مسار حماس الى الرياض

(المضمون: وحماس ليس فقط تنظيم فلسطيني او موضوع مصري داخلي. فهي قد تحولت الى كرت مساومة سياسية ساخنة بين السعودية وايران… وهي الآن تشبه المركب التي تفرد اشرعتها بإنتظار هبوب الريح المناسب لها).
قرار المحكمة المصرية للامور المستعجلة، والتي اعتبرت ان حماس هي منظمة ارهابية، تقريبا احدث ازمة في العلاقات بين سلمان ملك السعودية ورئيس مصر، عبد الفتاح السيسي. بعد ايام معدودة من قرار الحكم بدأت تخرج من العربية السعودية تقارير تفيد بأن الملك يعتزم دعوة خالد مشعل الى زيارة رسمية للرياض. وعلى الرغم من انهم في حماس لم يؤكدوا ان مثل هذه الدعوة قد وصلت بالفعل او انها من المتوقع ان تصل، الا ان هذه الرسالة السعودية غبر المباشرة كانت كافية من اجل ان تتخذ الحكومة المصرية خطوة غير مسبوقة.
ففي يوم الاربعاء الماضي تقدمت الحكومة المصرية بإستئناف على قرار المحكمة، وان النقاش حول الموضوع من المتوقع ان يتم في 28 من الشهر الجاري. ولم يتم ارفاق اي تفسيرات قضائية بالقرار، المتوقع ان يؤدي الى إلغاء قرار المحكمة. التفسير الممكن الوحيد هو سياسي . وحماس ليس فقط تنظيم فلسطيني او موضوع مصري داخلي. فهي قد تحولت الى كرت مساومة سياسية ساخنة بين السعودية وايران.
على الرغم من السعودية تعتبر حركة الاخوان المسلمين تنظيم ارهابي، الا انه فيما يتعلق بحماس يبدو ان سياستها تختلف عن مصر. الملك السعودي، الذي يتطلع لتكوين محور سني يقلص تأثير ايران في الشرق الاوسط، لا يمكنه الاكتفاء بمحور دول، بل انه يحتاج لان يمنح بطاقة تأهيل ايضا لمنظمات سنية، مثل منظمة حماس. التي ما زالت تجد صعوبة في التقرير بشكل نهائي فيما كانت ستعود الى محور ايران او تتهرب منها وتنضم الى الدائرة العربية. وفي نفس الوقت فإن ايران نفسها ما زالت لم تقرر فيما اذا كانت ستبذل جهدا من اجل تقريب حماس مجددا اليها، او الاستمرار بالقطيعة السياسية والاقتصادية مع المنظمة التي انفصلت عن سوريا.
وحماس الآن تشبه المركبة التي تفرد اشرعتها بإنتظار مسار الريح المناسب لها. وعلى ضوء ذلك، فإن القرار في اي اتجاه هي مشكلة الاغنياء. فايران كما هي السعودية بحاجة الى حماس من اجل ان تحقق افضلية سياسية في المنطقة التي تدور بينهما فيها لعبة المحصلة صفر، والذي يفسر فيها كل مكسب ايراني هو خسارة سعودية، وبالعكس. ولكن الحيرة شديدة: فإذا قررت حماس الالتحاق بمحور ايران، فهي ستكون مضطرة للتراجع عن انتقادتها الشديدة لنظام بشار الاسد والتعاون مع حزب الله، وعندها ستفقد نهائيا اي احتمال لاعادة إعمار قطاع غزة: ومعبر رفح سيظل مغلقا – حيث بدون دخول جديد لقوات الحكومة الفلسطينية الى قطاع غزة فإن مصر لن توافق مجددا على فتح المعبر – وفي غياب تعبير “الكبير مسؤول”، وايضا اموال المساعدة لا يمكن ان تصل الى القطاع.
وفي المقابل، فإذا قررت حماس الانضمام الى المحور السعودي – المصري فهي ستكون مطالبة بتنفيذ خطة المصالحة بين فتح وحماس، والتي تعني انهيار كبير لسلطتها في القطاع، ويكون خاضعا لقرار مصر بالطبع – وان عليها ان تثبت بأنها لم تعد مرتبطة بحركة الاخوان المسلمين.
فكل قرار من حماس ستدفع ثمنا ايديولجيا وسياسيا باهظا له. وهي ما زالت لا تعلم ماذا ستنال مقابل ذلك، حيث لم تضع لا السعودية ولا ايران لغاية الآن امامها تفصيلا للتعويض الاقتصادي الذي ستكسبه اذا قررت الانضمام لاحداهما.
صمود حماس الاقتصادي، الذي يحتاج تقريبا لمليار دولار في السنة من اجل دفع رواتب اعضاءها، ومليارات اخرى إضافية من اجل اعمار غزة، هو المحور الذي يتمركز حوله النقاش الداخلي داخل صفوف الحركة. فالسعودية اثبتت لحماس ان بإمكانها ان تعمل لحماس ما لم تستطع ايران فعله لها إطلاقا – وهو ان تجعل حكومة مصر تستأنف على قرار محكمتها. كما ان السعودية تعتزم ان تعرض امام فتح وحماس مبادرة جديدة للمصالحة – التي سيخصص اليها كيس سخية من الاموال – وهي الوحيدة التي يمكنها ان تجعل مصر تفتح بوابات غزة، مقابل ان منحت في نهاية الاسبوع الماضي للقاهرة مساعدة بمبلغ اربع مليارات دولار.
في المحور السني الذي تعتزم السعودية إقامته فإن حماس ستكون لاعبا هامشيا. والهدف هو ضم تركيا ايضا، ولتعزيز العلاقة بين السعودية وباكستان وبين السعودية ولربط بعض الدول، التي تحتفظ بعلاقات متينة مع ايران.
وترى اسرائيل بنفسها شريكا سريا في هذا الحلف، ولكن من شأنها ان تفقد هذه التطورات اذا نظرت للعلاقات التي تتراكم بين السعودية وحماس بأنها تشكيل جديد لـ “محور الشر” ، الذي يفكك منظومة العلاقات التي تم تحديدها في عهد الملك عبد الله – منظومة كانت على علم من هم فيها الجيدون ومن هم السيئون، ومن ضمنها حماس، الاخوان المسلمين وايران كانوا الخصوم المعلنين.
التغييرات في موازين القوى والاضطرابات في العلاقات العربية – العربية فاجأت اسرائيل، في الوقت الذي كانت تقوم فيه بإحصاء عدد الصواريخ الموجهة اليها وإقامة تحالفات جديدة قد توفر لها الفرصة السياسية من نوع ما. فإذا اصبحت قريبا حماس جزء من تحالف سعودي – مصري – اردني، فإنه لن يعود لاسرائيل اي احتكار على السيطرة على غزة، وايضا مصر(سوية مع السعودية) هي التي تقرر ماذا يدخل وماذا يخرج من القطاع.
هذا هو السيناريو الذي من الممكن ان ينتظر تشكيل الحكومة الجديدة هنا في اسرائيل بعد الانتخابات. وفي حال تحقق، من شأنه ان يجعل من اسرائيل غير ذي صلة، على الاقل في كل ما يتعلق بمستقبل غزة.

هآرتس –تسفي بارئيل:17/3

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا