كل يوم كتاب: مصيرنا هو مصير فلسطين

بقلم: مهند طلال الاخرس

مصيرنا هو مصير فلسطين، كتاب لنصر شمالي يقع على متن 400 صفحة من القطع المتوسط وهو من اصدارات دار المستقبل في دمشق والصادر بطبعته الاولى عام 1995.
هذا الكتاب مجموعة مقالات (39 مقال) يتناول الكاتب فيها مواضيع متنوعة تتعلق كلها بالصراع العربي الاسرائيلي، وبحيث يفرد مقالات القسم الاول (1 ولغاية 19 ، ص 5 الى 228)، للتعريف بالصهيونية واليهودية ونشأتها واهدافها وحدودها الاولية في دولة الخزر الارية، ويتطرق لتراثها الديني وتحريفاته واسبابه، ثم يسرد وبشكل موثق ومكثف اسباب قيام تلك الدولة في ذلك المكان واسباب اعتناقها اليهودية كديانة، ثم يسجل الاسباب التي ادت الى انزياح ونزوح تلك الدولة نحو الشرق الاوروبي، ثم يتناول دور اليهود في الازمات العالمية وبالذات الحرب العالمية الاولى والثانية، اضافة لدورهم المالي والربوي في خدمة القضايا التي تخصهم وتخدم الامبريالية، اضافة لتطرق الكتاب في فصله الحادي عشر لقصة غرف الغاز النازية مع التحقيق فيها وتبيان مدى زيفها وكذبها، وصولا الى عقد المؤتمر الصهيوني الاول وحيثياته وتقاطع المصالح، ونشوء الغيتو اضافة الى استفحال خطر اليهود في اوروبا بحيث اصبح الاوروبيون ينظرون اليهم كآفة اجتماعية وسرطان وجب اجتثاثه، ويورد الكاتب شواهد ودلائل واعترافات كثيرة وغنية لاثبات حقيقة ماذهب اليه خاصة في موضوع كيفية معالجة الحركة الصهيونية لملف احجام اليهود عن الهجرة الى فلسطين والوسائل التي استخدمتها الوكالة اليهودية لتنفيذ مآربها، اضافة الى استعراض نشاط الوكالة اليهودية والحركة الصهيونية في توفير سبل النجاح لمخططها الرامي لاقامة كيانهم في فلسطين، ومن جملة هذه الوسائل الضغط على الدول للتصويت لصالح قرار التقسيم، اضافة الى استعراض اوجه النشاط الصهيوني ضد سورية ولبنان ومصر والعراق، وصولا ابى ذروة الاحداث بصدور قرار التقسيم والحديث بشكل خاص عن دور الرئيس الامريكي ترومان كمؤسس للكيان الصهيوني.
في هذا الفصل يوجز لنا الكاتب تاريخ الصهيونية واليهودية بكثافة وغزارة توفر علينا مئات المراجع والمصادر، بما يشكل مدخلا معرفيا جزلا ووافرا للالمام باصل وتاريخ الصراع والعوامل المؤثرة به، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على حجم الثراء المعرفي الذي يتمتع به الكاتب وتقديمه لنا على طبق من ذهب، كل هذا بمقصد بث قيم الوعي ونشرها بين صفوف الامة، بغية امتلاك الوسائل الملائمة لمواجهة هذا السرطان(اسرائيل) القاعدة العسكرية المتقدمة للامبريالية العالمية ورأس حربتها في المنطقة العربية .
القسم الثاني ويمتد من الصفحات 229 وحتى الصفحة 298، وفيه يتناول عبر سلسلة مقالات نكبة 1948واسبابها وتداعياتها. فيتحدث عن الحروب الصليبية ويتناول اوضاع فلسطين قبل الكارثة، ويتحدث عن ابطال الامة وفلسطين، وعن تأسيس جيش الانقاذ، ويستشهد على هذه المرحلة بثلاث مذكرات رئيسية : الفريق عفيف البرزي ومذكرات عبدالله التل كارثة فلسطين، ومذكرات فوزي القاوقجي، في هذا الفصل احداث ومعلومات غنية ومزدحمة عن احداث نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948 .
القسم الثالث يمتد من 299 وحتى نهاية الكتاب، وفيه يتناول الكاتب مشاريع التسوية والحلول السلمية وارهاصاتها الكامنة ومخرجاتها البائسة والبائنة للعيان وصاحب البصر والبصيرة من حينه، يضاف اليها تسجيل سريع ومكثف لمحاصرة الغرب والصهاينة لفكرة المعرفة والحقيقة والحرص على عدم نشرها وشيوعها لتبقى الامة محاصرة تتخبط من خساراتها المتتالية حتى تنقرض وتختفي.
في الصفحة 393 والصفحة 394 يورد الكاتب خلاصة ذات قيمة تصلح لان تكون ادبية معرفية وتراثا وطنيا وثوريا ننطلق منه في مواجهة هذا السرطان تقول هذه الخلاصة: ” ان الاستنتاج الاساسي ، الذي ترتكز اليه وتدور حوله جميع الاستنتاجات الاخرى، هو ان الكيان الصهيوني ظاهرة عابرة، وحالة مؤقتة، مهما دامت. انه، في حدود ذاته، لا يستطيع ان يكون دولة، ولا وطنا، ولا شعبا. انه مجرد اداة تسلط امنية ممتازة لصالح النظام الاحتكاري العالمي، وجودها مرهون بضرورتها وبوظيفتها، اي بتبدل الشروط والمواقع والمصالح، وموازين القوى الدولية”.
هذا الكتاب يوفر على اصحاب العقول الجامدة والقاصرة مئات الابحاث وآلاف الدراسات والكتب والمصادر ، يوفر عليهم كثير من الجهد والبحث والتعبئة وتقديم القرابين لاثبات الانتماء للامة، بشرط ان لا يكونوا خونة!؟.
هذا الكتاب كصاحبه ينتمي لهذه الامة بعجرها وبجرها، ويعرف تماما مكامن القوة والضعف فيها، لكنه يستحثها على النهوض متسلحا بالوعي والمعرفة بحقائق التاريخ؛ موضحا ان هذا هو دور الامة وقدرها في التاريخ، فهذه هي دورة التاريخ الحقيقية وهذه هي مخرجاتها؛ فمصيرنا جميعا هو مصير فلسطين ، ان هلكت هلكنا، وان نجت نجونا.
هذا الكتاب بما يحتوي من محطات معرفية مكثفة وشواهد واستشهادات غنية وغزيرة وقدرته على الرؤية والتحليل وتقدير الموقف جدير بان ينال اعجابنا وان يعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة.
طوبى للمناضلين القابضين على جمر الحقيقة، المؤمنين بحتمية النصر وزوال المحتل وشيوع الحقيقة…
طوبى للكتاب والكاتب، طوبى لنصر شمالي وهو يرفع باحدى يديه شارة النصر وباليد الاخرى يشير الى الحقيقة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version