركة وراءها زوجها عبد الرحمن الذي يعمل في إحدى ورش البناء في اسرائيل، وثلاثة أولاد.
“اشتقت لأمي.. كانت توصلني كل يوم إلى المدرسة، ومن ثم تعود لتأخذني بعد الانتهاء من كل الحصص، وكانت تدرسنا وتلعب معنا”، يقول داود.
ويضيف، “نسكن الآن في منزل جدي، وننتظر والدي حتى يعود من العمل لنرجع للبيت، وخلال هذه الفترة أهتم بأشقائي واعتني بهم”.
والده عبد الرحمن من مخيم الفوار جنوب الخليل، يقول: بعد وفاة ميسر، دخل الأولاد في حالة نفسية صعبة وتأثروا جدًا، خاصة أول شهرين، وكانوا يشعرون بأن البيت ناقص بغيابها، ولم يعودوا يلعبون كالسابق، ودائما يتحدثون عنها أمام الجميع”.
ويضيف “عندما أفتح الكتب لأدرس داود لا يقبل إلا بالأسلوب الذي كانت تستخدمه أمه، ويبدأ بالقول: أمي كانت تدرسني هكذا، وهو أفضل من أسلوبك، وعليك أن تستخدم الأسلوب ذاته، ولا يقبل القراءة الا كما علمته أمه”.
ويتابع “كانت ميسر تقول لداوود بأنك ستغدو طبيبًا مهمًا، وعليك الاهتمام بدروسك كثيرًا حتى تصبح كذلك، وكان يفرح كثيرًا كلما قالت له ذلك، ويبدأ القراءة بشغف واهتمام.. ولكن ذلك أصبح في الماضي، ورحلت عنا ميسر، ورحل الدفء والحنان من البيت، وبت أشعر أن البيت قد تشتت بعد غيابها”.
ويصادف اليوم عيد الأم، الذي يحتفل فيه الأطفال ويقدمون الهدايا لأمهاتهم، ولكن مع عائلة داود الوضع مختلف تمامًا.
“حنان الأم لا يعوضه أحد”، يقول عبد الرحمن.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الصحة كمال الشخرة إن السلالات الجديدة تعد أكثر فتكًا بكل شيء، حيث إن هذا الفيروس طور نفسه وأصبح يصيب الكل دون قيد أو شرط، لافتا الى أن النساء الحوامل هن الأكثر عرضة لالتهاب الرئتين بشكل كبير ومباشر، ما يتسبب بدخولهن لأقسام العناية المكثفة والتنفس الاصطناعي، ما يؤدي في بعض الحالات للوفاة.
ولفت الى أن بعض النساء الحوامل يكون لهن بعض الأعراض الخاصة بالحمل ونقص المناعة، وعند الإصابة بالفيروس يأخذ الجزء الأكبر من احتلال الجسم والذي يسبب الالتهابات الرئوية والحرارة وغيرها من الأعراض، موضحًا أنه قد لوحظ في الفترة الأخيرة إصابات كثيرة بين السيدات الحوامل.
ولفت الشخرة الى أنه في الأيام الأخيرة تم تسجيل حالتي وفاة لسيدتين حوامل، إضافة لحالة كانت مصابة وخرجت من الإصابة، ولكن أصيبت فيما بعد بالتهابات رئوية حادة أدخلها قسم التنفس الاصطناعي.
وقال: إن هناك أقسامًا خاصة للسيدات الحوامل في أقسام كورونا في كافة أنحاء فلسطين، ويتم متابعتهن من قبل أختصاصيي نسائية وتوليد، وفي كل الأوقات يتم متابعتهن بشكل مباشر بحكم الحمل والجنين، سواء بالمضادات الحيوية أو الكورتيزون، أو السوائل التي تعطى.
من جانبها، قالت اختصاصية نسائية وتوليد هبة فاخوري، إن المرأة الحامل تكون مناعتها أقل من غيرها من النساء، إضافة الى أنها معرضة لضيق التنفس أكثر من غيرها بسبب فسيولوجية الحمل.
ولفتت الى أن الحمل بشكل عام يرفع احتمالية تخثر الدم، وحيث أن الفيروس يرفع هذه الاحتمالية ايضا، لذا فالإصابة بالفيروس أثناء الحمل يزيد من فرصة إصابة الحامل بتجلطات بالأوعية الدموية مما قد يعرضها وجنينها للخطر، ولذلك على اي حامل مصابة أن تتواصل مع طبيبها ليصف لها ما يلزم من أدوية لتقوية المناعة وأدوية لتمييع الدم حسب حالتها.
وقدمت فاخوري نصائح للمرأة الحامل، بضرورة الفحص المبكر عند الشعور بأي أعراض حرصا على حياتها وحياة جنينها، واتخاذ شتى سبل الوقاية والاجراءات الاحترازية من التعقيم والتباعد وعدم الاختلاط وغيرها من الإجراءات.
وفا- معن الريماوي
