المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

بيان صادر عن إعلام حركة “فتح” في الذكرى الـ٤٩ لاغتيال الشهداء القادة الكمالَين والنجّار

[box type=”shadow” align=”alignright” class=”” width=””]بعد ٤٩ عامًا على استشهاد الكمالَين والنجّار، ما زال نهج “فتح” أمانةً تتوارثها الأجيال، يتجدّد قولاً وعملاً في كل يوم وفي كل ميدان ومع كل عملية بطولية يُنفذها أحد أبطالها، وفي كل ساحةٍ ومحفل سياسي ودبلوماسي تقوده “فتح” و”م.ت.ف” وقيادتنا الفلسطينية الشرعية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عبّاس[/box]

أبناء شعبنا الفلسطيني الثائر على امتداد الوطن والشتات،

نُحيي اليوم ذكرى فاجعةٍ وطنيةٍ فقدَت جراءها فلسطين وثورتنا المجيدة ثلاثةً من كبار قادتها الوطنيين في حركة “فتح” ومنظمة التحرير الفلسطينية. ففي مثل هذا اليوم، العاشر من نيسان عام ١٩٧٣، اغتالت وحدات من جهاز الموساد الإسرائيلي القادةَ الشهداء كمال عدوان وكمال ناصر ومحمد النجار “أبو يوسف” في ڤردان ببيروت، ردًّا على مشاركتهم في التخطيط لعملية ميونخ ولدورهم السياسي والنضالي والإعلامي البارز في الثورة الفلسطينية.

كانت مهمة الاحتلال مُحدَّدةً، اغتيال القادة كمال عدوان وكمال ناصر و”أبو يوسف النجار”، والقيام بما يلزم للتغطية على العملية وحرف الأنظار. لذا وبعد أشهر من التخطيط والتدريب في الأراضي المحتلة، بدأ تنفيذ العملية التي أطلقت عليها (إسرائيل) اسم “ربيع الشباب” منتصف ليل ١٠-١١ نيسان عام ١٩٧٣، إذ وصلت المجموعة المُنفِّذة على متن سفن وزوارق حربية إلى شاطئ بيروت بقيادة إيهود باراك الذي تنكّر بزي امرأة، تواكبها مجموعاتٌ أخرى كانت قد وصلت في وقت سابق إلى لبنان بهدف الاستطلاع والتغطية، وتوزّعت هذه الوحدات العسكرية المُختارة من نخبة الكوماندوز البحري والمظلِّيين ووحدة الأركان الخاصة ووحدة حماية وآخرين، إلى مجموعات بحسب مهامها وأهدافها.

توجّهت المجموعة بسيارات إلى شارع ڤردان وتوقفت حيثُ كان يقطنُ الكمالان والنجّار في بنايتين متجاورتين، فصعد أفراد المجموعات بتزامن إلى شقق الشهداء بعد الإجهاز على حارس المبنى، وفجرت مجموعة من الوحدة باب شقة الشهيد القائد محمد النجّار، ودخلت تغطي وجوهها بجوارب نسائية، وقبل أن يتمكن النجار من الإمساك بمسدسه أطلق أفراد المجموعة نيران أسلحتهم فحاولت زوجة الشهيد افتداءه بجسدها، بيْدَ أنَّ الرصاصات اخترقت جسديهما الطاهرين ليرتقيا شهيدين، فيما فتش عناصر المجموعة مكتبه وسرقوا الوثائق الرسمية الحركية.

وعندما سمع الشهيد كمال عدوان صوت الانفجار والرصاص حمل “الكلاشينكوف” لمواجهة وحدة الاغتيال التي فجرت باب شقته، فأطلق عليها الرصاص لكنّ المجموعة أطلقت النيران بكثافة ما أدى إلى استشهاده، وبعدها سرقت أوراقه ومستنداته تاركةً زوجته وأبناءَه في حالة ذعر شديد.

وفي ذلك الوقت كان الشهيد القائد كمال ناصر منهمكًا في كتابة نص كلمة وطنية كان سيلقيها، فسمع دوي الرصاص وقبل أن يتمكن من استلال سلاحه باغتته مجموعة من وحدة الاغتيال بعد اقتحامها المنزل ممطرةً جسده الطاهر بوابل من الرصاص فاستشهد، علاوةً على استشهاد ١٤ شهيدًا بينهم زوجة الشهيد أبو يوسف النجار.

أبناء شعبنا الفلسطيني الأبي،

لقد جسّدت هذه الجريمة النكراء بتفاصيلها ودمويتها تعبيرًا جليًا عن همجية الاحتلال الإسرائيلي الذي تعمّد اقتحام منازل القادة الشهداء الموجودة في منطقة مكتظة بالسكان وتصفيتهم أمام عائلاتهم، في فعل لا يعكس إلا مدى الحقد والوحشية والفاشية التي تقوم عليها العقلية الصهيونية، لا سيما أنها قد جاءت في إطار موجة الإرهاب الإسرائيلي التي تصاعدت بشدة بعد عملية ميونيخ التي استهدفت البعثة الرياضية الإسرائيلية المشاركة في الألعاب الأولمبية التي نُظّمت في ألمانيا، حيث توعدت رئيسة حكومة الاحتلال آنذاك غولدا مائير حركة “فتح” و”م.ت.ف” بالانتقام والرد.

وبالتالي فإنّ هذه العملية كانت ذات أبعاد وأهداف عدة لدى العدو الصهيوني، لم تنحصر فقط في تصفية القادة الشهداء انتقامًا لدورهم في عملية ميونخ، بل ولدورهم ونشاطهم الثوري المحوري المؤثر، وبهدف ضرب الوجود الفلسطيني وحضور وقوة الثورة الفلسطينية في لبنان، وتوجيه رسالة تهديد إلى الأمة العربية، وبخاصة لبنان، لثنيها عن دعم واحتضان الثورة والوجود الفلسطيني، وخلق توتر فلسطيني-لبناني كمقدمة لتصفية قضيتنا الوطنية.

وبالفعل، كانت خسارة حركة “فتح” والثورة الفلسطينية بفقدان القادة الشهداء الثلاثة جسيمة لعظيم أدوارهم السياسية والعسكرية والإعلامية ولما يمثِّلهُ كلٌّ منهم من رمز ثوري وما يملك من تأثير فاعل في مسيرة الثورة. فالشهيد أبو يوسف النجار كان من مؤسّسي حركة “فتح”، وعضوًا في تنفيذية “م.ت.ف”، ورئيسًا للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان. وبدوره كان الشهيد القائد كمال عدوان من أوائل المؤسسين لحركة “فتح” وعضوًا في لجنتها المركزية ومسؤولاً عن جهاز الإعلام وعن المهمات والأنشطة السياسية والعسكرية في الأرض المحتلة. أما الشهيد القائد كمال ناصر فكان عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وتولى رئاسة دائرة الإعلام والتوجيه القومي ومجلة فلسطين الثورة، وكان المتحدث الرسمي باسم المنظمة.

لقد ظنَّ العدو الصهيوني أنه بهذه العملية سيتمكن من إطفاء جذوة الثورة، لكن حركة “فتح” رغم المصاب الجلل والخسارة الكبيرة نهضت حينها لتؤكد أنَّ إرهاب الاحتلال وسياسات الترهيب والاغتيال والتصفية التي يمارسها لن تنجح في كبح جماح الثورة ومحو الهوية الوطنية الفلسطينية ولن تنال من إصرار حركة “فتح” على متابعة مسيرة التحدي ومقاومة الاحتلال مهما كانت التضحيات. واليوم وبعد ٤٩ عامًا على استشهاد الكمالَين والنجّار، ما زال نهج “فتح” أمانةً تتوارثها الأجيال، يتجدد قولاً وعملاً في كل يوم وفي كل ميدان ومع كل عملية بطولية يُنفذها أحد أبطالها، وفي كل ساحةٍ ومحفل سياسي ودبلوماسي تقوده “فتح” و”م.ت.ف” وقيادتنا الفلسطينية الشرعية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عبّاس.

يا شعب الجبّارين في الوطن والشتات،

إننا في الذكرى التاسعة والأربعين لاستشهاد من ضحوا بحياتهم لينيروا درب كفاحنا نجدِّدُ العهدَ والقسم باستكمال مسيرة الشهداء المؤسسين لحركة “فتح” وعلى رأسهم الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات، متمسكين بالثوابت والمبادئ والمنطلقات الوطنية، ومؤكدين أن كل سياسات الاحتلال البغيضة وممارساتِه القمعيةِ والمؤامرات التصفوية على قضيتنا ووجودنا لن تنال من إرادة وتصميم حركة تحرير وطني تستمد روحها وديمومتها من شعب جبّار لا حدود لعطائه، وستبقى المسيرة مستمرة حتى إنجاز أهداف شعبنا الوطنية في العودة والحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

والشفاء لجرحانا الميامين

والحريّة لأسرانا البواسل

وإنّها لثورةٌ حتّى النّصر والتحرير والعودة

إعلام حركة فتح – إقليم لبنان

Exit mobile version