المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

صحف عربية: أردوغان في الإمارات…تركيا تتغير في حقبة إقليمية جديدة

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس زيارة رسمية للإمارات في مؤشر على حجم وأهمية التحول في السياسة الخارجية التركية، وعودتها إلى مسار المصالحة والتقارب مع دول المنطقة والإقليم، مع ما تتضمنه من إشارات ورسائل لمن يهمه الأمر من محللين ومتابعين، ومعنيين بالشأن السياسي في منطقة الخليج، والدول العربية الأخرى. ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، تتجاوز الزيارة التي أسست شراكة جديدة بين الإمارات وتركيا، البعدين الاقتصادين والاستثماري، لتلامس مجالات أوسع وأرحب، جعلت المراقبين يرون فيها انعكاساً لمعطيات وتحديات كثيرة، تواجهها تركيا ودول المنطقة.

انعكاسات إقليمية
قالت صحيفة “الجريدة” إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعود إلى أبوظبي في زيارة رسمية، “بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الإقليميتين اللتين وقفتا على النقيض في العديد من ملفات المنطقة” سابقاً.

ونقلت الصحيفة عن أردوغان، قبل التوجه إلى أبوظبي “من خلال زيارتي هذه، نهدف إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتطوير الزخم في علاقاتنا والارتقاء بها إلى المستوى الذي تستحقه مجدداً” و”سنتخذ معاً الخطوات التي ستحدد شكل 50 عاماً جديدة من صداقتنا وإخوتنا مع دولة الإمارات، التي تحيي الذكرى الخمسين لتأسيسها”.

وأوضح أردوغان، أن أنقرة “لا تميز بين أمنها واستقرارها وأمن واستقرار كل الدول في منطقة الخليج”، منوهاً أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة، مع زيارة ولي عهد أبوظبي لأنقرة، في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي.

وفي المقابل قالت الصحيفة: “استقبلت الإمارات ضيفها بحفاوة عبر عرض مرئي على واجهة برج خليفة، أطول مباني العالم، وإضاءة أهم المعالم والمؤسسات والمباني الإماراتية بألوان العلمين الإماراتي والتركي”.

استعادة الثقة
من جهتها قالت صحيفة “العرب”، إن الحفاوة التي قوبل بها أردوغان في أبوظبي، تؤكد أن “الإمارات وضعت الخلافات القديمة مع تركيا وراء ظهرها، وأنها تمنح أردوغان فرصة حقيقية ليظهر مدى رغبته في بناء علاقة متينة مع الإمارات واستعادة ثقة دول الخليج، وأن الأمر متوقف عليه، وعلى الخطوات التي عليه اتخاذها مستقبلا، خاصةً بإظهار مواقف داعمة لأمن الخليج وتحديد موقف واضح من تهديدات إيران وأذرعها في المنطقة”.

وقال متابعون للشأن الخليجي، لصحيفة إن “زيارة الإمارات توفر للرئيس التركي فرصة قد لا تتكرر ليستعيد ثقة الخليجيين ويخرج من حالة البرود الرسمي والشعبي إزاء تركيا”.

ولفت المتابعون إلى أن على أردوغان أيضاً أن يثبت أن “تركيا تتغير، وأنها لن تنقلب عليهم مرة أخرى وفي أول فرصة تبيعهم”، و “أن الخليجيين لن يقبلوا بإعطاء صفقات كبرى لتركيا دون أن تظهر مواقف واضحة وداعمة لهم في قضايا المنطقة، وأن على الرئيس التركي أن يغادر المنطقة الرمادية في الموقف من إيران والهجمات التي تشنها أذرعها على دول مثل السعودية والإمارات”.

رؤية إماراتية واضحة
أما في صحيفة “البيان” الإماراتية، فشددت منى بوسمرة، على “ما تمثله الخطوات الواسعة نحو الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وتركيا، والتي جاءت بنتائج كبيرة وملموسة في أول يوم لزيارة الرئيس التركي إلى الإمارات، تعطي دفعة قوية لمسارات التنمية في البلدين، فحجم ونوع هذه النتائج ظهر بوضوح من خلال توقيع 13 اتفاقية في مجالات محورية غاية في الأهمية لاقتصاد البلدين من بينها البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة”.

وأضافت أن “المضي في العلاقات بهذه الخطوات السريعة يشير إلى إرادة الإمارات السياسية الواضحة في تعزيز هذه الشراكة ومضاعفتها، والتي تستند إلى نهج ورؤية ثابتين أساسهما تقديم مصلحة شعوب المنطقة، كما يشير إلى ذلك محمد بن زايد، مؤكداً وجود مشتركات عديدة بين الجانبين العربي والتركي، ومرحباً بكل خطوة على طريق التعاون والتفاهم والسلام في المنطقة، وهذا النهج الذي تنقل فيه الإمارات المنطقة إلى مرحلة جديدة من التقاربات وعلاقات الشراكة والتعاون، يفتح آفاقاً واسعة ويبني ركائز قوية لمسارات تنموية من شأن آثارها الإيجابية أن تعم الجميع”.

وتابعت “هذه النتائج المبهرة التي شهدتها زيارة أردوغان، تستكمل دعائم التعاون المهمة التي أسست لها زيارة محمد بن زايد إلى تركيا، إذ أعلنت الإمارات خلالها عن صندوق بـ 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات الاستراتيجية في تركيا، وتم أيضاً التوقيع على 10 اتفاقيات في مجالات حيوية، لتمثل مخرجات الزيارتين معاً نقلة نوعية في العلاقات، خصوصاً مع توقيع البيان المشترك أمس، والذي يؤكد التوجه نحو الشراكة الاقتصادية الشاملة”.

انعطافة أردوغان
ومن جهته أفاد موقع “الحرة” بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أطلق انعطافة واضحة على أكثر من ملف، في علاقاته مع الدول التي كانت تصنف ضمن “الخصوم” سابقا، بعد أن وصل أمس إلى الإمارات في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 2013.

وينقل الموقع عن الباحث في لشأن السياسي التركي، محمود علوش ” في العقد الماضي وصل التنافس الخليجي التركي إلى طريق مسدود. لم يستطيع أي طرف أن يهزم طرف آخر، وهذا التنافس فسح المجال أمام قوى أخرى للعب دور أكبر، مثل إيران”، مضيفاً “هناك عامل آخر يرتبط بتراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وانتقال التنافس بين القوى الدولية إلى مناطق أخرى. مثل أوروبا الشرقية، والصراع الصيني الأمريكي في آسيا”.

وبدوره يرى الباحث السياسي التركي مهند حافظ أوغلو أن هذا التطور الجديد لم يرتق إلى “تصفير المشاكل” الركيزة السابقة في السياسة الخارجية التركية، لكنه خطوات لـ”تخفيف الصراعات أو كسر الجمود في العلاقة الثنائية”.

ويقول حافظ أوغلو: “هذا ما ينطبق مع تركيا وعلاقاتها مع عواصم عربية وإقليمية”، مضيفا: “عندما تكون الرياح شديدة فيجب أن تنخفض. هذه السياسة التي تسير فيها تركيا سواء باتجاه الإمارات أو دول أخرى، مثل إسرائيل”.

ويضيف أوغلو أن “هناك حقبة إقليمية جديدة باتت تتشكل من ثلاثي تركيا، ودول الخليج، وإسرائيل، من المنتظر أن تتوسع دائرتها لتصبح تكتلاً جديداً” في ظل “التقلبات في الشرق والغرب، والتصارع والتحارب، لترى تركيا والدول العربية نفسها في المنتصف”.

Exit mobile version