الرئيسيةمختاراتاخترنا لكممؤتمر «فلسطين ونظام السيسي»

مؤتمر «فلسطين ونظام السيسي»

سؤال افتراضي.. ماذا لو رعى مركز الدراسات الفلسطينية أو مركز الأبحاث الفلسطيني بغطاء رسمي من السلطة الفلسطينية، مؤتمرا بعنوان «فلسطين ونظام السيسي» لبحث مستقبله وإمكانية تطويره، ودعا إليه في «مشتى في أريحا» أطرافا من المعارضة المصرية، لاسيما من حزب الإخوان المسلمين المعارضة.. وتبين حتى قبل أن يعقد المؤتمر أنهم أو من يقف وراءهم هم الذين يديرون المسرحية من وراء الكواليس وهم ممولوها؟

ماذا كان سيكون رد فعل نظام السيسي؟ هل كان سيلتزم الصمت ازاء هذا التدخل السافر في شؤون نظامه؟ هل كان سيستقبل هذه الخطوة بروح رياضية ورحابة صدر؟ أم كان سيوجه التعليمات لأبواقه الإعلامية، لشن حرب ضروس على السلطة؟

هل كان سينظر اليها من زاوية حرية التعبير والرأي؟ أم أنه كان سيتحرك لوأد المؤتمر في مهده ومنع انعقاده بكل السبل والوسائل المشروعة وغير المشروعة آخذا بالمثل القائل: «الغاية تبرر الوسيلة؟. وهل كان النظام المصري سيصفح عن السلطة بسبب فعلتها؟ أم كان سيفرض عليها العقوبات وربما يعلن رئيسها شخصا غير مرغوب فيه فوق الأراضي المصرية؟

سؤالنا الافتراضي مشروع بامتياز، بعد مؤتمر منتجع «العين السخنة» في سيناء الذي دعا إليه المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط المصري تحت عنوان «مصر والقضية الفلسطينية» لمناقشة عدة ملفات، من بينها ملف تطوير العمل التنظيمي الفلسطيني، متخذين حركة فتح نموذجا لذلك، بمشاركة دبلوماسيين مصريين سابقين وأكاديميين و61 شخصية فلسطينية من قطاع غزة، بعد أن رفض 74 من المدعوين، المشاركة بعد انفضاح النوايا. ولو كانت النوايا صادقة وكان الغرض من المؤتمر هو حقا تقديم يد المساعدة لـ»الاخوة الفلسطينيين وفتح في هذه الظروف الصعبة» في ترتيب البيت الفلسطيني، لتوجه القائمون على المؤتمر بدعوة حركة فتح نفسها وعنوانها اللجنة المركزية، في قضية تعنيها هي قبل غيرها. وإذا عرفنا العلاقة الوثيقة بين المركز القومي وجهاز المخابرات العامة المصرية، يبطل العجب من ردود أفعال حركة فتح العنيفة، بدءا من المتحدث الرسمي إلى أمناء سرها في الوطن وفي اوروبا، ومهاجمتها القائمين عليه بالقوة نفسها التي هاجم فيها الرئيس أبو مازن محاولات ما يسمى باللجنة الرباعية (الإمارات والسعودية ومصر والأردن) من دون التطرق اليها بالاسم طبعا.

وترى فتح في ذاك المؤتمر الذي اختتم اعماله يوم الثلاثاء الماضي، وهي محقة في رؤيتها، محاولة للالتفاف على قرار مصري سابق يسمح لمحمد دحلان، المفصول من اللجنة المركزية لاسباب لا أريد الخوض فيها، ولكنها بالتأكيد ليست سياسية، بإقامة مؤتمر في القاهرة حول «وحدة فتح». وكما قال مسؤول في الحركة معلقا، «خرجوا من الباب ليطلوا علينا من الشباك». ووصفت فتح المؤتمر بـ»المهزلة» وطالبت «برفع الغطاء المصري الرسمي عن الأيادي العابثة بالشأن الفلسطيني». وكان دحلان يخطط لتنظيم مؤتمر في القاهرة في مطلع اكتوبر الحالي، لكنه كما قال ألغى الفكرة حتى لا يعطل على الاجتماعات والنقاشات المكثفة التي كانت تجريها الأطر التنظيمية لفتح في رام الله. بالمناسبة من حق دحلان أن يتحرك بالشكل الذي يراه مناسبا، كما من حق فتح التحرك ضد من ينتصر له ويحاول احتضانه، خاصة إذا كانت أنظمة لا تنطلق بالتأكيد من مصلحة فتح ولا من غيرتها على فلسطين أو قضيتها.

العنوان الذي اختاره المركز القومي لمؤتمره أو ندوته كان عنوانا مضللا وكلام حق اريد به باطل.. ولم يكن هذا العنوان إلا للتغطية، فبعد أن فشلت محاولات الرباعية العربية المباشرة للضغط على ابو مازن وفرض عودة المفصولين بمن فيهم دحلان إلى مواقعهم (ونحن مع عودة ابناء الحركة المفصولين إلى حضن الام الدافئ بالطرق القانونية والشرعية) تحاول عبر وسائل أخرى اعطاء الانطباع بوجود انشقاق في فتح. ومرة أخرى أقول وهذه وجهة نظر طبعا وأنا لست عضوا في حركة فتح، بل كنت عضوا سابقا، أن تغليف الخلاف بالسياسة أو الزعم بوجود تيارين سياسيين متصارعين داخل فتح، هو تضليل اغراضه خبيثة… نقطة واول السطر. فاذا كانت فتح» نفسها تفتقر لخط سياسي واضح المعالم خاصة بعدما اختلط حابلها بنابل السلطة الحاكمة.. ولم يعد أحد يعرف، حتى إن كانت لا تزال حركة تحرر وطني، أم أنها حزب سياسي يدير سلطة كان دحلان احد الفاعلين فيها. اذن الخلافات بين دحلان من جهة وقيادة فتح من جهة ثانية هي خلافات شخصية جدا بعيدة من السياسة.

لا أحد يزعم أن حركة فتح عصية على الانشقاقات، بل انها كغيرها من الفصائل الفلسطينية الاخرى شهدت خلال مسيرتها انشقاقات اخطرها انشقاق صبري البنا (ابو نضال) في سبعينيات القرن الماضي التي اختار لها اسم فتح – الخط الصحيح» ثم غير الاسم إلى «فتح المجلس الثوري». وكانت هناك خلافات سياسية طبعا مع بعض التأجيج والاستغلال من قبل بعض الانظمة العربية. وكان الخلاف يتمحور حول البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير واللقاءات السرية بين المنظمة وإسرائيليين الخ.. وشهدت تلك الفترة تصفيات جسدية نفذتها جماعة ابو نضال راح ضحيتها عدد من ممثلي منظمة التحرير في اوروبا في مقدمتهم الصديق العزيز (رغم الخلافات السياسية)، المرحوم سعيد حمامي في لندن عام 1978 الذي عز علي فراقه.
والانشقاق الآخر والاخير هو الذي قاده العقيدان ابو موسى وأبو خالد العملة عام 1983 نتيحة حرب لبنان وخروج منظمة التحرير باتفاق مع اسرائيل برعاية الدبلوماسي الامريكي فيليب حبيب. وتطورت الخلافات بين جماعة ابو موسى التي عرفت باسم «فتح الانتفاضة» وفتح إلى معارك طاحنة في مخيمي البداوي ونهر البارد في شمال لبنان، اضطرت الرئيس الراحل ياسر عرفات للعودة من مقره الجديد في تونس، إلى طرابلس لادارة المعركة. وظلت «فتح الانتفاضة» فصيلا صغيرا غير فاعل يتخذ من دمشق مقرا له.

المؤكد أن النظام المصري لم يكن ممول هذا المؤتمر.. «فسلامة» من لديهم المال الوفير، القادرين على انفاق ملايين البترو دولار لتحقيق اغراضهم.. ولكن النظام بالتأكيد يقف وراءه سياسيا، وأحد الدلائل عليه اضافة طبعا للعلاقة بين المخابرات والمركز القومي، فتح المعبر خصوصا لخروج المدعوين من قطاع غزة. ذاك المعبر، الذي اغلق منذ بداية العام لاكثر من 270 يوما.. ذاك المعبر الذي، يعاقب بإغلاقه اكثر من مليوني فلسطيني، للسفر للعلاج أو التعليم أو الالتحاق بوظائفهم في بلدان اخرى أو للتجارة وعيش حياة طبيعية أسوة ببقية البشر.. ألم يدمر هذا النظام الانفاق التي كانت تنقل اليهم الأساسيات التي تحرمهم منها اسرائيل بسبب حصارها؟ ألم يحفر خندقا بعمق 20 مترا وعلى طول الحدود التي تمتد على طول 12 كيلومترا، وإغراقها بمياه البحر المالحة ما أدى إلى تلويث مياه الشرب الشحيحة في القطاع وانهيارات ترابية ألحقت الضرر ببعض المنازل في منطقة رفح. كل ذلك بذريعة اتهامات غير موثقة وغير مؤكدة عن تدخل حركة حماس في الشؤون المصرية..

القضية الفلسطينية

واخيرا الفلسطينيون طالما اعلنوا انهم لا يتدخلون في الشؤون الداخلية للدول العربية.. فلماذا لا تعاملهم هذه الدول بالمثل.. لماذا تصر هذه الانظمة على التعامل معهم وكأن «حيطهم واطي».. وكل من هب ودب يعتقد انه يستطيع أن «ينط عليه أو من فوقه». ولماذا تعطي هذه الانظمة لنفسها الحق في التدخل، لا تعطيه لغيرها بالتدخل في شؤونها. النظام المصري يرفض التدخل في شؤونه وهذا من حقه.. ولكن ما ليس من حقه هو أن يفرض على غيره ارادته ورؤيته.

القضية الفلسطينية كانت دوما قضية عربية مفتوحة لكل آراء ونصائح وانتقادات المخلصين. ولكن مؤتمر «العين السخنة» لم يكن بريئا ولا مخلصا وتوصياته دليل ادانته.. أكد المجتمعون أنه «لا إصلاح للسلطة أو منظمة التحرير من دون إصلاح فتح داعين للضغط على قيادتها لإجراء المزيد من الإصلاحات عن طريق القاعدة والنخبة».. ولكن أليس النظام المصري أولى بنصائحهم.. والاقربون أولى بالمعروف.

بقلم: علي الصالح – كاتب فلسطيني من اسرة «القدس العربي»

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا