الرئيسيةتقاريرملف/دراسةترجمات: الأسباب السبعة التي تمنع إيران من القتال لأجل حماس

ترجمات: الأسباب السبعة التي تمنع إيران من القتال لأجل حماس

ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم

الأسباب السبعة التي تمنع إيران من القتال لأجل حماس

The 7 Reasons Iran Won’t Fight for Hamas

مجلة فورين بوليسي الأمريكيّة

في هذا المقال، يعتقد الباحث، آراش رايزينجاد، وهو زميل زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، بأنّ إيران لن تقاتل نيابة عن حماس في إطار الحرب الإسرائيليّة الحاليّة على قطاع غزّة، محاججا بسبعة أسباب رئيسيّة. فيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:

منذ اندلاعها، اُعتبرت الحرب في غزة مؤشرا قد ينذر بنزاع مباشر بين إيران وإسرائيل؛ إذ يواصل حزب الله تهديده بفتح جبهة جديدة في الحرب، كما رحّب المتشددون الإيرانيون بتدخل بلادهم المباشر، كما تحدّث وزير الخارجية الإيراني السابق، جواد ظريف، خلال الشهر المنصرم عن رسالة كتبها مسؤولون متشددون إلى المرشد الأعلى لإيران في محاولة لإقناعه بالانخراط في الصراع مع إسرائيل نيابة عن حماس.

مع ذلك، تظلّ احتمالية نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق منخفضة. على الرغم من الشعارات التي يرددها المتشددون الإيرانيون، فإن واقع التفكير الاستراتيجي الإيراني أكثر حذرا، وهناك على الأقل سبعة أسباب تجعل طهران تعمل على تجنّب الشروع في حرب مع إسرائيل نيابة عن حماس.

أولا، لا يمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية حشد المجتمع للمشاركة في حرب جديدة كما فعلت خلال الحرب مع العراق في الثمانينيات، حيث كانت الحشود الشعبيّة متراصّة، من بين عوامل أخرى، في مقاومة الجيش العراقي وأجبرت بغداد على الانسحاب من الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، بعد عقود عديدة، تراجع دعم المجتمع للنظام السياسي بشكل كبير، وازداد الاستياء بين الشباب والطبقة الوسطى في المدن بعد احتجاجات العام الماضي، جنبا إلى جنب مع الأزمة الاقتصادية الناتجة جزئيا عن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة.

ثانيا، حذّر التيّار المعتدل في الحكومة الإيرانية من التدخل المباشر لإيران في الحرب. في الواقع، عمقت الحرب في غزة الانقسامات السياسية في طهران، إذ أنّه في تقييم التهديد من وجهة نظر المتشددين الإيرانيين، يرتبط تدمير حماس تلقائيا بالانهيار اللاحق لحزب الله وفي نهاية المطاف هجوم عسكري على إيران. لهذا السبب، يدعمون استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا من قبل وكلاء إيران الشيعة. هذا الرأي يتناقض بشكل صارخ مع رأي المسؤولين المعتدلين، وخاصة ظريف، الذي حذر باستمرار من العواقب الهدامة لتورط إيران المحتمل في حرب مع الولايات المتحدة. وفقا لظريف، إذا اتخذت إيران موقفا أكثر تطرفا تجاه غزة، فقد يؤدي ذلك إلى نشوب صراع مميت مع الولايات المتحدة، وهو أمر ترحب به إسرائيل. وعلى الرغم من تهميشه من قبل حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لا يزال ظريف يحتفظ بتأثير كبير لدى النخب السياسية للجمهورية الإسلامية وحتى مجتمعها.

ثالثا، لا يغير الفشل الظاهر لإسرائيل في ردع هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من الحسابات الاستراتيجية لطهران تجاه إسرائيل. على الرغم من اعتماد إسرائيل على تقنيات دفاعية متطورة مثل نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية، إلا أن حماس وجهت ضربة عسكرية واستخباراتية كبيرة ضدها، مما أدى إلى تحطيم سياستها الردعية. ولكن ذلك لا يغير من وجهة نظر إيران تجاه إسرائيل أو ديناميكيات القوى في المنطقة. على الرغم من أن عملية حماس أزعجت استراتيجية الردع الموثوقة التي طال أمدها في إسرائيل، إلا أنها لا توفر لإيران الفرصة لتحدي إسرائيل باستخدام القوة الصاروخية. على العكس من ذلك، قد تعتقد إيران أن إسرائيل تشعر أن إعادة تأسيس الردع هي أولوية وجودية تستحق اتخاذ مخاطر عسكرية أو سياسية غير اعتيادية.

رابعا، على عكس المقولة التقليدية، لا حماس ولا حتى حزب الله هما وكيلان لإيران؛ بل من الأدق التفكير بهما كحلفاء غير دوليين لإيران، فلا توجد علاقة تبعية بين طهران وحماس، حتى عندما تتوافق حماس في أفعالها مع إيران، قد تختلف معها في النهج، كما حدث بشكل ملحوظ خلال الحرب الأهلية السورية عندما دعمت حماس المتمردين المعارضين للأسد. كما ادّعت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أن كبار المسؤولين الإيرانيين لم يكونوا على علم بعملية حماس. وفي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، زعمت رويترز أن المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، أخبر إسماعيل هنية، رئيس حماس، بأنه بما أن الحكومة الإيرانية لم تحصل على تحذير مسبق بخصوص الهجوم على إسرائيل، فلن تدخل بلاده الحرب نيابة عن الفصيل الفلسطيني.

خامسا، لم يعلن الشركاء الاستراتيجيون لإيران في موسكو وبكين دعمهم الكامل لحماس. كما تسعى إيران إلى التوافق مع الصين وروسيا في إطار سياستها “التوجه شرقا” ولن ترغب في إفساد علاقاتها مع تلك الدول. تتبع طهران في الواقع سياسة مماثلة في غزة للنهج “الانتظاري” الذي اتبعته كلّ من الصين وروسيا تجاه سيطرة طالبان على كابول منذ عامين، فالهدف بالنسبة إلى إيران هو تجنب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى.

سادسا، يوجد اعتقاد عميق بين صانعي القرار المؤثرين في إيران بأن حكومات الخليج العربي سترحّب بحرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل، وقد تأمل إيران أن تقطع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل نتيجة لحرب أوسع، ولكن هذا غير محتمل، إذ أنّ الرأي العام العربي ليس له تأثير كبير على سياسات دولهم الخارجية. وقد اعتبر القادة العرب حماس لفترة طويلة وكيلا إيرانيا مزعجا يسرّهم أن تقوم إسرائيل بتفكيكه مرة واحدة وإلى الأبد.

آخر وأهم عامل يؤثر على التردد الظاهر لإيران في الانخراط بالحرب هو وجهة نظر خامنئي الخاصة تجاه النزاعات الإقليمية. على عكس الرأي السائد في الغرب، يتبنى المرشد الأعلى لإيران استجابات للنزاعات الإقليمية من منظور واقعي بدلا من وجهة نظر أيديولوجية. وبما أنه تولى رئاسة الجمهورية الإسلامية خلال الحرب المدمرة مع العراق، فهو يدرك تماما عواقب الحرب، خاصة مع الولايات المتحدة. أدى هذا الوعي إلى اختيار إيران لاستجابة متزنة نسبيا عقب اغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لقوة القدس التابعة للحرس الثوري الإسلامي. هذا السلوك يتماشى مع استراتيجيته العامة في التعامل مع الأزمات الإقليمية. وقبل أكثر من عقدين، عندما قُتل دبلوماسيون إيرانيون في شمال أفغانستان على يد الإمارة الطالبانية الأولى ومال الرأي العام في إيران بشدة نحو تدخل كبير، ساعد خامنئي وحسن روحاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، في منع التصعيد.

هذه الأسباب السبعة المترابطة تفسر تردد الجمهورية الإسلامية في الانخراط في الحرب نيابة عن حماس. قد تسرع الحرب في غزة من البرنامج النووي الإيراني، وهناك أصوات قوية في إيران، تنتمي بشكل رئيسي إلى المعسكر المتشدد، تجادل بأن أهم أداة للبلاد لمنع تدمير حماس تتوقف على قرارها بمتابعة القدرات النووية بشكل كامل. يعتقدون أن الورقة الرابحة لإيران تكمن في تهديدها بتطوير أسلحة نووية، مع إظهار دعم حيوي لحلفائها – مشابها لدعمها السابق لحكومة الأسد في سوريا. واكتسب هذا المنطق زخما كبيرا عندما دعا وزير التراث القومي الإسرائيلي اليميني أميخاي إيلياهو إلى إسقاط “نوع من القنبلة الذرية” على قطاع غزة “لقتل الجميع” كخيار.

كل هذا لا يعني أن إيران على استعداد للتخلي عن حماس، حليفتها الاستراتيجية في غزة. وبدلا من الوقوف مكتوفة الأيدي، من المرجح أن تواصل طهران ممارسة الضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة – من خلال حزب الله ووكلائها الشيعة في العراق وسوريا – دون تصعيد النزاع إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.

للتحميل اضغط هنا

المصدر: مركز الابحاث بمنظمة التحرير الفلسطينية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا