الرئيسيةمختاراتمقالاتالثقافة الوطنية تنحسر وتخسر أمام ثقافة الانقسام كتب أ . سامي ابو...

الثقافة الوطنية تنحسر وتخسر أمام ثقافة الانقسام كتب أ . سامي ابو طير

“ما أعظم هذه الثورة فإنها ليست بندقية ولو كانت بندقية لكانت قاطعة طريق ، ولكنها نبض شاعـر و ريشة فنان و قلم كاتب و مِبضعة جراح وإبرة لفتاة تُخيط قميص فدائييها و زوجها “.

تلك المقولة العظيمة للأسطورة التاريخية الفلسطينية الشهيد الخالد ياسر عرفات رحمه الله الذي يُعتبر أحد أعظم ثوار النضال والتحرر العالمي الحديث و المعاصر، وعلى مر العصور سيبقى ياسر عرفات أسطورة للشعوب الثائرة و رمزاً للأحرار و الثوار في جميع أنحاء العالم .

تلك هي ثقافة العظماء ونظرتهم الشمولية الواسعة للثقافة الثورية والتحررية التي تصب في بوصلة الهدف الوطني المنشود كي يصلوا بقيادتهم لشعوبهم إلى بر الأمان وتحقيق أحلامهم في الحرية وبناء الأوطان .

الثقافة الوطنية الشاملة هي التي تصب في بوتقة الوطن لتحقيق الهدف المنشود لأن المطلوب من الكل الوطني أن يقاوم بطريقته الخاصة مع الاحترام الكامل لتلك الطريقة طالما أنها تصب في المصلحة الوطنية العليا .

ناهيك عن أهمية و ضرورة الثقافة التي تعتبر العصب الرئيسي للمجتمع واللبنة التكوينية الهامة له من أجل النهضة والتقدم وبناء الحضارة ، ولا غنى عنها إذا ما أراد المجتمع التقدم والازدهار وشق طريقه نحو قمم المجد والشهرة .

الثقافة المُثمرة بطبيعة الحال تحتاج إلى عوامل متعددة كي تصل بِنتاجها إلى الإبداع الذي نصبو إليه ، وأقل تلك العوامل وأهمها في نفس الوقت هي الحرية وعدم الحَجْرَ على رأي المثقف حتى يتمكن المُبدع من استخراج الطاقات الابداعية الكامنة لديه لترى النور ،وتخرج للوجود في صورة حقائق ابداعية سواء علمية أو ثقافية أو فنية حسب فكر ذلك المُثقف أو المُبدع ، وتلك الحصيلة النهائية للمثقف ستصب بالتأكيد لصالح وطنة أولا و أخيرا.

الثقافة الوطنية الفلسطينية وعبر جميع الأزمان للعقود السابقة لثورتنا الفلسطينية كان لها دورا هاما وكبيرا في الحياة النضالية الفلسطينية ضد المحتل والغاصب الإسرائيلي ، وكانت الافرازات المختلفة لتلك الثقافة ولا زالت تصب برُمتها في صالح الثورة والقضية الأم لنصل إلى رؤية الحلم الوطني واقعاً على الأرض .

أكاد أجزم بأن الثقافة بأنواعها كانت شعّارا كالوسام يُزين به صدر الفلسطيني في كل مكان ، لأن الفلسطيني أوجدته الظروف والمعاناة التي مر بها من نكبة واحتلال وتشرد ثم أتبعها مسيرة كفاح ونضال طويلة من أجل الحرية والعـودة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الظالم وإقامة دولة فلسطين المستقلة .

وتلك الظروف ألزمته بأن يكون وطنيا ثوريا مثقفا وكان له ذلك ، ولهذا شق الفلسطيني الثائر طريقه نحو الحرية و الوطن مُتسلحاً بسيف الحق والعدل والايمان بعدالة قضيته التي اّمن بها من خلال ثقافته الوطنية الراسخة منذ اّلاف السنين على أرضنا فلسطين.

بالإضافة إلى ذلك فقد كان الفلسطيني يتفاخر بديمقراطيته الوطنية بين سائر شعوب المنطقة رغم الاختلاف الأيديولوجي للحركات الوطنية التحررية التي ينتمي إليها ، والجميع يستذكر بيروت وغابة البنادق ومقولة الشهيد العظيم والخالد ياسر عرفات رحمه الله ” نختلف ونسير جنباً إلى جنب ” .

أين ما نحن فيه اليوم من تشرذم وتكميم للأفواه وتقييد بالسلاسل والأغلال لأبسط أنواع الحرية التي تتمثل في حرية الرأي والرأي الأخر من تلك الديمقراطية التي يوما ما كنا نفتخر ونعلو بها على شعوب المنطقة ؟

اليوم وفي ظل الكثير من المُتغـيرات التي مررنا ونمر بها وبالتحديد في ظل الانقسام الأسود بين شطري الوطن و الذي ألقى بظلالة السوداء على الكل الفلسطيني دون استثناء ، فإنه يتبادر إلى الأذهان سؤال في غاية الأهمية وينبغي على الكل الوطني الوقوف أمامه والاجابة علية بكل صراحة مع وضع النقاط على الحروف كي نُعيد إلى ثقافتنا بريقها الذي بات يخفت رويداً رويدا ويكاد يضمحل ويتلاشى .

وكأن ذلك التلاشي أو الاضمحلال الثقافي أصبح أمراً عاديا في ظل المعاناة التي نعيشها !

لذلك يجب على المثقفين الوطنيين الوقوف أمام تحدياتهم الوطنية عند الاجابة على هذا السؤال الذي أطرحه حرصا على ثقافتنا الوطنية وإلى ما اّلت إليه في ظل ظروف الانقسام ، من أجل العمل و الحيلولة دون المزيد من التلاشي أو الاضمحلال لتلك الثقافة التي نعـتز ونفتخر بها في كل مكان .

أين وصلت الثقافة الوطنية الفلسطينية التي تعتبر من أحد وأهم المحركات الدافعة للثورة الوطنية الفلسطينية وتعاظمها لتحقيق الحلم الفلسطيني الذي نصبو إليه ؟

لا يختلف اثنان على أن الثقافة الفلسطينية خسرت أو تراجعت كثيرا في ظل الانقسام الذي كان له تأثيراً سلبيا وبالغ الأثر على جميع نواحي الحياة الفلسطينية المختلفة ، فما بالك بالثقافة !

لا أحد يُنكر بأن ثقافة الحركة أو الفصيل وقوته على الأرض هي الثقافة السائدة في ظل الانقسام ، وأي ثقافة أخرى تبحث عن الانتشار لابد أن تخضع لتلك الثقافة الفصائلية أو تنال رضاها كي ترى النور و تنتشر ، وإلا فإن الثقافة الحُرة وصاحبها سيواجهان نار التحدي والغضب الذي ستميل كفتة بالتأكيد لصالح ثقافة الفصيل المُسيطر بالقوة ، ويكون الحُكم المؤكد على تلك الثقافة بالوأد جهاراً نهارا .

هنا بيت القصيد … كيف ستُزدهر الثقافة طالما أن سوط أو سيف القوة مُشرعاً فوق رأسها ؟ وكيف ستُزهر أزهارا وطنية ذات روائح جذابة ينحني لها الأخرون ويرفعون لها القُبعة إجلالا واحتراما ؟ وكيف ستحصد الجوائز للوطن طالما بقى سيف الحاكم مُشرعا فوق الرؤوس ؟

هل ستُزهر الثقافة في تلك الظروف ؟

لا أعتقد ذلك … وإن ازهرت فإن تلك الزهور ستكون بلا لون أو رائحة ،وهي أكثر ما تكون أزهارا عقيمة لا تُنبت عند غرسها في ثرى الوطن والذي بالتأكيد سيلفظها ثراه يوما ما .

تلك الحقيقة التي وصلت اليها ثقافتنا الوطنية و تلك الحالة المُزرية التي وصلت إليها تتمثل جلياً في معاقبة كاتب وطني لمجرد الإفصاح عن رأيه في مقالٍ ما أو قصةٍ ما ، أو روايةٍ يرويها لأحفاده وللأجيال القادمة عن وطن مسلوب من طرف الأعداء ويعيش أبنائه حيوات تختلف عن حياة البشر ، تلك الحياة … ماهي بالحياة وماهي بالموت !

وكأن تلك الحياة أشبه ما تكون بالحياة المُعلقة بين الموت والموت الذي يتخللهما موتا أخر !

“حياة معلقة” كشفت مدى الهشاشة التي نمر وتمر بها حالة ثقافتنا الوطنية ، ولكم أن تتخيلوا :-

الحال المأساوي الذي يعيشه الكاتب أو الأديب المبدع في ظل الانقسام الأسود وتأثيره على الوطن وأبنائه ، عندما يصور ذلك المبدع بقلمة الوطني الأحداث التي تترأى أمام عينيه من حروب ودمار وتهجير وموت لأبناء وطنه ثم يقوم بصياغتها بالصورة الأدبية والبلاغية ذات القيمة الجمالية ، ويقوم بإظهارها للعالم من خلال رواية أدبية يُعتبر الهدف الأساسي منها هو إظهار معاناة شعبه الذي يتعرض للحصار والقهر والمعاناة ، وإيصال صوت الشعب الفلسطيني للعالم أجمع ليساهم المُبدع بحصول شعبه على حقوقه الوطنية الكاملة وليثبت للعالم بأن الحصار والمعاناة والاحتلال لا يقهر الابداع الفلسطيني .

الحال المأساوي للثقافة هو بعد كل ذلك العناء والتعب والجهود المبذولة من طرف الكاتب من أجل أن ترى أعماله النور و الانتشار لصالح وطنه – أولا ،وحتى يفرح الكاتب قليلا ليستمد القوة على مواصلة العطاء من أجل مواصلة الابداع والتميّز من خلال ذلك الفرح الذي يراه بعيون الأخرين لنجاح الأدب الذي صاغه بقلمة الوطني – ثانيا .

الحال المأساوي للثقافة هو بعد كل ذلك العناء وتلك الجهود … يظهر الفيتو الأسود النافي لوجود العقل والمنطق ، ويقوم بالحجر والقرصنة على العقل البشري تحت عبارة مشئومه وهي ” ممنوع ” ، تلك الممنوع هي الموت للأديب والحكم عليه بالإعدام لأن “الممنوع” يحرمه من أبسط حقوقه الوطنية والثقافية .

المُصيبة في “الممنوع” أن الأديب لم يرتكب جُرما يُعاقب عليه سوى اختلاف وجهات النظر إن وجدت ، والتي صورت “للحاكم بأمره” بأن ذلك العمل الأدبي في غير صالحه ، بالرغم من أن العمل الأدبي غالباً ما يصب في صالح الوطن وهذا يكفي لرفع الممنوع وعدم وجودة من الأساس ، ولكن ماذا تفعل أمام الفيتو الأسود ؟

رواية ” حياة مُعلقة ” للأديب الفلسطيني الأخ الدكتور عاطف ابو سيف الذي صور روايته “حياة معلقة” بالحياة بين موتين ، ولن أتطرق هنا لشرح الرواية لعدم توفر نسخة منها في غـزة ،ولكن سأكتفي بشهادة الأدباء والنقاد العرب ولجنة التحكيم الدولية التي اختارت الراوية للمنافسة النهائية على الجائزة الكبرى ، وإليكم بعض مما قالوه بحق الرواية الفلسطينية حياة مُعلقة :

تعتبر الرواية بشهادة الجميع و شهادة موقع الجائزة نفسها بأنها من أفضل الروايات “وفيها نجح الروائي في تحدي السردية المُفردة حول قضية ما … بتقديم النقيض الأكثر ثراء لأنه أكثر دقة في إقناعنا بتعدد الروايات داخل المجتمع موضوع الرواية كما يفعل الكاتب في حياة معلقة ” .

” إذن رواية حياة مُعلقة تعتبر فخرا وطنيا للثقافة الفلسطينية ولا يختلف اثنان على ذلك بدليل وصولوها للعالمية مع احتمالية كبرى لفوزها بتلك الجائزة الدولية “.

“ابو سيف” كرّس جهدة خلال سنوات عديدة وصلت إلى ثماني سنوات من أجل إكمال روايته لتصل إلى العالمية ليقوم بإهدائها إلى شعبه الفلسطيني القابع تحت الحصار والمعاناة المتواصلة ،والذي يعتبر نجاحه الشخصي لروايته هو النجاح الأكبر للشعب الفلسطيني .

من أجل ذلك تعب “ابو سيف” وسهر الليالي وعندما جاء موعد قطف ثمار “حياته المعلقة” ليهدي جائزته الأغلى إلى شعبه الفلسطيني الذي يحلم معه بتحقيق الحلم الأكبر وهو إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف .

جاء موعد الحصاد ولكن الفارس الفلسطيني غاب عن الجلوس على منصة التتويج، وفارسنا لم يتغيب بإرادته فقد كانت إرادة الانقسام أكبر من إرادة وطنه المُتعطش لتلك الجائزة الثقافية الدولية للرواية العربية “البوكر” ولذلك غاب الفارس .

ذلك الغياب للكاتب أثار جدلاً ولغطاً كبيرا حول أسباب المنع وعدم الحضور للروائي ابو سيف ليعقد ندوته الأدبية مثل الأخرين ، ذلك الغياب القسري ألقى بظلاله على المعاناة التي تمر بها الثقافة ويعيشها الأدباء في غـزة على وجه التحديد .

حِرمان ابو سيف من الجلوس على مقعدة الدولي ممثلا لفلسطين جاء لأن روايته “حياة مُعلقة” نالت احترام الجميع ، ولكنها لم تنل احترام “الحاكم بأمره” الذي قام بمنع فارسنا من السفر والجلوس على مقعدة مثل الفرسان الأخرين .

علما بأن رواية حياة معلقة للدكتور عاطف ابو سيف استطاعت أن تخترق جميع الحواجز ، وأخرها التنافس الرهيب مع 180 رواية أخرى من 15 دولة عربية ، وتم تصفيتها إلى 16 رواية وذلك عندما تم الاعلان عن القائمة الطويلة للجائزة .

وبطبيعة الحال كانت رواية “ابو سيف” بن فلسطين الحبيبة في مقدمتها ، وأخيرا وصلت رواية فارسنا إلى القمة عندما تم الاعلان عن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية يوم 13 فبراير من العام الحالي ، وتم الاختيار النهائي لـ 6 روايات عربية دولية لتتنافس على حصد ونيل الجائزة.

كالعادة كان الأديب الفلسطيني و روايته “حياة معلقة” يحتلان المقدمة لتلك الاختيارات الأدبية للتنافس على نيل الجائزة الكبرى ، وهكذا تكون الرواية الفلسطينية استطاعت وتمكنت من اختراق جميع العـقبات والحـواجز إلا حاجز الانقسام فقد وقفت عاجزةً أمامه .

“نعم الرواية الفلسطينية اخترقت وتجاوزت جميع الحـواجـز إلا حاجز الانقسام الأسود لم تتمكن من اجتيازه” .

أليس ذلك الحال للثقافة يعـتبر مأساويا ؟

رغم أهمية الرواية ثقافيا وأدبيا وسياسيا إلا أنها لم تشفع لصاحبها بالجلوس على مقعدة أسوةً بأقرانه الأخرين لتمثيل بلادة و روايته ، وليتمكن من عقد ندوته الأدبية ليشرح روايته لمُحبيه ، وحتى يساهم وجودة ونقاشة الأدبي لروايته عندما تم افتتاح معرض الكتاب الدولي في المغرب من اقتناص الجائزة الكبرى فيما بعد عند الاعلان النهائي عن الفائز بالجائزة الدولية للرواية العربية “البوكر” في شهر مايو من العام الحالي وبالتحديد خلال افتتاح المعرض الدولي للكتاب في ابو ظبي .

بكل صـراحـة : ما الذي يُضير حركة حماس لو سمحت للأديب الفلسطيني “ابو سيف” من السفر ليتابع روايته الأدبية ؟ ولماذا سمحت له بالسفر بعد مرور القطار عن المحطة منذ وقت طويل ( بعد فوات الأوان ) وخصوصا عندما تدخل القيادي في حركة حماس أحمد يوسف وتوسط لدى حركته للسماح بسفر ابو سيف ؟

ألم يكن من الأجـدر لها أن تسمح له بالسفر منذ البداية ؟ خصوصا وأنه الفلسطيني الوحيد من كل بقاع الأرض الذي سيمثل أمالنا وآلامنا وهمومنا ومعاناتنا من حصار ودمار ونكبة ، ثم أن وجودة هناك كان يُثبت للعالم بأن الفلسطيني المُبدع لا ولن يتم كسره أبدا ( والاشارة الأخيرة كانت ستُصيب العدو الصهيوني في مقتل ولكن …)

ابو سيف لو تمّكن من السفر بصورة اعتيادية كان بالتأكيد ربما استطاع ايصال صوت الشعب الفلسطيني المحاصر والمظلوم والمنكوب من العدو الاسرائيلي ، وكان بالتأكيد سيقنع العالم بقوة حجته الوطنية وهموم وأماّل شعبه الفلسطيني لأنه الأديب الوطني الخارج من تحت الأنقاض والحصار والمعاناة .

ماذا سيكون شعور حركة حماس لو فازت الرواية ” حياة مُعلقة ” بالجائزة الدولية أو … ؟

بالتأكيد الرواية حصلت على بريقها المطلوب لجودتها وقيمتها الفنية الهادفة ، وحصلت على الاهتمام بها جيدا عندما كان الأدباء والنقاد يتساءلون: لماذا لم يحضر صاحب الرواية وما الأسباب التي حالت دون ذلك ؟

الاجابة على جميع الأحوال ستعود بالخير على الرواية ، وبالتأكيد ستعود بالسلب على الجهة التي منعت الروائي ابو سيف من السفر في ذلك الوقت لمتابعة روايته الأدبية .

لماذا لم تسمح له حركة حماس بالسفر ؟ وهل تلك الفرضية لم تخلد ببال من منعوه من السفر ؟

أم أن الأهم لديهم هو فقط اتخاد الفيتو “ممنوع السفر” حتى يبقى المثقف والأديب الذي يحمل هموم واّلاّم شعبه محاصرا داخل السجن الأكبر ، وأصحاب الفيتو يقفون في الركن البعيد من الوطن؟

أليس ذلك عجيباً وغريباً أن يكون ذلك الفيتو في نفس الوقت ونحن نطالب ونستجدي العالم من أجل فك الحصار و رفع الظلم عن شعبنا الفلسطيني في غـزة ؟

أليس ذلك يدعو للاستغراب والتعجب بالبحث عن سبب مقنع واحد فقط يدعو لتبرير ذلك الفيتو على المثقف الوطني ؟

الغريب في الأمر هو السكوت الذي يكاد يكون مُطبقاً من الفئة المثقفة الفلسطينية على ما حدث من منع لصاحب الرواية من السفر ( لأن الروائي والكاتب هنا لا يمثل نفسه فقط بل يمثل الكل الفلسطيني وإنجازه الوطني لأبناء فلسطين عموما ) سواء وزارة الثقافة الفلسطينية أو اتحاد الأدباء والكتاب الفلسطينيين وحتى الأخوة الكُتاب إلا قليلا منهم ممن قام بواجبة اتجاه ذلك ، وكأن الأمر شيء عاديا للغاية رغم خطورته الكبرى على الثقافة.

وهنا أين اتحاد الكُتاب والأدباء الفلسطيني مما حدث أو سيحدث للكُتاب الوطنيين؟ وللعلم فإن الاتحاد يتخذ شعارا وطنيا له هو “بالدم نكتب فلسطين”.

ولهذا يجب تفعيل ذلك الاتحاد بصورة جيدة كما يجب نفض الغبار الذي اعتراه به بسبب الانقسام ليقف الاتحاد أمام مسئولياته الوطنية ويدافع عن أبنائه الذين لا حول لهم ولا قوة .

عموما أؤكد بأن التخاذل لن يُفيد فلسطين الحبيبة في أي شيء أبدا …

كان يجب على الكل الوطني الوقوف أمام مسئولياته وخصوصا الجهات المختصة الرسمية ذات العلاقة من أجل توفير ظروف أفضل أمام الروائي والأديب الدكتور عاطف ابو سيف من أجل التواجد في ذلك العرس الثقافي الدولي من أجل فلسطين ، وخصوصا وأن الرواية هي الوحيدة فلسطينيا وتنافس على الجائزة الدولية الكبرى.

الحقيقة المُـرة هي أن الانقسام الأسود ألقى بظلاله السوداء على كل ما هو جميل في الوطن ،ولم تسلم الثقافة الوطنية من تلك الظِلال ذات العواقب الوخيمة التي أثرت عليها بشكل سلبي بالغ الخطورة ،وتُنذر بخفوت نجمها الأدبي واضمحلال بريقها الابـداعي لأن الأقلام الوطنية ترتعش بين أصابع المبدعين الذين لا حول لهم ولا قوة أمام الحاكم بأمره .

كل ما أخشاه على ثقافتنا الوطنية هو العودة للكتابة على ألسنة الحيوان والطير مثلما كان يحدث قديما خوفا من غضب الحاكم المُتسلط بقوة الدكتاتورية المقيتة ، وعندئذٍ قولوا على الدنيا السلامة وأعلموا أن الثقافة مدفـونة وموءودة تحت سنابك الـ ….

أخيرا أتمنى الفـوز لرواياتنا الفلسطينية “حياة مُعلقة” بالجائزة الكبرى من أجل فلسطين ،وكما أتمنى من الكل الفلسطيني الالتفاف حول راية فلسطين الواحدة من خلال التثبت بتحقيق وحدة وطنية حقيقية من أجل إنهاء الاحتلال للشعب الفلسطيني وإقامة دولة فلسطين الحبيبة وعاصمتها القدس الشريف .

كاتب ومحلل سياسي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا