الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقات43 عاما حرمت هوازن من امها

43 عاما حرمت هوازن من امها

ولدت هوازن في مدينة سورية على بعد كيلومترات، من وطنها فلسطين، المحاط بالسياج والحدود المدججة بالنيران والمراقبة، وعلى قدرٍ شاء لها أن تبتعد عن والدتها وهي أبنة عام واحد فقط، لظروف اجتماعية بين والديها، وبقيت في كنف عماتها حتى عام 1995 حيث تزوجت من فلسطيني يقيم في قطاع غزة، استطاع أن يحقق حلمه بالعودة مصطحباً معه زوجته الشابة هوازن.

وعاشت هوازن حسب ما روته لـ(أمد) في قطاع غزة، وانجبت من الأولاد والبنات ما أشغلها عن ماضٍ لم يعد له غير ذاكرة باهتة، وبعض الأمنيات المحشوة في أسئلة الملح لبحر يحرس ضفتي المحبين.

وهوازن الفلسطينية، كبرت وهي تبحث عن والدتها التي حرمت منها، ولا تعرف عنها شيئاً، ولا تحفظ لها ملامح وجه، ولا طلة ، وكل مافي مخيلتها أم لها تعيش في هذا الكون، المحشو بالبشر، وشكوك تروادها مع كل سنة تمر عليها، برحيل أمها عن عالمنا الجودي، ولكنها لا تعرف أين وكيف رحلت، لتعود الى الأمل النحيف مرة أخرى وتصدق حدسها بأن أمها مازالت على قيد الحياة.

واليوم 23 والعشرين من ابريل ، تتمم هوازن عامها الـ 43، وفي عيد مولدها يرن هاتفها المحمول، الرقم دولي ومجهول، فتح خطها لكي تعرف من يطلبها، فأذا بصوت يسري في عروقها، وسرعان ما أخذت مشاعرها ترتعش، وتفل صدأ السنين الطويلة، وهي تكرر سؤالها، هل أنت فعلاً أمي.. أمي .. أرجوكي أنت أمي.. الصوت المصلوب على مرايا النفس السائلة، لا تتماسك من غير بلل الخدين بدمع يروي اللحظة ويخفف من عطش الحنين.

نعم هوازن تصل الى أمها التي تركت سوريا، بسبب الأحداث المأسوية، وتهاجر مع الكثيرين الى ألمانيا، ومن هناك راحت تسأل عن ابنتها، التي لا تعرفها ولا تعرف لها تضاريس، معلومة واحدة وصلتها، إنها في غزة، ومن هذه المعلومة تابعت حثيثاً سعيها، لكي تصل الى ابنتها التي تركتها وهي طفلة رضيعة ابنة عام واحد.

المكالمة المفاجئة، تفتح طريقاً الى أمل كاد أن يتسلل الى الغياب، بعيداً حيث يرقد هزيلاً متلاشياً، وغير ممكناً ، ليعود بباقة نور واسعة، وعنفوان يدفع المتباعدتين الى اللقاء، فبين غزة والمانيا مسافة معلومة، وعناوين محددة، والمساعي قد تقرب وهذا حلم هوازن اليوم بلقاء يكون مولداً جديداً لها ، وحضناً دافئاً يأخذها الى سلام نقي، وإن أصبحت أماً وجدة.

الفلسطيني الذي عاش مأساته نفياً ووطناً، يواصل صناعة الحياة على أضيق رقعة، ليكون ما يريد، وينتصر على حرمان غليظ، غرق به ولم يغرق فيه.

هوازن تناشد اليوم الجهات المسئولة في كل مكان أن يحققوا لها حلمها وتصعد طائرة، تتجه بها الى ألمانيا، حيث تلتقي بمن حرمت منها ، وعاشت عمرها كله تسأل عنها، وتنام لتصحو على أملٍ قد ينسج لها خيطاً ولو رفيعاً يوصلها الى أمها.

المناشدة تستحق، والفرح صناعة النبلاء.

عن أمد

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا