من يسعى للسّيطرة على المُخيّمات الفلسطينيّة؟

كتب: ابراهيم ريحان

ماذا يحدث في المخيمات الفلسطينية من صراعات سياسية قد تحتدم بهدف السّيطرة عليها؟
السؤال صعد إلى الواجهة السياسية مع الزّيارة التي قامَ بها رئيس المخابرات العامّة الفلسطينيّة اللواء ماجد فرج للبنان قبل أن ينتقل إلى تركيا لملاقاة رئيس السّلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس “أبي مازن” واجتماع الأخير مع رئيس المكتب السّياسيّ لحركة حماس إسماعيل هنيّة في أنقرة يرعاية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
في المُعلن من أهداف الزيارة أنها تنسيقية وترفد عمل اللجنة اللبنانية ـ الفلسطينية لجهة تقديمات وكالة الأونروا (لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين). وهذا صحيح، لكن مصدر فلسطيني مُطلع قال لـ “أساس” إنّ “مشكلة الأونروا قائمة وجدّية لكن هناك خلافات تحت الرماد حول السيطرة السياسية والامنية على المخيمات وقد انخرطت فيها كل من حماس وحركة الجهاد الإسلامي”.
وأضاف المصدر أنه إلى كل هذا هناك في لبنان “صراع خفي” داخل اللجنة اللبنانية ـ الفلسطينية وخرج إلى العلن بفعل أمرين:
1 ـ خلاف بين رئيس اللجنة عن الجانب اللبناني الدكتور باسل الحسن، وبين السفير الفلسطيني أشرف دبور تجلت ببيان صدر عن منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية بعد اجتماعها في مقر السفارة ببيروت الاسبوع الماضي، جاء فيه رداً عالي السقف ضد “اتهامات الأونروا عن الفساد ما يعطي الدول المانحة مبرراً لعدم القيام بواجباتها المالية”، متناولاً أطرافاً من دون أن يحددها بـ “تدخلات سافرة بالشأن الفلسطيني ومحاولة تجاوز السلطة”، ليستطرد من دون أن يوضح المبرر “لجهة العزم على إعادة تقييم العلاقة مع لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني”.
2 ـ تمثل بحملة إعلامية تشهيرية طالت دبور، ورافقتها حملة موازية من التغريدات عبر وسائل التواصل الإجتماعي تحت إسم “النداء القومي”.

قال مصدر أمني لبناني رفيع لـ “أساس” أن زيارة اللواء فرج كان على جدول أعمالها كل هذه الوقائع “وبالفعل قد تناول في لقاءاته الفلسطينية واللبنانية كل هذه المشاكل”

خلاف لبناني ـ فلسطيني تحت الرماد
جوهر المُشكلة في اللجنة يتعلّق باختلاف المُقاربات الشّخصيّة لمسؤولي اللجنة الفلسطينيين واللبنانيين.
على المستوى الفلسطينيّ، قال مسؤول مُطّلع في مُنظّمة التحرير الفلسطينيّة لـ”أساس” إنّ “رئيس اللجنة باسل الحسن يطمح إلى تحويل اللجنة إلى مُمثّل للشّعب الفلسطينيّ لتحلّ مكان المُنظّمة والسّفارة كممثّل شرعيّ ووحيد للشّعب الفلسطينيّ في لبنان، وهذا خرقٌ واضح لاتفاقيّة فيينا”.
كذلك، فإنّ المُنظّمة والسّلطة الفلسطينيّة والشّعب الفلسطينيّ يحرصون على أفضل العلاقات مع لبنان الرّسمي الذي يتعامل بدوره مع مرجعيّة السّفارة ومُنظّمة التحرير، إذ “من المُستغرب أن يُحاول البعض تغيير هذه المرجعيّة” وسألت المصادر: “لمصلحة من ما يحصل في هذا الإطار؟ وهل لبنان بحاجة إلى مشاكل جديدة تُضاف إلى ما يُواجهه سيّاسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً؟”
تضمّ اللجنة بعض الذين “يُحرّضون على السّلطة الفلسطينيّة ورئيسها محمود عبّاس، في توقيت مريبٍ وحسّاس جدّاً يشهدُ اعتداءات إسرائيليّة متكرّرة في الضّفة الغربيّة، ومنها ما حصلَ أخيراً في مُخيّم جنين، وقبله في قطاع غزّة”.
يُمكن وصف ما يحصل من تجاذبٍ في هذا الملفّ أنّه نارٌ تحت الرّماد في المُخيّمات الفلسطينيّة، حيثُ تتخوّف الأجهزة الأمنيّة من انفجار الوضع فيها، إذ يعتبر جمهورٌ واسعٌ من الفلسطينيين أنّ هذا الملفّ يُشكّل “مُصادرةً لتمثيلها الشّرعيّ من لبنان إلى أروقة الأمم المُتحدة في نيويورك”.

مذكرة رسمية فلسطينية إلى الحكومة
في هذا السياق أشار مصدر أمنيّ مُطلع إلى أنّ مُذكّرة من السّفارة الفلسطينيّة وصلَت إلى السّراي الحكوميّ وقيادة الجيش ووزارة الدّاخليّة وغيرها من الأجهزة المعنيّة تتحدّث عن “تجاوزات رئيس اللجنة باسل الحسن”، وتتعاون سفارة فلسطين مع مكتب مُحاماة لمُقاضاة الحسن بتهمة القدح والذّمّ والتشهير، وذلكَ بعدما نقلت مصادر إعلاميّة ماوصفته بـ”إساءات وجّهها الحسن إلى السّفيرأشرف دبّورفي مجالس خاصّة”.
يُريدُ الفلسطينيّون أن تعودَ اللجنة إلى “الرّؤية اللبنانيّة الموحّدة لقضايا اللجوء الفلسطينيّ” التي صدَرَت عن لجنة الحوار في 2017. وقد استبشرَ المسؤولون الفلسطينيّون خيراً من تصريح باسل الحسن بعدلقاء تشاوريّ جمعه بوفد نيابيّ لبنانيّ: “اللجنة تستندُ في عملها إلى الوثيقة الأساسيّة التي أُقِرَّت في 2017، وهي الرّكيزة الأساسيّة للمسار القانوني الذي تعمل عليه اللجنة”.

تستغرب الأوساط عينها “السّقف العالي الذي رفعه بيان الفصائل، إذ اتّهمَ الجانب اللبنانيّ ضمناً بالتدخّل بالشأن الفلسطينيّ، فضلاً عن التلويح بإعادة تقويم العلاقة مع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطينيّ”

لكنّ ما شكّل مبعثَ قلق هو انطلاق حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ تحت اسم “النداء القوميّ”تناولَت السّفير الفلسطينيّ بالشّتائم و”اختلقت الشّائعات حوله”.

على المستوى اللبنانيّ
في المُقابل، تقول أوساط اللجنة اللبنانيّة – الفلسطينيّة لـ”أساس” إنّ اللجنة مُستمرّة في عملها لتحصيل “حقوق الشّعب الفلسطينيّ، وما يتعلّق بمسألة ضبط السّلاح داخل المُخيّمات وخارجها”.وتعتبر هذه الأوساط أنّ الخلاف مع مُنظّمة التحرير والسّفارة باتَ على طريق النّهاية، وفي الوقت عينه تستغرب”إصدار فصائل المُنظّمة بياناً أخرَجَ الخلاف من السّرّ إلى العلن، وما كان لذلك من ضرورة أبداً، طالما أنّ الحواركان يمضي قُدُماً”.
في هذا السّياق تستغرب الأوساط عينها “السّقف العالي الذي رفعه بيان الفصائل، إذ اتّهمَالجانب اللبنانيّ ضمناً بالتدخّل بالشأن الفلسطينيّ، فضلاً عن التلويح بإعادة تقويم العلاقة مع لجنةالحوار اللبناني – الفلسطينيّ”. وتُؤكّد في الوقت عينهالتّمسّك بـ”استراتيجية وافقَ عليها الجيش والدّولة اللبنانيّة والفصائل الفلسطينيّة”،وأنّ “اللجنة لاتحتاج إلى إذن مُسبق من أحدٍ للقاء مُكوّنات الشّعب الفلسطينيّ،إذ إنّ هُناك جهات تُريد الانفراد بملفّ أمن المُخيّمات من دون أيّ اعتبارٍ للجانب اللبنانيّ، وهذا ما يصبّ عكس مصلحة الشّعبيْن”.

الجيش اللبناني على الحياد
في هذا السياق قال مصدر أمني لبناني رفيع لـ “أساس” أن زيارة اللواء فرج كان على جدول أعمالها كل هذه الوقائع “وبالفعل قد تناول في لقاءاته الفلسطينية واللبنانية كل هذه المشاكل”، لكن ما يستوجب الوقوف عنده هو “طلب غريب أراده اللواء فرج من لبنان” بحسب المصدر “ومضمونه ضبط أي عمل فلسطيني مسلح داخل وخارج المخيمات وخصوصاَ أي دعم مالي وعسكري وتدريبي من لبنان إلى أراضي السلطة الفلسطينية ومنها غزة الخاضعة لحماس”. وقد استمع المسؤولون اللبنانيون المعنيّون في مُخابرات الجيش والأمن العام إلى وجهات نظره من دون إعطاء أية وعود.

مصادر قيادة الجيش أكّدت أنّها ستكون على الحياد في أيّ خلاف بين الفصائل الفلسطينيّة في لبنان، لكنّها في الوقت عينه أكّدت أنّ التنسيق الأمني مُستمرّ مع الأمن الوقائي الفلسطينيّ والسّلطات الرّسميّة، وأنّ أمنَ المُخيّمات هو خطٌّ أحمر بالنّسبة للقيادة.
كذلك نفت المصادر ما أشيعَ عن أنّ اللواء فرج بحثَ موضوع السّلاح خارج المُخيّمات، خصوصاً قضيّة الجبهة الشّعبيّة – القيادة العامّة في قوسايا وتلال النّاعمة.
كما سمِعَ فرج من المسؤولين اللبنانيين حقيقة الوضع الاقتصاديّ في لبنان على المستويَيْن السّياسيّ والاجتماعيّ لجهة حقوق الفلسطينيين الإنسانيّة، لكنّ هذا الكلام جاءَ مقروناً بعرض مُفصّل للواقع الاقتصادي اللبنانيّ وتصدّع قدراته لجهة احتمال موضوع اللاجئين والنّازحين.

“أساس ميديا”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version