المقاومة الاقتصادية .. شعبية ورسمية سلمية

بقلم: موفق مطر

تعتبر مقاطعة بضائع ومنتجات منظومة الاحتلال الإسرائيلية الاستعمارية العنصرية أهم وسائل المقاومة الشعبية السلمية أيا كان مصدرها، سواء المستوطنات بحكم مخالفتها للقانون الدولي والمعتبرة وفقه جريمة حرب، وباعتبارها تغييرا سكانيا جغرافيا ومنشآت على أراض فلسطينية محتلة أقيمت بعد تهجير أهل الأرض الأصليين المواطنين الفلسطينيين، أو غيرها من الاعتبارات على رأسها أن منظومة دولة الاحتلال (إسرائيل) عنصرية وتشهد قوانينها الصادرة عن برلمانها (الكنيست) على ذلك.
نعلم جيدا ارتباط اقتصاد فلسطين واقتصاد منظومة الاحتلال وتعقيداته، والتكاليف الباهظة لفك هذا الارتباط، لكننا ندرك جيدا أن الانفكاك التدريجي عنه ممكن، لكن ليس بأقل من أعلى درجات التأني والحكمة والصبر المرفوعة على إرادة سياسية عقلانية واقعية، وعلى برنامج محدد الآفاق والأهداف المرحلية والاستراتيجية، بالتوازي مع برنامج حكومي فلسطيني (برنامج العناقيد) المقرر، ترفدها خطوات عملية لتطوير المنتج الوطني ليس كمنافس وإنما بديل كامل، لكن بجودة وأسعار مناسبة في متناول المواطن المقتدر وذوي الدخل المحدود..ليس بهدف التأثير الاقتصادي المالي على الاحتلال وحسب، بل كمرحلة قد تكون طويلة نوعا ما يتم خلالها تأسيس شخصية المواطن على الاعتزاز بمنتوجات فلسطين، وتفضيلها على الأجنبية حتى، وبذلك يصبح الاقتصاد الوطني منسجما مع العامل الثقافي والاجتماعي السلوكي في عملية تعزيز الشخصية الوطنية الفلسطينية، ونعتقد أن هذا الحال سيكون أرضية صلبة لتشريع قوانين اقتصادية تحمي المنتوج والمنتجين ارتكازا على وعي المواطن وثقافته وتربيته الوطنية. ونذهب بعيدا في الاعتقاد بالدور الرئيس للغرف التجارية والصناعية الفلسطينية محور صلب ومتين ترتكز عليه مكونات إنتاج الطاقة الوطنية اللازمة لتحقيق أهداف المقاطعة الاقتصادية للاحتلال.
كثيرة هي الجهات الفلسطينية العاملة على مقاطعة منتوجات منظومة الاحتلال، وجهودها كما نعتقد نابعة من رؤية وطنية لمعنى المقاومة الشعبية السلمية ولمعنى التحرر والاستقلال بكل وجوهه والسيادة، لكننا مازلنا على اعتقادنا بوجوب توحيد جهودها، والالتقاء على برنامج عمل محدد الاتجاهات والآليات، للحصول على أعلى طاقة رافدة لبرنامج المقاومة الشعبية السلمية ..ويكون نقطة انطلاق لحملات توعية تشمل شرائح المجتمع الفلسطيني، وحيث ان (الإقناع) شرط أساس لنجاح حملات التوعية، لا بد من الأخذ بمنهج العلاقات العامة والبارعين به ليكونوا على رأس المخططين والمنفذين أيضا، مع مواكبة ببرامج وتغطية من وسائل الإعلام..ونعتقد في هذا السياق أن مهمة كبرى تقع على كاهل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، واتحادات الطلاب في الجامعات ذلك أن التلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات أوسع شريحة في المجتمع الفلسطيني، علاوة على هدف غرس المقاومة الشعبية السلمية كثقافة وسلوك وطني يبعث على الفخر بالذات، إلى جانب استثمار توجهات الطلبة للقيام بواجبات وطنية- غير مكلفة – وأعمال رافعة لرصيدهم المعرفي والعلمي والسياسي الوطني.
سيكون مفيدا التذكير في هذا المقام أن الاضراب والعصيان المدني كوسيلتين للمقاومة الشعبية السلمية يصلحان فقط في المناطق الفلسطينية التي مازال لمنظومة الاحتلال الإسرائيلي السلطة إداريا وأمنيا بكل توابعهما من تحصيل الضرائب، ويرجى منهما نتائج مرجوة إذا استهدف الإضراب إيقاع خسائر بمؤسسات للاحتلال تحديدا.
يرتبط الاقتصاد القوي بالأمن والقانون والأرض ومواردها وعليه فإن توفير مصادر بديلة للمياه إلى حين استرجاع مصادر مياهنا التي استولى عليها الاحتلال مهمة تقع في ذروة العمل المقاوم السلمي، وكذلك البحوث العلمية لتوفير مصادر طاقة كهربائية للاستغناء والانفصال تدريجيا عن كهرباء الاحتلال.
من المفيد أن تعمل كل وزارة – حسب اختصاصها – على بحوث ودراسات للوصول إلى خلاصة تبين كيفية تخفيض الاعتماد على منظومة الاحتلال إلى درجة الصفر، دون انعكاسات سلبية حادة على مصالح المواطنين لضمان دوران عجلة الحياة ولكن باستقلالية.
هنا لا بد من التنويه إلى نجاح حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS) بتجاوزها حدود المقاطعة الاقتصادية ودخولها حيز المقاطعة لجوانب الحياة في المستوطنات بما فيها العلمية والثقافية كمقاطعة الجامعات الاسرائيلية في المستوطنات وكل النشاطات ذات الصبغة الثقافية، وزادت بحث شخصيات مرموقة ثقافيا وعلميا على رفض المشاركة في مهرجانات واحتفالات اسرائيلية خارج المستوطنات.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version