دكتوراه على بسطة الفراولة في أسواق غزة

حاصل على شهادات عليا في الحديث الشريف وعلومه وله العديد من الكتب والمؤلفات، يفترض أن يقف في مكانه الطبيعي أمام طلابه محاضراً في إحدى الجامعات، لكن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفن محيي الدين كُلاّب (دكتوراه في الحديث الشريف وعلومه).

يقف محيي الدين (32 عاماً) أمام بسطة يبيع “الفراولة” منادياً على المتسوقين في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة بعد أن سُدت في وجهه كل الأبواب للحصول على فرصة عمل في مجال دراسته أو في غيرها.

محيي الدين مثال واحد لألاف الخريجين في قطاع غزة المحاصر منذ حوالي 15 عاماً، الذين انضموا إلى جيش البطالة التي وصلت إلى معدلات خيالية في الشريط الساحلي.

بعد أن انتهى من بيع أحد المتسوقين، يقول كلاب لـ “وفا”: “تخرجت من الجامعة الإسلامية عام 2011 تخصص دراسات إسلامية، وفي 2014 حصلت على ماجستير حديث شريف، وأخيراً على درجة الدكتوراه في مجال الحديث الشريف وعلومه.”

ولم يقف طموح وشغف محيي الدين العلمي عند هذا الحد فألف العديد من الكتب الدينية والتراثية معظمها في مجال تخصصه مثل: “مسند غزة ومسند نابلس وكتاب معجم المعارك والعمليات على أرض فلسطين.”

“طرقت كل الأبواب في غزة للحصول على عمل لكن دون جدوى سوى الحصول فقط على بطالة في وزارة الأوقاف براتب مقطوع 500 شيكل بالشهر، وتم تسريحي منها بسبب تقرير كيدي.” يقول محيي الدين.

ويضيف “البطالة مدتها ثلاثة شهور ومن يحالفه الحظ يحصل عليها بعد أربع سنوات فهي لا تسمن ولا تغني من جوع.”

ومنذ انقلاب “حماس” في عام 2007 ارتفعت معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة سيما بين الشباب وخريجي الجامعات الذين يضطر معظمهم إلى العمل بالأجرة في أعمال لا تناسب تخصصاتهم وطموحاتهم.

ووفقا لتقارير محلية ودولية تبلغ نسبة البطالة حوالي 47%، فيما تعتمد غالبية السكان (أكثر من مليونين) على المساعدات المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” ومؤسسات خيرية أخرى.

كما تقدّم محيي الدين للحصول على عمل ولو بنظام الساعات في الجامعات والكليات دون جدوى ما اضطره للعمل في مجال بعيدا عن طموحاته لإعالة أسرته الممتدة.

الشاب الثلاثيني يؤكد أن “الشغل مش عيب” وهو متزوج وله ثلاثة من الأبناء، إضافة إلى إعالته لأسرته المكونة من عشرة أفراد ووالده عاطل عن العمل.

وقبل وقت ليس بالبعيد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قصة مشابهة لشاب حاصل على درجة الدكتوراه يعمل في أحد المخابز في غزة.

ويحصل الشبان العاملون في غزة ومنهم خريجو هندسة وصيدلة وتخصصات أخرى على أجور زهيدة (15/20 شيكل) يوميا مقابل ساعات عمل لا تقل عن 12 ساعة، بيد أن أرباب العمل لا يلتزمون بالحد الأدنى للأجور.

ومنذ سيطرة “حماس” على قطاع غزة هاجر آلاف الشبان خارج حدود قطاع غزة إلى دول أوربية بحثا عن مستقبلهم المفقود، وقضى العشرات منهم غرقاً في البحار.

يقول محيي الدين” بالكاد أحصل يوميا على 20 شيكلاً وهي لا تكفي لسد رمق أسرتي وأطفالي”، مشيرا إلى أنه يعمل في مواسم مثل شهر رمضان المبارك ومواسم العنب وغيرها.”

وتعرض قطاع غزة إلى أربعة حروب آخرها كان في أيار/مايو من العام الماضي، أدت الى استشهاد وجرح الآلاف وتدمير كبير في المباني والبنية التحتية.

وفي مكان ليس بعيداً عن بسطة محيي الدين، يقف الشاب الجامعي محمد النحال في محل لبيع الخضروات.

يقول النحال لـ “وفا”:” أنا حاصل على بكالوريوس تعليم أساسي عام 2013، ولم أحصل على أية فرصة عمل في مجال دراستي، فلم أجد وسيلة إلا بيع الخضروات مع أخي”.

النحال (32 عاماً) متزوج وله 3 أولاد تقدم عديد المرات للحصول على فرصة عمل أو حتى بطالة لكن دون جدوى كمال يقول.

وتبلغ نسبة البطالة بين الخريجين في قطاع غزة (20 حتى 29 عاماً) 73% كما يقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ “وفا”.

ويضيف يبلغ عدد الخريجين العاطلين عن العمل حوالي 150 ألفا، بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل ربع مليون شخص، وارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتتجاوز60%.

وأكد الخبير الاقتصادي، تجاوز عدد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى مساعدات إغاثية من “الأونروا” والمؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من 85% من سكان قطاع غزة، بينما تجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 68% لدى الأسر، وارتفاع حاد في نسبة البطالة بين الشباب في قطاع غزة.

واختتم الطباع حديثه بالمطالبة بإنهاء حصار قطاع غزة ورفع كافة القيود المفروضة على حركة البضائع والأفراد.

وفا- زكريا المدهون

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version