ديسانتيس هو من أطلق النار على الفلسطينيين

بقلم: باسم برهوم

كنا نعلم ان حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس من صقور الحزب الجمهوري وتياره اليميني المحافظ، وربما هو أكثر يمينية من ترامب ذاته، فهذا شأنه وشأن أميركي داخلي لا علاقة لنا به، ولكن ان يبادر بإطلاق النار على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة المعترف بها في القانون الدولي فهذا أمر نرفضه ونعتبره اعتداء علينا وسنقاومه. وحتى لو كان ديسانتيس ينافق للوبي اليهودي الداعم للحزب الجمهوري، فليس من حقه على طريقة المستعمرين، وبشكل أدق على طريقة الانجليزي بلفور، بأن يبت بمستقبل ارض الدولة الفلسطينية، العضو المراقب في الأمم المتحدة وهي بالتأكيد ليست ارضا اميركية، فهذا ليس من حقه بتاتا.

ما قاله ديسانتيس في مؤتمر التحالف اليهودي الجمهوري قبل أيام، بأن الضفة الغربية أرض متنازع عليها وليست أرضا محتلة، هي بمثابة دعوة مفتوحة لإسرائيل بضم ما تريد من الضفة اليه بالكم والكيف وفي الوقت الذي تريد، ومن الناحية العملية، فإن ما قاله حاكم فلوريدا الجمهوري اليميني هو محاولة لإخراج قضية الضفة من تحت سلطة القانون الدولي، وتشريع من جانب واحد للمستوطنات، هو استكمال لوعد بلفور الاستعماري عام 1917 ولإعلان ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل نهاية عام 2017، واعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية عام 2018.

ديسانتيس لا يغرد وحيدا في الولايات المتحدة وتحديدا في الحزب الجمهوري، فهذا الحزب اليميني المحافظ يتبنى التيار المتطرف الرواية الصهيونية بل هو أكثر حماسة لها من بعض اليهود الصهاينة وبعض اليهود الإسرائيليين أنفسهم، فهناك مجموعة المحافظين الجدد الى جانب المسيحيين الصهاينة، كما ان هناك بعدا رأسماليا، فالمعروف ان الحزب الجمهوري هو حزب الشركات الكبيرة في اميركا، ويتمتع اللوبي الإسرائيلي بنفوذ مالي كبير داخل الحزب. وفي واقع الأمر فإن هناك لقاء وتوافقا بين اليمين الصهيوني المتطرف ويمين الحزب الجمهوري المتطرف، كما يتمتع نتنياهو بنفوذ وعلاقات شخصية متشعبة داخل الحزب الجمهوري.

تاريخيا، وبالرغم انه في كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي كان هناك تأييد ودعم للصهيونية ومن ثم لإسرائيل، فإنه من المفارقات ان اوساط الحزب الديمقراطي من يساريين وليبراليين كانوا الأكثر حماسا لتأسيس إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، ولاحقا كان الرئيس الديمقراطي جون كنيدي أول من بدأ ببيع إسرائيل اسلحة اميركية في مطلع ستينيات القرن العشرين.

هذه المعادلة تغيرت مع مطلع القرن الواحد والعشرين حيث أحكم اليمين المتطرف قبضته على الحزب الجمهوري، وتبلور بين اليهود الأميركيين تياران احدهما من يسار الوسط قريب من الحزب الديمقراطي، وتيار يميني متطرف قريب من الحزب الجمهوري. والفارق بات واضحا، ففي حين يدعم الحزب الديمقراطي ومناصريه من اليهود حل الدولتين وهم أقرب الى احترام القانون الدولي بما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن يمين الحزب الجمهوري يدعم بقوة مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف. وفي توضيح أعمق فإن إدارة الرئيس الديمقراطي بايدن تعتبر ان ضم إسرائيل للضفة أو أي جزء منها هو خط أحمر، فإن حاكم فلوريدا الجمهوري ومعه اليمين المتطرف في هذا الحزب يعطي إسرائيل الحق بالضم متى تشاء، وذلك عندما يعلن بكلمات صريحة ان الضفة أرض متنازع عليها.

هناك فوارق في المواقف هي حقيقية، ولكن يبقى الموقف الأميركي بمجمله منحازا أو منحازا جدا ليس لإسرائيل وحسب بل للرواية الصهيونية ومشروعها التوسعي. لم تترك واشنطن للشعب الفلسطيني خيارا سوى مقاومة هذه السياسة الأميركية خصوصا عندما يكون في البيت الأبيض رئيس يميني متطرف، قاوم الفلسطينيون هذه السياسة على امتداد عقود وهو سيواصل مقاومتها لأنها تمثل عدوانا على حقوقه الوطنية وحقه بتقرير المصير على أرض وطنه التاريخي.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version