الرئيسيةأخبارفتححوار الحلم بين الشهيد ابو حسن سلامة وابو الطيب (الحلقة الاولى)

حوار الحلم بين الشهيد ابو حسن سلامة وابو الطيب (الحلقة الاولى)

يتكرر السؤال من وقت لآخر ، حول مصير جهاز ال 17 ، ليس فقط ، تساؤل يُطرح ممن يسمى الجيل القديم أو الحرس القديم ، بل ، هناك قراء مواظبون على قراءة التاريخ بشكل عميق لا سياحياً ، وتحولت مع الوقت قراءتهم إلى أسئلة ، اجتمعت في نهاية المطاف ، في سؤال واحد ، لماذا ، كانت النتيجة بهذا الشكل ، وقد يتقدم شخص أخر ، ويطرح سؤال بهذا الشكل ، لو جاء أبوحسن سلامة في منامك يا ابو طيب ، ماذا ستقول له عن مصير جهاز 17 ونهايته!! ، ألم تكن ، أمانة ، في الحقيقة هي كذلك ، ورغم أن الموت ، قطع حبل التواصل بيننا ، إلا أن هناك حقيقة ، أحتفظ بها لنفسي ، بأن الرجل لم يفارقني في أغلب حياتي ، فهو زائر دائم في عتمتي ، يطل من حين لآخر ، بطوله المشهود وجهامته ، يقف بين الهواء ، فأشعر به كما استشعر الهواء ، وفي أحد المرات ، تساءل عن سبب همي الدائم ، ومن هنا ومن هذا التساؤل ، ابتدأ حوارنا المثقل ، الذي يجعلني أغبط أبو حسن على استشهاده ، وأتأمل ، حكمة القدر على معاقبتي ، عندما اختار لي البقاء .

أبو حسن : ألاحظ يا ابو الطيب أنك على الدوام مهموم ؟
ابو الطيب : وكيف لمثلي أن يكون غير ذلك .
أبوحسن: أعرف بأن الحِمل ثقيل ، والمهام كبيرة ، فجهاز مثل ال 17 ، تنوء جبال عن حمله . كيف أصبح اليوم ، بالتأكيد ، شهد تطوراً وانخرط به جيل جديد .
أبو الطيب : بالتأكيد إنه شهد تطوراً حتى أنه من شدة التطور ، قد تبخر .
أبو حسن: كيف علي الزئبق استشهد، ومصطفى الطيب استشهد..
خالد الجزائري.. استشهد، نزيه الضبع.. استشهد، مفيد المصري.. استشهد، أبو فارس.. استشهد، أبو محمد الداية.. استشهد، أبو النور.. استشهد.
أبو الطيب: القائمة تطول ، من الأفضل أن تسألني عن من تبقى على قيد العيش ، المنتزعة منه روح الحياة لأنك إذا استمريت بالسؤال عن الشهداء فإننا نحتاج لعشرات الأوراق، أما إذا عن الأحياء فقط فقد نحتاج لبعض الأسطر.

ابو حسن وفتح ماذا حصل بها؟!
لم يبق واحد من فتح الألف وتسعمائة وخمسة وستون سوى الاسم وتاريخ طويل من النضال والتضحيات، يتغنى به أبناء الحركة ويحاولون الذود به عن أنفسهم وعن حركتهم التي هجرت الكفاح المسلح منذ زمن بعيد ، وجففت ينابيع الفتح الأولى منذ ولجت اوسلوستان. ، وجرم قادتها من مهندسي عملية سلام أوسلو وأخواتها، المقاومة وكافة أشكالها و التي على أساسها انطلقت حركة فتح ، وبها آمنت وبها عملت. لكن شتان ما بين فتح التي كانت فتحا مبينا وفتح التي صارت حزب سلطة..

كانت حركة فتح البادئة بالإعلان عن ولادتها كتنظيم فلسطيني يؤمن بالكفاح المسلح وسيلة وحيدة لتحرير فلسطين ، قبل أن تتحول فتح في النهاية مع رئيسها محمود عباس إلى مؤمنة بالمفاوضات وعملية السلام خيارا وحيدا لاستعادة ولو جزء صغير من أرض فلسطين التاريخية ، جزء أصغر مما جاء في البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
أما فيما يخص الكفاح المسلح فقد تخلت عنه فتح عمليا وميدانيا وتسألني عن ال17 فلم يبق من هذه الأذرع لقوات العاصفة أي وجود رغم أنه تم تفكيك كتائب شهداء الأقصى الذي كان يعتبر الذراع المسلح لفتح، هذه الظاهرة الشريفة التي برزت وظهرت في الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) سنة 2000 ، التي شكلت بريق أمل لاستعادة فتح لفهدها الأسود ، ولعاصفتها المغدورة ، ولقطاعها الغربي المقموع، ولدورها ومكانتها في الكفاح المسلح والشعبي الفلسطيني، لذا قضت السلطة بعد وصولها بشكل هادئ على مجموعات الفهد الأسود ، وبقايا القطاع الغربي التي كان يتبع تنظيم الأرض المحتلة وبطريقة فيها كثير من العار مع كتائب شهداء الأقصى، حلت ووزعت قوات ال17 ولم يبق لها أي وجود.
لكن ، من الممكن أن تطرب مسامعك بخبر يسر الخاطر في ظل هذا الانحطاط والانحدار الذي وصلنا له ، فهناك بعض الرياضيين / على الأخص ، لاعبي كرة قدم ، عز عليهم المصير الذي آلت إليه قوات ال17 ، فقاموا بكتابة رقم 17 على قمصانهم كنوع من الترميز والعرفان لماضي يأبى الحاضر الاعتراف به .
أبو حسن: ما الذي أوصل فتح لكل هذا التراجع؟
فتح هي الأساس ، وهي الأداة ، هي العنوان ، وهي البرنامج ، هي الإنسان المكون على الوعي وعلى الحقيقة وعلى المستقبل، فتح لنفسها حزب طليعي، ولغيرها هي ائتلاف جبهوي، تتسع حالة الشراكة فيه ومعه، لتشمل المستقلين واليسار الفلسطيني والتيار القومي، وكافة المؤمنين التقاة من المسلمين والمسيحيين، ولأنها كذلك حققت الانتصار، ولما اختلت معادلة الانتصار الرباعية بين صفوفها ولدى بعض قياداتها تعرضت فتح للهزائم والانتكاسات سواء في الانتخابات البلدية عام 2005، أو في الانتخابات البرلمانية عام 2006، وأمام الانقلاب الحمساوي الدموي عام 2007، وفشلها في استعادة غزة ولا تزال.
الشعب دائما يسير وراء المنتصر.. لقد أدى الانتصار الكبير في معركة الكرامة في آذار 1968 إلى الإقبال الواسع والفيض الغامر للتطوع في صفوف الفدائيين.
أبو حسن- سؤال- أين أصبحت م.ت.ف؟
هناك فرق كبير بين بدايات المنظمة ونهاياتها .. بدأت كمنظمة تحرير تعلقت بها آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني بالعودة والتحرير وتقرير المصير.. لكن ما آلت إليه الأمور أصبحت عبارة عن صورة لا معنى ولا قيمة ولا دور لها وأصبحت مفرغة وتغولت عليها السلطة والأفراد”.
لا تتوفر إرادة إقليمية ولا رسمية فلسطينية يهمها أن تبقي المنظمة حاضنة للتحرر الوطني أو أن تقوم بتوحيد الشعب الفلسطيني ورعايته بالشتات وجميع كل أماكن تواجده.
ابو حسن: قلت لي لم يبقى من فتح سوى الاسم والتاريخ.
ابو الطيب: نعم لم يبق من فتح 1965 سوى الاسم والتاريخ ، وأيضاً التاريخ ، هناك محاولات مستمرة في تزييفه والتلاعب في محطاته ، حتى بات المناضلون وأسر الشهداء ، يتحسسون رؤوسهم خوفاً على تاريخهم ، ومن جانب آخر ، تحول التاريخ ، بالنسبة للبعض ، ليس أكثر من سلم ، فأصبح الجميع أبطالاً ، طالما ، أن الحركة تخلت عن الكفاح المسلح .

فالوضع الدولي والعربي تغير لدرجة أن العراق وسوريا أصبحوا في خبر كان ، فكان لا بد لفتح أيضاً أن تتغير ، لهذا ، أصبح الفدائي ظاهرة غير مرغوب بها، وشخصاً مثل الشهيد أبو جندل ، تحاول الأغلبية الساحقة ، التبرؤ منه ، أو إنكار معرفتهم به ، إنه يا صديقي المغدور ، العهد الجديد ، عهد الأمريكي الذي ، أنت كنت من أول من فتح باب الجنة ، لكن ، اتضح لاحقاً ، أنه باب من أبواب الجحيم .

منذ لحظة التوقيع على اتفاقية أوسلو، كان قرار القيادة الفلسطينية واضحا في التجاوب مع معطيات الشرعية الدولية، ومسايرة خط الواقعية السياسية التي فرضتها متغيرات موازين القوى على الساحة الدولية، وكان الاعتراف المتبادل مع العدو واللجوء إلى خيار التفاوض والعمل الدبلوماسي خيارا فلسطينيا رغم قسوة ومرارة الاستحقاقات المترتبة عليه، وقبولنا بالحل الممكن في إحقاق الحد الأدنى المقبول من أهداف شعبنا وثورتنا وحركتنا الرائدة، دون المساس والإجحاف بثوابت القضية وأركانها الواضحة.

** الفلسطينيون طالبوا وما زالوا يطالبون بتغيير حقيقي على أرض الواقع مقابل إحداث التغيير في نظريتهم الوطنية والقومية بالنسبة لحل الصراع، في حين طالبت إسرائيل الجانب الفلسطيني ليس فقط بإحداث تغيير في نظريتهم القومية قبل حدوث أي تغيير في الواقع وإنما تبني نظرية أمن تحتوي ضمنا على عناصر جديدة تتلاءم مع متطلبات الأمن الإسرائيلي، وتتعارض مع المنطلقات القومية الفلسطينية ولا تطلب من نفسها إحداث أي تغيير في نظريتها الأمنية القومية التي تمت صياغتها في زمن الحرب والتهديدات العسكرية بل وتعطي الحق لنفسها بإدخال عناصر جديدة من أجل تطوير نظريتها الأمنية على نفس أسس الماضي.

حتى أثناء تطبيق بنود أوسلو ، اتفاق السلام ، (يتدخل أبو حسن بمداخلة صغيرة ، مستغرباً: وهل صنعتم سلام مع الإسرائيليين؟) ، بالطبع ، ليس فقط ، سلام ، بل ، أصبحنا في خندق واحد ، بعد ما طُردنا من جميع الخنادق ، فلم نجد أحن على ذبحنا سوى جلادنا ، وجلادنا لم يقبل بنا قبل أن فرض علينا أن نفكك جميع الأجهزة التى كانت لها علاقة بمقاومة الاحتلال، فالكفاح المستحدث ، منذ أوسلو ، هو ، الابتعاد عن أدبيات حركة فتح ، فاليوم المعايير جميعها اختلفت ، وطالما ، أنت تجيد الصعود على سلم أوسلو ، يعني ، أنت تحظى باهتمام ، كل شيء انهار يا أبو حسن ، بعد أن خلعوا أنيابنا ومخالبنا وأدخلونا كالأسود في معتقل كبير بحجم وطن ، كما زعموا وكما نحن صدقنا .

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا