حول العنف في المجتمع ودور السلطة

بقلم: غسان زقطان

النصائح التي يزجيها مسؤولون في السلطة حول العنف في المجتمع الفلسطيني، الجامعات على وجه الخصوص، نصائح غير مهمة ولا تذهب أبعد من تعزيز فكرة توفر الحكمة لدى أصحابها.
الصدمة التي تبديها هذه النصائح وأصحابها واكتشافها “ظاهرة العنف” في المجتمع، لا تعني أحداً وتبدو، في أكثر تجلياتها، نوعاً من الدفاع عن النفس، وفي المستويات الأخرى اتهامات مبطنة للمجتمع نفسه، المجتمع الذي لا يرقى ليستفيد من “الحكمة” التي تتمتع بها النخبة السياسية!
يوفر الاحتلال، لا شك في ذلك، بنية تحتية لزراعة العنف في فلسطين، الاحتلال بعنفه الفاشي المتصاعد، آخر نماذج هذه الفاشية عملية الإعدام للفتى الشهيد من سلفيت في باب العمود، أول من أمس، وحصاره المدروس لأحلام الشباب وبناء حواجز بينهم وبين طموحاتهم، ودفعهم نحو اليأس أمام أبواب أحكم إغلاقها.
ولكن السؤال الأكثر أهمية من ذلك هو: ما الذي وفرته السلطة الوطنية لهؤلاء الشباب منذ تسلمها الإدارة في العام 1994 من القرن الماضي؟
يصعب الحصول على مؤشرات قياس دقيقة في هذا الشأن، لا في بناء أمان مجتمعي، سواء عبر تطوير مناهج التعليم أو وسائل وأساليب عملية التعليم نفسها، عبر بناء جسور من الثقة وتكافؤ الفرص والعدالة في الوظائف والتعليم والحقوق الفردية.
يمكن استعراض طريقة تعامل السلطة، وهي الجهة المركزية القادرة على إحداث التغيير، استعراض معالجتها لمظاهر العنف التي كانت تتراكم في حياة الفلسطينيين مثل، وهذا مجرد نموذج، تسهيل الإضرابات العنيفة في الجامعات، والتي كانت تجري تحت أعلام الفصائل، ووصلت إلى حد إغلاق أبواب إحدى الجامعات العريقة بالجنازير ومنع الهيئة التدريسية والإدارة من الوصول إلى مكاتبها.
يمكن إضافة النزاعات العشائرية، الخليل مؤخراً، والاعتداءات المتكررة على الأجهزة الطبية، وجرائم قتل النساء، وطرق حلها.
كذلك التردد غير المفهوم في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف.
الذي قتل شقيقته أو زوجته، الذي حرمها من الميراث، الذي اعتدى على عامل طبي في مستشفى، أو على مدرس في المدرسة، سيواصل تكرار ذلك طالما أنه يعرف أن الأمر منوط بتدخل عشائري بعيداً عن القانون.
الأمر ببساطة أن استعادة منظومة القيم تتطلب قبل كل شيء، أن تصدق “السلطة” أن هذه هي مهمتها، وأن تعمل على تلك المهمة، وأن تعرف أن الأمر يتجاوز إزجاء النصيحة والتفجع والتحسر على منظومة القيم التي تتهاوى.
الأمر أيضاً هو مناهج التعليم وحقوق النساء وبناء الثقة بالعدالة ووسائل تنفيذ القانون ومنظومة القضاء، والثقة بأن “الأمن” جهاز وجد ليخدم المواطن أولاً.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version