سيلا … سر ابتسامتي

كتبت: غادة عايش خضر

ربما هى المرة الأولى أخطو وأحلامي معاً  ، نحو قسم الولادة في احدى مشافى  غزة  ، لرؤية ما مَّن علينا به الله  من طفلةٍ جميلة رقيقة بريئة ، تُضاف الى سجل عائلتنا الفلسطينية  العريقة …

زيارة استمرت دقائق معدودة ، طبعت في القلب أجمل صورة  ، تمايلت بين أغصان الودِ  وزهورَه ، ثجيج سحاب غمر أرجاء العمر المهجورة ..  …..

مع زحام الحياة في القطاع المنكوب اقتصادياً  ، ومنهار اجتماعياً و مدمر سياسياً ،  وعن ثنايا الوطن مفصول  جغرافياً ….
ترى كمٍ هائل من  رُكاب  هذه الدنيا  التى تسير دون إنتظار أحد وإن كان من  روادِها ، شِئتَ أم أبيت فأنت مُجبر مضطر  أن تكون من رُكابها وسُيّارها …..
وان توقفت ساعة الزمن بك  أثناء  حدث معين قطع أوصالها  ، وأنت تركب قطار   جاهل ومجهول ،  لا يعرف مكان ولا زمن الوصول و النهاية في أياً من محطاتها  ….

ومع مقتطفات من الفرح اليسير  ، و مشاهد الحزن والجزع  العسير ، أنت  تسير ضمن مَسير ،  دون إدراك ماهية المصير ….
منذ عشرون عاماً وأكثر وانت تُحارب  جَمعٌ ،أولها ذاتَك  وأخرها  فؤدَاك ، وما بينهما حلم تَمرمَر ما  بين السادة والقيادة ، ومن نصّبو أنفسهم للتحدث بإسم الشعب وحق الأرض ، ومسلوبى الإرادة …. 
منذ عشرون عاماً وأنت تستيقظ على صوت القذائف  ، وتغفو على أزيز الطائرات والمدافع ، تتخللها تصريحات أبواق الفتنة  الفلسطينية ، لعنة الله عليهم ومَن خَلفُهم دَافِع…..
سنون مضت وأنت لم تعرف من أين تتلقى الصدمات و الضربات  ؟؟  منذ الساعات الأولى ما بعد  الولادة حتى الممات ، من بنى جلدتك أم من عَدوِك الغائر  العات ، أو من أدمن دوماً القات  ، دون أفق ،  دون حل ، دون وَصل  جائر  أو صلح  ونصر  آت ……
سنوات رحلت دون استئدان ، وكل فعلٍٍٍ فيها مُدان ، كسفينة تبحر لا شراع لها ولا عنوان ، يقودها الضجر بلا قبطان ، ولا  تعلم شئياً عن شاطئ النسيان ، لا تملك سُبل  إنقاذ في رحلة بَحّرية  نحو الحرية  ، كمن يخرج من غياهب الجُب صوب بئر الحرمان ، في ظل عدوان متواصل بلا انقطاع  بلا هدنة  ، وللعهد والوعد خاااان ….
ورغم كل ذلك يتبقى ما تبقى  من بقايا انسان في الحياة من حلوها  وفرحها ،  تمثل في طفلة وإن لم تكن لى يومها  ، وفى وصلها عاشق ولهان ، ابتسامتها رزق مِن الله رب الأكوان ، كلماتَها … غضبَها ….واللعب معها ينعش قلبى من بعد غيبوبة  طال أمدها  من بعد معارك مع الزمان ….
الخامس عشر من  يوليو هو بداية الفرح  وولادة المرح ، وإنهيار ناطحات الجُرح ..
الخامس عشر من تموز هو اللون الأصفر في قوس  قزح ، وحجر الأساس  في مشروع الحياة  وذاك   الصَرِح .هي الدرس المفهوم دون تفصيل أو أى   شَرِح
كل عام وانتى طفلتى ورفيقتى وسر ابتسامتى  سيلا في رعاية المولى حبيبتى ……

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version