الرئيسيةأخباراسرائيليةأضواء على الصحافة الاسرائيلية 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2016

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2016

الحرائق دمرت نحو 30 الف دونم من الاحراش والمحميات الطبيعية

تقديرات اولية تتحدث عن خسائر بمئات ملايين الشواكل

اهتمام بمشاركة طواقم الاطفاء الفلسطينية، وبعد تعقيبه المتعجرف، يوم الخميس، نتنياهو يهاتف ابو مازن ويشكره

تواصل الصحف الاسرائيلية، اليوم، تناول موجة الحرائق التي تواصلت في البلاد، في نهاية الأسبوع، والتي لا يستبعد استمرارها خلال اليومين القادمين، بسبب حالة الطقس، التي يتوقع ان تتغير يوم الاربعاء فقط.

وفي وقت بدأ فيه تقدير الاضرار والحديث عن مئات ملايين الشواكل التي ستضطر اسرائيل لتوفيرها، سواء للمتضررين او لترميم البنى التحتية والغابات التي احترقت، ناهيك عن رواتب طواقم الانقاذ وتكلفة الاستعانة بالطواقم الاجنبية، يتواصل تحريض الجهات الرسمية، وبوقها الرسمي “يسرائيل هيوم” على المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل، والضفة، في اعقاب الحديث عن اعتقال حوالي 30 شابا بشبهة الضلوع في اشعال الحرائق او التحريض. وفي ظل هذه الاجواء ومحاولة نتنياهو ووزير امنه الداخلي، غلعاد اردان، ترسيخ مصطلح “ارهاب الحرائق” الذي اطلقاه في نهاية الأسبوع المنصرم، يدعو اردان الى تطبيق سياسة هدم بيوت من يتم ادانتهم بإشعال الحرائق، فيما لوحظ في كثير من التعقيبات على دعوته هذه تساؤل المعقبين لماذا لا تطبق سياسة هدم البيوت على الارهابيين اليهود الذين احرقوا اماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، بل احرقوا مواطنين فلسطينيين.

وفي وقت بدأت تسمع فيه اصوات تطالب بتشكيل لجنة تحقيق، وفحص تقصير حكومة نتنياهو في تطبيق توصيات لجنة التحقيق في حريق الكرمل واستخلاص العبر، سعى نتنياهو الى استباق ذلك بالمفاخرة “بانجازاته” في مكافحة الحرائق، خاصة شراء طائرات لإخماد النيران.

واشادت الصحف، بشكل متفاوت، بمشاركة الفلسطينيين في اخماد الحرائق، واضطرار نتنياهو بعد تعقيبه المتعجرف على هذه المشاركة في نهاية الأسبوع المنصرم، الى الاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وشكره على ارسال الطواقم التي اشيد بعملها، دون أي اعتبار للهوية القومية للضحايا، والتركيز على المهمة الإنسانية التي كلفوا بها، رغم التحريض المتواصل على العرب والفلسطينيين، ومحاولة تحميلهم المسؤولية وتجريمهم.

احتراق حوالي 30 الف دونم من الغابات

في اطار تغطيتها لتطورات الاحداث في نهاية الاسبوع، تكتب صحيفة “هآرتس” ان موجة الحرائق تواصلت في نهاية الأسبوع، في 12 مكان في انحاء البلاد. ففي معاليه ادوميم احترق منزل جراء تماس كهربائي، ما ادى الى اصابة ثلاثة اشخاص جراء استنشاق الدخان. وتسببت النيران باضرار لبيوت في عدد اخر من الاماكن وادت الى إخلاء سكان في بلدات نتاف وبيت مئير في جبال القدس، وحوراشيم وياعد في الجليل، ومستوطنة حلميش. واعلن وزير الامن الداخلي، غلعاد اردان، امس، ان النيران خاضعة للسيطرة في كل مكان.

وحسب تقديرات اولية لـ”صندوق ارض اسرائيل” وسلطة حماية الطبيعة والحدائق القومية، فقد احترق حوالي 30 الف دونم من الاحراش والغابات والنباتات الأخرى – وهو رقم يفوق حجم الاشجار التي احترقت في كارثة الكرمل في 2010. ولحق الضرر الاكبر بغابات ومحميات جبال القدس، بين شارع 1 في الجنوب والجدار الفاصل في الشمال، في اعقاب الحريق في منطقة نتاف.

في نهاية الاسبوع اندلع حريق بالقرب من مستوطنة حلميش، ما ادى الى إخلاء حوالي 1200 من سكان المستوطنة. ويسود الاشتباه بأن الحريق نجم عن عمل تعمد. وادى الحريق الى تخريب 17 منزلا بشكل كامل، والحق اضرار متفاوتة بعشرات البيوت. وتمكنت طواقم المطافئ من السيطرة على النيران قبل ساعات فجر امس. وفي ساعات ظهر امس السبت، تجددت النيران في عدة اماكن بالقرب من المستوطنة، لكنه تم السيطرة عليها.

وفي بلدة ياعد في الجليل الأسفل، تم إخلاء 15 منزلا من سكانها، بسبب حريق اقترب من البلدة. وتمت السيطرة على الحريق. كما اندلعت حرائق بالقرب من مستوطنات يتسهار ودوليب وشكيد، وبالقرب من دالية الكرمل، واندلعت مجددا في عدة مواقع اخرى في حيفا، لكنه تم السيطرة عليها.

الشرطة احرقت غابة بيت مئير

تكتب “هآرتس” ان الاضرار البالغة جدا التي سببتها النيران في منطقة جبال يهودا، اصابت بيوت بلدة بيت مئير، جنوب شارع رقم 1. وقد اندلعت النيران هناك يوم الخميس ليلا، كما يبدو بعد قيام الشرطة بإطلاق قنابل ضوء خلال ملاحقة مشبوهين في المنطقة. وتم اعتقال المشبوهين، وقالت الشرطة انها تفحص كل اتجاهات التحقيق. وقد امتدت النيران بسرعة وهددت البيوت في بيت مئير، وطولب السكان بمغادرة البلدة، لكنه في مرحلة معينة سدت النيران مدخل البلدة، وحاولت الشرطة وقوات الانقاذ إخلاء السكان من طريق بورما، الطريق التاريخية التي تم شقها خلال معارك 1948. وتمكنت المطافئ لاحقا من ابعاد النيران عن مدخل البلدة وتمكين السكان من الخروج.

ومساء الجمعة اندلع حريق اخر وكبير في جبال القدس، بالقرب من بلدة معاليه هحميشاه، كما يبدو بسبب القاء زجاجة حارقة من جهة قرية قطنة وراء الجدار الفاصل. وامتدت النيران بسرعة على امتداد وادي كفيرا وعلى قمة جبل عوزرير، ما اسفر عن احتراق الاف الدونمات من الاحراش. وفي الليل وصلت النيران الى بلدة نتاف. واحترق مطعم يقع على اطراف البلدة.

وفي ساعات الصباح تمكن رجال الاطفاء من السيطرة على الحريق، وعندها حلقت طائرات المطافئ في سماء المنطقة والقت كميات كبيرة من مياه البحر. وشاركت في العملية طائرات من تركيا وروسيا وكرواتيا واليونان. وفي ساعات بعد الظهر حلقت في المنطقة طائرة سوبر تانكر الأمريكية والقت كميات كبيرة من المياه هناك. وظهر امس سمح لسكان نتاف بالعودة الى بيوتهم، فيما واصل رجال المطافئ اخماد بؤر النيران في عدة اماكن.

وقدر صندوق اراضي اسرائيل بان النيران في منطقة القدس التهمت حوالي 15 الف دونم من الغابات، علما ان الحريق الكبير السابق في المنطقة، في عام 1995، التهم حوالي 12 الف دونم.

الطاقم الفلسطيني: “مهمتنا انقاذ الناس والاملاك، لا تهمنا السياسة“

وشاركت في عمليات اخماد النيران اربع طواقم اطفاء فلسطينية من قلقيلية وجنين وطولكرم وطوبا. وكان رجال الاطفاء الفلسطينيين قد دخلوا الى اسرائيل يوم الخميس، للمساعدة في اخماد الحرائق في حيفا. ويوم الجمعة طلب اليهم المساعدة في اخماد الحرائق في منطقة نتاف. وقال الكولونيل عبد اللطيف ابو عمشة، قائد احد الطواقم الفلسطينية: “مهمتنا هي انقاذ الناس والاملاك، هذا هو الهدف. لا تهمنا السياسة”.

واحرى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، امس، اتصالا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وشكره على ارسال طواقم المطافئ. وقال انه يقدر حقيقة قيام العرب واليهود بفتح بيوتهم لضحايا الحرائق.

ويشار الى ان ثماني سيارات اطفاء فلسطينية شاركت في اخماد الحرائق في اسرائيل، من بينها ثلاث سيارات اطفاء وصلت من رام الله وشاركت في اخماد الحرائق في مستوطنة حلميش.

“تعاون اقليمي“

في اطار تغطية المشاركة الفلسطينية، ينشر اليؤور ليفي تقريرا في “يديعوت احرونوت” حول المساعدات التي قدمتها طواقم المطافئ الفلسطينية في عملية اخماد الحرائق في اسرائيل. ويكتب: يوم الخميس، ليلا، اجتازت ثماني سيارات اطفاء، معبري الجلبوع، قرب جنين، وجيب، قرب رام الله، وعلى متنها اربعين رجل اطفاء فلسطينيين – اربعة طواقم توجهت الى حيفا المشتعلة، ومنطقة نتاف، واربعة الى نفيه ايلان على جبال القدس، حيث انضمت الى طواقم الاطفاء الإسرائيلية وحاربت معها بؤر النيران.

قائد قوة الاطفاء التي تم توجيهها الى منطقة القدس، النقيب فهد تلاحمة، قال: “في الليل تنقلنا بين عدة اماكن. بدأنا في الدفاع عن محطة كهرباء كبيرة، وبعد ثلاث ساعات انتقلنا للدفاع عن خطوط التيار العالي التي واجهت خطر الاحتراق، وفي النهاية، مع فجر يوم الجمعة، انتقلنا لإخماد النيران في الأحراش مع القوات الاسرائيلية.”

خلال تواجدهم في اسرائيل تعرضوا لانتقادات كثيرة من قبل جهات فلسطينية عارضت تقديم المساعدة، لكنه كما يبدو فان هذا لا يقلق بتاتا النقيب فهد وبقية جال الطاقم. “نحن نشعر بشكل ممتاز لأنه يمكننا تقديم المساعدة. المهمة واحدة – اخماد الحريق. سواء كنا فلسطينيين او اسرائيليين”، يقول فهد. وبدا عامل المطافئ محمد عمايرة حاسما في موقفه ايضا: “انا مقتنع بما افعله. هذا عملي. عندما نحتاج الى المساعدة لإخماد الحرائق في الضفة، تتبرع قوات الاطفاء الاسرائيلية، وهكذا نحن ايضا نساعدها”.

بعد ثلاث ساعات تم ارسال فهد وطاقمه الى منطقة نتاف حيث اندلع الحريق الكبير، كما تم نقل الطواقم الفلسطينية التي تواجدت في حيفا الى منطقة جبال القدس للمشاركة في اخماد الحرائق. لقد عملوا طوال ساعات الليل وعادوا في الصباح الى مقر الطوارئ الذي اقيم في نفيه ايلان، حيث كانت في انتظارهم مفاجأة: يوسف نصار، قائد الدفاع المدني الفلسطيني وصل من رام الله للاطمئنان عليهم، والتأكد من صمودهم. وقال لنا: “انا راض عن دورنا في اخماد الحرائق. طواقمنا التي ارسلناها مدربة على كل حدث بهدف حماية المدنيين”.

سيارات المطافئ الفلسطينية الجديدة لامعة. فهي من موديل 2016، وهي هدية قدمها الاتحاد الاوروبي. خلال التقاط صورة جماعية للطاقمين الاسرائيلي والفلسطيني، قال احد عمال الاطفاء الاسرائيليين، الذي عمل مع الفلسطينيين طوال الليل، مبتسما:”ليت سيارات الاطفاء لدينا كانت متطورة كسياراتهم”. وقال عمايرة: “رجال الاطفاء الاسرائيليين رائعين. تعلمت منهم الكثير من الامور، كأهمية التجمل بالصبر خلال حرائق بمثل هذا الحجم”.

“اسس ارهابية“

وتشير “هآرتس” الى تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يوم الجمعة، خلال جلسة التقييم التي عقدها في قاعدة حتسور الجوية، التي تنطلق منها طائرات اخماد الحرائق الاجنبية. فقد قال نتنياهو: “اصدرت اوامر بزيادة 20 طائرة اطفاء علىالاقل لسرب طائراتنا الذي يضم 12 طائرة كهذه. هكذا تفعل الدول، روسيا، الولايات المتحدة، القوى العظمى تتلقى المساعدات من دول اخرى في حال احتراق الغابات. نحن قدمنا المساعدة لدول اخرى، ونتلقى الان مساعداتها في المقابل. نحن نبحث عن طرق لخلق قدرات مانعة امام امتداد النار. نحن نواجه حالة طقس جاف، وستتواصل خلال الاسبوع القادم. لا يمكننا القول متى ستنتهي هذه الاحوال الجوية، ولذلك فإننا نستعد لكل الاحتمالات”.

واضاف نتنياهو: “بالنسبة لظاهرة اشعال الحرائق الشريرة، التوجيهات هي محاكمة كل من ارتكب مخالفة كهذه، كي يرتدعوا، ومن اجل المبدأ البسيط وهو ان من يحاول احراق اسرائيل سيعاقب بشدة. للأسف، ليس لدينا أي شك بأنه وقعت حرائق متعمدة هنا. لا استطيع القول لكم ان كان ذلك في كل الحالات، ولكن الأمر كذلك في قسم كبير، ونحن الان نفحص طرق لمنع انتشار هذه الظاهرة، ولكن كما في كل جريمة، الأمر المهم هو العقاب”.

وقال نتنياهو “توجد هنا اسس للارهاب، لا شك في ذلك بتاتا. هناك جهات معادية جدا لإسرائيل. لا استطيع القول الان ان كان الأمر منظما، لكننا نرى خلايا تلو خلايا، ولا اعرف ان كان بينها تواصل، وليس من الضروري ان يكون بينها تواصل، يمكن لهذا ان يكون ارهاب سكاكين وارهاب حارقين”.

تضرر اكثر من 1700 منزل في حيفا و1600 مواطن فقدوا بيوتهم

وفي السياق نفسه تكتب “هآرتس” انه بعد السيطرة على الحرائق في مينة حيفا، بدأ السكان بالعودة الى بيوتهم في المناطق المنكوبة. وحسب احصائيات البلدية فقد الحقت النيران الضرر بـ174 عمارة اسكانية، تضم اكثر من 1700 منزل. وقالت البلدية ان 527 منزلا لم تعد صالحة للسكن، ما خلف حوالي 1600 مواطن بدون مأوى.

وتقدر البليدة بأن حجم الاضرار يصل الى 500 مليون شيكل. واعلن وزير المالية موشيه كحلون، امس، ان العائلات التي حدد مهندس البلدية بأنه لا يمكنها العودة الى بيوتها، ستحصل على مبلغ 2500 شيكل لكل فرد من صندوق البلدية. كما سيتم تفعيل اربعة مراكز طوارئ لصندوق ضريبة الاملاك، لكي يتسنى للسكان التوجه اليها، ايضا عبر الشبكة الالكترونية.

تمديد اعتقال 11 مشبوها

في تقرير آخر تشير “هآرتس” الى اعلان الشرطة عن اعتقال 23 مشبوها بإحراق النيران او التحريض على الاحراق، في الايام الاخيرة، وامتناعها عن تقديم كافة التفاصيل حول الشبهات المنسوبة الى المعتقلين، رغم انه لم يصدر امر منع كهذا. وحسب الشرطة فقد وصل عدد المعتقلين منذ اندلاع الحرائق الى 30 معتقلا، تم اطلاق سراح سبعة منهم. واوضحت ان الجيش اعتقل عشرة من بين المعتقلين. وتم تمديد اعتقال 11 مشبوها بإشعال الحرائق الصغيرةـ ولكن ليس أي حريق من الحرائق الكبيرة التي اندلعت في حيفا وجبال القدس او زخرون يعقوب. واشارت الى ان بعض المعتقلين يشتبه وقوفهم وراء حرائق وقعت في الوسط العربي، لكنها لم تكشف تفاصيل عن محرضين على اشعال الحرائق.

واتضح في غالبية ملفات الذين تم تمديد اعتقالهم ان الشبهات تطرح علامات استفهام حول الادعاء بإشعال الحراق على خلفية قومية. فمثلا، تم تمديد اعتقال مواطن من الناصرة يشتبه بإشعال حريق في مدينته، فيما تم تمديد اعتقال شخصين بشبهة احراق اشجار بين بلدتي ساجور وبيت جن، في منطقة تضم بلدات عربية. كما تم تمديد اعتقال ثلاثة مشبوهين من بلدة بسمة طبعون بشبهة حيازة سيارة مسروقة والضلوع في اشعال حريق مساء الجمعة.

اما في الحرائق الكبيرة في زخرون يعقوب وحيفا، التي تكهنت سلطة المطافئ بأنها اندلعت بفعل فاعل، فلم يتم حتى الان اعتقال أي مشبوه.

ارسال وحدات من المستعربين الى الضفة

في المقابل، تكتب “هآرتس” قام الجيش بتعزيز قواته في الضفة بكتيبتين من وحدة ماجلان ووحدة اغوز (المستعربين) في محاولة للعثور على مشبوهين بإضرام النيران. وتعمل القوات كطواقم لجمع المعلومات والعثور على اشخاص ينوون اشعال حرائق. واعتقل الجيش حوالي 15 فلسطينيا من الضفة بشبهة الضلوع في الحرائق التي اندلعت في عدد من المستوطنات، وتم لاحقا إطلاق سراح خمسة منهم وتسليم عشرة للشرطة.

وقال الجيش انه اعتقل امس فلسطينا كان من ضمن عشرة اشخاص حاولوا اشعال حرائق في منطقة ام ريحان. وتم تسليمه للتحقيق. وبالقرب من مستوطنة اريئيل شوهد ثلاثة فلسطينيين يحاولون اشعال حريق. وتم اطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين بعد ان تبين عدم وجود علاقة لهم بالحرائق. وحصل ذلك مثلا في منطقة هار براخا، وكذلك في منطقة النبي صالح حيث تم إطلاق سراح فلسطيني سبق اعتقاله بشبهة اشعال الحرائق قرب حلميش المجاورة.

ويستخدم الجيش طائرات رصد واجهزة رصد من بعيد للعثور على بؤر النيران قبل امتدادها وتصوير المشبوهين ومن ثم البحث عنهم.

اردان يدعو الى هدم بيوت مشعلي الحرائق

في هذا الصدد قال وزير الامن الداخلي، غلعاد اردان، مساء امس، انه يجب هدم بيوت مشعلي الحرائق، مضيفا في لقاء لنشرة اخبار القناة الثانية، ان “الارهاب الذي نواجه هو ارهاب من نوع جديد، كما شاهدنا في القدس”، مضيفا: “انهم يستلهمون من الشبكة، الكراهية، التحريض الذي يسبب الطعن والدهس. وبما ان هذا هو نوع من الارهاب وتطرح، وبحق، افكار مثل سحب المواطنة، والتي يجب فحص امكانية تطبيقها، لدينا، أيضا، وسائل مثل هدم البيوت، التي اثبتت نفسها. اذا كان يمكن هدم بيت مخرب طعن او اطلق النار، يجب هدم بيوت من يشعل النار، ويعترف خلال التحقيق بأنه فعل ذلك على خلفية قومية، او توجد ادلة تثبت ذلك”. وقال اردان انه سيعمل على تعديل القانون بحيث يشمل هدم بيت من يتهم بحرق البيوت.

وقال اردان ان الشرطة تحتجز 23 مشبوها، غالبيتهم من سكان الضفة الغربية، وقلة منهم من عرب اسرائيل، وتم ربط غالبيتهم، بهذا الشكل او ذاك بالحرائق”. وحسب اقواله فان بؤر النار خاضعة للسيطرة، لكن “المعركة لم تنته بعد. وحتى يوم الثلاثاء يمكن حدوث امور كثيرة، وخاصة عمليات احراق متعمدة”.

في المقابل قالت النائب شارون هسيخل (الليكود) انها ستقدم مشروع قانون ضد اشعال الحرائق، يدعو الى “التعامل بكامل الخطورة مع من يشعل النار، كنشطاء الارهاب”. وقالت “ان موجة الحرائق الاخيرة التي تسببت بإخلاء اكثر من 75 الف مواطن، تشكل ارتقاء خطيرا وعلينا التعامل معها كما يجب. تعديل القانون سيسمح بمصادرة وهدم املاك مشعلي الحرائق الذين يمسون بأمن الدولة واعتبارهم كما هم، نشطاء ارهاب”.

ادعاء الارهاب سيكلف إسرائيل مبالغ طائلة

صحيفة “يديعوت احرونوت” تكتب ان تحديد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المتسرع بأن موجة الحرائق هي حدث ارهابي، سيكلف خزينة الدولة مئات ملايين الشواكل الاخرى، في وقت يتوقع فيه الاعلان رسميا هذا الاسبوع، عن موجة الحرائق بأنها حدث ارهابي.

فحين تعلن الدولة عن حدث ما بأنه نتاج عمل عدواني، تتحمل كل التكاليف. وهكذا، فانه بالإضافة الى المبالغ الباهظة المتوقع صرفها على ترميم البنى التحتية، ودفع تكلفة اخماد الحرائق، وتجديد مخزون المواد المعيقة للاشتعال، ستضطر الدولة الى تعويض كل من تضرر.

في احداث سابقة تم تعويض المدنيين ليس عن الضرر المباشر الذي اصابهم فقط، مثلا الصواريخ التي اصابت بيوتهم خلال عملية الرصاص المسكوب، وانما دفعت ايضا لقاء الاضرار غير المباشرة، كالتعويض عن المدخول المستقبلي للمصالح التجارية او الراتب لمن اضطر للتغيب عن عمله بسبب الاحداث.

لو لم يتم اعتبار الحرائق عملا ارهابيا، ومن الواضح ان بعض الحرائق نجمت عن الاهمال، لكانت شركات التأمين فقط ستتحمل تكلفة الاضرار المباشرة للمؤمنين، ومن لم يؤمن املاكه كان سيخسر التعويض. لكن الاعلان عن الحرائق كعمل ارهابي من شأنه ان يسبب ضررا بالذات لمن قام بتأمين ممتلكاته. فالدولة لن تعوضهم كامل قيمة العقارات في حالات كثيرة، ولن يحصلوا على تعويض عن المجوهرات والكاميرات والمعدات الموسيقية والقطع الفنية وغيرها.

وحسب التقديرات الاولية، فان الضرر المباشر الذي اصاب البيوت، حتى يوم امس، يصل الى اكثر من 700 مليون شيكل، يضاف اليها حوالي 300 مليون شيكل لترميم الاضرار التي اصابت الشوارع وشبكات الكهرباء والبنى التحتية والمباني العامة. اما تكلفة اخماد الحرائق فتقدر بمئات ملايين الشواكل. كما ستطالب الدولة بدفع ما بين 150-200 مليون شيكل لقاء المساعدات الجوية والارضية التي تلقتها من عشر دول. اما تجديد معدات ومواد الاطفاء في اسرائيل فيقدر بحوالي 100 مليون شيكل.

بالإضافة الى ذلك ستدفع الدولة تعويضات غير مباشرة للمصالح التي تضررت، للمزارعين لقاء حقولهم التي احترقت، ولقاء الاضرار الكبيرة التي لحقت بالغابات. كما ستطالب بدفع اجرة الاف العمال، رجال الاطفاء، قوات الامن، السلطات المحلية، بالاضافة الى المصاريف المرافقة، والتي ستصل الى مئات ملايين الشواكل.

وقال مسؤول في وزارة المالية ان “الحديث عن اضرار ضخمة لم نعرف مثلها في أي كارثة طبيعية سابقة، الا خلال الحرب. الحساب النهائي للأضرار سيتم فقط بعد اسابيع طويلة، لأن هناك الكثير من الحسابات المعقدة”.

وستضطر وزارة المالية للعثور على تمويل لكل هذا، ومن الامكانيات المطروحة، اجراء تقليص في ميزانيات كل الوزارات.

ناشط عربي سخر من المهللين للحرائق فاتهم بالتحريض!

في نبأ آخر، تكتب هآرتس” ان الشرطة اعتقلت الناشط الاجتماعي انس ابو دعابس من رهط، على خلفية منشورات له على الفيسبوك تدعي الشرطة انها تحرض على اشعال النيران. لكن ابو دعابس قال ان الشرطة ترجمت منشوراته بشكل خاطئ، لأن ما كتبه هو ساتيرا تسخر من الذين يعتبرون الحرائق عقابا الاهيا على خلفية دفع قانون المؤذن في الكنيست.

وكتب ابو دعابس يوم الاحد على صفحته: ” أي جهل وقلّة وعي هذا اللي أحنا فيه؟! بلادنا تحترق وحضرات العُربان شغّالين تكبير وتهليل ..” وفي اعقاب ردود الفعل والتي شملت انتقادا لموقفه، نشر مدونة اخرى، تعتمد عليها الشرطة في ادعاء التحريض، وجاء فيها “كجزء من احتفالاتنا بما يُسمى “اسرائيل تحترق” .. اقترح الاجراءات التالية عاجلًا: مقاطعة تركيا والسيد اردوغان اللي باعث أوّل طياراته لإطفاء الحرائق في فلسطين .. أمّا خيانة يا خي! ومن ثم كتب: هُناك بعض مناطق الحُرش التي لم تصلها النار حتى الآن، ولازم ندعو الزعران من شبابنا يقوموا بالواجب”.

ورغم ان دعابس اشار في نهاية منشوره الى انه لا يقصد ما كتبه بشكل جدي وانما يسخر ممن يحتفلون بالحرائق، الا ان القاضية اوريت ليفشيتس قررت امس، تمديد اعتقاله، بادعاء ان “من لم يقرأ المنشورات الاخرى يمكن ان يسود لديه الانطباع بأن المقصود منشورا يشجع على الحرائق”. وقالت “ان المحكمة لا تريد منع حرية التعبير، ولكن هناك حدود لهذا الحق”.

وستناقش المحكمة، اليوم الالتماس الذي قدمته عائلة ابو دعابس. وقالت زوجته رقية ان محاولة الربط بين زوجها والتحريض هي محاولة مهووسة وانه سخر من اولئك الذين اعتبروا الحرائق عملا الاهيا. وقالت: “لقد حاول الشرح والتحذير من مختلف انواع التصريحات المحرضة، وعلى هذا بالذات يعاقبونه”.

نتنياهو ينشغل في المفاخرة الذاتية

تركز “يسرائيل هيوم” في تقاريرها الموسعة حول موجة الحرائق على تصريحات نتنياهو في كل مكان وصل اليه، وتعمل على ابراز تحركاته، و”عمله” في محاربة النيران، كما يبدو في استباق لمطلب تشكيل لجنة تحقيق، الذي تلوح بوادر طرحه من خلال مقالات وتعقيبات تنشرها وسائل الاعلام الاخرى. وفي هذا الاطار تبرز الصحيفة مفاخرته، يوم الجمعة، بأنه هو الذي اسس سرب طائرات اخماد الحرائق. وتكتب ان نتنياهو تطرق يوم الجمعة الى تقرير مراقب الدولة في موضوع الحريق على جبل الكرمل قبل ست سنوات، وقال: “مراقب الدولة كتب تقريرا حول اخماد الحرائق، لكنه لم يذكر عبارة: طائرات اخماد الحرائق”.

وواصل نتنياهو: “لقد اقمت سرب طائرات اخماد الحرائق رغم انه لم يتم ذكره في تقرير المراقب، والمقصود سرب يحقق التوازن في هذه الحرائق. بالمقارنة مع الحريق السابق في الكرمل، كان هنا تطوير ضخم في كل ما يتعلق بمحطات وسيارات الاطفاء، والمعدات، وايضا القوى البشرية، من ناحية التجنيد والتدريب والأجور. بالإضافة الى كل هذا، اقول لكم، ان هؤلاء جميعا لا يساعدون من دون الطائرات”.

وحسب نتنياهو فقد “تم استخلاص العبر من تقرير المراقب، باستثناء عبرة واحدة رئيسية لم يشر اليها التقرير.. التقرير الذي صدر في 2010، لم يشمل طائرات اخماد الحرائق التي نراها هنا. ولذلك فان السؤال الملائم هو ليس ما كان في التقرير ام لم يكن، وانما ما هو الأمر الصحيح الذي يجب عمله؟”

وقال نتنياهو: “نحن نتحدث طوال الوقت عن اجراءات ونظم وتدابير، يمكننا بالتأكيد اقامة دولة بدون طائرات لإخماد الحرائق، وستحترق الدولة بشكل نظامي. فماذا اذن؟ نحن لا ننشغل في التقارير وانما بالنتائج”.

وكتب نتنياهو على صفحته في الفيسبوك منشورا تطرق فيه الى شراء طائرات اخماد الحرائق، في اعقاب زيارة الى اليونان شاهد خلالها الطائرات اليونانية وهي تحارب النيران. وقال: “في اب 2010 شاهدت كيف تقوم طائرات يونانية بإخماد الحرائق. وفور عودتي الى البلاد امرت سكرتيري العسكري بفحص شراء طائرات لإخماد الحرائق في اسرائيل. وبعد عدة اشهر اندلع حريق الكرمل، ولما تذكرت ما شاهدته في اليونان، طلبت على الفور من دول العالم ارسال طائرات لإخماد النيران. تلك المساعدة، الى جانب طائرة “السوبر تانكر” الامريكية، ساهمت بشكل حاسم في اخماد حريق الكرمل”.

اردان يمنع التضامن مع المؤذنين في القدس

تكتب “يسرائيل هيوم” ان وزير الامن الداخلي غلعاد اردان وقع على امر يمنع تنظيم اجتماع تضامني من قبل السلطة الفلسطينية مع المؤذنين في القدس، والذي كان مخططا ليوم امس، احتجاجا على مشروع قانون المؤذن. وجاء قرار اردان في اعقاب معلومات استخبارية حول نية تنظيم الاجتماع في نادي القدس في حي وادي الجوز في القدس الشرقية. وقامت الشرطة في اعقاب ذلك بمداهمة النادي.

قتل طفل فلسطيني من شعفاط

تكتب “يسرائيل هيوم” ان “مخربا” عمره 14.5 سنة، من شعفاط، حاول امس الاول، طعن حارس على معبر الدخول الى القدس، وتم إطلاق النار عليه وقتله. ووقع الحادث خلال عملية تفتيش اعتيادية لركاب حافلة وصلت الى المعبر من شعفاط وحاولت دخول المدينة. واثناء ذلك اقترب الفتى من الحارس واستل سكينا وطعنه. وخلال صراع بينهما اطلق الحارس النار عليه وقتله.

اسرائيل يطلق النار على فلسطيني ويدعي الدفاع عن النفس

تكتب “يسرائيل هيوم” ان دورون نفيه (50 عاما) من القرية الزراعية “موليدت”، اطلق النار، امس، على ثلاثة اشخاص اقتحموا بيته، واصاب احدهم، وهو ماكث غير قانوني (42 عاما) من اريحا. وتم نقل المصاب بجراح متوسطة الى مستشفى العفولة.

وحسب تحقيق الشرطة فقد سمع نفيه، عند الساعة الثالثة والنصف من فجر السبت، ضجيجا، ولما فحص الأمر شاهد الثلاثة وهم ينوون ترك البيت، بعد ان حاولوا سرقة املاك. وقام بفتح النار عليهم من مسدسه، واصاب احدهم في كتفه. لكن المصاب هرب مع الآخرين.

ووصلت قوة من شرطة العفولة الى المكان وعثرت على المصاب داخل البلدة، فتم اعتقاله وارساله الى المستشفى، فيما لم يتم القبض على رفيقيه. وتم التحقيق مع نفيه واطلاق سراحه.

وفي حديث ادلى به لصحيفة “يسرائيل هيوم”، قال نفيه: “شعرت بالخطر على حياتي امام ثلاثة مجهولين داخل بيتي. لم اعرف من هم، لم اتحدث معهم، لم يكن بمقدوري معرفة ان كانوا مسلحين، وما اذا كانوا ينوون سرقتي او قتلي مع زوجتي وابنتي. تصرفت بسرعة وبدون تردد”.

وقالت المحامية شيني فيل، التي تترافع عن نفيه: “الحديث عن حالة واضحة للدفاع عن المسكن والنفس”.

مقالات

هوس الحرائق السياسي

تكتب هآرتس في افتتاحيتها الرئيسية، انه لم يتم حتى اليوم العثور على طريقة لمحاكمة حالة الطقس، والرياح الشرقية القوية والجفاف التي اشعلت الحرائق في مواقع كثيرة في الدولة. حتى الاهمال واللامبالاة التي رافقت الاصلاح الشامل في منظومة اطفاء الحرائق لا يزال من المبكر تلخيصها. موعد التلخيصات سيصل لاحقا، ويجب المطالبة هذه المرة بتحويلها الى لوائح اتهام او خطوات ادارية يتم اتخاذها بإصرار ضد من لم يستغلوا ميزانية منظومة المطافئ كما يجب، ولم يطبقوا توصيات التحقيق السابق.

ولكن، قبل الدراسات والتحقيقات، يمكن الانطباع بأنه بعد مرور ست سنوات على كارثة الكرمل، فشلت الحكومة الاسرائيلية واذرع الانقاذ فيها، في توفير الرد المناسب للحرائق. هذا لا يعني التقليص من التقدير للجهود الجبارة والشجاعة التي تحلى بها محاربو النار، وقوات الشرطة والمتطوعين، الذين يخاطرون في بعض الاحيان بحياتهم من اجل انقاذ المواطنين والأملاك.

لكن الفجوة بين جدية ومهنية الجهات التي تعمل في الانقاذ، وبين اولئك الذين يسمون قادة، كبيرة ومثيرة للغضب. هذه الفجوة هي التي تغذي الان السباق للعثور على متهمين يتم تحميلهم المسؤولية، ويحرفوا الرياح الساخنة عن وجوه المسؤولين الحقيقيين الى المشبوهين الاعتياديين.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، سارع الى تحديد الهدف، بقوله: “يجب علينا الاستعداد لنوع جديد من الارهاب، ارهاب الحارقين”. كما ان القائد العام للشرطة روني الشيخ، يمتلك نظرية مرتبة، حيث قال انه “يمكن الافتراض بأن الحرائق ناجمة عن دافعقومي”. وطبعا، وكما هو معروف فان الدوافع القومية والارهاب متوفرة فقط لدى نوع واحد من الجمهور – المواطنون العرب في اسرائيل والفلسطينيين. هؤلاء، حسب اقوال نفتالي بينت، لا تتبع البلاد لهم، ولذلك “هم فقط يمكنهم احراقها”. لقد كان ضباط الشرطة الكبار، بالذات، الاكثر حذرا في توجيه اتهامات مشابهة. انهم يعرفون جيدا، كما يبدو، ليس فقط انه لا يوجد ما يبرر الاسراع في تحديد اهداف، وانما في الاساس، ان مثل هذه الاتهامات غير المسؤولة، من شأنها اشعال حرائق اخطر بكثير، لن تنجح أي “سوبرتانكر” بإخمادها.

مطاردة المحرضين على الشبكة تحول الى طقوس هدفها التغطية على كل فشل. لا زلنا نتذكر حملة التشويه ضد العرب خلال حريق الكرمل، والتي سرعان ما اتضح انها تفتقد الى أي أساس، ولكن من هو السياسي الذي سيتنازل عن وجبة سامة تضمن مكاسب سياسية؟

ربما تكون بعض الحرائق قد نجمت عن اعمال متعمدة، وربما هناك محرضون على احراق الغابات والبيوت، ولكن الى جانب التحقيق المطلوب من اجل العثور على المحرضين، اذا كان يوجد كهؤلاء، يجب الحذر والحرص والمسؤولية، التي ستصد هوس الحرائق السياسي الموجه ضد جمهور كامل من المواطنين الاسرائيليين.

الاخفاق الحقيقي في موضوع رون أراد

في مقالة نشرها في “هآرتس” يكتب د. يتسحاق بايلي، وهو ضابط الارتباط مع حركة امل والمستشار لشؤون الشيعة في وزارة الأمن، ان المعهد الاسرائيلي للديموقراطية، سيعقد يوم الثلاثاء المقبل، امسية فكرية بعنوان “30 سنة على سقوط رون اراد في الأسر”، والتي ستتناول، بشكل عام، موضوع افتداء الاسرى. بطبيعة الحال سيتمحور النقاش حول الجانب التكتيكي، كما فعل مؤخرا عاموس هرئيل، في مقالته “ثلاثة اخفاقات في قضية رون اراد” (هآرتس 14.10). لقد حاول هرئيل تفسير عدم نجاح اسرائيل في العثور على رون أراد – الذي اسرته ميليشيات امل الشيعية بعد تحطم طائرته في جنوب لبنان – واعادته من الأسر، او على الأقل اكتشاف مكان وجوده وما اذا كان على قيد الحياة او ميت.

لقد أشارت المقالة الى العوامل التكتيكية المباشرة التي ادت الى الفشل، ظاهرا، كوقوع اراد في ايدي مصطفى ديراني، شيخ الجناح المتطرف في حركة أمل، المطالب التي طرحتها أمل لإطلاق سراحه، وعدم استعدادنا للإعلان عن اراد كشهيد حتى العام 2005، رغم الادلة على موته في الأسر منذ سنوات الثمانينيات.

لكن الحقيقة ان اختفاء وموت أراد لم ينبعان من اخفاق تكتيكي، وانما من اخفاق استراتيجي أوسع: عدم فهم سياسة جنوب لبنان بكاملها. لم نقيم جيدا مركزية واهمية الشيعة وحركتهم الاصلية، امل، في السياسة المحلية. وهذا الاخفاق لم يبدأ مع سقوط اراد في الأسر، وانما قبل ذلك – بين اجتياح لبنان في 1982 وانسحابنا في 1985 الى الحزام الأمني. نتيجة لتجاهلنا لحركة امل، بقينا لأيام بدون اتصال مع الشيعة المتواجدين خارج الحزام الأمني، وهو اتصال كان من شأنه اعادة أراد منذ الأيام الأولى لأسره.

حلال التخطيط لحرب لبنان الأولى، ركزت شعبة الاستخبارات والموساد، حصرا، على الحلفاء المسيحيين في لبنان (الميجر سعد حداد في الجنوب، والكتائب في الشمال)، وتجاهلنا الشيعة الذين شكلوا حوالي 80% من الجمهور المقيم بين الحدود الاسرائيلية وصيدا، كما تجاهلنا حركة امل التي كانت تخوض الحرب ضد منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان، بقرار ذاتي. ورغم ان الشيعة استقبلوا اجتياح الجيش الاسرائيلي بالزهور (على امل ان يطرد منظمة التحرير من الجنوب)، ورغم ان أمل ساعدتنا في العثور على قادة ومستودعات اسلحة منظمة التحرير، وحافظت طوال عامين، منذ الاجتياح، على علاقات سلام مع الجيش الاسرائيلي، الا ان اسرائيل امتنعت عن التفكير بامكانية عقد تحالف مع الشيعة، وواصلت التفكير بالطائفة المسيحية كحليف حصري. حقيقة ان المسيحيين لم يرحبوا بأي تقارب بين اسرائيل وأمل، ساهمت هي ايضا بتجاهلنا للأهمية الاستراتيجية لهذا التقارب.

بشكل يتفق مع هذه السياسة لم يتسلم الجيش توجيهات من القيادة السياسية لترسيخ العلاقة مع الشيعة، وهو ما قاد الى تجاهل مشاعرهم واحتياجاتهم. وفيما يلي عدة امثلة: في النبطية قامت قوات الجيش باختراق مسيرة “عاشوراء”، العيد المقدس بشكل خاص للشيعة؛ تم اغلاق جسر نهر الأولي الذي استخدمه المزارعون الشيعة لإرسال محاصيلهم الى اسواق بيروت؛ جرت محاولة لإخضاع الجمهور الشيعي في جنوب لبنان لسيادة الميجر المسيحي سعد حداد. هذا التعامل اوضح للشيعة بأنه لا يوجد لهم مكان في الاولويات الاستراتيجية لإسرائيل.

ولذلك، وقبل تحطم طائرة اراد في 1986، تقلصت اتصالاتنا مع أمل الى نسبة الصفر. وفي اليوم التالي للانسحاب في 1985، اتصل بي (وكنت قد اصبحت مدنيا) مسؤول الشاباك الرفيع في جنوب لبنان كي يبلغني بأنني قد استلم محادثة هاتفية من أمل. وعندما سالته عما يعنيه الأمر، شرح لي بأنه قبل يوم ودع قادة أمل في مدينة صور، واعطاهم رقم هاتفي لإمكانية التواصل معهم مستقبلا. وحسب اقواله فقد رفض رجال امل تسجيل رقمي، وقالوا له “اذا احتجنا الى شيء منكم سنتصل بالدكتور بايلي. لدينا رقم هاتفه”. لكن المحادثة لم تصل منهم أبدا.

وهكذا، عندما تم أسر أراد بعد 16 شهرا، لم يكن في الجانب الثاني من يمكن التحدث اليه. كان الأمر مؤلما بشكل خاص، لأن طائرته تحطمت شمال نهر الزهراني، على مسافة ليست بعيدة عن قرية العزية، التي احتجز فيها أراد لمدة اسبوعين على الأقل لدى زعيم امل في المنطقة، مصطفى غدار، قبل تسليمه للديراني. غدار هو ابن عم محمد غدار، قائد ميليشيات أمل في الجنوب، الرجل الذي كان الكثير من اللبنانيين والجيش الاسرائيلي يكنون له التقدير، وكان الزعيم الشيعي الأساسي في جنوب لبنان الذي حافظت اسرائيل على اتصال معه.

كثيرا ما كان غدار يستقبل ممثلي الجيش الاسرائيلي في بيته في العزية، والتحدث معه بود في القضايا المطروحة. لكن هذا الاتصال انقطع في 31 كانون الثاني 1984. ففي ذلك اليوم، قام مكتب تنسيق العمليات في لبنان، برئاسة اوري لوبراني، باحضار وزير الامن موشيه أرنس، لزيارة مفاجئة بدون تنسيق مسبق، في بيت غدار. تلك الزيارة التي شملت كل المركبات التي ترافق زيارة وزير – اغلاق شوارع، حراسة بالدبابات وجنود على سطوح البيوت – احرقت غدار في حركة أمل. وفي اليوم التالي، استدعاه رئيس الحركة نبيه بري للتوضيح، وخلال شهر فصله من منصبه وطرده من أمل. بعد ذلك لم يتبق في جنوب لبنان زعيم بمكانته، والذي كان يمكنه تزويد معلومات حول مكان رون أراد والمبادرة الى مفاوضات عاجلة وفورية لإعادته.

ثمن الاخفاق الاستراتيجي الكامن في عدم فهم مركزية حركة أمل في جنوب لبنان، لم يكن مجرد فشل لمحاولات اعادة رون اراد وهو على قيد الحياة، وانما ادى الى ارتقاء حزب الله وفقدان حياة مئات الجنود الاسرائيليين خلال المواجهات معه. لقد تواصل هذا الاخفاق في سنوات 1987 -1988، ايضا، حين ادارت أمل حربا شاملة ضد حزب الله في الصراع على قيادة الجمهور الشيعي، ورفضت اسرائيل تقديم المساعدة لها. وهكذا تحول حزب الله الى العنصر الرائد في سياسة لبنان كلها، والى تهديد متواصل لإسرائيل.

مشعلو الكراهية

يكتب بن درور يميني، في “يديعوت احرونوت” ان مليون ونصف مليون عربي يعيشون في اسرائيل. فكم منهم شاركوا في اشعال الحرائق؟ عشرة؟ عشرين؟ سنعرف قريبا. كم عربي اسرائيلي، خلافا لانصار حماس والجهاد في غزة والعالم الإسلامي، نشروا مدونات احتفالية او مؤيدة للحرائق؟ لقد بحثت الشرطة، وهناك معتقل واحد من رهط، ليس معروفا لماذا تم اعتقاله. وهناك الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية الذي نشر شجبا واقترح تقديم المساعدة.

لكن الحقائق تذهب الى الجحيم. فلدى بعض رجال اليمين لدينا، بعضهم من خلال التلميح، وبعضهم بشكل مفصل، بدأ الاحتفال. وزير التعليم، نفتالي بينت، بدأ الحملة مع منشور غير تربوي بتاتا، كتب فيه ان “من لا يحب هذه البلاد فقط سيحرقها”.كلمة “عرب” لم تذكر، لكنه يمكن الاعتماد على المتلقين للرسالة. انهم يفهمون. بينت بالذات؟ عندما ادعى رئيس بلدية اشكلون انه لن يسمح للعرب بالعمل لديه، كان بينت اول من صرخ ضده، وجيد انه صرخ. ليس واضحا اذا كان بينت يقصد التحريض، لكنه من الواضح ان عليه التراجع عما كتبه.

الأمر لا يتوقف على بينت فقط. اليمين المتطرف يفعل للعرب الآن تماما ما فعله اليسار لليمين. هناك مشاغبون وقتلة في اليمين، قلة قليلة. انهم لا يمثلون اليمين. غالبية اليمين يتنصل منهم. لكن هذا لم يساعد. المحرضون من اليسار يحبون الصاق القتل والشغب وحتى قتل رابين باليمين، بشكل شمولي قبيح وفظ، تماما كما يلصق المحرضون من المين الحرائق بالعرب الان.

“اذا كانت هناك ادلة على حرائق متعمدة، فليتفضل وزراء اسرائيل ويعرضونها. اما التلميح فيزرع الشيطنة والغضب. هذا يلحق العار بجمهور كامل. خطير!”، كتب عراد نير، رئيس طاقم الأخبار الخارجية في القناة الثانية. انه محق في كل كلمة. لكن نير نفسه، نشر رسما كاريكاتوريا لكارلوس ليتوف، يعرض فيه من احرقوا وقتلوا محمد ابو خضير، وهم يحملون خزان وقود رسمت عليه صورة نتنياهو. نير ليس وحده من ينشر ويدعم ليتوف، بل فعل ذلك ايضا النظام الايراني عندما منحه المكان الثاني في مسابقة للكاريكاتير عن الكارثة. اليمين، على الأقل فكريا، يعرض رسم كاريكاتور مشابه، مع صورة احمد الطيبي على خزان الوقود. ويل للنفاق المقدس.

غالبية الاستطلاعات العميقة في السنوات الاخيرة تبين بأن عرب اسرائيل ليسوا اعداء لإسرائيل. غالبيتهم يريدون الاندماج في دولة اسرائيل، وليس في دولة فلسطين. غالبيتهم يدعمون اتفاقا يسمح لإسرائيل بالتواجد كبيت قومي للشعب اليهودي. هذا لا يعني وجود محرضين. من المؤكد انه يوجد مثلهم. وهم يتواجدون في القيادة أيضا. ولكن باستثناء حدث واحد في رهط، في بداية السنة، حيث طعن فلسطيني من المناطق امرأة واصابها بجراح طفيفة، لم تصب شعرة من رأس أي يهودي في بلدة عربية في اسرائيل، منذ عشرات السنوات. ربما هناك عرب افراد شاركوا في موجة الحرائق، ولكن مقابل كل واحد شارك في الحرائق، هناك الف عربي وصلوا للمساعدة او فتحوا بيوتهم. مع الكثيرين منهم، كما يمكن التكهن، توجد لدى غالبية اليهود خلافات سياسية، لكن محاولة تحويل عرب اسرائيل الى محرقين، او مؤيدين للحرائق، من قبل قسم من اليمين، ليس كل اليمين – تصل حد التحريض والعنصرية.

عزات الرشق، من قادة حماس، كتب ان اليهود “حاولوا منع المؤذن، فأمطرهم الله بالنيران”. وسارع قرينه اليهودي الياكيم لبانون الى الرد عليه: “الحرائق – بسبب إخلاء عمونة”. نحن، يا للعار، ندفع راتب هذا الشخص المجنون، الذي يعمل حاخاماللسامرة. هذا هو تحالف زارعي ومشعلي نار الشيطنة. انها تشمل ليتوف، نير، الرشق ولبانون. لقد قيل في مصادرنا التوراتية “لا تفعل لغيرك ما تكرهه لنفسك”. اعضاء تحالف الشيطنة، من اليسار واليمين، يعملون وفق مبدأ عكسي.

هل كنا مستعدين؟

يكتب غيورا ايلاند، في “يديعوت احرونوت” ان شكل مواجهة طواقم الانقاذ المختلفة للحرائق يستحق التقدير. وليس المقصود فقط الشجاعة، والمهنية والتضحية، وانما، ايضا، الخطوات الصحيحة التي تمت في اعقاب “كارثة الكرمل”، مثل نقل سلطة المطافئ الى وزارة الامن الداخلي، وتجنيد قوى بشرية، وشراء معدات وبناء سرب طائرات لإخماد الحرائق. فلولا هذه لما افادت كل شجاعة وجهود عمال المطافئ وقوات الشرطة في الميدان. ولكن، ايضا، في الوقت الذي يتواصل فيه اندلاع النيران، من الصواب لفت الانتباه الى امرين: الاستعداد العيني للحدث، والاشتباه بقيام العرب بإشعال الحرائق.

حالة الطقس في الأيام الأخيرة متطرفة. مزيج من الحرارة والجفاف والرياح القوية. وبما ان حالة الطقس هذه كانت السبب الرئيسي لتوليد ظروف الحريق، وبما ان التوقعات تصل قبل يومين او ثلاثة مسبقا، يطرح هنا السؤال عما اذا كان جهاز الانقاذ مستعدا قبل اندلاع الحريق في زخرون يعقوب.

لدى الجيش الاسرائيلي الذي مر بأحداث واخطاء في الماضي، تعريفات واضحة لحالات التأهب المختلفة. وتكمن الميزة في انه عندما يعرفون مسبقا حالات التأهب، فانهم يحددون مسبقا قائمة العمليات التي سينفذها كل مستوى بشكل فوري. في حالة التأهب، كما املتها حالة الطقس، كان يمكن توقع الزيادة المسبقة لطواقم الرصد وطائرات الرصد (خاصة غير المأهولة)، وتجنيد متطوعين، وتوجيه تحذيرات متكررة عبر وسائل الاعلام، واتخاذ التدابير لوصول الطائرات من دول اخرى. وهذا كله، طبعا، كان يجب ان يتم مسبقا. لكن هذا، كما يبدو لي، لم يحدث.

جهات الاطفاء تقول انه يمكن اخماد حريق بواسطة كأس ماء، اذا عرفنا كيف نشخصه في الوقت المناسب. في 2013، ضربت القدس موجة برد قاسية، وهذا ليس لأنه لم تتوفر الوسائل، وانما لأنه لم يتم تعريف حالة التأهب مسبقا وفقا للخطورة المطلوبة. بعد عامين، كان تحذير مشابه، لكن موجة البرد كانت اخف من المتوقع. والكثير من القوات التي تم وضعها في حالة تأهب جلست من دون ان تفعل شيئا. لا شك ان الوضع الثاني افضل: تكلفة رفع حالة التأهب اكثر من اللزوم تبقى اقل من تكلفة الحادث الأخطر من الاستعداد المسبق له.

خلال العقد الأخير، حققت كرجل احتياط في الجيش، في حادثين قاسيين: اختطاف غلعاد شليط والاسطول التركي. في كلا الحالتين تم التحقيق في الحادث داخل التنظيم، وفي كلا الحالتين، كانت هناك جهات كثيرة، بذلت كل جهد من اجل تنفيذ الامور بشكل جيد، لكنها ارتكبت ايضا اخطاء مهنية، ولذلك فقد كانت الاستنتاجات ايضا ملائمة: الى جانب الاطراء على الجنود (مثلا جنود البحرية الذين اعترضوا مرمرة)، تم استخلاص العبر، واجراء تصحيح اساسي لما يجب تصحيحه، وتم هذا كله من دون “قطع رؤوس”. احداث الأيام الاخيرة تلزم القيام بخطوات مشابهة في تنظيمات الانقاذ: بدون لجان تحقيق، وبدون مراقب الدولة، وانما من خلال اجراء اساسي وشفاف. التنظيم الجيد هو التنظيم الذي يعرف كيف يحقق مع نفسه.

في نهاية الأسبوع، بدأنا نسمع تصريحات سياسية: في اليمين ادعوا ان العرب يتحملون المسؤولية عن الحرائق، بينما اطلق الساسة العرب نفيا قاطعا. يبدو ان الجانبان لم يدققا. من الواضح بما يكفي انه كانت حرائق اشعلها عرب، ويمكن الافتراض بأنهم فعلوا ذلك لأسباب قومية، لكن ليس المقصود “انتفاضة حرائق”، وبالتأكيد ليس من قبل يد موجهة واحدة. يجب معاقبة الافراد الذين فعلوا ذلك بكامل الخطورة، ولكن من المناسب ان ينتقد المجتمع العربي نفسه ويسأل لماذا ينمو لديه منفذو العمليات – حملة السكاكين او مشعلي الحرائق.

جيد وجود جار قريب

تكتب سمدار بيري، في “يديعوت احرونوت” ان احد رجال الامن الكبار في مصر، الذي اصر على التكتم على اسمه، اقترح امس، تفسيرا اصيلا للسؤال الذي يغرق المواقع الاجتماعية ويحظى بآلاف التعقيبات السامة: لماذا قرر النظام المصري الغارق في ازماته الداخلية “الركض” نحو “العدو” وارسال مساعدات لإخماد الحرائق في “الكيان الصهيوني”؟

في خضم الانتقادات الموجهة اليه في القاهرة وواشنطن، تهاجم الالسن المسمومة السيسي في هذا الموضوع ايضا. الهاشتاغ في “تويتر”: “اسرائيل تحترق” ينصح بوقف انتفاضة السكاكين الفلسطينية والتكاثف والنظر باستمتاع الى امتداد النيران.الهاشتاغ الاكثر شيوعا “لعنة المؤذن”، يربط بين الجريمة والعقاب: المبادرة لإسكات مكبرات الصوت في المساجد، والتي جاء بعدها “الحريق من عند الله”. وينصح هؤلاء الرئيس السيسي يترك اسرائيل تحترق.

لكنه حسب الاستراتيجي المصري الرفيع، فان السيسي يعرف ما الذي يفعله: لأسباب موضوعية فقط ارسل الى اسرائيل طائرتين لإخماد الحرائق. حسب التقييمات في القاهرة، كما يدعي، يمكن لهذه الحرائق ان تصل الى المفاعل النووي في ديمونة، واندلاع النار في هذه المنشأة الحساسة سيهدد مصر ايضا. انتبهوا الى المسافة بين ديمونة والاراضي المصرية السيادية، اجروا حساب الضرر وستفهمون لماذا عندما اتصل نتنياهو بالسيسي، ارسلت مصر الطائرات على الفور. هذا ليس بفعل الحب، معاذ الله، وانما بسبب حسابات باردة وحكيمة.

تحت عنوان “جارك قريبك”، نشرت السفارة الاسرائيلية على صفحتها في الفيسبوك، كلمة شكر للدول التي ساعدت على اخماد الحرائق. القارئ – وهناك مئات الاف المتابعين للصفحة الاسرائيلية – يحصل على قائمة الدول في “الحي” الذين تطوعوا بمبادرة منهم او استجابوا لتوجه نتنياهو. على رأسها تركيا، مصر، الأردن (ثماني سيارات اطفاء) والسلطة الفلسطينية (سيارات اطفاء وطواقم تعمل الى جانب محاربي النار لدينا).

هذا الحادث، ايضا، يبرز الفجوة الضخمة بين السلطة والشارع. نظرية المؤامرة، التي يحبها العالم العربي، خلقت شائعات حول عمق التزام الحكام العرب وحجم ديونهم لإسرائيل. الشارع يبرز عدد الفلسطينيين الذين اعتقلوا بشبهة الاحراق “بسبب اعصاب نتنياهو”، ويدعو الحكام لترك “العدو” يحترق.

الحكام من جانبهم يصمتون. وصمتهم هذا يغضب الشارع بشكل اكبر. من المثير الملاحظة بأن المساعدة التركية لإسرائيل تمر من دون عواصف هناك. فهناك لم ينسوا تجند اسرائيل خلال الهزة الارضية. بعد قرار اعادة السفراء، يتم التعامل مع المساعدة التركية كلفتة “طبيعية” ستساعد اردوغان وحكومته في التنظيمات الدولية الهامة.

من المثير، ايضا، تعقب الرياح التي تهب من السعودية. في منتصف الأسبوع، اجرى ولي العهد، الامير محمد، تغييرات دراماتيكية في قيادة صحيفتي “الحياة” و”الشرق الاوسط”. الحرائق في اسرائيل تحظى لديهم بتغطية واسعة، خاصة بالصور، ومن دون شماتة. كما انهم ينشرون التقارير، من دون انتقاد، عن تجند العرب. هل اقترح الامراء الرواد في الرياض، الذين تتعزز العلاقات بينهم وبين الاجهزة لدينا من وراء الكواليس، تقديم المساعدة؟ لا توجد حدود للخيال الجامح.

عندما ستهدأ النيران، سيكون من المثير تعقب سلوك نتنياهو. طواقم المطافئ الفلسطينية التي تعمل مع الطواقم الاسرائيلية هي ليست مسألة هامشية. هذه فرصة يجب رفعها والمضي قدما. اذا كان فلسطينيون متورطون في الحرائق فليهتم بمعاقبتهم. اذا لم تتردد اجهزة الامن الفلسطينية في التجند، لا يكفي نشر شكر على الفيسبوك، وانما يجب المفاخرة في الموقع العربي لمكتب رئيس الحكومة. هذا هو الوقت للاتصال بالسيسي واردوغان وعبد الله وابو مازن، الجار الأقرب، الذي امتدت النيران في نهاية الاسبوع الى اراضيه، أيضا.

ليس ارهاب افراد بل ارهاب منظم

يكتب دان مرجليت، في “يسرائيل هيوم” انه لا مكان لاتهام الجمهور العربي بموجة الحرائق. نواب القائمة المشتركة اعربوا عن اشمئزازهم، السكان اعربوا عن استعدادهم للمساعدة، والسلطة الفلسطينية ارسلت معداتها لمساعدة محاربي النار. لا مكان للتحريض. ولكن بشكل لا يتناقض مع هذا، اقترح على الشرطة والشاباك الخروج من المربع المفاهيمي، وعدم اعتبار النار الغريبة فصلا اخر من نوع انتفاضة السكاكين.

صحيح، ان فصل السكاكين يتغذى من التحريض على الشبكة الاجتماعية ومن قرار افراد – كل لوحده- رفع سكين واصابة يهودي. وهناك دلائل كهذه في موضوع النار. الشرطة والشاباك يكتفيان بذلك، ومن مجمل التحقيقات التي تنشغل بمشبوهين عرب من اسرائيل وماكثين غير قانونيين وفلسطينيين من المناطق، تستنتج ان هذه المرة، ايضا، لا توجد يد موجهة، رئيسية، قيادية، ومراقبة.

في هذه النقطة اقترح عليهم “اجراء حساب” وفحص الامور وفق توجه “العكس بالعكس”، لأن العمل المنظم لإشعال الحرائق يحتاج الى وقت ومحادثات اطول مما يتطلب اقدام احد على اتخاذ قرار ارتجالي بتناول سكين مطبخ والخروج للقتل، ولأن اكثر من مخرب واحد يشارك في العمل، والمواد ليست متوفرة بشكل يومي.

اذا تمكنوا من تنظيم انفسهم بهذه السرعة، التي لا تتعدى عدة ساعات بين حدث وآخر، فهذا يثير التخوف، او على الاقل واجب فحص ما اذا لم يتم اعداد الامور مسبقا، في اطار تنظيم تلقى ارشادات من عنصر رئيسي (ان لم يكن قطريا، فسيكون اقليميا، وقد حدث مثل هذا الامر في 47، قبل تدخل الجيوش النظامية في حرب التحرير).

في الشرطة والشاباك معنيين بالتفكير بأن المقصود عمل افراد. فلو تبين غير ذلك، لكان قد ثار السؤال: لماذا ناموا خلال وردية الحراسة؟ هل انشغل الكثير من العرب في الاستعدادات ولم تعرف الجهات الأمنية الاسرائيلية بذلك؟ هذه سياسة النعامة، لكن نظرة الى الواقع من اجل احباط الحرائق في المستقبل اهم من الاحداث غير السارة الآنية. واجب الفحص يجب ان يطرح على طاولة القائد العام للشرطة ورئيس الشاباك.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا