الرئيسيةأخباراسرائيليةأضواء على الصحافة الاسرائيلية 26 – 27 مايو/أيار 2017

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 26 – 27 مايو/أيار 2017

الحكومة ستصادق على مشروع القطار الجوي في البلدة القديمة في القدس

تكتب “يديعوت احرونوت” انه بمناسبة احتفالات الخمسين لتوحيد القدس، ستصادق الحكومة، يوم الاحد، على مشروع القطار الجوي في القدس، الذي يقوده وزير السياحة ياريف ليفين. وسيوفر القطار الجوي حلا لمصاعب الوصول الى حائط المبكى، ويسمح بالوصول السريع والمريح لحوالي 130 الف زائر وسائح يصلون الى حائط المبكى كل اسبوع. ومن المقرر ان يعمل القطار الجوي مستقبلا بين المحطة، مرورا بجبل الزيتون وحتى باب المغاربة، ويمكن منه مشاهدة القدس ومواقعها من الأعلى.
ويصل طول المسار المخطط الى حوالي 1400 متر، ويمكن ان تسير عليه 40 عربة تحمل كل منها عشرة مسافرين، بسرعة 21 كلم في الساعة. وسيمر القطار في اربع محطات، هي محطة القطار، محطة شارع همفكيد، محطة جبل صهيون ومحطة حائط المبكى. وسيكون سعر السفر في القطار مساويا لسعر السفر بالباص.
ويعتبر هذا المشروع بالغ الحساسية من ناحية سياسية، لأن القطار يجتاز الخط الاخضر، ويفترض ان تقوم احدى محطاته في منطقة تسيطر عليها جمعية المستوطنين “إلعاد” (التي ستساعد في تمويل جزء من المشروع). وكانت الشركة الفرنسية التي كان يفترض ان تنفذ المشروع، قد اعلنت انسحابها منه بسبب الضغوط السياسية وتوجيهات وزارة الخارجية الفرنسية.
كما يواجه المشروع المعارضة بسبب عشرات الاعمدة الضخمة التي ستقام على مسافات قصيرة من الاماكن الاكثر حساسية من ناحية دينية، من بينها اسوار البلدة القديمة، الكنائس والحرم القدسي. وقالت وزارة السياحة ان القطار سيخدم كل سكان القدس، اليهود والعرب، وعشرات الاف السياح الذين يصلون الى القدس، وسيختصر فترة الوصول الى الاماكن المقدسة في البلدة القديمة، علما ان طرق الوصول الى هذه الاماكن ضيقة ومكتظة جدا بسبب المبنى الطوبوغرافي للبلدة القديمة، ولا يمكن توسيع هذه الطرق او شق مسارات جوفية اخرى. وكما سبق ونشرت “يديعوت أحرونوت” فان الحكومة ستصادق، ايضا على انشاء مصعد كهربائي لحائط المبكى.

حزان ينشر صورة مستفزة يظهر فيها كأنه يقتلع قبة الصخرة من مكانها

تكتب “يديعوت احرونوت” انه بعد ثلاثة ايام من صورة السلفي التي التقطها النائب اورون حزان مع الرئيس ترامب، وصل حزان امس الى حائط المبكى، وخلال النزول على الدرج توقف وتصور بشكل يظهره وكأنه يرفع قبة الصخرة من مكانها في الرحم القدسي. وتم يوم اسم نشر الصورة على صفحة برنامج “الانبوب”، وعلى الفور اثارت عاصفة. وقال حزان لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “انا احترم الاماكن المقدسة مهما كانت لكل الديانات ولا يوجد في هذه الصورة ما يستفز. يسرني انني نجحت بإعلاء السؤال الحقيقي: هل جبل الهيكل في ايدينا؟”

الغاء جولة للسفراء في نفق القطار السريع الى القدس لرفض سفراء اوروبا المشاركة فيها

تكتب صحيفة “هآرتس” ان وزارة المواصلات الاسرائيلية اضطرت لإلغاء جولة للسفراء الاجانب لدى اسرائيل في نفق القطار السريع الى القدس، في ضوء رفض السفراء المشاركة في الحدث بادعاء ان احد الانفاق يمر في مناطق الضفة الغربية، التي يعتبرها المجتمع الدولي مناطق محتلة. وقال مسؤولون اسرائيليون كبار، طلبوا التكتم على اسمائهم بسبب حساسية الأمر، انه قبل عدة اسابيع قررت وزارة المواصلات اجراء جولة على مسار القطار السريع لأعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي في اسرائيل. وكان الهدف هو عرض ما اعتبر احد مشاريع البنى التحتية الكبيرة في البلاد، الذي يجري العمل عليه بمشاركة شركات دولية كبيرة.
وبناء على طلب من وزارة المواصلات بعثت وزارة الخارجية بدعوات لكل السفراء الاجانب في اسرائيل واقترحوا عليهم المشاركة في الجولة التي كانت مخططة لبداية شهر حزيران المقبل. ولم تعتقد الوزارتان بأن هذه الجولة ستسبب مشاكل، الا انه سرعان ما اتضح بأن الزيارة في انفاق قطار القدس تحولت الى مسألة مختلف عليها. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع ان سفراء دول الاتحاد الاوروبي ابلغوا وزارة الخارجية بأنهم لن يشاركوا في الجولة.
وقال مسؤول رفيع انه تبين من فحص اجرته وزارة الخارجية بأن سفير الاتحاد الاوروبي لارس فابورغ اندرسون حاول اقناع السفراء بعدم المشاركة في الجولة لأن جزء من المسار يمر في المناطق (C) في الضفة، التي تسيطر عليها اسرائيل. وقال مسؤول اوروبي رفيع، رفض كشف اسمه، انه بعد تلقي الدعوات طرح بعضهم الموضوع خلال الاجتماع الاسبوعي الذي يعقده سفير الاتحاد الاوروبي مع سفراء دول الاتحاد لدى اسرائيل. وخلال الاجتماع سأل فابورغ السفراء ان كان احدهم يرغب بالمشاركة في الجولة، وعرض امامهم حقيقة مرور قسم من السكة الحديد وراء الخط الاخضر، وقال ان المقصود مشكلة من المناسب اتخاذ قرار جماعي بشأنها. وقال بعض السفراء انهم لن يتمكنوا من الوصول بسبب انشغالهم بأمور اخرى، فيما قال اخرون انهم لا يرغبون بالمشاركة لأسباب سياسية، بينما قال قسم ثالث انهم سيوافقون على ارسال الملحق الاقتصادي وبالتالي عدم منح الجولة أي طابع سياسي.
وقال الدبلوماسي الاوروبي انه بعد نقاش قصير تقرر عدم مشاركة السفراء في الجولة. وفي اعقاب ذلك ابلغ السفراء وزارة الخارجية بأنهم لن يشاركوا في الجولة. وقال مسؤول اسرائيل رفيع ان بعض السفراء اوضحوا رفضهم المشاركة بسبب مرور القطار وراء الخط الاخضر. وبعد ذلك اجرت وزارتا المواصلات والخارجية تقييما للأوضاع وفهموا هناك بأن قرار سفراء الاتحاد الاوروبي قد يجر قرارا من قبل سفراء اخرين وتحويل الجولة الى حادث دبلوماسية محرجة، ولذلك تقرر تأجيل الجولة الى موعد آخر، وتبليغ السفراء الاجانب بذلك.
وقال مسؤول في وزارة المواصلات ان المقطع الذي يمر فيه القطار وراء الخط الاخضر يصل الى عدة مئات من الامتار فقط. وقد فوجئوا في الوزارتين الاسرائيليتين من قرار سفراء الاتحاد الاوروبي واعتبروه نوعا من المقاطعة، يمكنه ان يحول القطار السريع الى مسألة مختلف عليها في نظر المجتمع الدولي.
وقال مسؤول اوروبي رفيع ان قرار عدم المشاركة في الجولة كان موضعيا ولا توجد أي نية لتحويله الى مسألة مختلف عليها. وقال الدبلوماسي ان “الدبلوماسيين الاوروبيين يستخدمون شارع 443 الذي يقوم وراء الخط الاخضر وسيستخدمون هذا القطار لدى تفعيله”. واكد سفير الاتحاد الاوروبي فابورغ اندرسون انه قرر عدم المشاركة في الجولة، لكنه رفض الرد على اسئلة “هآرتس” في هذا الموضوع.
من جهته قال وزير المواصلات الاسرائيلي يسرائيل كاتس ان “خط القطار هو مشروع قومي يربط عاصمة اسرائيل بكل انحاء البلاد ومقام بناء على قوانين دولة اسرائيل لصالح كل سكان المنطقة، وبمصادقة المحكمة العليا”. وقال انه تمت دعوة السفراء لرؤية المشروع والانطباع منه. وتدخل سفير الاتحاد الاوروبي ومحاولاته منع مشاركة السفراء يشكل تدخلا في الشؤون الداخلية لإسرائيل. اذا قرروا مقاطعة القطار السريع للقدس فسأتوجه شخصيا قبل الموعد الجديد للجولة، الى سفراء الدول التي تشارك شركات منها في المشروع واطلب منهم الوصول”.
يشار الى ان الادارة المدنية صادرت في تشرين الثاني 2010 مساحة 50 دونما من اراضي قرية بيت اكسا في الضفة الغربية لصالح مشروع القطار السريع بين القدس وتل ابيب. وبعد نصف سنة اعلنت شركة القطارات الحكومية الالمانية “دويتشي بان” بأنها ستنسحب من المشروع لأنه يمر وراء الخط الاخضر. ونشرت صحيفة “دير شبيغل” في حينه ان وزير المواصلات الالماني قال للمدير العام للشركة ان المشروع اشكالي من ناحية سياسية، ويخرق القانون الدولي.

حماس تعدم ثلاثة اتهمتهم باغتيال فقها

كتبت “هآرتس” عن قيام وزارة الداخلية في سلطة حماس في غزة، عصر الخميس، بإعدام ثلاثة فلسطينيين سبق وادانتهم باغتيال المسؤول العسكري في حماس مازن فقها. وكانت الوزارة قد اعلنت في الاسبوع الماضي بأن الثلاثة اعترفوا بأنهم عملوا في خدمة اسرائيل. وتم اعدام اشرف ابو ليلى (38 عاما) رميا بالرصاص داخل منشأة مغلقة تابعة للوزارة في غزة. وقد ادين ابو ليلى بإطلاق النار على فقها. اما مساعداه هشام العالول (43 عاما) وعبدالله احمد (38 عاما) فقد تم اعدامهما شنقا. وجرت عملية الاعدام في منطقة مغلقة وبحضور عدة مدعوين فقط.
وكانت المحكمة العسكرية في غزة قد فرضت على الثلاثة الحكم بالإعدام يوم الاحد الماضي. وخلال مؤتمر صحفي عقدته حماس، قال المدير العام لوزارة الداخلية توفيق ابو النعيم، ان الثلاثة اعترفوا بتلقي اوامر من اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لتنفيذ الاغتيال. وحسب ابو النعيم فقد تم اختيار ابو ليلى بحرص من قبل اسرائيل بهدف حرف الانظار عن مسؤوليتها.
واعربت تنظيمات لحقوق الانسان عن معارضتها القاطعة للإعدام، بل توجهت خلال الاسبوع الى سلطات حماس طالبة اعادة محاكمة الثلاثة. وحسب هذه التنظيمات فان المحاكمة لم تكن عادلة ولم تتفق مع المبادئ الدولية المعروفة. فمثلا لم يسمح للثلاثة بالالتماس ضد القرار، وتم تنفيذ الحكم بسرعة. وقال سارة ليئة ويتسون، مديرة قسم الشرق الاوسط في منظمة Human Rights Watch، ان “الاعدام السريع للأشخاص اعتمادا على قرار المحكمة العسكرية الخاصة والذي لا يمكن الاعتراض عليه وبعد عدة ايام فقط من الاعلان عن اعتقالهم وبث اعترافاتهم المصورة، يدل على ان المقصود سلطة ميليشيات وليست سلطة قانون”.

اسرائيل ستقلص تزويد الكهرباء لقطاع غزة

تكتب “هآرتس” ان منسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي، قال يوم الخميس، ان اسرائيل ستقلص تزويد الكهرباء لقطاع غزة، وذلك في اعقاب قرار السلطة الفلسطينية تقليص الثمن الذي تدفعه لإسرائيل مقابل الكهرباء الذي تزوده للقطاع.
وفي لقاء اجرته معه شبكة BBC باللغة العربية، قال مردخاي ان اسرائيل هي مزود الكهرباء الوحيد للقطاع، لأن محطة الطاقة في القطاع لا تعمل، والخطوط القادمة من مصر لا تنقل الكهرباء. ولم يكشف مردخاي متى سيتم تقليص الكهرباء وبأي حجم، وحمل حماس المسؤولية عن ازمة الكهرباء في القطاع. وحسب مردخاي فان تقليص الكهرباء هو مسألة فلسطينية داخلية، لأن السلطة الفلسطينية بعثت برسالة الى اسرائيل بشأن تقليص مدفوعات الكهرباء.
وقال ان “الحد المتوسط من الكهرباء التي نحولها الى غزة، 125 ميغا، يكلف 40 مليون شيكل. وقد بعثت السلطة الفلسطينية برسالة رسمية تقول فيها انها معنية بتحويل ما بين 25 -30 مليون شيكل، وهذا يعني انه سيتم تقليص الكهرباء للقطاع. هذه مسألة داخلية فلسطينية وليست اسرائيلية فلسطينية”. وهاجم مردخاي رجال حماس وقال: “الكهرباء تذهب للأنفاق ولفتحي حماد، المسؤول في حماس المتزوج من اربع نساء، وثلاثة بيوت وكهرباء على مدار الساعة، بينما يحصل 2 مليون نسمة على الكهرباء لاربع ساعات يوميا. هذا منطقي؟ حماس تفضل مصالحها ومصالح قادتها”.
وكانت السلطة الفلسطينية قد اعلنت بأنها ستتوقف عن دفع ثمن الكهرباء الذي توفره اسرائيل للقطاع، علما ان اسرائيل كانت تقلص لقاء هذه الكهرباء مبلغ 40 مليون شيكل من المستحقات الضريبية للسلطة الفلسطينية. وجاء قرار السلطة على خلفية المواجهة الداخلية الشديدة مع حماس حول السيطرة على القطاع، وهذه خطوة ملموسة اولى في اطار تغيير سياسة السلطة ازاء سلطة حماس في القطاع. ومن المتوقع ان يؤدي قرار وقف دفع ثمن الكهرباء الى تعميق ازمة الكهرباء في القطاع.

عباس يناقش موضوع الاسرى مع غرينبلات

كتبت “هآرتس” ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التقى يوم الخميس، في المقاطعة في رام الله، مع المبعوث الامريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات، وناقش معه موضوع اضراب الاسرى الفلسطينيين عن الطعام في السجون الاسرائيلية. وقالت مصادر رفيعة في ديوان الرئيس عباس ان اللقاء ركز في غالبيته على اضراب الاسرى ومطالب الفلسطينيين من البيت الأبيض بالتدخل في الموضوع.
وفي ختام اللقاء بين الاثنين قال عباس ان “قضية الاسرى حساسة وصعبة ونحن نريد من الامريكيين التدخل لكي نتسلم اجوبة من اسرائيل حول التزمها بالتجاوب مع مطالب الأسرى”. وقال عباس انه “لا يوجد أي سبب لرفض المطالب لأن المقصود مطالب مشروعة وانسانية”.
وقال مسؤول فلسطيني لصحيفة “هآرتس” ان غرينبلات سيلتقي نتنياهو ويفترض ان يحضر اجوبة منه خلال اليوم القريب. واضاف: “هذه مسألة حساسة جدا والامريكيون يفهمون ابعادها على الأرض خصوصا اذا ادى الإضراب الى موت اسرى او اشعال الأرض. لقد اوضحنا لغرينبلات ان هذه المسألة مطروحة في مقدمة جدول اعمال الجمهور الفلسطيني”.

الشرطة تكذب لتبرر اكذوبة وزيرها

تكتب “هآرتس” ان مكتب الناطق بلسان الشرطة، اعلن يوم الخميس، انها حققت في حادث الطرق الذي وقع في تل ابيب يوم الاثنين الماضي، قبل ساعات من زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، حتى الساعة الثالثة بعد الظهر. ويتعارض هذا البيان مع البيان السابق الذي اصدره الناطق في الساعة 11:45 قبل ظهر اليوم نفسه، أي قبل وصول ترامب الى البلاد.
ويأتي البيان الجديد كما يبدو لتبرير سلوك وزير الامن الداخلي غلعاد اردان، الذي استغل مصافحته للرئيس ترامب خلال مراسم الاستقبال في المطار الساعة 13:00 ظهرا، ليخبره بأن حادث الطرق الذي وقع في تل ابيب والذي اصيب خلاله ثلاثة اشخاص كان عملية ارهابية!
وكان الناطق بلسان الشرطة قد نشر في يوم الحادث بيانا جاء فيه ان “الحادث في شارع يافا هو حادث طرق”. بل اوضح البيان ان “سيارة اصابت دراجة نارية فأصابت الدراجة راكب دراجة هوائية، وهناك عدة اصابات طفيفة”. وعززت البيانات التي صدرت عن نجمة داوود الحمراء في حينه بأن ما حدث هو حادث طرق، وعلى الرغم من ذلك فقد ادعى اردان امام ترامب ان ما حدث هو عملية ارهابية. ويوم الخميس اصدرت الشرطة بيانا مناقضا لبيانها الاول ادعت فيه انه بعد الساعة الثالثة فقط تبين لها بأن ما حدث هو حادث طرق!

رؤوس الاموال اغدقوا ملايين الشواكل على درعي وزوجته

كتبت “هآرتس” انه من المتوقع ان يتم خلال الايام القريبة التحقيق مع وزير الداخلية ارييه درعي وعقيلته يافه، على خلفية ملايين الشواكل التي اغدقها عدد من اصحاب رؤوس الاموال ومسؤولين كبار في الاقتصاد الاسرائيلي والبنوك، على جمعية التعليم الديني الحريدي “مفعالوت سمحاه” التي تديرها زوجة درعي، وتشغل فيها ابنتهما شيفي سننانس، منصب المديرة العامة. وسيطلب من درعي التطرق الى طريقة تمويل العقارات التي اشتراها درعي في السنوات الاخيرة، بما في ذلك بيته في بلدة صفصوفا.
وكان المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت، قد قرر في اذار الماضي، فتح تحقيق ضد درعي بشبهة الفساد. واستغرق التحقيق عدة اشهر. ويشار الى ان جمعية “مفعالوت سمحا” تعتبر مشروع حياة يافة درعي، فهي تدير مدرسة ثانوية ومدرسة داخلية للبنات وكلية للمعلمات والحاضنات. ومنذ تأسيسها عام 1997 اتسع نشاطها بشكل متواصل، وكذلك الميزانيات التي تحصل عليها من الدولة، بين 10 و15 مليون شيكل سنويا، خاصة من وزارة التعليم. والى جانب الاموال العامة حصلت الجمعية على تبرعات سخية من شركات كبيرة ومن رجال اعمال كبار، من المتدينين والعلمانيين.
وفي 2011 عرض المدير العام السابق للجمعية، ايصالات ادعى انها تثبت بأن الاموال التي حصلت عليها الجمعية من الدولة ومن متبرعين، استخدمت لتمويل احتياجات ابناء عائلة درعي – رحلات الى الخارج، ملابس، منتجات غذائية، اسهم في البورصة. ولكن يافة درعي نفت ذلك وعينت فاحصا للجمعية. ومع ذلك واصل مسجل الجمعيات توفير شهادة الادارة السليمة سنويا الى الجمعية، ما اتاح لها مواصلة الحصول على تمويل رسمي.
وادعت الجمعية في تعقيبها ان “وزير الداخلية درعي ليس ضالعا بتاتا في نشاط الجمعية، ولا يعرف عنها”. كما جاء في البيان ان يافة درعي عملت طوال 20 سنة متطوعة في الجمعية، ولم تحصل حتى على المصروفات. وقبل شهرين فقط بدأت بتلقي راتب شهري من الجمعية”.

الشرطة كانت تعرف عن جرائم زئيفي منذ السبعينيات ولم تحقق ضده

تكتب “هآرتس” انه يستدل من بروتوكولات وافادات ادلى بها قادة كبار في قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، في اواخر سنوات السبعينيات من القرن الماضي، والتي كشف النقاب عنها مؤخرا، ان الشرطة كانت تملك معلومات منذ ذلك الوقت حول تورط الوزير القتيل رحبعام زئيفي بعالم الجريمة المنظمة في اسرائيل، وذلك قبل وقت طويل من الكشف في اطار برنامج “عوفداه” في التلفزيون الاسرائيلي أن زئيفي أقدم على مخالفات التحرش الجنسي والاغتصاب.
ويستدل من الوثائق التي كشف النقاب عنها مؤخرا انه كان في الشرطة من رغب بفتح تحقيق ضد زئيفي في حينه، لكن ذلك لم يتم. وتم في حينه تقديم الاف الوثائق الى لجنة التحقيق برئاسة المحامي ايرفين شيمرون، واستمعت اللجنة الى عشرات الشهود. ووصل قسم من هذه الوثائق التي اعتبرت سرية، الى صحيفة “هآرتس” ويتبين منها ان الشرطة كانت تملك في حينه معلومات استخبارية نسبت لزئيفي الضلوع في صفقات سموم وتهريب مجوهرات وشراء اسلحة يستخدمها الجيش للمجرمين في اسرائيل، كما كان له دور في ممارسة الضغط والتهديد على اصحاب اراضي فلسطينيين.
ويشار الى ان مصدر المعلومات في حينه كان اشكاليا، اذ انه مجرم يدعى ميخا روكنشتاين، الذي كان ضالعا في سرقة المجوهرات في 1976، وحاول الحصول على تسهيلات مقابل تسليم معلومات. وقد ادين وحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات. وخلال فترة اعتقاله اجرى اتصالا مع ايهود اولمرت، الذي كان في حينه نائبا في الكنيست وحاول كشف وجود جريمة منظمة في اسرائيل مرتبطة بالسلطة. وخلال اللقاء الذي جرى بين اولمرت وروكنشتاين، بحضور مراسل “هآرتس” ابي فلانتين، سجل اولمرت افادة روكنشتاين الذي تحدث عن تورط زئيفي بسرقة المجوهرات وفي قضايا اخرى.
وفي حينه تعاملت الشرطة بتشكك مع المصدر، ورغم اعتقادها بأن بعض المعلومات كانت صحيحة الا انها شعرت بأن اياديها مقيدة. ومع ذلك كان في الشرطة من طلب فحص المعلومات. لكن رئيس قسم التحقيقات في حينه، وقاضي المحكمة العليا لاحقا، يعقوب كدمي احتفظ في حينه بالمواد لديه ولم يبادر الى التحقيق في الأمر. وعندما اقيمت لجنة شيمرون في 1977، طلب اعضاؤها من الشرطة توضيح سبب عدم عرضها صفقة على روكنشتاين لكي يشهد ضد رؤساء تنظيمات الاجرام في اسرائيل آنذاك (وهو ما كان سيكشف في حينه عن علاقات زئيفي المشبوهة) ولماذا امتنعت عن التحقيق.
وفي كانون اول 77 تم استدعاء الضابطين رؤوبين مينكوبسكي، رئيس قسم التحقيقات في الشرطة، ويعقوب نحمياس رئيس قسم الاستخبارات في القيادة العامة للشرطة، للادلاء بافادتهما امام اللجنة. وروى مينكوبسكي في حينه، قبل 40 سنة، انه علم بمسألة وجود المواد لدى كيدمي خلال محادثة جرت بينه وبين نحمياس في محطة للوقود قرب حيفا.
وبعد يومين من ذلك استدعي للقاء المفتش العام للشرطة حاييم تابوري، بمشاركة كيدمي. وحسب افادته فقد “سأل المفتش العام الضابط كيدمي عن سبب عدم جباية افادة من روكنشتاين في شهر كانون اول 1976، فرد كيدمي: لقد تم تسجيل المحادثة”، وتبين منها ان المجوهرات والماس وصل الى ايدي بتسلئيل مزراحي وغومدي (رحيم اهروني) وتم تهريبه الى الخارج من قبل الجنرال احتياط غاندي (رحبام زئيفي)”. وحسب الافادة فقد اصر القائد العام للشرطة على معرفة سبب عدم فتح تحقيق، فرد كيدمي: “لأن روكنشتاين رفض تسليم افادة خطية، وانما اقترح ان يكون مخبرا فقط مقابل امتيازات”.
وبأمر من القائد العام للشرطة تم احضار روكنشتاين الى الشرطة عدة مرات، وجرت محاولات لاقناعه، لكنه حسب افادة مينكوبسكي لم يدع امام اللجنة بأنه يريد هذا او ذلك مقابل افادته، وانما يتخوف على زوجته واولاده. وعندها، حسب مينكوبسكي “فهمت انه لا يملك ما يبيعه”. مع ذلك سلم مينكوبسكي للجنة التسجيلات التي حصل عليها من اولمرت، والتي يقول فيها روكنشتاين انه وصل الى شارع فلورنتين مع شخصين وكانت المجوهرات معه. وكان هناك بتسلئيل وغومدي، فيما جلس زئيفي داخل السيارة. وبعد انتهاء الصفقة، وحصول روكنشتاين على اجرته، اخذ احد الاشخاص المجوهرات وسلمها لزئيفي، والذي غادر المكان بعد ذلك.
ومما قاله مينكوبسكي امام اللجنة ان روكنشتاين روى بأنه قبل عامين او ثلاث، من حادث المجوهرات، تواجد زئيفي واهروني وبتسلئيل في منجرة في تل ابيب وقاموا بوضع مخدرات داخل صناديق خاصة، وقام زئيفي بمساعدة اصدقاء له في الشاباك بنقل المخدرات الى الخارج. كما تبين من خلال الافادة ان مزراحي تسلم اسلحة عسكرية من زئيفي.
وفي حينه سألت الشرطة روكنشتاين عن شراء اراضي في الضفة الغربية، فقال: “سمعت ذلك من بتسلئيل مزراحي. لقد تحدث عن ذلك امامي انا وشخص آخر، وقال انه حدث خلاف ورفض اصحاب الارض بيعها فتم احضار زئيفي فهدد مختار القرية وانتهى الأمر”.
وفي ضوء تشكيك قادة الشرطة بافادة روكنشتاين، رغم ان بعضهم رأى بأنه يمكن استخراج شيء منها، الا ان الشرطة قررت عدم فتح تحقيق ضد زئيفي. وقد نفى زئيفي في حينه ضلوعه في عمل رجال الجريمة المنظمة، وقدم دعوى تشهير ضد اولمرت، والتي انتهت بتسوية.

وزارة الامن تكشف وثائق عسكرية عن احتلال القدس الشرقية

تكتب “يسرائيل هيوم” انه بمناسبة مرور خمسين عاما على حرب الأيام الستة و”تحرير” القدس (حسب تسمية الصحيفة – المترجم)، سمحت وزارة الامن بنشر تحقيقات المعارك المتعلقة “بتحرير” المدينة. ويتبين من يوميات الاحداث التي تفصل ما يحدث دقيقة بعد دقيقة في المعركة على القدس، ان قائد المنطقة الوسطى الجنرال عوزي نركيس، اتصل في اليوم الأول للحرب، في الخامس من حزيران، برئيس بلدية القدس تيدي كوليك، وقال له: “هذه حرب، كل شيء على ما يرام، ستكون رئيسا لبلدية القدس الموحدة” [المعروف ان كتب التاريخ الاسرائيلية تدعي بأن اسرائيل لم تخطط للحرب مع الاردن الذي كان يسيطر على الضفة الغربية والقدس وانها اضطرت الى الحرب لأن الأردنيين بدأوا في اطلاق النار – المترجم].
وقبل احتلال البلدة القديمة، امر الجنرال نركيس، الحاخام الرئيسي للجيش شلومو غورن باعداد الشوفار (البوق). وقال غورن لنركيس: “انت ستصنع التاريخ. هناك في الجنوب لا يساوي الأمر شيئا. المهم البلدة القديمة وجبل الهيكل”. وفي وقت لاحق أمر نركيس احد الضباط: “ابلغ القيادة العامة انه اذا لم يتم احتلال حائط المبكى فأنا سأتحمل الذنب!”
بعد ذلك يوصف نركيس بأنه “يرشق قنبلة دخان خضراء من اجل تسهيل مرور الجنود عبر باب الأسباط”، وبعد ذلك كتب مباشرة: “موطي (غور) يعلن: جبل الهيكل في ايدينا”. بعد ذلك كتب بأن “الجنرال يأمر بالسماح للعرب بالخروج من المدينة عبر هذا الباب. فرئيس الأركان امر بفتح ابواب البلدة القديمة”.
بعد ذلك كتب في اليوميات ان موشيه ديان يدفع بورقة بين حجارة حائط المبكى كتب عليها: “فليعم السلام على كل شعب اسرائيل”. بعد ذلك قال نركيس: “وزير الامن زار جبل الهيكل (باحة الاقصى) وطلب اغلاق المنطقة.. كنيسة القيامة كانت مفتوحة للجميع. في الحرم الشريف سمحوا للمسيحيين بالدخول، ومنعوا اليهود فقط”.
عندما طرحت مسألة ما اذا سيسمح لليهود بدخول جبل الهيكل، ساد التخوف من ادعاء العالم الإسلامي بأن “اسرائيل تدنس” المكان المقدس. وجاء الاقتراح بايداع جبل الهيكل (الحرم) في ايدي “كتيبة مسلمة” في الجيش الاسرائيلي، لكن نركيس امر في نهاية الأمر بمنع دخول المواطنين والسماح لوحدات الجيش فقط بدخول المكان.
وكتب في اليوميات ان نركيس تساءل عما اذا كان من المناسب اغلاق الحدود بين القدسين بواسطة اسلاك شائكة، فجاءه الرد: “لسنا متأكدين من وجود ما يكفي من الأسلاك الشائكة”.
بعد ذلك تكشف اليوميات بأن رئيس الحكومة ليفي اشكول وحاشية من مكتبه خرجوا الى البلدة القديمة. وبعد ذلك امر نركيس “بالسماح لكل الوزراء والنواب والمدراء العامين بالدخول الى جبل الهيكل”.
كما سمحت وزارة الأمن بنشر الافادة التي ادلى بها قائد جبل المكبر، مناحيم شيبرمان، امام وحدة التأريخ في الجيش. وجاء فيها: “المظليون ساروا في الحرب بشكل غير اعتيادي. هذا يذكرني بمعركة يوسيفوس فلابيوس عندما قال ان اليهود يركضون الى الحرب كما لو انهم يركضون الى ابائهم. هكذا ساروا، بدون نيران، بدون قناصة، لم يزعجهم أي شيء. لقد ركضوا وتقدموا بشكل رائع، غير اعتيادي. لقد وقفت على الجبل وشاهدت كل شيء بواسطة المنظار”.
وجاء في افادة موطي غور، قائد اللواء 55 في حينه (لواء المظليين الاحتياط): “لم نعرف تماما ما هي القوات الموجودة هناك، وانا لا اطرح ادعاءات.. والحقيقة ان هذا لم يكن سيغير أي شيء. كان قرار باحتلال القدس، فهل سيمتنعون عن الذهاب اذا كانت هناك كتيبة اخرى.. كان قرار بالذهاب والاحتلال، وهم سيذهبون ويحتلون”.
كما قال غور: “قبل صعودي، دخلت الى ضابط الهندسة وقلت له انني صحيح لا املك توجيهات بالدخول الى القدس، لكن اعد لي طُنين [يقصد عبوة ناسفة بوزن طنين اثنين]. طلبت ان يعد لاسكوف (عبوة ناسفة خاصة) لأننا كما يبدو سندخل الى البلدة القديمة. كنت اعرف عن جرافة مع كفة كبيرة تقترب مع العبوة حتى السور وتقوم بتفعيل عبوة بوزن طنين. قلت له انني لا املك بعد امرا بهذا الشأن، لكن ارسل لي لاسكوف..”
واضاف غور: “يجب علي القول بأنني عرفت بأنه سيكون لدينا الكثير من المصابين، ولكن مثل هذا العدد من الجرحى، انا اعترف بأنني لم افكر فيه”. وتطرق غور الى اعمال السرقة خلال الحرب وقال انه في لوائه فقط تصرفوا “مثل البشر”. وحسب اقواله “لدينا بقيت غالبية المتاجر سالمة، وفي اماكن اخرى لم تبق غالبية المتاجر سالمة”.

الليكود ينوي استئناف الاتصالات مع “العمل” لتوسيع الحكومة

تكتب “يسرائيل هيوم” انه في اعقاب زيارة ترامب وتوقع استئناف العملية السياسية، ينوي حزب الليكود تجديد الاتصالات من اجل تشكيل حكومة وحدة. وقال مسؤولون كبار في الحزب انه حاليا لا توجد نية لضم حزب العمل الى الحكومة على حساب البيت اليهودي، رغم انه، حسب اقوالهم، ربما يفضل البيت اليهودي الاستقالة من الحكومة بسبب التطورات السياسية المتوقعة. وحسب ما قاله مسؤول في الليكود، فان الموعد المتوقع ان تستأنف فيه المفاوضات السياسية سيتزامن مع الانتخابات الداخلية في حزب العمل، في مطلع تموز.
ويسود التقدير في الليكود بأنه اذا فاز يتسحاق هرتسوغ في الانتخابات، فسيكون من السهل اكثر ضم الحزب الى الحكومة، واذا انتصر احد المرشحين الآخرين، سيكون من الصعب اكثر – لكن المحاولة ستتم في كل الحالات. وحسب اقوال المسؤول الرفيع، فان العملية السياسية ستكون اكثر جدية من السابق، وان نتنياهو سيرغب بدعم اكبر عدد من الاحزاب التي ستكون شريكة في العملية من داخل الحكومة.
وحسب مصدر ملم بالامور، فقد وصلت تلميحات من جانب تسيفي ليفني ايضا، تظهر استعدادها للانضمام الى الحكومة اذا بدأت عملية سياسية. ويسود التقدير بأنه سيتم اطلاق عملية سياسية ملموسة خلال الأسابيع القريبة، وذلك في اعقاب زيارة ترامب المعني بتشكيل تحالف يضم الدول العربية المعتدلة وبمشاركة اسرائيل. وقال المقربون من هرتسوغ ردا على ذلك بأنهم لم يتسلموا أي توجه من الليكود بشأن الانضمام الى الحكومة، لكنهم لم يستبعدوا امكانية حدوث خطوة كهذه.
وقالوا: “لقد سبق واثبت هرتسوغ ان المعيار الوحيد الذي يوجهه هو المعيار الموضوعي، وليس أي شيء اخر. من الواضح ان العملية السياسية الملموسة هي شرط اساسي لكل حكومة يكون حزب العمل شريكا فيها”. في المرحلة الاولى لا ينوي نتنياهو ضم حزب العمل على حساب البيت اليهودي. واذا اشترط حزب العمل انضمامه الى الحكومة بفصل وزراء البيت اليهودي فان نتنياهو لا ينوي التجاوب مع هذا الطلب، كما فعل في المفاوضات السابقة التي اجراها مع هرتسوغ. ومع ذلك، فقد قالت مصادر في الليكود انها تأخذ في الاعتبار امكانية استقالة البيت اليهودي من الحكومة على خلفية الاتصالات السياسية.

لقاء بين وزير اسرائيلي ومندوبي حكومات عربية في الاكوادور

تكتب “يسرائيل هيوم” ان الوزير ايوب القرا التقى في الاكوادور مع ممثلين من سلطنة عمان، اليمن وقطر والمغرب، وهي دول لا ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع اسرائيل. ويتواجد القرا في الاكوادور كممثل لإسرائيل في مراسم اداء الرئيس الجديد لينين مورانو لليمين الدستوري. وخلال لقاء عقد يوم الاربعاء في عاصمة الاكوادور، كيتو، والذي وصلت اليه وفود من دول مختلفة، تحدث القرا مع تلك الشخصيات.
ونشر القرا بيانا ارفقه بصور وكتب انه التقى بممثلي اربعة دول، بينهم سفيرا عمان وقطر، ومندوب المغرب ومندوب اليمن. وقال القرا ان سفير إسرائيل لدى الاكوادور ادفين يافو، حضر اللقاءات، وانه تحدث مع ممثلي هذه الدول حول ما اسماه “تطورات مبادرة الرئيس ترامب”. واضاف القرار ان “اللقاءات كانت لأول مرة علنية ودافئة وعكست الرغبة بالتقدم وتحريك العملية السياسية”.

الفلسطينيون يرفضون أي خطة تستثني او تؤجل حل قضيتهم

كتبت “يسرائيل هيوم” ان جهات مسؤولة في القيادة الفلسطينية قالت بانها طلبت توضيحات من الرئيس عباس حول ما نشر في “يسرائيل هيوم” عن رغبة الرئيس الامريكي دونالد ترامب التركيز على دفع مبادرة السلام العربية اولا على حساب حل القضية الفلسطينية. وكانت الصحيفة قد كشفت بأن ابو مازن قال للرئيس ترامب انه معني بدفع عملية اقليمية، يتم في اطارها تطبيع العلاقات بين اسرائيل والدول العربية المعتدلة على اساس مبادرة السلام العربية، ومع التقدم في العملية يعمل الجانب الامريكي على فتح مفاوضات مباشرة ومكثفة بين اسرائيل والفلسطينيين، وفق جدول زمني محدد مسبقا، لمناقشة كل المسائل الجوهرية.
واكد ترامب لعباس خلال اجتماعه به في بيت لحم، ان الخطوة الدراماتيكية التي يدفعها تحظى بدعم مبدئي من قبل السعودية ومصر والاردن، بل قسم من دول الخليج الفارسي. وقال ابو مازن لترامب ان الفلسطينيين سيعارضون كل خطة سياسية لا تشمل اتفاقا او حلا دائما للمسألة الفلسطينية، لكن مصدرا في رام الله اعترف بأن ابو مازن يفهم بأن ترامب معني بدفع خطوات “خارج الاطار”، بسبب فشل كل المبادرات السابقة لاستئناف العملية السياسية.
ويوم الخميس التقى عباس بالقيادة الفلسطينية في المقاطعة في رام الله، واطلعها على تفاصيل اللقاء مع مبعوث ترامب، جيسون غرينبلات. وقال ابو مازن انه طلب من غرينبلات بأن تتدخل الادارة في واشنطن وتضغط على اسرائيل من اجل انهاء اضراب الاسرى عن الطعام، المتواصل منذ اكثر من شهر ونصف. ولم يطلع ابو مازن القيادة على فحوى اجتماعه بترامب في بيت لحم يوم الثلاثاء ومع ذلك فقد قال مسؤول رفيع في رم الله لصحيفة “يسرائيل هيوم” انه من المتوقع ان يلتقي عباس بمسؤولين من حركة فتح ومنظمة التحرير لاطلاعهم على تفاصيل اللقاء.
وقال المصدر انه من المتوقع ان تعارض القيادة بشدة أية خطوة اقليمية تأتي على حساب المسألة الفلسطينية. وقال مسؤول رفيع اخر في منظمة التحرير، والمطلع على ما قاله ترامب لعباس ان “من سرب الامور رغب كما يبدو بدق اسفين. هذه الخطوة لن تخرج الى حيز التنفيذ لأن القيادة لن تسمح بذلك، حتى اذا حظي ذلك بدعم عربي. اولا يتم التوصل الى اتفاق يقود الى حل المسألة الفلسطينية، وبعد ذلك فلتطبع اسرائيل علاقاتها مع أي دولة ترغب بذلك”.

مقالات وتقارير

صفقة السلاح مع السعودية: اسرائيل تتمتع بتفوق عسكري، حاليا.

يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان القصة كلها كامنة في الفارق بين تصريحين صدرا خلال عدة ساعات، في اليوم التالي لزيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب. فقد قال وزير الامن افيغدور ليبرمان خلال لقاء منحه لإذاعة الجيش انه لا يشعر بالاطمئنان “ازاء سباق التسلح في الشرق الأوسط والمشتريات السعودية الضخمة”. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه سارع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى تصحيح الانطباع خلال خطاب القاه في المراسم الرسمية لقتلى حرب الأيام الستة. وقال نتنياهو ان الولايات المتحدة التزمت خلال الزيارة بالحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في الشرق الاوسط.
وكانت تصريحات رئيس الحكومة مشابهة لنص البيان الرسمي الذي اصدره البيت الابيض في نهاية زيارة الرئيس. كما في قضية زلة اللسان التي هدد فيها ترامب معلومات استخبارية حساسة حصلت عليها اسرائيل عن تنظيم داعش – وهي مسألة اكدها ليبرمان بشكل غير مباشر في اللقاء نفسه مع اذاعة الجيش – هكذا ايضا فيما يتعلق بالالتزام الامريكي ببيع الاسلحة للسعودية بمبلغ ضخم وصل الى 110 مليارات دولار، يعتبر حجم التأثير الاسرائيلي على خطوات ترامب محدودا.
الرئيس الامريكي، وكما اوضح جيدا خلال زيارته الى البلاد هذا الأسبوع، يؤيد اسرائيل ويعرب عن محبته لها في كل فرصة. لكنه في الوقت الحالي لم يلمح الى نيته محاولة فرض اتفاق سلام مع الفلسطينيين، على نتنياهو، لا تقبل به حكومة اليمين.
ومع ذلك فان توجه ترامب للشرق الاوسط يدمج بين سلوك لا يتم تفسيره (كما في تسريب المعلومات) والمصالح السياسية والتجارية البعيدة عن مجال تأثير اسرائيل (كما في الصفقة السعودية). لقد نضجت صفقة الأسلحة السعودية خلال فترة الرئيس السابق، براك اوباما، وكان لدى ترامب اعتناء خاص بدفع هذه الامكانية وترجمتها لعدة آلاف اخرى من الوظائف في الصناعة الامريكية، كما وعد خلال الحملة الانتخابية.
كما يبدو يفترض القصر الملكي السعودي ان الصفقات الضخمة ستساعده على ترسيخ مكانة قريبة من الرئيس الجديد – ولا يمكن، ايضا، استبعاد امكانية ان ينطوي توقيع الصفقة على معايير تجارية تخص عائلة ترامب. فحسب تقارير في وسائل الاعلام الامريكية، فان نسيب ترامب، جارد كوشنير، ضغط على الدواسة لكي يسرع التوقيع على الصفقة.
اختيار الرياض كمحطة اولى في رحلة الرئيس الى العالم يعكس الاهمية التي يوليها ترامب للسعودية ولمعسكر الدول السنية المحافظة عامة، كمحور مركزي تعتمد عليه سياسته في الشرق الاوسط. لكن الادارة لم تطلع اسرائيل على كافة تفاصيل الصفقة، في مرحلتها النهائية، والان يبدو انها تحاول جمع المعلومات المطلوبة بعد فوات الاوان.
عندما يعرض نتنياهو التزام ترامب بالحفاظ على التفوق النوعي كانجاز شخصي كبير، فانه ينسى الاشارة الى ان هذا هو الالتزام الذي ينص عليه قانون للكونغرس منذ عام 2008. الحفاظ على التفوق ليس مضمونا فقط بسبب العداء العلني لإسرائيل من دول مثل ايران، مثلا، وانما، ايضا بالمقارنة مع دول عربية معادية بشكل اقل – وفي مقدمتها الزبائن الرئيسية لصناعة الأسلحة الامريكية، السعودية والامارات الخليجية.
لقد انعكس الحفاظ على التفوق الاسرائيلي خلال العقد الأخير في عدة جوانب: الحفاظ على مكانة اسرائيل كدولة وحيدة في المنطقة يحق لها امتلاك طائرات اف 35 المتطورة (والمختلف عليها)، والحصول على ذخيرة دقيقة، وحيازة مستودعات طوارئ امريكية بشكل يخدم احيانا الجيش الاسرائيلي، ايضا، وشراكة استخبارية وثيقة، تتيح لأجهزة الاستخبارات المحلية الاطلاع على معلومات سرية لا تحظى الدول الاخرى بالاطلاع عليها (رغم انه اتضح في الاسبوع الماضي ما الذي يفعله الرئيس بالمعلومات التي تحولها اسرائيل في المقابل).
قبل حوالي خمس سنوات، على خلفية صفقات الأسلحة الكبيرة بين واشنطن ودول الخليج، ناقشت الولايات المتحدة واسرائيل التعويض الذي ستحصل عليه اسرائيل من اجل الحفاظ على تفوقها النوعي. ومن بين ما اقترحته امريكا هو ان تكون اسرائيل اول من تحظى بشراء الطائرة – المروحية V-22. وفي 2014 بعد استخدام اسرائيل المبذر للذخيرة في الحرب الاخيرة في غزة (الجرف الصامد)، تم ارسال المدير العام لوزارة الامن، الجنرال احتياط دان هرئيل، في حينه، الى الامريكيين من اجل اقناعهم باستبدال الدمية الجوية بمزيد من الذخيرة الدقيقة، فاستجابت ادارة اوباما للطلب.

في المعسكر نفسه
حسب المنشورات الرسمية فان الصفقة الجديدة ستضم تشكيلة كبيرة من الوسائل الحربية: منظومة THAAD للدفاع الصاروخي، اكثر من 100 دبابة، مروحيات، سفن صواريخ، تسليح دقيق لسلاح الجو السعودي ومساعدة في مجال السيبر. من المؤكد ان الدبابات السعودية لا يجب ان تقلق اسرائيل. فالمحفزات الخطيرة بالنسبة لها تتعلق في الأساس بمسألتين: تعزيز منظومة الدفاع الجوي السعودي (التي قد تشمل منظومات صواريخ مضادة للطائرات سيتم تركيبها على السفن الحربية)، بشكل يمكنه ان يقيد في المستقبل نشاطات سلاح الجو الاسرائيلي، والذخيرة الدقيقة. فاذا عادت السعودية وتحولت الى عدو لإسرائيل، فان تطوير سلاحها الجوي – الذي يملك في كل الأحوال اكثر طائرات اف 15 تقدما – سيساعد الجانب الخصم على مراكمة كمية كبيرة من الطائرات الحربية والذخيرة.
وعلى الرغم من التفوق الواضح لسلاح الجو الاسرائيلي، من حيث جودة الطواقم والطائرات التي يملكها، الا ان تطوير سلاح الجو السعودي يمكن ان يتحول الى مشكلة بالنسبة لإسرائيل.
خلال الاتصالات المبكرة مع اسرائيل، في السنوات الاخيرة، طرح الامريكيون عدة ظروف مخففة. لقد ادعوا ان اسرائيل والسعودية تتواجدان حاليا في المعسكر نفسه الذي يحارب ايران، من جهة، وتنظيمات الجهاد السنية من جهة اخرى. تعزيز القدرات العسكرية للسعودية يعزز المحور السني بقيادتهم ويحتم على ايران التفكير بخطواتها، ايضا من خلال الاستثمار في المنظومات الدفاعية (ردا على السعودية) بدلا من المنظومات الهجومية. واضاف الامريكيون بأن السعودية كانت ستشتري في كل الأحوال المعدات الحربية المطلوبة لها. ومن المفضل ان يتم ذلك تحت السيطرة والمراقبة الامريكية، وليست الروسية. كما طرحت الولايات المتحدة ادعاء آخر يتعلق بالقدرات العسكرية العملية للسعودية. الجيش الذي يواجه منذ سنوات مصاعب في تحقيق انجازات امام المتمردين الحوثيين في اليمن لا يمكن ان يشكل تهديدا ملموسا لإسرائيل، حتى بعد صفقة الأسلحة الجديدة.
لم تتفق الولايات المتحدة واسرائيل حتى الان على تفاصيل اتفاق المساعدات الأمنية الذي تم توقيعه في العام الماضي، ويضمن لإسرائيل 3.8 مليار دولار في السنة، على مدار عقد زمني، من 2019 فصاعدا. وستستأنف الاتصالات بهذا الشأن في الصيف القريب.
قيمة الاتفاقية مع اسرائيل تقل عن ثلث الصفقة السعودية. من المشكوك فيه ان ادارة ترامب سترغب بزيادتها في الظروف الحالية. في الصفقة مع السعودية يجري الحديث عن تحويل اموال خارجية الى الاقتصاد الامريكي، بينما في الاتفاق مع اسرائيل، فإنها تشكل عمليا وسيطا يتم عبره تحويل المال الأمريكي من جيب المساعدات الخارجية الى جيب الصناعات الامريكية. ومع ذلك، يمكن الافتراض بأن اسرائيل ستحاول استغلال الصفقة لرفع مطالب لم يتم التجاوب معها في الماضي، وفي مقدمتها تسليح دقيق ومنظومات متطورة لسلاح الجو.
والسؤال الآخر الذي سيطرح على الجدول هو تعزيز منظومة الدفاع متعددة الطبقات، المضادة للصواريخ والقذائف. اسرائيل لا تملك اليوم أية قدرات على احباط الصفقة السعودية. لكن السيناريو الذي يحاكي فقدان المملكة للسيطرة على الدولة ووصول نظام اسلامي متطرف ومعاد لإسرائيل، ليس مسألة مستبعدة في اساسها.
في كل مرة تناقش فيها مسألة تسليم مناطق للسلطة الفلسطينية يطرح ساحة اليمين، بحق، التخوف من استبدال السلطة الفلسطينية مستقبلا بحركة حماس، التي سيكون رجالها مزودين بالبنادق والصواريخ على مسافة خمس دقائق من كفار سابا. وعلى هذه الخلفية بالذات، يبدو الصمت الاسرائيلي مثيرا – باستثناء تطرق ليبرمان العام – ازاء تزويد معدات حربية امريكية متطورة وبكميات كهذه لنظام غير مستقر تماما في السعودية. الحكام، كما علمتنا الهزة العربية خلال السنوات الست الاخيرة، يأتون ويذهبون. اما طائرات اف 15 والذخيرة الدقيقة وتكنولوجيا السيبر فتبقى في خدمة النظام القادم.

رئيس يهرب من البشرى
ما الذي تبقى هنا من زيارة ترامب بعد مغادرة السيرك للمدينة والسفر الى روما؟ الرئيس الذي امطر بسخاء الاطراء على الجانبين وحظي في المقابل بعروض متملقة مبالغ فيها، لم يحقق أي تغيير عميق في العلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين. قبل اختياره للسياسة اشتهر ترامب – الى جانب صفقات العقارات الضخمة التي بادر اليها وبرامج التلفزيون – بشكل خاص بفضل تنظيمه لمسابقات ملكات الجمال. خلال خطابه هذا الأسبوع، سمع ترامب، الذي يبدو ان قاموس كلماته يتقلص طوال الوقت، مثل ملكة جمال تتمنى حلول السلام العالمي.
حسب اقتراح ترامب فانه لو يمد صديقه بنيامين يد السلام الى صديقه الثاني محمود، فان الامور ستتدبر بشكل ما. وبالفعل، اذا امسك الجميع بأيدي بعضهم البعض، فانه يمكن ان يتقلص عدد الايدي المتفرغة لطعن بعضهما البعض. لقد حاولوا في اليسار واليمين، وبشكل مؤثر، العثور على دلائل في خطاب ترامب يمكنها ان تثبت بأن الضيف هو الرئيس الذي يتمنوه. ولكن في ضوء تهرب ترامب من أي تذكير بالخطوط التي تصف الاتفاق، او حتى رؤية الدولتين، بدا وكأن يد اليمين هي العليا حاليا.
لكن النقاش كله يبدو حاليا كنقاش فارغ. كل تكهن بتوجه ترامب يعتبر حاليا مسألة رهان جامح، كما ثبت في قضية الهجوم الأمريكي على سورية. في قسم كبير من الحالات يبدو انه هو ايضا لا يعرف ما الذي سيقوله بعد سنة. لكن التفكير بأن ادارته ستنجح في المكان الذي فشلت فيه ادارات بوش الاب وبوش الابن وكلينتون واوباما، يبدو بعيد المدى.
الوساطة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين تحتم التجربة والاصغاء الضخم والصبر غير المحدود والالمام بالتفاصيل الصغيرة. وهذا كله يفتقد اليه ترامب وطاقمه الاقليمي المقلص. والاهم من ذلك كله، ربما، هو انه منذ اللحظة التي يعود فيها الرئيس الى واشنطن، ستنتظره عاصفة ترفض ان تهدأ في موضوع تدخل روسيا في الانتخابات. فرئيس جهاز FBI المفصول جيمس كومي ينوي الادلاء بافادته امام مجلس الشيوخ، ومستشار الامن القومي الذي استقال، مايك فلين، يتمسك بالتعديل الخامس ويحافظ على حق الصمت كي يمتنع عن تجريم نفسه. في ظل هذا كله هل سيكون لدى ترامب الوعي المطلوب للانشغال في ترتيبات السيطرة على الحوض المقدس؟
خلافا لسابقه اوباما، فهم ترامب انه يجب التحدث مع الاسرائيليين بمحبة وبلطافة. التفكير بتجنيد السعوديين والامارات الى جانب الولايات المتحدة، لدعم الاتفاق الاسرائيلي – الفلسطيني، هو مسالة منطقية ايضا. يبدو ان ترامب يتعامل بالتشكك المطلوب مع نوايا ايران، الروح الشريرة والخطيرة التي تقف وراء الكثير من الامور المقلقة التي تحدث في المنطقة. ولكن المسافة ضخمة بين هذا وخطة السلام القابلة للتطبيق. في السنة الأخيرة، قبل وبعد دخول ترامب الى البيت الابيض، قال ترامب الكثير من الامور وعكسها حول جوهر الاسلام، والاجراءات الاقتصادية الصينية، واهمية حلف الناتو، وغير ذلك الكثير من القضايا.
جنونياته، كميله الى اجراء الحسابات الشخصية، تساعده على ترسيخ ردع معين ازاء القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية. ربما سيكفي ايضا التخوف منه لكي يتم خلق شبه عملية سلام جديدة. ولكن من هناك وصاعدا تكثر فرص تبخر المبادرة، خاصة حين تتراكم الشبهات في البيت حول تورط الرئيس تشويش التحقيق في القضية الروسية. لقد سبق لسفر الامثال ان لخص زيارة الرئيس بشكل ملائم: سَحَابٌ وَرِيحٌ بِلاَ مَطَرٍ.

“حان الوقت للنوايا الطيبة”

تحت هذا العنوان تكتب “هآرتس” افتتاحيتها قائلة: “اليوم يبلغ يومه الأربعين، اضراب السجناء الامنيين الفلسطينيين عن الطعام ويدخل الى مرحلة حرجة، سواء من ناحية الحالة الصحية للسجناء او من ناحية الاجواء في الشارع الفلسطيني. فقد نقل عشرات السجناء الى المستشفيات اثر التدهور في حالتهم. واضطر 15 منهم الى البقاء قيد العلاج. وحذر رئيس هيئة الاسرى عيسى قراقع من خطر حقيقي على حياة بعضهم، وشدد بأن وفاة احد السجناء هو مسألة وقت.
كلما استمر هذا الاضراب تتواصل حالة التدهور بين المضربين ومن شأن اسرائيل أن تقرر تغذية السجناء قسرا، وهو الذي يعتبر ممارسة خطيرة ومحظورة حسب الاسرة الطبية. السلطات الاسرائيلية تتمسك بعنادها لكسر الاضراب. لقد جربت اسرائيل خوض محادثات مع سجناء في كل سجن على انفراد بغرض المس بالتعاضد بين المضربين، وسعت الى اهانة قيادة الاضراب، وعلى رأسها مروان البرغوثي من خلال شريط التورتيت.
لم تحقق هذه المحاولات هدفها بل بالعكس. فالسجناء يشددون على أن الاضراب سيستمر الى أن تستجاب مطالبهم. رسائل بهذه الروح نقلت من خلال كريم يونس، قديم السجناء من فتح، وعباس السيد، من كبار سجناء حماس. اضراب السجناء هو المسألة المشتعلة اليوم في الشارع الفلسطيني وهي تفرض نفسها على جدول الاعمال السياسي، حتى في زمن زيارة الرئيس الامريكي.
يمكن أن نفهم من التقارير ان مطالب السجناء تتلخص في مطلبين مركزيين: ترتيب زيارات العائلات، وتركيب هاتف عام يسمح للسجناء بالحديث معهم تحت الرقابة. وهذان مطلبان انسانيان، يمكن لمصلحة السجون وجهاز الامن ان يوفراهما بسهولة. يمكن ويجدر عمل ذلك الان قبل ان يتم التصعيد الميداني ويدفع الناس الثمن بحياتهم. لقد مرت الرسالة الاسرائيلية، فلا احد يشكك بالقوة العسكرية لاسرائيل.
في زيارته الى البلاد شهد الرئيس الامريكي على صدق نيتها بالسلام وغادر من دون أن يطلب منها شيئا غير إبداء النوايا الطيبة. فلو توفرت عندنا قيادة ذات نوايا طيبة ورؤيا استراتيجية بعيدة المدى، لكانت استوعبت حقيقة أن السجناء هم قوة هامة في الساحة الفلسطينية، قادرة على تهدئة الأوضاع والدفع نحو الحلول الوسطية والمساعدة في التقدم بخطوات سياسية على حد سواء. لبنيامين نتنياهو توجد فرصة لان يثبت للعالم بانه قادر على تقديم بوادر حسنة وسخية فيمنع بذلك الموت والتصعيد الزائدين.

الدولة تمنع، بشكل منهجي، وصول الفلسطينيين الى اراضيهم خلف الجدار.

تكتب عميرة هس، في “هآرتس” ان الاضراب انتهى. ليس الاضراب المشهور للأسرى الفلسطينيين، بل اضراب آخر يتعلق بعشرات آلاف العائلات الفلسطينية، تلك التي تحاصر اراضيها بين جدار الفصل والخط الاخضر – ما يسمى باللغة العسكرية، المنطقة الفاصلة. في نهاية شباط قرر ممثلو لجان الارتباط الفلسطينية في قلقيلية وطولكرم وسلفيت وجنين التوقف عن نقل طلبات المزارعين الفلسطينيين الى الارتباط من اجل الحصول على تصاريح دخول الى اراضيهم (بينما واصلوا تقديم طلبات للحصول على تصاريح عبور اخرى).
الحديث يدور عن اراضي كثيرة، حوالي 137 ألف دونم حسب معطيات الادارة المدنية (94 ألف دونم منها بملكية خاصة). إلا أن الاجراءات الجديدة وتفسير الاجراءات القائمة، قلصت مساحة الاراضي التي يسمح وسيسمح للفلسطينيين بزراعتها. ومنذ نهاية 2016 زادت التقارير حول الصعوبات الجديدة التي تواجه المزارعين لدي قيامهم بطلب تصريح لدخول اراضيهم. وفي تفسيرهم لخطوتهم الاستثنائية، قال ممثلو لجان الارتباط: “لا نستطيع الموافقة على اجراءات تسهل على اسرائيل السيطرة على آلاف الدونمات، بذريعة أن الاراضي متروكة”.
بعد ثلاثة اشهر لم يستطع المزارعون خلالها تجديد التصاريح، وامام ازدياد التخوف من تلف محاصيلهم، تم طرح هذا الموضوع، يوم الثلاثاء الماضي، خلال نقاش جرى بين رئيس الادارة المدنية، العقيد أحفات بن حور، ونائب وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، أيمن قنديل.
وقد حضر اللقاء ممثلون ومسؤولون من الطرفين، وفهم أحد الفلسطينيين في نهاية اللقاء، بأنه مقابل العودة الفورية للعمل، سيتم تجميد الاجراءات حتى 15 حزيران. وحتى ذلك الحين سيقوم بن حور بفحصها، و(“نأمل خيرا”). في الادارة المدنية لا يتحدثون عن التجميد، وانما عن “اعادة فحص عدة مواضيع تتعلق بأوامر المنطقة الفاصلة”.

بدون صدى
هذا الاضراب، بشكل مفاجئ، لم يكن له صدى خارج دائرة المزارعين وعائلاتهم، رغم أنه يتعلق بمصير احتياطي الارض للجمهور الفلسطيني كله. وقد لا يكون هذا الامر مفاجئا، لأنه منذ شهر تشرين الاول 2003 يُمنع الفلسطينيون من حرية الحركة في المنطقة. ففي حينه اصدر الجنرال موشيه كابلنسكي، قائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، أمرا عسكريا يعلن فيه عن اغلاق المنطقة الواقعة غربي مسار الجدار. مواطنو اسرائيل وسكانها ومن لهم الحق في الهجرة الى اسرائيل حسب قانون العودة، والسياح ايضا، يحق لهم الدخول الى المنطقة بحرية. اما الفلسطينيين فيُطلب منهم طلب تصريح بالدخول الى بيوتهم واراضيهم. ودخول الفلسطيني لغير اغراض العمل والسكن، ممنوع هناك. منذ العام 2009 تقوم الادارة المدنية كل بضع سنوات بنشر عدد من الأوامر لإعطاء التصاريح (ليست زراعية فقط) في المنطقة الفاصلة، والتي يتحمل مسؤولية تطبيقها. وفي شباط الماضي نشرت كراسة الأوامر الخامسة. بعض الأوامر ليست جديدة، لكن دمجها مع تلك التي تظهر لأول مرة، ومع التفسير الجديد للأوامر السائدة، جعل جرس التحذير يقرع بقوة.
أحد الأوامر يتعلق بالتقاليد الفلسطينية الخاصة بالفلاحة العائلية الجماعية. ويتبين أن الادارة المدنية لا تعترف بذلك، وتقوم عمليا بفرض تقسيم الارض على السكان بناء على عدد الورثة، حتى لو فضلت العائلات واعتادت على التعاطي مع الارض كقطعة مشتركة. وهكذا، عندما يتعلق الأمر بارض مسجلة على اسم الأب المتوفى أو الجد المتوفى، تفضل العائلات، اذا لم تكن هناك حاجة للبيع، ابقاء الارض كاملة وتدبر الأمر بينها: بعض الأخوة وأولادهم يقومون بفلاحة الارض، آخر يدفع اجرة التراكتور والسائق، وأخرى تساهم في شراء البذور أو أدوات العمل، وآخر يخرج الى السوق ووفقا لذلك يتم تقاسم الغلة. كل عملية رسمية لتقسيم الارض تستغرق وقتا طويلا – يصبح مضاعفا في ظل المنظومة المضاعفة للبيروقراطية الاسرائيلية والبيروقراطية الفلسطينية. كما ان كل تقسيم يكلف المال (رسوم وما اشبه)، ويمكن ان يثير خلافات. لقد تم اقحام أوامر الفصل الاصطناعي، لأول مرة، في كراسة الأوامر الصادرة في العام 2014. وتبين لصحيفة “هآرتس” من خلال الحديث مع المزارعين في نهاية 2016 أن بعض المزارعين عملوا حسب هذه الاوامر. لكنه يتضح ان المستخدمين في لجان الارتباط الفلسطينية لم يدركوا بعد أن هذه أوامر تنذر بالسوء.
لكنه تم اضافة تفسيرات جديدة، غير مكتوبة في كراسة الاوامر الجديدة. ويبدو أنه في النصف الثاني من العام 2016 قرر أحد موظفي دائرة الارتباط والتنسيق الاسرائيلي أن قطعة الارض التي تقل مساحتها عن خمسة دونمات لا تحتاج الى أكثر من شخص واحد لفلاحتها، لذلك تم منح تصريح الدخول لصاحب الارض المسجل، فقط، حتى لو كان مسنا أو مريضا أو لديه وظيفة أخرى ولا يستطيع العمل في الارض. منذ نهاية 2016 زادت التقارير التي تصل الى “هآرتس” حول هذا التفسير، من خلال نشيطات “محسوم ووتش”، و”مركز الدفاع عن الفرد”. ومثل أي أمر غير مكتوب، كان يمكن الاعتقاد في البداية أن الحديث يدور عن عدم الفهم أو عن حالات خاصة وموضعية. ولكن الشهادات زادت. وردا على سؤال “هآرتس″، لم تنف المتحدثة بلسان منسق شؤون المناطق أن هذا هو التفسير، وأن موظفي الادارة المدنية يعملون بحسبه.
منذ اصدار كراسة الأوامر في 2014 لم تعد الادارة المدنية تعترف بابن أو زوجة صاحب الارض المسجل وأولادهم كمرتبطين بملكية الأرض. ويحق لهؤلاء الحصول على تصاريح دخول الى اراضيهم “كأجراء” فقط. ويناط عدد “الأجراء” بمساحة الارض (أكثر من خمسة دونمات بالطبع) ونوع المزروعات والموسم. لقد تحول ربط التصاريح بالموسم ونوع المزروعات الى مشكلة ثالثة. فحسب معطيات الادارة المدنية – في نيسان 2016 كان هناك 5.075 تصريح للمزارعين في المنطقة الفاصلة. وفي نيسان هذا العام زادت التصاريح الزراعية الى 5.218 تصريح. يمكن القول إن هذه الزيادة التي تبلغ 143 صاحب ارض، كانت نتيجة لأوامر تقسيم الارض بناء على الورثة. وقد التقت الصحيفة مثلا، مع شخص سجل جزء من الارض بأسماء أولاده، خلافا للتقاليد المعروفة، من اجل ضمان حقهم في الدخول الى الارض. وفي المقابل، حدث تراجع في عدد الحاصلين على تصاريح الدخول “للعمل الزراعي”: من 12.282 تصريح في نيسان 2016 الى 9.856 تصريح في نيسان 2017. ويمكن تفسير هذا التراجع الذي يبلغ 2.423 تصريحا، جزئيا، بسبب الاضراب. لكن هذا يتساوق ايضا مع المعلومات التي قدمها المزارعون في نهاية 2016 لصحيفة “هآرتس″ و”محسوم ووتش”. فقد حصل عدد قليل جدا من أبناء العائلات حصلوا على التصاريح كـ “أجراء” لأن شروط الحصول على هذه التصاريح أصبحت صعبة اكثر.
البند الذي ضخم صافرة الانذار ظهر للمرة الاولى في كراسة الاوامر الجديدة. فقد حدد بأن الاراضي التي تبلغ مساحتها أقل من 330 متر مربع لن يحصل صاحبها على تصريح دخول، “لأنه ليست هناك حاجة زراعية مستديمة”. من جهة تلزم الادارة المدنية العائلات على تقسيم الاراضي. ومن جهة اخرى تحدد ان الارض التي تقل مساحتها عن 330 متر مربع “لا تتوفر فيها الحاجة الى الزراعة المستديمة”. ما هي السرعة التي ستكتشف العائلات أن لديها مجموعة من قطع الاراضي الصغيرة التي “لا تتوفر فيها الحاجة الى الزراعة المستديمة” بناء على قرار المسؤولين في الادارة المدنية. ولذلك فانهم لا يستحقون الحصول على تصاريح لدخول هذه الاراضي لفلاحتها؟
لهذه الاسباب كلها قرر ممثلو لجان التنسيق والارتباط الفلسطينية الاضراب جزئيا، ومن انتهى تصريحه لن يتمكن من تجديده. يوم السبت الماضي، قبل اللقاء بين رئيس الادارة المدنية ونظيره الفلسطيني، قال مكتب الناطق بلسان منسق اعمال الحكومة في المناطق، لصحيفة “هآرتس” ان العقيد بن حور صادق على استقبال طلبات الجمهور في مكاتب لجنة التنسيق والارتباط الاسرائيلية مباشرة، ولكن ان يكونوا من “المزارعين الذين يملكون خمسة دونمات واكثر” فقط. وقال المحامي علاء محاجنة الذي يمثل عدة مزارعين من قلقيلية، لصحيفة “هآرتس” ان طرح شرط “الخمسة دونمات” هنا ايضا، يدل على ان معيار حجم القسيمة هو الذي اصبح حاسما بشأن اعطاء التصاريح، وليست الملكية.

دور للآخرين
مركز الدفاع عن الفرد يعالج منذ 15 سنة، شكاوى المزارعين الذين لم يحصلوا على تصاريح الدخول الى اراضيهم. وفي أعقاب تدخل المركز (بما في ذلك دعاوى للمحكمة العليا)، كانت الادارة المدنية تتراجع في معظم الاحيان، وتمنح لهم التصاريح. لكن لم يسمع الجميع عن وجود المركز، وعموما لا تتوفر للمركز الموارد الكافية لمتابعة عشرات آلاف الشكاوى، وليس من دوره القيام بمهمات الآخرين.
المحامي الذي قام بتقديم جميع الدعاوى الى المحكمة العليا باسم المركز هو المحامي يادين عيلام. وفي كانون الثاني الماضي بعث برسالة لرئيس الادارة المدنية، العقيد بن حور، تحدث فيها عن المشكلات في مسودة كراسة الأوامر وتفسيراتها. وحذر من وجود “منزلق حاد” يسيء الى اجراءات منح التصاريح وتطبيقها عمليا، خلافا لما وعدت به الدولة المحكمة العليا، بأن يكون الضرر الذي سيصيب المزارعين قليل جدا. وكتب المحامي في التماسه: “يبدو انه بعد اكثر من سبع سنوات، قرر احد ما هنا اعادة قراءة الاوامر وتفسير كل امر فيه بشكل يمس بأكثر ما يمكن بالجمهور المحتاج الى تصاريح الدخول الى المنطقة الفاصلة”. وذكر المحامي بشرط “الدونمات الخمس” لإعطاء التصاريح واشار الى المماطلة البيروقراطية المناطة بالحصول على التصاريح وتقديم الالتماسات وايام فلاحة الارض.
حتى المحامي الاسرائيلي يجد صعوبة في فهم الأوامر – كتب عيلم، ولكن ليس قبل ان يذكر بأن الاوامر تنشر باللغة العبرية ولا يمكن للمزارعين قراءتها وفهمها. وتم ارسال نسخة من التماس عيلم الى المسؤولين في مكتب رئيس الادارة المدنية لكنه لم يتلق ردا عليها حتى اليوم.
المحامي علاء محاجنة، الذي يمثل عدد من مزارعي قلقيلية باسم السلطة الفلسطينية، توجه قبل نحو شهر الى قسم الدعاوى في نيابة الدولة وطلب الغاء هذه الاوامر. واعتبر أن أمر الـ 330 متر مربع لا يوجد له أي اساس قانوني وهو مناقض لقوانين الملكية وحق الملكية. وكتب: “يتبين بأن حق الملكية على الارض التي لا تزيد مساحتها عن 330 متر مربع لا يعتبر حق ولا يستحق الدفاع عنه”. وقال في السياق “هذا الامر يخلق نظام ملكية جديد مختلف يسري على مجموعتين قوميتين تخضعان للحكم نفسه، مع كل ما يعنيه ذلك”.
الرد الذي تلقاه المحامي يشبه الرد الذي حصلت عليها “هآرتس″: “بسبب الاعتبارات الامنية الواضحة هناك حاجة الى تقييد حرية الحركة قرب الجدار الامني المتجه الى اسرائيل. الادارة المدنية تهتم بحقوق الملكية للمزارعين الفلسطينيين ووصولهم الى اراضيهم”. كما جاء في الرد الذي تسلمته “هآرتس” ان الاوامر الجديدة تهدف الى توفير افضل رد للسكان الذين يحتاجون لتصاريح دخول الى المنطقة الفاصلة، من خلال الحفاظ على الاحتياجات الأمنية ومنع ظاهرة استغلال التصريح لأغراض سيئة. لا مانع من قيام ابن العائلة بفلاحة عدة قسائم تعود لأقاربه، سواء تواجدوا في الخارج ام من اجل خلق حاجة زراعية من خلال ضم عدة قطع صغيرة. ولكن هذا يحتم على مقدم الطلب اظهر توكيل من اصحاب الأرض”.
هناك مئات المزارعين الذين يقفون الآن في الطابور في المكاتب الفلسطينية مع طلبات لتجديد التصاريح كي يتم ايصالها للمسؤولين الاسرائيليين. هل انتهت اسباب الاضراب الاحتجاجي؟ الايام ستجيب على ذلك.

رادار تحت الحزام

يكتب اليكس فيشمان في “يديعوت احرونوت” ان دائرة الموظفين الرفيعة في وزارة الخارجية تلقت امرا واضحا: لا تتدخلوا. وفي وزارة الامن، على المستوى المهني الذي يعمل تحت الوزير، يشعر الناس بالاحباط. فهؤلاء وهؤلاء تم اخراجهم من اللعبة. لقد املى ديوان رئيس الحكومة خطا سياسيا واضحا: لن يتم خلق أي توتر مع الادارة في واشنطن في موضوع صفقة الاسلحة السعودية – الامريكية، وصفقات الاسلحة التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والكويت والامارات.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الامن، بقلق، ان النقاشات التي جرت في هذا الموضوع بين وزارة الامن وقسم التخطيط في الجيش الاسرائيلي، ووزارة الدفاع الأمريكية، واوراق العمل التي كتبت حول الصفقات ومعانيها، كانت سطحية وتمت من دون اجراء فحص معمق. ومنذ اللحظة التي وقف فيها السفير الاسرائيلي رون دريمر في الكونغرس واعلن بأن اسرائيل “لا تشعر بالقلق” ازاء الصفقة الأمريكية – السعودية، بعد فترة وجيزة من دخول ترامب الى البيت الأبيض، تم القضاء على احدى الخطوات الاكثر اهمية في نسيج العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة.
لقد تلقى اعضاء الكونغرس الذين يتولون تطبيق القانون الامريكي الذي يهدف الى الحفاظ على الفجوة النوعية العسكرية بين اسرائيل وجاراتها في الشرق الاوسط، على ضوء اخضر يسمح للإدارة بتنفيذ الصفقة من دون ان تضطر لمواجهة التحفظ والاعتراض من قبل اسرائيل واصدقائها في الكونغرس. لقد تخلت اسرائيل عن احدى ادوات العمل الرئيسية التي تملكها امام الادارة. الخوف من نزوات الرئيس ترامب والتلهف للمنافسة على نعمه اعمى ديوان رئيس الحكومة وأصابه بالشلل.
في 24 كانون الثاني 2017، هبطت في السعودية اولى طائرات F15SA، التي تعتبر اخر طرز من هذه الطائرات. وتحمل هذه الطائرات رادار AESA، الذي يجعل طائرات F15 المتوفرة ايضا لدى سلاح الجو الاسرائيلي، طائرات مختلفة تماما. ليس صدفة ان هذا الرادار – الذي بني بشكل خاص لطائرات الجيل الخامس، “الشبح”، F35 و F22- يتم تصنيعه فقط من قبل شركات قليلة في العالم، من بينها شركة “التا” الاسرائيلية.
ظاهرا، لا توجد لهذه الطائرات أية علاقة بصفقة الأسلحة الضخمة التي يبلغ حجمها 110 مليار دولار، والتي بادر اليها الرئيس ترامب، وتم توقيعها في مطلع الأسبوع في الرياض. انها تنتمي الى صفقة قديمة تتدحرج منذ 2011، في عهد اوباما، والتي كان يفترض ان تطبق في 2014، لكنه تم تأخيرها. ما الذي حدث لكي يتم تنفيذها بالذات في عهد ترامب.
يتضح انه في 2011 ادارت حكومة اسرائيل برئاسة نتنياهو، حربا شاملة ضد الادارة الامريكية، وطالبت بأن لا تشمل طائرات F15 التي اشترتها السعودية، الرادار المتطور ومنظومات اسلحة اخرى، خاصة صواريخ جو أرض التي يتم توجيهها بالليزر، ويمكنها تدمير منظومات الدفاع الجوي. وفي 2013، بعد عامين من النقاش المرير، وافقت الولايات المتحدة على عدم ارسال الرادار المتقدم كما هو، ولا الصواريخ الجوية التي يمكنها ان تسبب الضرر لقدرة سلاح الجو الاسرائيلي على حماية اجواء الدولة. والمفاجأة، ان رئيس الحكومة نفسه (مع وزير امن جديد) يتقبل بتفهم الان وبصمت صارخ صفقة الطائرات نفسها بين اميركا والسعودية والتي كانت قد حاربها بكل ما اوتي من قوة.
وهكذا، في نهاية صفقة الطائرات تلك التي ولدت لدى اوباما وتطبق لدى ترامب، ستكون لدى سلاح الجو السعودي 152 طائرة F15، من بينها 84 طائرة حربية جديدة، و68 طائرة تم تطويرها من خلال تزويدها بمنظومة الرادار والذخيرة الجديدة. وستحصل قطر على 72 طائرة F15 جديدة، بينما ستحصل الامارات المتحدة على سربين من طائرات F16 من خط الانتاج الأخير (بلوك 61) التي تتفوق بشكل لا يقاس على الطائرات المشابهة المتوفرة لسلاح الجو الاسرائيلي.
في كل ما يتعلق بصفقات الأسلحة الأمريكية – السعودية، احنى نتنياهو كل اجهزة الامن: ابتداء من سلاح الجو، الذي يكون بطبيعة الحال اول من يعارض صفقات اسلحة كهذه، بواسط قسم التخطيط، الذي يفترض ان يبلور عمل الطاقم، مرورا بالقسم السياسي – الامني في وزارة الامن، الذي وقف حتى الآونة الأخيرة في منطقة التماس بين استقالة رئيس القسم السابق، الجنرال احتياط عاموس غلعاد، وبين دخول خليفته زوهر بلطي، وصولا الى وزير الامن نفسه. صحيح ان ليبرمان قال هذا الاسبوع في لقاء لإذاعة الجيش: “انا لا شاعر بالطمأنينة ازاء سباق التسلح الاقليمي والمشتريات السعودية الضخمة”. لكنه يبدو ان العيش بسلام مع رئيس الحكومة يعتبر حاليا، مهمة بالغة الاهمية.

التقرير السري
تخلق القيادة السياسية عمدا، بلبلة ما بين صفقة الأسلحة الكبيرة التي تم توقيعها هذا الاسبوع في السعودية وبين صفقات اسلحة تم توقيعها بين الدولتين في عهد اوباما، ويتم تحقيقها خلال فترة ترامب. من المريح اكثر بيع الجمهور المركبات الدفاعية في صفقة الأسلحة، وابتلاع ما تبقى.
ما ينسون التذكير به ايضا، هو وجود سلسلة من الالتزامات الرئاسية في الولايات المتحدة. اذا تم في عهد اوباما التعهد لإسرائيل بأنه لن يتم بيع سلاح معين للسعودية، ومع ذلك تم بيعه في عهد ترامب، فانه لا يوجد أي مبرر يجعل اسرائيل تسكت. حتى وان كان المقصود صفقة تشكل جزء من خطة سياسية أمريكية بعيدة المدى. ففي عهد اوباما، كما اليوم، تحدثوا في الولايات المتحدة عن الحاجة الى صفقة الطائرات مع السعودية كجزء من محاربة “الهلال الشيعي” الذي يمتد من ايران وحتى لبنان. وفي عهد اوباما، ايضا، ضغطت الصناعات الأمنية الامريكية من اجل تنفيذ هذه الصفقة. ولكن منذ تم انتخاب ترامب، انقلب كل شيء. نتنياهو يحتاج الى ملاطفة ترامب لرأسه.
الادارة الامريكية لا تصنع معروفا مع اسرائيل عندما تحافظ على الفجوة النوعية للجيش الاسرائيلي مقابل الجيران. فبين اسرائيل والولايات المتحدة هناك اتفاق رسمي بهذا الشأن، QME، الذي يرسخه القانون الامريكي، ولا مثيل له في علاقات الولايات المتحدة مع أية دولة اخرى في العالم. وحسب ذلك القانون تلتزم الولايات المتحدة بتقديم تقرير الى لجنة في الكونغرس، مرة كل فترة معينة، حول ميزان القوى في الشرق الاوسط، وشرح كيف يتم الحفاظ على تفوق اسرائيل النوعي. وهذا التقرير سري، ورد الكونغرس سري ايضا، بحيث لا يفترض ان تعرف اسرائيل ما كتب فيه. ومع ذلك، فان البنتاغون والكونغرس لا يلعبان بالمعطيات ولا يحرفانها، من خلال الفهم بأن الاستخبارات الاسرائيلية تعرف كيف تتعقب ميزان القوى في الشرق الأوسط بشكل لا يقل عن الاستخبارات الامريكية.
كما جاء في القانون بالتفصيل انه في كل مرة تفكر فيها الادارة الأمريكية بالتوقيع على صفقة امنية مع دولة في الشرق الاوسط، غير اسرائيل، يجب عليه فحص اثاره على الفجوة النوعية لصالح اسرائيل. اخذ الفجوة النوعية لا يتطرق فقط الى الدولة التي تشتري السلاح، وانما ايضا، الى الابعاد التي يمكن تتركها تلك الصفقة على ميزان القوى في حال تشكيل تحالف ضد اسرائيل، او ان يقوم تنظيم غير دولي، بفتح مواجهة عسكرية معها. هناك اربع قنوات للحوار بين اسرائيل والولايات المتحدة، تهدف الى تطبيق اتفاق الحفاظ على الفجوة النوعية.
مسار العمل الاول، الدائم، هو قسم التخطيط والقسم السياسي الامني برئاسة المدير العام لوزارة الامن، والذين يعملون امام اقرانهم في البنتاغون ووزارة الخارجية الامريكية. سلاح الجو يشارك في المحادثات، لأن غالبية المواضيع المقلقة لإسرائيل في مجال بيع السلاح الامريكي لدول في الشرق الاوسط تتعلق بالمس بالتفوق الاستراتيجي. في بداية العقد، مثلا، سعت الولايات المتحدة لبيع صواريخ باتريوت الى الأردن، في ضوء التهديدات الناشئة من جهة سورية. وقد اوضح سلاح الجو بأن وصول هذه المنظومة الى الايادي الاردنية سيهدد التفوق الجوي الاسرائيل. وفي نهاية الأمر تم التوصل الى تفاهم بين الولايات المتحدة، الاردن واسرائيل حول طريقة الحفاظ على امن الاردن في مواجهة الطائرات المعادية.
هذا هو في الواقع جوهر النقاشات التي يجريها الجهاز الامني الاسرائيلي مع نظيره الامريكي، في وقت تطرح فيه على الجدول صفقة اسلحة معقدة. ولكن في اكثر من مرة، كما في صفقة الطائرات الحربية للسعودية، يتحول الأمر الى لعبة سياسية يمكن ان تتواصل لأشهر وسنوات. في مثل هذه الحالة تتحول النقاشات الى رافعات ضغط متبادلة بهدف تحقيق انجازات سياسية على المستوى الاسرائيلي – الفلسطيني.
خلال النقاشات حول صفقة طائرات F15 للسعودية، اقترحت الادارة على اسرائيل تعويضا على شاكلة سرب اخر من طائرات F35، بينما قامت اسرائيل بتفعيل الضغط على الادارة الامريكية، بواسطة الكونغرس، لكي تتراجع عن مطلب استمرار تجميد البناء في المستوطنات. اسرائيل لم تجمد البناء ولم تحصل على سرب طيران اخر. وفي 2017 تبيع الولايات المتحدة للسعودية الطائرات التي كانت ترغبها ببيعها لها منذ البداية. قناة الحوار الثانية هي ين مكتب رئيس الحكومة، ومكتب الرئيس الامريكي ومجلس الامن القومي. اما المسار الثالث، فهو مكتب وزير الامن مقابل مكتب وزير الدفاع، ومجلس الامن القومي. واما المسار الرابع فهو بين سفارة اسرائيل في واشنطن والكونغرس الامريكي. المشكلة هي انه لا يوجد بالضرورة تنسيق بين هذه القنوات. في الحالة الاخيرة قام ديوان رئيس الحكومة والسفارة في واشنطن، بشطب كل البقية.

كوبون لوكهيد
الصفقة الأمنية بقيمة 110 مليار دولار التي تم توقيعها هذا الاسبوع في السعودية، صاغها البيت الابيض مع دخول ترامب الى منصبه، لكنها تعتمد على سنوات من النقاش بين البلدين. تتركب الصفقة من خمس فئات. الاولى، الدفاع عن الحدود ومحاربة الارهاب، تشمل 150 دبابة ابراهامس من الطراز الاخير، 150 مروحية ساعر بلاك هوك، 40 طائرة نقل تشينوك، بالونات ضخمة تحمل رادارات بعدية المدى، رادارات مضادة للقذائف، فوهات مدفعية ومصفحات جديدة.
الفئة الثانية، المعدات البحرية وحماية الشواطئ، وتشمل اربع سفن جديدة متعددة الاهداف، كان يرغب بها سلاح البحرية الاسرائيلي ايضا، لكنه لن يتم العثور على ميزانية مناسبة لهذا الغرض. لقد التزمت السعودية بعدم ابحار هذه السفن في البحر الاحمر، وانما في الخليج الفارسي فقط. كما تضم هذه الفئة مروحيات بحرية، طائرات رصد، تحذير ودوريات بحرية، سفن حراسة ومنظومات اسلحة متطورة مركبة على السفن. الفئة الثالثة، تطوير سلاح الجو السعودي، وهذا يشمل طائرات حربية، شحن وتجسس.
اما الفئة الرابعة، الدفاع الصاروخي، فتشمل تطوير بطاريات باتريوت وبيع صواريخ THAAD، مع منظومة الرادارات طويلة المدى والمتطورة. اضف الى ذلك، وهذه هي الفئة الخامسة، التزام شركة التكنولوجيا الأمريكية ريثاون بإقامة مركز انتاج وتطوير كبير في السعودية، لبيع قدرات السيبر والحاسوب المتطورة للسعودية. وحسب ما نعرفه، فان القائمة الكاملة لم تصل قبل ذلك الى وزارة الامن والجيش، وفي كل الاحوال تم منع الجهاز الامني من الازعاج.
شركة لوكهيد مارتين التي حظيت بحصة تبلغ 24 مليار دولار من الصفقة الحالية، اعلنت بأن الصفقة ستوفر 18 الف مكان عمل في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة القريبة، لاصحاب المهن الذين سيعملون ليس فقط في الانتاج وانما، ايضا، في صيانة المعدات التي تشتريها السعودية. هذا هو احد الاسباب الرئيسية لقرار ترامب المضي مع هذه الصفقة بكل قوة. لقد عاد الى الولايات المتحدة مع عدة عشرات وربما مئات الاف اماكن العمل الجديدة، وربط بين الاقتصاد السعودي والامريكي، ووسع اعتماد جهاز الامن السعودي على الولايات المتحدة. وتقف من وراء الصفقة، ايضا، النظرية التي يمثلها رئيس مجلس الامن القومي، الجنرال هربرت مكماستر. انه يحاول تطبيق افكار نظرية تولدت في عهد اوباما، وتصبح عملية اكثر في عهد ترامب: تشكيل تحالف امريكي – سني راسخ في الشرق الاوسط من دون فحص جدائل الانظمة السنية الاعضاء في هذا التحالف، خلافا لإدارة اوباما التي خلقت قطيعة مع قسم من هذه الدول.
لقاء ترامب مع الـ 50 زعيما اسلاميا في الرياض كان قمة العملية التي يقودها ترامب لتشكيل هذا التحالف. في ديوان رئيس الحكومة لم يرغبوا بازعاج ترامب حين عمل على تأسيس تحالف سني قوي ضد داعش والايرانيين، والذي تدعمه اسرائيل من كل قلبها. ولكن داخل الغرف المغلقة يبثون في وزارة الامن “القلق المتفائل”. يجب عدم الخوف الى هذا الحد من الصفقة السعودية، يهمس الناس هناك، ويقولون: “الرئيس ترامب سيعوضنا، انه لن يخيب املنا، هناك من نعتمد عليه.

مصر تتسلح، ايضا
لكنه بالنسبة للسعودية تعتبر الصفقة مجرد فصل واحد في السباق نحو التسلح الاقليمي. مصر في خضم مفاوضات متقدمة مع روسيا على صفقة امنية بحجم حوالي 11 مليار دولار، تشمل طائرات حربية من طراز ميغ 35، وسوخوي 35، ومروحيات حربية جديدة، ومنظومة دفاع اس 300، وقذائف وصواريخ وغيرها. من كل ما هب ودب. وهذا بالإضافة الى شراء اربع غواصات من المانيا، حاملتي طائرات من فرنسا، وصفقات موقعة من الادارة الامريكية. اعداء مصر اليوم هم ايران، السودان ليبيا، ومن سيأتي بعدهم. يجب طرح هذا السؤال ايضا بالنسبة للسعودية.
من حيث النوايا، السعودية هي دولة صديقة. من حيث بناء القوة، من يعرف أي نظام سيكون هناك بعد عشر سنوات؟ القوة التي بنتها الولايات المتحدة لصالح الشاه الايراني انتقلت الى آية الله. في تركيا حدث انقلاب معاد لإسرائيل، وهذا يمكن ان يحدث ايضا لدى جيران اخرين. والصحيح ان غالبية السلاح المتطور اليوم هو سلاح محوسب، وضلوع البائع في ما يفعله الشاري حاليا بفوق بكثير ما كان في السابق، مما يعني ان اعتماد السعودية على الصيانة الامريكية لمنظومة الاسلحة يعتبر امر مثيرا.
في حال استبدل النظام في السعودية، لن يكون من المؤكد ان النظام الجديد سيجد ما سيفعله بالطائرات. ولكن كما قال حد قادة سلاح الجو، يكفي ان يصاب طيار سعودي واحد يقود طائرة F16، بالجنون او يتم تجنيده من قبل داعش، لكي بتسبب بضرر لإسرائيل. ولذلك فان موافقة اسرائيل على التخلي عن حق مراقبة بيع السلاح في الحي، كان خطوة انتهازية.
لقد عرضت الولايات المتحدة على اسرائيل مقابلا سياسيا سيقلص التهديدات الكامنة في التضخيم العسكري للدول العربية. لقد وصل ترامب الى اسرائيل مع رسالة من 50 دولة اسلامية – على رأسها السعودية- تدعو اسرائيل الى المشاركة الفاعلة والعلنية في التحالف الاقليمي امام التهديد الشيعي وداعش. واوضح ترامب لنتنياهو ان السعودية تملك مصلحة بالتعاون المشترك الممأسس مع اسرائيل، على غرار التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة ودول غرب اوروبا. وعلى سبيل المثال في مجال التعاون في العلوم.
يجب على بنيامين نتنياهو ان يقرر الآن ما اذا كان مستعدا لتقديم المقابل ، على شاكلة خطوة معينة تسمح بفتح الحوار مع الفلسطينيين. المقصود ليس خطوة دراماتيكية، السعوديون لا يطالبون باتفاق سلام. انهم يطلبون خطوة صغيرة كتحويل منطقة C الى B، شيء اولي يسمح لإسرائيل بأن تكون جزء من الائتلاف. وفي المقابل تنوي السعودية البدء بخطوات عملية لتطبيع العلاقات، تشمل تقديم تأشيرات دخول لرجال الاعمال الاسرائيليين. الان يجب على نتنياهو ان يقرر. هل يريد تقليص سباق التسلح والانضمام الى عضوية الشرق الاوسط، الحلم الدافئ لقادة الصهيونية على مختلف اجيالها، او يحافظ على الائتلاف مع بينت وسموطريتش؟

“رجل سلامته”

تكتب أورلي ازولاي، مراسلة صحيفة “يديعوت احرونوت” في الولايات المتحدة: “قبل الانتخابات الرئاسية بأشهر معدودة استدعى ترامب الى مكتبه في برج ترامب عددا من المراسلين الصحفيين من وسائل الاعلام الاسرائيلية في الولايات المتحدة. وبعد نقاش قصير سأل أحد الصحافيين المرشح للرئاسة ماذا يسمي المنطقة التي توجد وراء نهر الاردن: الضفة الغربية، المناطق المحتلة أو يهودا والسامرة. ترامب بدا محرجا: “يوجد هنا شخص يعرف عن ذلك أكثر مني، فاسألوه”. قال ذلك وأشار الى جيسون غرينبلت، الذي كان يجلس في الغرفة. وفي نفس المناسبة أعلن ترامب أن غرينبلت، رئيس الطاقم القانوني التابع له لشؤون العقارات، سيكون من الآن فصاعدا مستشاره لشؤون اسرائيل واليهود.
بعد فوز ترامب في الانتخابات حصل غرينبلت على منصب آخر وهو مبعوث الرئيس الى الشرق الاوسط والمسؤول عن المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد قال غرينبلت في حينه لاصدقائه المقربين “لقد فوجئت، لكنني أشعر بأنني كنت مستعدا طوال حياتي لهذه المهمة.اسرائيل مقربة من قلبي وأنا سأكون مسرورا اذا كنت شريكا في صنع السلام”.
غرينبلت الذي يبلغ 50 سنة هو يهودي ارثوذكسي، من الجيل الثاني لعائلة هاجرت من هنغاريا الى الولايات المتحدة. وهو خريج “معهد يونفرسيتي” ومدرسة القانون في جامعة نيويورك، متزوج وأب لستة أولاد. وحين أنهى تعليمه في 1992 بدأ غرينبلت العمل في مكتب للمحاماة في شؤون العقارات في نيويورك، لكنه مل وقرر اقامة شبكة مقاهي. وقام بافتتاح عدة فروع في نيويورك. ولكن في تلك الفترة بالضبط بدأت شبكة “ستاربيكس” تعمل في المنطقة، فلم يستطع المنافسة. فقام غرينبلت باغلاق الشبكة والعودة الى مهنة المحاماة.
وقد كانت هذه الخطوة مربحة جدا: فعندما قام غرنبلات بتمثيل أحد الزبائن في نقاش حول صفقة بحضور ترامب، لفت انتباهه رجل العقارات هذا بقدراته القانونية العالية، فاقترح عليه ترامب العمل معه. ولم يمر وقت طويل حتى قام ترامب بتعيينه رئيسا للقسم القضائي التابع له ووضعه في المكتب الملاصق لمكتبه، فأصبح الشخص الأكثر قربا من الرئيس. وفي مكتبه الجديد وضع غرينبلت تمثالا يمثل رأس ترامب وكان يقول إنه عندما يقترب يوم السبت كان ترامب يحثه على الذهاب الى البيت للاستعداد لليوم المقدس. وقد ضم ترامب يهوديا آخر للطاقم القضائي الرفيع وهو ديفيد فريدمان، الذي تم تعيينه محاميا له لشؤون الافلاس. وفريدمان الآن هو سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، ومسؤول الى جانب غرينبلت عن المهمة الاساسية في السياسة الخارجية لترامب: التوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. الاثنان يقومان بتقديم التقارير مباشرة الى غارد كوشنر، زوج إبنة الرئيس ترامب ومستشاره، وهو ايضا يهودي.

زيارة سنوية في اسرائيل
غرينبلت الذي كان مواظبا على أخذ عائلته لزيارة اسرائيل في كل صيف، وقام بتأليف مرشد السياحة “اسرائيل للعائلات: مغامرة من 12 يوما”، يوجد الآن ايضا على الخط من اجل العمل. وقد وصل أمس الى البلاد، وفي الاسبوع القادم سيبدأ جولة المحادثات الثانية له في المنطقة مع هدفين: تحديد لقاء ثلاثي بين نتنياهو وعباس وترامب لتحريك العملية السلمية، وبلورة مبادرة ترامب للسلام، حيث أن الرئيس نجح في ابتزاز عدد من التنازلات من الطرفين بعد زيارته للرياض والقدس ورام الله. يقول مقربو ترامب إنه حسب مبادرته التي سيتم طرحها بعد تهيئة الاجواء، سيتم تحديد موعد للقاء ثلاثي وتبدأ العملية – الحل سيكون دولتان تعترفان ببعضهما البعض. وستكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وسيتم الاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لاسرائيل، وشرقي القدس ستكون عاصمة لفلسطين وستكون هنا حرية وصول للاماكن المقدسة لجميع أبناء الديانات.
ترامب لم يقم باختراع العجلة. فقد قدم كلينتون وبوش واوباما صيغة مشابهة قبله. ولكن ترامب يراهن على قدرته غير العادية في ادارة المفاوضات وادراكه بأن اسرائيل والفلسطينيين لن يقولوا له “لا”. وهو يؤمن أن الخوف من غضبه سيردعهم، وهكذا يستطيع التقدم. سيقول ترامب للطرفين بأنه لا يفرض عليهما أي شيء، ويمكنهما تقديم الملاحظات والتحفظات، لكنه يتوقع منهما التعهد بالاطار ومناقشة الامور المختلف فيها، وليس فقط التقاط الصور للذكرى.
ليس صدفة أنه قبل قدومه الى الشرق الاوسط ببضعة اسابيع قرر ترامب عدم نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس. “هذا سيضر بالآلية”، قال ذلك عندما تحدث عن سبب الغاء تعهده لاسرائيل. وقد أيد غرينبلت الخطوة، أما المستشار الرفيع للرئيس ستيف بانون فقد عارضها وزعم أن الوعد أعطي ليس فقط لاسرائيل، بل ايضا لناخبيه الافنغلستيين الذين يؤيدون اسرائيل، الذين لم يكن سينتصر بدونهم. إلا أن ترامب فهم أن نقل السفارة سيغضب، ليس فقط الفلسطينيين، بل ايضا السعودية ودول عربية اخرى، الامر الذي سيضر بفرص تحقيق السلام الاقليمي. ولسبب مشابه رفض أن ينضم اليه رئيس الحكومة نتنياهو في زيارته لحائط المبكى.
قبل سفر ترامب الى الشرق الاوسط بيوم واحد، شاركت في لقاء مع أحد المسؤولين في البيت الابيض. وردا على سؤالي قال المسؤول إن “ترامب لا يعتبر المستوطنات عقبة في طريق السلام، لكنه قلق من البناء خارج حدود المستوطنات القائمة. وفي زيارته يتوقع الحصول على اشارة من نتنياهو تفيد بأن القدس أدركت قلقه”. يمكن القول إنه لو لم يحصل ترامب على هذه الاشارة لما كان سيعبر عن التفاؤل حول امكانية انجاز الصفقة.
وحول ما حدث في الغرف المغلقة قال وزير الخارجية الامريكي ريكس تلرسون للمراسلين في هذا الاسبوع في بروكسل إن “ترامب ضغط بشدة على اسرائيل والفلسطينيين وحثهم على اتخاذ الحلول الوسط. ويجب على الطرفين التنازل”. وقد سمع من عباس أنه مستعد للمشاركة في لقاء ثلاثي، فقط ليقل أين ومتى. وحسب مصادر في البيت الابيض، قال للسعودية إنه سيتبنى اجزاء كبيرة من مبادرة السلام العربية، بما في ذلك حدود 1967، مع بعض التعديلات وتبادل الاراضي. السعودية من ناحيتها حدثته عن امور مريحة للأذن، وجعلوه يفهم أنه اذا تم حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني فستكون على استعداد لحلول وسط سياسية تشمل انشاء علاقات مع اسرائيل.
ترامب ومساعدوه يعتقدون، خلافا لموقف اسرائيل، أن السلام بين اسرائيل والفلسطينيين هو لب الموضوع: عند تحقيقه يمكن التوصل الى السلام الاقليمي الشامل – وهذا هو طموح ترامب الأكبر. عند مغادرته للشرق الاوسط بدأ ترامب العمل بجدية لتحريك العملية السلمية. فقد قام بارسال غرينبلت الى المنطقة على الفور، وأمره بالعودة مع تاريخ للقاء القمة. “تفاؤل الرئيس هو ذخر”، قال في هذا الاسبوع أحد المسؤولين في البيت الابيض، “هذا يساعد في احضار الاطراف الى الطاولة”.

عندما يفتح كومي فمه
غرينبلت هو عكس الرئيس تماما: صوته ناعم، يتحدث بهدوء ولديه قدرة على الاستماع. ويحترم من يتحدث معه ولا يقاطعه. عندما قام بزيارة الشرق الاوسط في شهر آذار التقى مطولا مع أبو مازن ورجاله من اجل ازالة الاشتباه حول كونه وسيطا غير نزيه بسبب يهوديته. وقد قام بخطوة استثنائية وذهب لزيارة مخيم للاجئين في الضفة الغربية للاستماع الى مشكلات وطموحات الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال منذ عشرات السنين. “أي مبعوث امريكي سابق لم يفعل ذلك”، قال في هذا الاسبوع دنيس روس، الذي كان مبعوثا للشرق الاوسط. وقال أحد اصدقاء غرينبلت في هذا الاسبوع “إنه يؤمن بأن هذه اللحظة هي فرصة تحقيق السلام مرة واحدة في الحياة. وهو يؤمن بذلك بسبب قدرة ترامب الاستثنائية على التفاوض، وايضا لأن ما يوحد الجميع هو الخوف من تهديد ايران”.
منذ تعيينه للمنصب انتقل غرينبلت للسكن في واشنطن، التي تنتظره مع فضائح كثيرة. وقد تم استعراض اليومين الأولين لزيارة الرئيس في المنطقة في وسائل الاعلام الامريكية بشكل واسع، بسبب انتظار انكشاف جهل الرئيس بالعلاقات الخارجية أو اهانته لأحد القادة الاجانب. ولكن عدم حدوث ذلك دفع وسائل الاعلام الى الاهتمام بالعلاقة مع روسيا، الامر الذي دفع رجال البيت الابيض الى الاستعداد قضائيا لامكانية استغلال الديمقراطيين للازمة للمطالبة بمحاكمة اقالة للرئيس.
في بداية الاسبوع يتوقع حدوث دراما عندما سيقوم جيمس كومي، رئيس الـ اف.بي.آي، الذي أقاله ترامب، بتقديم شهادته أمام لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ في نقاش مفتوح. وستكون هذه هي المرة الاولى التي سيفتح فيها كومي فمه بعد أن كشف من خلال مقربيه أن ترامب قد طلب منه وقف التحقيق في علاقة مستشار الامن القومي السابق مايكل فلين، مع روسيا. “كومي سيكون جيدا، فهو شخص لا يضيع وقته في تعزية نفسه”، قال أحد اصدقاء كومي للموقع السياسي “بوليتيكو”. “توجد له قصة لروايتها، وهو يريد أن يعرف الجمهور. ولو كنت في مكان ترامب لكنت أقلق جدا من هذا”.
اذا تبين أن ترامب قد طلب من كومي القول له اذا كان تحت التحقيق أو طلب منه وقف التحقيق، فان الحديث يدور عن تشويش التحقيق. وهذا البند قد يؤدي بالرئيس الى محاكمة اقالة. والرئيس قد يحاكم محاكمة اقالة بسبب كشفه أسرار حساسة أمام روسيا – اذا توفرت الأدلة على ذلك بالطبع. إن محاكمة الاقالة تتم في الكونغرس، ومن اجل عزل الرئيس من منصبه هناك حاجة الى اغلبية عادية في مجلس النواب واغلبية ثلثين في الشيوخ. وفرصة أن يحدث ذلك هي فرصة محدودة لأنه توجد اغلبية جمهورية في المجلسين – لن يصوتوا ضد ترامب طالما أن الاستطلاعات تظهر أن حوالي 96 % من ناخبيه راضين عن أدائه. من المحتمل أن لا تتم اقالته، الآن على الأقل، لكن العلاقة مع روسيا تسحق مكانة الرئيس وترافقه مثل غيمة سوداء. وهذا سبب آخر يجعله يسعى الى التوصل الى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. “ستكون هذه لحظة تاريخية، موثقة بشكل جيد، حيث سيكون ترامب هو المهندس والمضيف والمُخلص. وهذا ما يسعى اليه”.

القدس العليا تعود الى القدس الدنيا.

يكتب درور ايدر، في “يسرائيل هيوم” انه كان من الصعب الهرب من الفجوة الرمزية بين تل ابيب والقدس في يوم الاربعاء الماضي، الثامن والعشرين من ايار (حسب التقويم العبري)، وهو اليوم الذي احتفلت فيه الدولة وجمهور واسع بيوم القدس. لقد احتفلت أنا في الساعة 11:00 صباحا من خلال برنامج اريئيل سيغال في “اذاعة الجيش” بمرور يوبيل على تحرير المدينة. وفي الساعة الواحدة ظهرا أشارت ياعيل دان الى مرور خمسين سنة على احتلال المدينة من خلال طرح التخوف من الاستفزازات المناهضة للإسلام خلال رقصة الاعلام. نحن لا ندير الصراع على القدس أمام العالمين الغربي والاسلامي فقط.
القدس هي صخرة الخلاف بين اتجاهين مركزيين في حرب الآراء والافكار التي تدور في داخلنا منذ عودتنا الى التاريخ في بداية حقبتنا الجديدة، وبقوة اكبر، منذ عودتنا الى البلدة القديمة قبل يوبيل من السنوات، وفرض سيادتنا عليها.
بمصطلحات رمزية، يمكن استبدال تل ابيب بدولة اسرائيل في المعادلة. مدينة القدس كممثل للجزء الديني من هوية الشعب اليهودي، مقابل دولة اسرائيل التي تمثل الجزء القومي العلماني في هويتنا. صحيح أن القدس لم تكن أبدا مدينة الهيكل فقط، وانما موقع الملكوت والعاصمة؛ ولكن منذ تم نفينا، تم اقصاء القدس الدنيا عن القدس العليا. وكلما ابتعدنا في الزمن منذ لحظة الخراب السياسي، وكلما اندمجنا في روتين الشتات، وفي المواجهة اليومية للتحديات المعقدة التي استدعاها التواجد في دول غريبة – من مشاكل كسب الرزق وحتى مشكلات الوجود والخطر على الحياة – هكذا نسينا العامل القطري والقومي للمدينة.
صحيح أننا حلمنا بالقدس، لكن يجب الاعتراف ايضا بأنها أخافتنا. فلقد مثلت القدس البُعد غير العقلاني في تجربتنا، تفكيرنا ووعينا الجماعي، الذي قد ينفجر بشكل غير مراقب ويقضي على الجسم القومي الذي نجح بالعودة الى الحياة بعد غفوة طويلة. وما الذي أردناه نحن بعد ألفي سنة؟ العودة كي نكون “طبيعيين”، “كعشب واحد، كانسان واحد”، أمة عادية مثل أمم العالم.
وهكذا، خلال الـ 19 سنة الاولى للدولة عشنا في دولة اسرائيل، بينما بقيت القدس تلك خارج الجدار، وراء جبال الظلام، مضغوطة جيدا في كيس ذاكرتنا، كي لا تروع حياتنا. لقد أنكرناها واعتقدنا أنه يمكن العيش هكذا لسنوات طيولة. ما الذي يحافظ على سلامتنا العقلية كبشر، وما الذي يمنع اللاوعي من الاندلاع واغراقنا حتى الجنون؟ ليس الكثير: “حاجز دقيق يفصل بين الوعي واللاوعي، شيء يشبه حارس الوعي الذي يدافع عن أنفسنا من طوفان المخاوف، التعقيدات والمضامين التي ضغطناها وتنكرنا لها طوال حياتنا، والتي تندلع بين الفينة والاخرى في احلامنا.
في كتابه “البشرى حسب يهودا”، الذي تجري احداثه في القدس “العلمانية” في نهاية الخمسينيات، يعرض عاموس عوز اقوال شلتئيل ابربنائيل، عضو مجلس الشعب الوحيد الذي عارض بن غوريون في موضوع الاعلان عن قيام الدولة: “… آباء الصهيونية استخدموا بشكل مدروس الطاقة الدينية والتبشيرية القائمة في قلوب الجموع اليهودية على مر الاجيال، وجندوا هذه الطاقات لخدمة حركة سياسية كانت علمانية في اساسها، وبراغماتية وعصرية. ولكن ذات يوم… قد يقوم الشيطان على خالقه: الطاقات الدينية والتبشيرية، الطاقات غير العقلانية التي حاول مؤسسو الصهيونية تجنيدها في صراعهم العلماني والموضعي، قد تندلع في يوم ما وستجرف معها كل ما أراد آباء الصهيونية عمله هنا”.
لقد اقتبس عوز هذه الاقوال من رسالة وجهها غرشوم شالوم الى فرانتس روزنسفيغ في العام 1926 عن تهديد التبشيرية الكامن في احياء اللغة العبرية. هذا الخوف يتكرر لدى كثير من الكُتاب والمفكرين. يكفي قراءة صحيفة “هآرتس″ لكي نرى الى أي حد يغذي هذا الخوف جزء هاما من المجتمع الاسرائيلي. هذا التهديد يتواجد، ايضا، في مركز كتاب عوز “سلام للأصوليين” الذي قمت في اعقابه بنشر محادثة مع مؤلفه.
في بداية الثمانينيات نشر الكاتب أ.ب يهوشع مقالات في كتاب بعنوان “بفضل الطبيعية”، والذي وعظ فيه على الابتعاد عن البُعد الديني التبشيري والتمسك بالمركب العقلاني الكامن في وجودنا القومي. وفي نهاية ذلك العقد قام بنشر كتاب آخر بعنوان “الحائط والجبل”، والذي كتب فيه عن جبل هرتسل كرمز لاسرائيل العلمانية، ودعا الى تفضيله على الحائط الغربي (المبكى)، الذي يرمز الى البعد الديني غير العقلاني و”التبشيري”.
ليس صدفة أن يهوشع اختار انتزاع اسم “الجبل”، الذي يرمز في المصادر الى جبل الهيكل (الحرم)، ومنحه لجبل هرتسل. لقد اهتم يهوشع بالعقدة التبشيرية التي تعتبر “الجنون” اليهودي، وبالاضطراب العقلي، المانية (“سيد ماني”) الذي تسلل الى نفسيتنا الجماعية مثل “هاجس” لا يفارقنا.
محاولة حل العقدة وهذا الجنون تميز الكثير من الكُتاب. لدى يهوشع تجد تعبيرها، مثلا، في علمنة المدينة بطرق مختلفة. وفي كتابه بعنوان “العروس المحررة” يحاور “تهيلا” من كتاب لشاي عغنون، الصالحة التي هي بؤبؤ القدس، ويجعلها ابنة لصاحب فندق مقدسي تمارس معه سفاح القربى (عمليا، يحول يهوشع تهيلا الى السيدة الخطيرة في كتاب آخر لشاي عغون “السيدة والبائع المتجول”). أو في كتابه “مهمة المسؤول عن القوى البشرية” الذي يقلص فيه الصراع على القدس، من خلال الادعاء المتسامح (المنطقي) القائل إن القدس تتبع للجميع، لجميع الديانات والشعوب.
لكن القدس هي صهيون، والتفكير بأنه كان يمكننا اقامة الصهيونية بدون صهيون، أي بدون العامل المركزي الذي ترمز اليه القدس، يجعلني أستغرب في كل مرة من جديد. ما الذي اعتقدناه، أن نعيش آلاف السنين بدون ارض حقيقية، وفقط بفضل “القدس العليا” – الفكرة الروحية الدينية التي حافظت علينا بين الاحياء وبين الاموات، نوع من الفكرة التبشيرية حول نهاية سعيدة لشعبنا بعد صعوبات كثيرة؛ وعندها، عندما عدنا الى الحياة والى التاريخ، ولا سيما عندما عدنا الى البلاد – سننجح في شطب وازالة هذا المركب التبشيري، البُعد غير العقلاني في شخصيتنا الجماعية؟ هل اعتقدنا انه يمكننا العودة الى البلاد التي نفينا منها وحلمنا بالعودة اليها، وأن نعيش فيها بدون “القدس الدنيا”، القدس الحقيقية والسياسية؟.
ما الذي اعتقدناه، أن نتمكن من العيش الى جانبها، على مرمى حجر، الى جانب المحبوبة التي لا يمكن الوصول اليها والتي يسبب ذكر اسمها فقط، بتمرير شحنة كهرباء في اوساط الاجيال اليهودية (“تحرق الشفاه كقبلة حارقة”)، ان نراها ولا نحضر اليها، والاكتفاء بجبل هرتسل كبديل؟ اتركوا للحظة الخلاف السياسي وفكروا في هذا الامر بطريقة نفسية بسيطة: هل اعتقدنا بالفعل أن هذا ممكن؟.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا