المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الذاكرة سلاحنا لمواجهة الاحتلال.. شهيد مخيم جنين رعد زيدان

ولد منفذ عملية تل أبيب الشهيد رعد فتحي زيدان حازم بتاريخ 29-11-1993 في مخيم جنين، ليكون الابن الأكبر في أسرة مكونة من 8 أفراد.

لم يكمل رعد تعليمه لكن شغفه وحبه لعالم البرمجيات والكمبيوتر دفعه للغوص في هذا المجال والاعتماد على نفسه في دراسته حتى أصبح متخصصاً وعبقرياً كما قال رفاقه، الذين وصفوه بـ”الإنسان المثالي والمخلص والمعطاء والطيب وصاحب القلب الكبير “، أما والده الأسير المحرر فتحي زيدان والذي عاش تجربة المطاردة والاعتقال، فعبر عن علاقته الوطيدة مع بكره الذي وصفه بـ”الخلوق والطيب والمتسامح، الملتزم بدينه وصلاته”، قائلا “عاش حياته متواضعاً مصلياً وصائماً ومرضيا بار بوالديه يحب الله ورسوله صادقا ووفياً”، كما تمتع بشخصية منحته محبة واحترام الجميع ، وكان يحرص على مساعدة الناس.

ورغم تلقيه استدعاءً من المخابرات الإسرائيلية، ظهر الوالد يشخصية قوية ومعنويات عالية، استقبل المعزين ببكره ولم يذرف دمعة بل خاطب كل من وصل لمنزله بروح وإرادة قوية، معبراً عن الفخر والاعتزاز برعد، وقال لمراسلنا ” إن رعد لم يكن يهتم بالسياسة كثيرا لكنه صاحب روح وطنية عالية، يحزن ويتأثر عندما يسمع بأخبار وقصص الشهداء خاصةً وأن في عائلته شهداء، من بينهم أخواله الأبطال”.

وذكر الضابط في الأمن الوطني أن نجله رعد تخصص في علم الكمبيوتر والتقنيات والمعلومات، وامتلك خبرة وقدرات وذكاءً كبيراً في هذا المجال، فحظي بثقة كل من قصده في هذا التخصص.

الهاتف الأخير

قبل يومين من عمليته، التقى رعد أسرته وتناول معها طعام الإفطار، وكانت المحادثة الأخيرة مع والده كما أوضح لمراسلنا، مساء يوم الخميس قبيل الإفطار ، حيث اتصل فتحي مع ابنه وطلب منه إحضار الخبز معه والانضمام للأسرة على مائدة الإفطار، لكنه اعتذر لانشغاله ولم يحضر للمنزل، وأضاف “ما زالت لا أصدق، لم يرادوني أي شعور بإمكانية تنفيذه عملية… ولم أصدق عندما شاهدت الصور التي نشرها الاحتلال، وبقيت في حالة شك لخوفي من استخدام الاحتلال هذا الأسلوب في عدة عمليات سابقة، حتى وصلتنا أخبار استشهاده صبيحة الجمعة، وهو صائم بعد صلاة الفجر أثناء خروجه من المسجد في يافا”.

موقف الوالد

فتحي زيدان، الذي تعرض للمطاردة خلال انتفاضة الحجر واعتقل وقضى عدة سنوات في سجون الاحتلال حتى تحرر، وانضم للسلطة الوطنية فور تأسيسها، قال مخاطبا الجماهير التي احتشدت أمام منزله “أشعر بفخر واعتزاز بابني الذي هو ابنكم والذي رفض الخنوع والاستسلام واختار درب الشهداء من أجل زوال هذا الاحتلال ومستوطنيه”، وعبر عن اعتزازه برعد الذي حمل الراية وضحى من أجل فلسطين التي تستحق كل التضحية، وسخر من تهديدات الاحتلال بفرض العقوبات ضد شعبنا وإلغاء التسهيلات، و قال “ابني قدم نفسه شهيداً ليس من أجل التسهيلات فهو كشعبنا يبحث عن الحرية والاستقلال، وشعبنا يبحث عن أقصاه والصلاة في رحابه و الحرية لأطفاله ولقمة عيش كريمة، لا تصريح مغمس بالذل”.

وشدد والد الشهيد على الدعوة للوحدة ورص الصفوف والصبر والحفاظ على إرث الشهداء، و قال “أبشركم بأنكم ستشهدون التحرير، وما أراه اليوم أن مخيم جنين رأس الحربة لفلسطين التي هي رأس الحربة للأمة كلها”، داعياً للصبر والتأني و الصمود في تحمل هذه الأمانة حتى يتحقق وعد الله الصادق الذي بشر المؤمنين بالجنة”.

وقد تلقى الوالد اتصالاً من ضابط إسرائيلي أبلغه بضرورة أن يقوم وأبناؤه بتسليم أنفسهم للاحتلال في معسكر سالم غرب جنين فوراً، لكن وفق العائلة فق رفض الوالد الخضوع لمطالب الاحتلال.

عائلة مناضلة

رعد الذي نعته حركة فتح وكتائب شهداء الأقصى كأحد قادتها ومقاتليها نتمي لعائلة مناضلة، فوالده صاحب تجربة نضالية ومن قادة حركة فتح في المخيم والسجون خلال انتفاضة الحجر، كما أنه ابن شقيقة الشهيدين عثمان السعدي من قادة حركة فتح والذي ارتقى على أرض لبنان، ومحمد السعدي من قادة مجموعات الفهد الأسود الذي ارتقى بعد اشتباك مسلح مع القوات الخاصة الإسرائيلية في الانتفاضة الأولى، أما خاله محمود السعدي الذي كان من قادة حركة الجهاد الإسلامي فقد تعرض للأسر والملاحقة والاستهداف وشارك في معركة نيسان، وقال “إن رعد استشهد في الذكرى الـ20 لمعركة مخيم جنين وذكرى كمين المخيم الذي أوقع 13 جندياً قتلى، وبذلك أعطى رسائله للجميع بأن الغضب يكون ضد العدو فقط، وأن السلاح لا يشهر إلا صوب الاحتلال الذي شرد وطرد الفلسطينيين من أرضهم.

وأوضح السعدي أن مخيم جنين سيقاتل وسيبقى شوكة في حلق الاحتلال، وقال “سنقاوم ولنمت بكرامة، ومخيم جنين هو مخيم الأفعال والدماء الصادقة ولا يطلق رصاصه في الهواء”، معبراً عن الاعتزاز ببطولات رعد وما قدمه من تضحيات على درب أخواله وأبناء المخيم الذين يؤكدون في ذكرى معركة المخيم اليوم، أن شعبنا لن يرفع الراية البيضاء وأن المعركة مستمرة حتى دحر الاحتلال.

منع تجول

في الحي الذي عاش فيه رعد، جلس رفاقه في إحدى الزوايا التي كان يحب الجلوس فيها، يتحدثون عن ذكرياته ومواقفه وحياته والكثير من الصور التي لم تفارقهم خاصةً تعامله معهم ومحبته للجميع وحرصه على العطاء والتعاون والإيثار والمساعدة، واصفين عمليته بالجرئية والشجاعة والنوعية، وسخروا حول الاحتلال وهروب جنوده والمستوطنين ، وقال صديقه أحمد “في مثل هذه الأيام قبل 20 عامًا كان الاحتلال يفرض على المخيم حصاراً وعدواناً وحظر تجول للقضاء على المقاومة، وابن المخيم رعد قلب المعادلة وفرض حظر التجول على تل أبيب، ليقول لهم.. كلنا مقاومة ولن نتوقف”.

يولد من من جديد

أطلق شاب من محافظة جِنينّ اسم رعد على مولوده الثاني وذلك بعد ساعات فقط من استشهاد رعد زيدان منفذ عملية تل أبيب. وقال الشاب نمر لحلوح من بلدة عرابة لـ”لقدس” إنه قرر أن يسمي مولوده بهذا الاسم تيمنا بالشهيد رعد الذي يعد مصدر فخر واعتزاز لكل فلسطيني وكي يبقى اسمه خالداً.

الحصان يفتقده

منذ سنوات، امتلك رعد حصانا كان يهتم به ويرعاه، وبحسب شقيقه فإن سلوك ووضع الحصان وحركاته اختلفت منذ إعلان استشهاد رعد، وقال “توقف عن الصهيل وتجمد في مكانه، حركة رأسه فيها غضب وشاهدنا حزن في عينيه، وكأن يشعر بغياب رعد ويفتقده.. حتى حاولنا إطعامه لكنه رفض”.

اللحظات الأخيرة

نشرت وسائل الإعلام العبرية فيديو يظهر اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد رعد حازم في مسجد بيافا قبل استشهاده برصاص الاحتلال. ووفقًا للتقارير دخل رعد حازم المسجد ليصلي الفجر وجاء جنود الاحتلال إلى المكان، طالبين فحص كاميرات المسجد وطلبوا منه رفع يديه لكنه رفع سلاحه وأطلق تجاههم عشر رصاصات قبل استشهاده.

وكانت تقارير عبرية إشارات إلى تلقي شرطة الاحتلال بلاغا عبر الهاتف بوجود شخص مشبوه في الحديقة العامة في محيط دوار الساعة في يافا، وعلى إثر هذه المكالمة توجه عنصران من جهاز الشاباك إلى المنطقة بحثا عن الشخص المشتبه، وبعد رؤيته طلبا منه التوقف لكنه لم يستجب، وتم تبادل إطلاق النار بينهم في موقف للسيارات وإصابة المشتبه به ليتبين فيما بعد أنه منفذ العملية في شارع “ديزنغوف” في تل أبيب.

ويعد الشهيد رعد فتحي حازم، منفذ عملية تل أبيب التي أوقعت نحو 15 إسرائيليا بين قتيل وجريح، واستشهد بعد أن أصلى فجر الجمعة الأولى من رمضان في أحد مساجد مدينة يافا وذلك بعد ساعات من تنفيذه عملية شارع “ديزنغوف” التي فرضت منعاً للتجول في تل أبيب.

“القدس” دوت كوم- علي سمودي

Exit mobile version