الرئيسيةتقاريرملف/دراسةالمخدرات المهجّنة في فلسطين

المخدرات المهجّنة في فلسطين

كتب: الدكتور خالد ابو ظاهر
جامعة الاستقلال

المخدرات المهجنة – هي مخدرات تمتاز تركيبتها الكيماوية بانها غيرمدرجة في قوائم وتصنيفات المواد الممنوعه الداخلة في تصنيع المخدرات، و تمتاز بتركيز الفعالية وان تأثيراتها تفوق المواد المخدرة التقليدية عدة أضعاف، وهذا ما اثبتته دراسة علمية في دولة الامارات العربية ، حيث أكدت الدراسة أن تأثير تلك المركبات الكيماوية يفوق الـ40 ضعفاً المخدرات التقليدية ، عدا عن أن صناعها يتفننون بتغيير تركيبتها الكيميائية كل فترة، للتحايل على القانون وإعطائها الشرعية لمدة من الوقت قبل أن تكتشفها الجهات المعنية وتحلل مركباتها فتسن قانوناً بتحريمها وتجريم مروجيها وكلما أدرجت مادة على قوائم المواد المصنفة بأنها ممنوعة، يبرع تجار المخدرات في البحث عن مواد غير ممنوعة للوصول لتركيبة كيماوية جديدة .
وفي محاولة لخداع الشباب الفلسطيني وتضليله وتشجيعه على تعاطي المخدرات المهجنة ، يقوم التجار بتسويقها في الوقت الحالي على انها مخدرات طبيعية وتحت مسميات مختلفة مثل مستر نايس، جوكسي سموكرز، هايدرو، مبسوطون، العالم كله ملكك، بيث بلو، جرين ماجيك، هرتسل يعطيك أجنحة، بطعم البطيخ أو الفانيلا، يقول جويحان في ورقة أعدتها مؤسسته عن الموضوع، بأن كل تلك الاسماء لأنواع مختلفة من هذه المخدرات المتداولة في مناطق القدس الشرقية، بأحجام عشرة غرامات أو خمسة، جميع هذه الانواع مغلفة بطريقة جميلة ومغرية، ويكتب على الغلاف بالإضافة إلى اسمها ورقم الاصدار، (100% قانونية) بشكل بارز وواضح، لكونها لا تحتوي على أي مركب تقليدي ممنوع حسب لوائح المخدرات العالمية، وعلى الطرف الآخر من الغلاف، يكتب “18+”، أي انها تباع لمن هم فوق الثامنة عشر عاما، مع العلم أن العديد من متعاطيها هم أقل من ذلك، في تلك المخدرات هنالك عبوات 5 غرامات تباع بسعر 60 شيكلا وتحصل على 2 غرام هدية “عرض”، وهناك عبوات 10 غرامات تباع بسعر 100 شيكلا وتحصل على ثلاثة غرامات مجانية.
تباع هذه المخدرات لعدة فئات من المجتمع” السيدات والأطفال والرجال” حيث يتم انتقاء صور على أغلفة أكياس المخدرات مثيرة للعواطف فـ للرجال يستخدم “شعار مرسيدس” و “BMW” لإيهام الرجل بدور المخدر في زيادة القوة الجنسية، بالإضافة إلى شخصيات السنافر أو العلكة للفتيان للإيحاء بأنها تزيد التركيز والانتباه في الصفوف، وللسيدات فيتم اغراءهم بعقاقير التنحيف من خلال أعراض سدّ الشهية وزيادة الحركة ما يوقعهم في فخ الادمان.
ويتم تحضيرهذه المخدرات المهجنة بطرق مختلفة ومنها باستخدام نباتات محلية تخلط او ترش بمواد كيماوية بغرض مضاعفة التأثير، ومثال ذلك :
1- مخدر النايس جاي الذي هو عبارة عن نباتات عشبية مثل السيلفيا (الميرمية) اوالدميانا او ورق التبغ، يتم رشها بمواد مثل سموم الفئران او مبيدات حشرية مثل K300 اوبمواد كيماوية خطيرة أخرى مثل الإيثر والأسيتون، ويتم تسويقها على شكل أعشاب للبخور وللتدخين بالسجائر او بواسطة النرجيلة وعملياً فإن هذه المواد غالباً ما تكون قوية بتأثيرها وتؤدي إلى الإدمان أكثر من الماريجوانا المعروفة بعدة مرات ، ومن يتعاطى هذه المخدرات المهجنة كمن يستنشق مبيد الحشرات، ويبدا يشعر بالدوخة والسطلان،وغياب الوعي.
2- مخدر مبسوطون الذي يباع على شكل حبوب وكبسولات تحتوي على مسحوق ابيض عبارة عن منشطات ، يشعر المتعاطي بعد تناولها بالبهجة والسعادة والانبساط والقوة والتحفيز الجنسي .
وحول سبب اتجاه الشباب للمخدرات من البداية، يشرح المرشد في الوقاية من المخدرات والتدريب المهني في مؤسسة كاريتاس علاء خروب، أن ذلك يعود لتفسيرين:
الأول: بأن معلومات مضللة تنطلي عليهم بأن المخدرات تحقق المتعة والنشوة او السعادة الوهمية، أو النشاط واليقظة والإحساس المرغوب فيه.
الثاني: ايمانهم بخرافة أن تلك العقاقير تساعدهم على الهروب من الألم، الاحباط والخجل والضغوط الاقتصادية والعاطفية.
ومن الاسباب التي تشجع على تعاطي المخدرات المهجنة ، شرطة الاحتلال الاسرائيلي التي منعت قوى الامن الفلسطينية وخاصة عناصر إدارة مكافحة المخدرات من دخول مناطق واحياء القدس المحتلة والمناطق التي يطلق عليها (مناطق جيم او C) وغيرها من الاحياء العربية للقيام بواجبها في محاربة أفة المخدرات .
ويتميز هذا النوع من المخدرات برخص ثمنه وتوافر مواده الأساسية بشكل قانوني، لان لهذه المواد استخدامات شرعية عديدة مثل النباتات العشبية الطبية وسموم الفئران والمبيدات الحشرية، وان هذه المواد غير مدرجة في قوائم وتصنيفات المواد الداخلة في تصنيع المخدرات.
وقد اكدت الابحاث والدراسات والتحاليل المختلفة ان مستوى تاثير المواد الكيمياوية المستخرجة من المخدرات المهجنة أقوى بكثيرمن تأثير المخدرات المستخرجة من النباتات، وخصوصا على الجهاز العصبي المركزي .
وترافق رواج المخدرات المهجنة او المخدرات المركبة كيماوياً بوجه خاص ، مع التنامي العام لتعاطي المخدرات والإدمان عليها وازدياد معدلات انتشارها، و أكثر المناطق سخونة في موضوع الترويج والتعاطي والتجارة من المواد المخدرة، هي غالباً ما تكون في المناطق المصنفة(جيم او C) مثل مدينة القدس وضواحيها، بسبب الاحتكاك المباشر مع إلاسرائيلين، ولكونها منطقة مفتوحة بالنسبة لإسرائيل، وبالتالي تجار المخدرات والعصابات الإجرامية التي تعمل في المخدرات تتنقل بيسر وسهولة ما بين اللد والرملة وغيرها من المدن داخل الخط الأخضر وما بين القدس وضواحيها. كذلك المنطقة المعروفة باسم ( H2) في الخليل، والتي تعد أكثر المناطق داخل أراضي الضفة الغربية التي يتم الترويج فيها للمخدرات، نظراً لأن الجزء الجنوبي من المدينة يقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، ولكون تلك المنطقة محاذية لمنطقة بئر السبع القريبة من سيناء، التي تعد مصدرا واضحا لعمليات تهريب المخدرات بكافة انواعها لدخول الأراضي الفلسطينية.
و بينت الإحصائيات والنسب التفصيلية أن الشريحة والفئة الأكثر إقبالاً على المخدرات والإدمان في فلسطين ممن تم ضبطهم ، هي الفئة العمرية ما بين 21-30 عاماً ، وأن النسبة الأكبر بحسب المهنة تعود للعمال، وأن غالبية المضبوطين من ذوي المستويات التعليمية المنخفضة، بحسب ما أظهرته نسب المؤهل العلمي، أما العنوان المفصل فقد كان يشير إلى أن غالبية المضبوطين من بلدة أو قرية، وأن أكثر من نصف المضبوطين هم من غير المتزوجين، فيما ثبت أن من أبرز أماكن التوزيع كانت في محافظتي القدس و الخليل.
ان النمو في أعداد المتعاطين أو المدمنين، رافقه زيادة في عدد الكميات المضبوطة من المخدرات المهجنة ، حيث تلجأ الجهات الرسمية لإجراء الفحوص المخبرية الضرورية على العينات بهدف التوصل إلى معرفتها ووصف لطبيعتها، في مختبرات الشرطة الجنائية وهنا تبرز مشكلة متعلقة بتركيبة المخدرات الكيماوية، لان خطورتها تكمن في كونها لم تخضع لدراسات واختبارات تحدد تأثيراتها النفسية والجسدية، كذلك لم يمض على استعمالها وقت كافٍ لتحديد الآثار بعيدة الأمد، وقد تكون خطورتها أكبر بكثير مما يراه المتعاطون لها.
وكلما ازداد الغش في المواد وإضافة مواد أخرى جديدة، كلما أدى إلى تعريض المتعاطي لمخاطر صحية إضافية واضطرابات نفسية ، ورغم ذلك فالشرطة الفلسطينة وخاصة ادارة مكافحة المخدرات وكوادر المختبرات الجنائية يبذلون جهداً جباراً في بحثهم واتصالاتهم مع مراكز أبحاث جامعات عربية وأمريكية، للاستفادة من خبرتهم وتجربتهم ، الأمر الذي يساهم في معرفة طبيعة المكونات الاساسية للمخدرات المهجنة ومعرفة مستوى التأثير والضرر على الإجسام، كمستوى التأثير على الكبد وخلايا الدماغ وعلى أعضاء ووظائف الجسم المختلفة، ليكون هناك تجريم حقيقي أمام القضاء لهذه المواد، وان انتشار وتداول المخدرات المهجنةً بشكل كبير، يبرز أهمية التطبيق الصارم لقانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 18 لسنة 2015 بشان مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ، لتجريم ومعاقبة المتاجرين، للحد من انتشار هذه الظاهرة .
ان رواج المخدرات المهجنة اوالمركبة كيماوياً بوجه خاص في القدس المحتلة وضواحيها ترافق مع التنامي العام لتعاطي المخدرات وإدمانها وازدياد معدلات انتشارها في الضفة الغربية، إذ تشير دراسة للمعهد الوطني التابع لوزارة الصحة الفلسطينية، إلى أن عدد متعاطي المخدرات (بما فيها القدس وضواحيها) بلغ 80 ألف متعاطٍ ، في حين زاد عدد المتعاطين بشكل خطر (المدمنين) على 26500 مدمن، مع ملاحظة الزيادة في نسبة الإناث المتعاطيات، منهم 16453 شخصاً في الضفة الغربية، بينهم 1118 شخصاً من متعاطي المخدرات بشكل خطر عن طريق الحقن، فيما تشير إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عدد المدمنين في مدينة القدس وحدها، يعادل ثلث عدد المدمنين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وتفيد التقارير الصحية العالمية المتعلقة بالإدمان على المخدرات المهجنة ، بأعراض جانبية خطيرة جداً وأمراض نفسية وعصبية وذهنية قد تصيب من يتعاطها بعد الدقائق الأولى، حيث يظهر على الكثير منهم ردود فعل عصبية، وقد تصل إلى الانتحار أو الموت أو التحويل إلى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية.
وأضافت تلك التقارير بأن تعاطي هذه المواد يؤدي الى الادمان عليها كباقي المخدرات التقليدية، فهي ذات خواص إدمانية تؤدي الى التغير في سلوك ونمط تفكير وأسلوب حياة الشخص، مما يؤدي الى خلق شخصية جديدة للمتعاطي تختلف تماماً عن قبل التعاطي، حتى بالنسبة لأقرب الأشخاص اليه، كما هو الحال في الإدمان التقليدي، قد يحتاج الى زيادة الجرعة، كما قد يتوقف عن الدراسة او العمل، وفي الكثير من الحالات قد يتجه الى اعمال غير قانونية للحصول على المال.
أما عن أضرار وعوارض ادمان هذا النوع من المخدرات فتكون كالتالي:
1- تاثيرات جسدية: دوخة، تقيؤ، عرق، ارهاق، تعب، دوران، رعشة، وجع رأس، تسارع في نبض القلب وضغط الدم، صعوبات في التنفس وأوجاع بالصدر.
2-تأثيرات نفسية: خوف، رعب، ضياع، عدم هدوء، كوابيس ليلية، اوهام وتخيلات غير واقعية، عنف، نوبات صرع.
أن توعية الشباب الفلسطيني دينيًا وأسريًا وإعلاميًا بأضرار المخدرات بشكل عام ، هو المدخل الملائم في محاولة لوقف اثار المخدرات المدمرة.
توصيات :
1- الشرطة الفلسطينية مطالبة بالاهتمام بالمواطن الفلسطيني أينما وجد وخاصة المقدسي وتقديم كل الدعم له عن طريق تطوير العلاقة ما بين جهازالشرطة ومؤسسات المجتمع المدني في مجالات التوعية والتثقيف بمخاطر المخدرات بشكل عام والمخدرات المهجنة بشكل خاص ، والعلاج لمدمني المخدرات والاستعانة بالاسرة ودور العبادة والمدارس والجامعات و مؤسسات المجتمع المختلفة ووسائل الاعلام المختلفة وغيرها من الوسائل المتاحة في جميع الأماكن لتقديم التوعية اللازمة والضرورية وكذلك تقديم المعلومات الصحيحة عن المخدرات المختلفة .
2- الحكومة الفلسطينية مطالبة بتحمل مسؤولياتها والضغط على الجانب الاسرائيلي لمنح قوات الشرطة الصلاحية للوصول والتواجد في مناطق جيم او C دون معيقات أو قيود لمكافحة جريمة انتشار المخدرات تعاطيا وترويجا و زراعة وصناعة وفرض سيادة القانون، وكذلك ضرورة منح الجهات المختصة الولاية القانونية الشخصية على حملة الهوية الاسرائيلية وحملة هوية القدس الزرقاء الذين يقومون بمخالفات جنائية بما فيها الاتجار بالمخدرات و زراعتها وصناعتها في الاراضي الفلسطيني.
3- تطوير قدرات الشرطة الفلسطينية في ملاحقة تجار ومروجي ومنتجي المخدرات من خلال توفير الامكانيات البشرية و المادية لمراكز الشرطة الموجودة في المناطق الريفية.
4- تطوير مختبرات الادلة الجنائية الحكومية وتوفير جميع الامكانات المادية والبشرية الضرورية لقيامها بواجبها .

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا