الموظفون بين ” الشرعية ” و ” الاستنكاف ” كتب حسن سليم

يكاد ملف الموظفين يكون الحاضر الوحيد على طاولة الاجتماعات بين شطري الوطن، والبند الأبرز على أي أجندة لأي زيارة لقطاع غزة سواء كانت من قبل الحكومة، أو من قبل أصحاب المبادرات للمصالحة، بل اصبح الملف بمثابة تصريح دخول للقطاع. وهو ذات الملف الذي طالما تم التحذير من الغوص فيه قبل حل الاشكال السياسي، باعتباره لغماً أرادت حماس له ان ينفجر بما يعطل المصالحة ويطيل عمر حكمها وان كانت خارج الحكومة.
واحدة من الخيارات التي اشتهرت بتقديم حلول لملف الموظفين عرفت بالورقة السويسرية، والتي طال نقاشها، وتمت المطالبة بتعديل الكثير من نصوصها لما تحمله من رؤية تعزز ثقافة الانقلاب والانقسام وتتحدث بلغته، ما استدعى ان يقدم الفريق الوطني في حينها قائمة طويلة تتضمن مصطلحات لها مدلولات سياسية، ليست عفوية باختيارها، ومنها المتعلقة بوصف الموظفين الذي التزموا بقرار الشرعية بعدم العمل تحت إمرة أجهزة حماس منذ صيف عام 2007، والذي ورد في الورقة السويسرية بعبارة “الجالسين في بيوتهم” وهو بالاصل توصيف لحكومة حماس لهؤلاء الموظفين.
هذا التوصيف من قبل الورقة السويسرية للموظفين او من قبل حماس مستوعب، لجهل الاولى بمدلول المصطلح ولموقف الثانية السياسي من قضية الموظفين، ولكن ما هو غير مبرر ان يرد هذا المصطلح على لسان مسؤولين يعلمون علم اليقين ان الموظفين ملتزمون وليسوا مستنكفين، وان وصفهم بالمستنكفين فيه تشويه لاصل الحقيقة وتعزيز لرواية حماس بتوصيفهم بالجالسين في بيوتهم المتمردين على قرار العمل، والحقيقة انهم ينتظرون القرار من الشرعية بالعودة للعمل، والسماح لهم من قبل من يحكم غزة بالدخول الى مكاتبهم.
وحتى لا يختلط الحابل بالنابل في ملف الموظفين فان من المهم تذكير حكومتنا بان عدد الموظفين في غزة حتى يوم الانقلاب والقرار بعدم عملهم كان ( 37,700 موظف ) بقي منهم بعد التقاعد والوفاة والاستقالة ( 27,435 موظفا)، منهم ( 16,000 موظف) لم يتوقفوا عن العمل في قطاعي الصحة والتربية والتعليم، اما عدد موظفي حماس حسب الورقة السويسرية ( 24,000 موظف )، وحسب نقابة موظفي حماس فان عدد الموظفين الذين عينتهم حماس بلغ ( 17,500 موظف ) بالاضافة لـ ( 6,500 موظف ) عينتهم بنظام العقود. وان التوصيف الادق والذي ينطبق على حالتهم، هو الملتزمون بقرار الشرعية القاضي بعدم عملهم تحت امرة حماس، بغض النظر عن صواب القرار من خطئه، فالاستنكاف يفقد الموظفين حقوقهم.
وفي ظل ما تواجهه الحكومة من صعوبة في فكفكة ملف الموظفين، فان النصيحة لها هي ان تطبق ما كانت أقرته حكومة حماس في مجلس وزرائها، بجلسة رقم 356 لسنة 2012، لاعتماد آليات ومعايير عودة الموظفين المستنكفين، والذي اشترط في الفقرة ( ب ): أن تكون العودة بموافقة الدائرة الحكومية المعنية ووفق الحاجة وفي التخصصات النادرة فقط. ويتضح من نص ما ورد في القرار، بشكل لا لبس فيه ان القرار هو الاستيعاب وليس للدمج، وهنا السؤال لماذا عندما كانت حماس تقرر كان المطلوب هو الاستيعاب لموظفي السلطة، بينما عندما اصبحت هناك حكومة اخرى تقرر، يصبح المطلوب منها الدمج لموظفي حماس مع اعطائهم حق الاولوية في التسكين، وبعبارة اخرى : الدمج عليكم والاستيعاب علينا.
وحتى لا يفهم غير العالمين بحقيقة خفايا وخبايا ملف الموظفين، ولا يتبادر لذهنه ان الامر فيه قطع أرزاق العباد بناء على انتمائهم السياسي، لتسأل حكومتنا من يحكمون في غزة عن الآليات والمعايير التي كانوا قد أقروها للتعامل مع موظفي السلطة الوطنية، أليس الاجدر ان يرضوا بها للتعامل مع موظفيهم؟

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا