الرئيسيةمختاراتمقالاتمخطط وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية

مخطط وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية

بقلم: د. أحمد جميل عزم

يكتشف المدقق في الجزئيات، أنّ هناك حملة إسرائيلية ترقى لدرجة الحرب الشاملة، لكن غير العسكرية، تجري على قدم وساق، ضمن تخطيط مسبق، ومن شقين: الأول، محاصرة الوجود الفلسطيني دوليا. والثاني، “تنفيس” الحالة اجتماعياً واقتصادياً داخلياً، مع ملاحقة الأفراد، بمن فيهم الأطفال، واعتقالهم، ممن يشكلون بوادر حالة نضالية غير منضبطة.
يبدأ الموضوع على الصعيد الدولي، بموضوع “المقاطعة”، ويمتد لصورة الإسرائيليين عالميا، بما في ذلك حملة مركزة ناجحة، حدثت في الألعاب الأولمبية الأخيرة، ثم جاءت “مؤامرة اليونسكو”.
في موضوع المقاطعة، فإنّ مواجهة حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات (BDS)، تجري بمخطط مفصل ومتشعب، تقوم عليه وزارة الشؤون الاستراتيجية. وفي دراسة أعدها عبدالرحمن أبو نحل، مؤخرا، ونشرها مركز دراسات “مسارات” الفلسطيني، عن الحرب الإسرائيلية على المقاطعة، جاء أنّ يسرائيل كاتس، وزير المخابرات والمواصلات والطاقة النووية الإسرائيلي، صرّح أنه يجب على إسرائيل القيام بـ”عمليات تصفية مدنية موجهة” باستخدام أجهزة المخابرات والتعاون مع أجهزة مخابرات عالمية. أما وزير الشؤون الاستراتيجية جلعاد أردان، فقال في مؤتمر مؤخرا، إنه تم “إنشاء نظام وطني لمراقبة وحتى توقع نشاطات مقاطعة، وبحيث يجري التنسيق بين القوى لإجهاض حملات المقاطعة قبل حدوثها”. وقال إنّه يجب العمل على “مستوى الأفراد”، وتوعد أن من يدعو لمقاطعة إسرائيل “سيدفع الثمن”. ومن دون أن يلاحظ كثيرون ما يحدث، خطى الإسرائيليون خطوات كبيرة في الأشهر الماضية، من ضمنها تنظيم مؤتمر كبير، أحضر متحدثين قالوا إنّه لا فرق بين الإرهاب والمقاطعة، ونُظّم المؤتمر في مقر الأمم المتحدة ذاتها، بنيويورك، في حزيران (يونيو) الماضي. ثم نجح الإسرائيليون في حفز أكثر من حكومة، من بينها، البريطانية، بقيادة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، ليعلن قرارات تحاول منع المقاطعة قانونيا. وأبلغني أكثر من ناشط فلسطيني في المقاطعة، هذا الأسبوع، وبشكل منفصل، أنّهم باتوا يواجهون انتقادات وتحفظات مثيرة للدهشة من ناشطين دوليين مناصرين للقضية الفلسطينية، يطلبون التراجع في موضوع المقاطعة، ما يعكس حالة الضغط التي تعرض لها هؤلاء. وهناك الآن أنباء عن اعتقالات لناشطين لهم دور مهم في المقاطعة.
في أولمبياد البرازيل الأخير، حصل الإسرائيليون على قرارات منها وضع نصب تذكاري، في كل قرية أولمبية، تُبنى لذكرى القتلى الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ العام 1972، في إشارة لحملة إسرائيلية أخرى، جرت بهدوء حتى ظهرت للعلن. ثم جاء موضوع “اليونسكو” الأخير، عندما أُقر قرار ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، في القدس، وغزة، والخليل، وبيت لحم، فادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ القرار يتحدث عن علاقة اليهود بالقدس، وينكرها، مخترعاً نصاً غير موجود. وصدقه العالم وحتى العرب والفلسطينيون، وبدأت حملة دولية ضد نص القرار غير الموجود أصلا. وبحسب ممثل فلسطين في اليونسكو، منير أنسطاس، وصل الأمر حافة الابتزاز الإسرائيلي لبعض الدول.
في الأثناء، هناك أنباء كل يوم عن اعتقال شُبّان وأطفال فلسطينيين. ومن ذلك مثلا، دخول وحدة المستعربين، المتخصصة، واختطافها فلسطينيين أولا من مخيم عايدة، في بيت لحم، والآن هم معتقلون، كما غيرهم في أماكن مختلفة، فيما يبدو حملة تصفية حساب، مع “هبّة العام الماضي”، وفيما يبدو أنّه مخطط منسق جيدا، بدليل الاستعانة بالمستعربين، لتصفية بذور المقاومة في جيل جديد، لا ينتظر الفصائل.
في الأثناء أيضاً، لا يقوم الإسرائيليون بالسماح بحد أدنى من الحياة في الضفة الغربية. لكن، وكما فعل أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي، في لقائه مع صحيفة “القدس” هذا الأسبوع، إذ قال إنّه لا نية للحرب أو إعادة احتلال غزة، وأنّ الإسرائيليين أنفسهم مستعدون للاستثمار في غزة، في ميناء ومطار ومنطقة صناعية، إذا أوقفت الأنفاق وإطلاق الصواريخ. وفي هذا محاولة التفاهم مع الفصائل، فيما يستمر ضرب الشبان وأي قوة ترفض الأمر الواقع، مع التلويح بإبادة الفصائل لو عادت للمواجهة.
تدل المؤشرات أن هناك “بنك أهداف” إسرائيليا محددا لقمع أي مقاومة اقتصادية أو ثقافية أو شعبية، تصل درجة “الحرب” على الأفراد الذين يتولون ذلك، وضمن مخططات تعمل فيها أجهزة كثيرة دوليا ومحليا، وبتمويل كبير، وتركيز على التفاصيل.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا