أميركا تدعم الفصل العنصري

بقلم: عمر حلمي الغول

لا أحد من الشعب الفلسطيني، لا مسؤل ولا مواطن، ولا عضو حزبي يريد معاداة الولايات المتحدة، ولا يريد استعداءها، لا، العكس هو صحيح، يعمل الكل الفلسطيني على كسب النخب السياسية والثقافية الفنية والأكاديمية والاقتصادية الأميركية صديقًا لفلسطين، أو بالحد الأدنى شريكًا أمميًا مؤيدًا وداعمًا لخيار السلام وفق معايير الشرعية الدولية، واستخدام نفوذها وثقلها في دفع عربة السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 قدمًا للامام، والكف عن سياسة الدعم الأعمى والمطلق لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية على حساب القيم والمبادئ الأميركية، وخاصة مبدأ حق تقرير المصير، ووفق قرارات الشرعية الدولية.
لكن كل يوم تؤكد الإدارات الأميركية المتعاقبة، أنها أكثر تطرفًا وعدائية من دولة الإرهاب الإسرائيلي المنظم تجاه شعبنا الفلسطيني، رغم انها تعلن (باستثناء إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب) بشكل دوري تأييدها ودعمها لخيار حل الدولتين. بيد انها في الواقع العملي تمارس العكس، وتقف بالمرصاد لكل من يحاول تشخيص الواقع الاستعماري الإسرائيلي على حقيقته، دون رتوش ومساحيق كاذبة، والركض في متاهة المقولة الفارغة القائلة: “إن إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”؛ لأنها مصممة على استمراء تلك الكذبة الكبيرة والمعيبة بحق الديمقراطيات الغربية كلها، رغم تناقضها المطلق مع أبسط معايير الديمقراطية.
ولن أضيف لما دونته هنا في زاويتي مئات المرات جديدا، من أن الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي، هو أب وأم وصاحب المشروع الكولونيالي الصهيوني، وهو الراعي الأساسي له، وهو حامل لواءه، والمدافع الأول عنه، والشريك الأساسي في كل جرائم التطهير العرقي الإسرائيلي بشكل مباشر وغير مباشر خدمة لمصالحه، لأنه ما زال يعتقد أن بقاء الدولة المارقة والخارجة على القانون الدولي مصلحة استراتيجية له في إقليم الشرق الأوسط والعالم، كذراع وخندق أمامي لتنفيذ الأجندة الأميركية وأباطرة رأس المال العالمي.
خلفية ما تقدم، تصريح وزارة الخارجية الأميركية، الذي ادلى به نيد برايس، الناطق الرسمي باسمها امس الأربعاء، الذي أولاً- رفض تقرير منظمة العفو الدولية “امنستي” الصادر يوم أمس الأول الثلاثاء، الذي وصف إسرائيل بدولة فصل عنصري، وطالب باتخاذ إجراءات اممية لمجابهة هذا التغول العنصري وجرائم الحرب، التي ترتكبها دولة الاستعمار الإسرائيلية ضد ابناء الشعب الفلسطيني. ثانيًا- وصف التقرير بـ”المهزلة” و”المسخرة”. ثالثًا- الأنكى مما تقدم، اتهم المنظمة الأممية بأنها “تكيل بمكيالين”، وتناسى برايس ووزارته وادارته، ان حكومته وسياستها العمياء، والمنحازة كليا لإسرائيل، هي من كالت بمكيالين، وترفض ان ترى الوقائع كما هي على الأرض، لأنها هي المشرف الأساس على تنفيذ تلك السياسات. رابعًا- يقول الناطق الأميركي، إن الوزارة لم تستخدم مثل هذه المصطلحات مطلقًا، ويقصد ضد إسرائيل فقط، وهل يفترض ان تبقى الإدارة الأميركية أسيرة سياساتها العبثية، وتتغاضى عن جرائم الحرب الإسرائيلية؟ وتناسى ان إدارته تستخدم هذه المصطلحات ضد الدول الأخرى: ضد الصين وكوبا والدول العربية والدول الافريقية المختلفة. خامسًا- بإصرار عنيد، وفي لي لعنق الحقيقة يستخدم برايس مفهوم ومصطلح “الدولة والشعب اليهودي”، وهذا مناف لأبسط المعايير العلمية، لأنه لا يوجد شعب يرتكز على الأساس الديني، كما انه يتنافى مع أبسط الأسس المشكلة للشعوب. واليهود الصهاينة الموجودون في إسرائيل، هم من الأثنية الخزرية، وعليه إما ان تستخدم الإدارة الأميركية الشعب الإسرائيلي دون اقرانهم بالدين، كما باكستان وتركيا وايران وغيرها. سادسا- يقول الأميركي والمحقون بالأكاذيب والأضاليل: “انه من المهم ألا يحرم “الشعب اليهودي” من حقه بتقرير المصير،
أولاً- لماذا لا تتفضل الولايات المتحدة لتأخذ اليهود الخزر عندها، وتقيم لهم دولة؟ ومن الذي اوجدها الدولة الوحيدة في فلسطين؟ وأين حقوق ومصالح وحرية الشعب الفلسطيني؟ وعن أي معايير مزدوجة يتحدث برايس الساذج وادارته الغبية؟ ومن الذي يكيل بمكيالين المنظمة الأممية أم الإدارة الأميركية؟ ومن الذي حرم دولة الابارتهايد الإسرائيلية، الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاستعمار طيلة 74 عاما ام انتم؟ ومن الذي يطلق يد إسرائيل المارقة للايغال في الدم الفلسطيني؟ ومن الذي يحول دون بلوغ السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ ومن الذي منع وحرم الفلسطيني من حق العودة؟ ومن الذي سفك الدم الفلسطيني في مئات وآلاف المجازر والحروب والاجتياحات؟ ومن الذي يصادر ويهوّد ويغتصب الأرض الفلسطينية؟ ومن الذي يطلق العنان لعصابات وقطاع الطرق المستعمرين الصهاينة لارتكاب جرائم التطهير العرقي ضد الفلسطينيين؟
وعندما سأل احد المراسلين برايس: هل تعتقد أن المنظمة الدولية “امنستي” منحازة لصالح الفلسطينيين، ومعادية للسامية؟ تهرب من الإجابة على السؤال لأنه لا يملك جوابًا. كما لم يرد على سؤال مراسل “اسوشيتد برس”، مات لي، المتعلق باتهام الولايات المتحدة المنظمات غير الحكومية بمعايير مزدوجة بشأن انتهاكات حقوق الانسان، عندما شخصت حقيقة دولة إسرائيل، كدولة فصل عنصري. وخلص المراسل لي باستنتاج مفاده “لماذا كل انتقاد لإسرائيل– من هذه الجماعات يكاد يكون دائما مرفوضا من قبل الولاليات المتحدة، ومع ذلك يتم قبوله، والترحيب به، والمصادقة عليه عندما يكون موجها إلى دول أخر، ولا سيما الدول المختلفة والمتناقضة مع سياسات الولايات المتحدة؟”.
النتيجة والخلاصة العلمية القديمة الجديدة للموقف الرسمي لادارة بايدن من تقرير منظمة العفو الدولية “امنستي”، إنه يعكس هوية ومكانة وموقع هذه الإدارة البائسة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا يمكن لكل الملطفات والمسكنات التافهة ان تخفف من بشاعة وانحياز هذه الإدارة لإسرائيل وجرائم حربها، ولسياسة الفصل العنصري، التي تنتهجها في كي وعي الشعب الفلسطيني لقهره وفرض خيار الابارتهايد والتطهير العرقي ضده. ولرب ضارة نافعة، فان الموقف الأميركي الجديد من تقرير “امنستي” قدم خدمة مجانية للقيادة الفلسطينية عشية انعقاد دورة المجلس المركزي الـ31 لتحديد كيفية التعامل مع الإدارة المدافعة عن سياسة التطهير العرقي الإسرائيلية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version