أضواء على الصحافة الإسرائيلية 25 أيار 2015

البنك العالمي يحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الاضواع في غزة

كتبت “يديعوت احرونوت” ان البنك العالمي يحمل في تقريره الجديد إسرائيل المسؤولية عن الضائقة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة. وسيعرض التقرير بعد غد امام مؤتمر الارتباط لمساعدة السلطة الفلسطينية اقتصاديا، والذي سينعقد في بروكسل. ويشير التقرير الى ان نسبة البطالة في صفوف الشباب في قطاع غزة هي الأعلى في العالم حيث وصلت في عام 2014 الى 60%.

ويعيد التقرير الاوضاع في قطاع غزة الى الحصار الذي تفرضه اسرائيل، والى حرب الجرف الصامد ونتائجها. وحسب تقديرات التقرير فانه لولا القيود الاسرائيلية لكان الناتج القومي الخام لقطاع غزة قد تضاعف بنسبة اربعة اضعاف. ويشير التقرير الى ان الحصار الذي فرضته اسرائيل على القطاع في 2007ـ تسبب بفقدان حوالي 50% من الناتج القومي الخام في القطاع، وارتفاع نسبة البطالة الضخمة.

وحسب التقرير فان حوالي 80% من سكان القطاع يحتاجون الى مساعدة ما، و40% يعيشون تحت خط الفقر. واكد البنك العالمي ان الوضع الراهن لا يمكن ان يستمر ويجب تخفيف الحصار.

وجاء في التقرير ان “معطيات البطالة والفقر في غزة تثير القلق الكبير، والتوقعات الاقتصادية مقلقة. هناك جمهور بأكمله يواجه اليأس خاصة في صفوف الشبان”. واضاف: “ان الحصار المتواصل والحرب في الصيف الماضي، يجبيان ثمنا باهظا من اقتصاد غزة ومعيشة سكانها. لقد غابت الصادرات، ولا يمكن للاقتصاد أن يحافظ على وجوده من دون اتصال مع العالم الخارجي. والأمر الأشد ازعاجا هو واقع احتجاز 1.8 مليون نسمة داخل مساحة 160 كلم مربع، وعدم تمكنهم من المغادرة بدون تصاريح. لقد اظهر ثلث اطفال غزة اعراض ضائقة الصدمة قبل المواجهة العسكرية في 2014، والنسبة اكثر بكثير الآن”.

ويسود التقدير في إسرائيل ان معطيات التقرير ستثير الانتقاد الدولي لإسرائيل وستجر مطالب بتحسين الاوضاع.

طعن شابين في القدس في ظل ازدياد العمليات

كتبت “هآرتس” ان الشرطة اعتقلت، امس، شابا فلسطينيا من القدس الشرقية بشبهة طعن شابين يهوديين (15 و18 عاما) في البلدة القديمة، واصابتهما بجراح طفيفة ومتوسطة. وقد لاذ الشاب بالفرار بعد العملية الا ان الشرطة اعتقلته لاحقا لدى وصوله الى بيته بعد ان تعقبته بمساعدة كاميرات الحراسة المنتشرة في البلدة القديمة. ولدى اعتقاله عثر في حوزته على سكين وأدلة أخرى تربطه بالعملية التي وقعت بالقرب من باب العمود. وهذه هي العملية الرابعة التي تستهدف اسرائيليين في القدس خلال اسبوعين.

وقال مصدر طبي في مستشفى هداسا ان احد الشابين (البالغ) اصيب بجراح طفيفة نسبيا جراء طعنه في ظهره، فيما اصيب الشاب الثاني (القاصر) في صدره، وجاءت جراحه بين طفيفة ومتوسطة.

يشار الى ان موجة العنف اندلعت في القدس، قبل سنة تقريبا، اثر اختطاف وقتل الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير من شعفاط في الاول من تموز الماضي. وخلال الشتاء الماضي بدا وكأن موجة العنف انخفضت في المدينة، لكن العمليات التي تم تنفيذها خلال الأسابيع الأخيرة، تشير الى ان التفاؤل كان مبكرا كما يبدو. ويشار الى ان العمليات التي شهدتها القدس خلال الاشهر الأخيرة، تم تنفيذها كما كل العمليات التي جرت خلال السنة الأخيرة، من قبل ما تسميهم الشرطة “المنفردين” أي الذين لا ينتمون الى أي تنظيم او يقومون بالاعداد المسبق للعملية، وهي مسألة تصعب على اجهزة الأمن منع عمليات هؤلاء قبل تنفيذها. وتقدر الشرطة انه تم تنفيذ بعض هذه العمليات بشكل مرتجل.

كما ان التظاهرات داخل الاحياء الفلسطينية في القدس لا تهدأ. ورغم انها ليست تظاهرات حاشدة يشارك فيها الآلاف، الا انه يكاد لا يمر يوم بدون مواجهة بين الشبان الفلسطينيين والشرطة او مهاجمة مناطق المستوطنين داخل الاحياء الفلسطينية. ويوم الخميس الماضي اطلقت الشرطة النار على طفل فلسطيني في العاشرة من عمره واصابته في عينه، وكما يبدو فقد الطفل الرؤية في عينه المصابة. ونشر امس شريط على الشبكة الاجتماعية يصور لحظة اصابة الطفل، ولا يظهر في الشريط انه كان يحمل حجارة او يشارك في تظاهرة لحظة اصابته.

كما تعرضت مجموعة من الفلسطينيين يوم الخميس الى اعتداء من قبل حوالي 20 يهوديا في مركز القدس. وقال شهود عيان ان الاعتداء تم دون أي استفزاز من قبل المعتدى عليهم. وكان افيف تاتراسكي، من منظمة “القدس لا تسكت على العنصرية” شاهدا على الحادث، وقال “ان الفلسطينيين كانوا خمسة وهاجمهم حوالي 20 يهوديا. وقد بدأ اليهود بمهاجمتهم واصابوا احدهم بضربة في رأسه. وعلى الفور بدأت بالصراخ: شرطة، شرطة، فهرب الشبان اليهود”.

وقال تاترسكي انه توجه نحو الفلسطينيين وتبين له ان اثنين منهم يحملان المواطنة الكندية وجاءا لزيارة اقاربهم في القدس الشرقية، واضاف: “كانا في حالة ذهول وسألاني ما الذي يريده منهم الشبان اليهود، فقلت لهما ان هذه هي الاجواء السائدة الآن وان عليهم جميعا البحث عن مخرج من المكان”.

واضاف تاترسكي انه حاول استدعاء شرطيتين من حرس الحدود تواجدتا في المكان لكنهن ابدتا عدم اهتمام بما يحدث، لا بل قررن لاحقا فحص وثائق الفلسطينيين المعتدى عليهم. وادعت شرطة القدس انه ليس لديها أي معلومات حول الحادث. الى ذلك احتجزت الشرطة، امس، ثلاثة يهود في الحرم القدسي بعد خرقهم لنظم الزيارة، كما اعتقلت ثلاثة فلسطينيين بعد محاولتهم عرقلة زيارة اليهود.

امريكا وبريطانيا وكندا تمنع عقد مؤتمر دولي لنزع اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط

نشرت “هآرتس” ان الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا منعت مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي، الذي انعقد في نيويورك، من اتخاذ قرار يحدد نهاية شهر آذار 2016 موعدا لانعقاد مؤتمر دولي لنزع السلاح النووي في الشرق الاوسط. وجاءت هذه الخطوة بفعل الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة واسرائيل لمنع صدور القرار. وكان مؤتمر قد بدأ اعماله قبل شهر واختتمها في نهاية الأسبوع المنصرم.

وكانت مصر قد طرحت اقتراحا بعقد المؤتمر الدولي لنزع السلاح النووي في الشرق الاوسط، وحظي اقتراحها بدعم روسي. وهدف الاقتراح المصري الى تفعيل ضغوط على إسرائيل بشأن مشروعها النووي. وبما ان كل قرار يتخذه مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي يجب ان يتم بموافقة كل الدول المشاركة، فقد عملت إسرائيل من وراء الكواليس لإحباط المشروع المصري. ويأتي ذلك بعد نجاح مصر في 2010 بإحداث ازمة بين اسرائيل والولايات المتحدة بعد ان نجحت بتضمين التلخيص النهائي فقرة تتعلق بالمشروع النووي الاسرائيلي دعت من خلالها الى عقد مؤتمر دولي خلال عامين لمناقشة موضوع “الشرق الاوسط الخالي من السلاح النووي”.

وغضبت اسرائيل على القرار واتهمت الادارة الامريكية بالتراجع عن التزامها السابق بمنع قرار كهذا. وطلب نتنياهو من الولايات المتحدة “تعويضا” حصل عليه خلال زيارته الى واشنطن في تموز من العام نفسه، حيث التزم اوباما امامه بعدم تغيير السياسة الأمريكية بشأن النووي الاسرائيلي وعدم المس بسياسة التعتيم التي تنتهجها اسرائيل في هذا الشأن. وخلال الشهر الماضي جرت اتصالات مكثفة بين اسرائيل والولايات المتحدة لمنع المؤتمر من اتخاذ قرار يمس بإسرائيل. وقال مسؤول اسرائيلي مطلع انه في مرحلة معينة ساد التخوف لدى اسرائيل من امكانية تكرار ما حدث في 2010، فعززت الاتصالات مع المسؤولين الامريكيين، فوعدت مستشارة الامن القومي سوزان رايس، نظيرها الاسرائيلي يوسي كوهين، بتمسك الولايات المتحدة بموقفها.

وارسلت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي الموفد الخاص توماس كانتريمان لإجراء محادثات مكثفة مع إسرائيل، وبقي كانتيرمان في البلاد حتى موعد انتهاء اعمال المؤتمر في نيويورك. وخلال الأسبوع الأخير جرت محاولات امريكية لإقناع مصر بالتوصل الى تسوية وهددت بأنها ستعارض القرار. وقامت مصر واسبانيا وروسيا بعرض مسودة قرار شمل تعديلات معينة لكنه لم يقدم التنازلات التي طلبتها الولايات المتحدة، حيث واصلت مصر المطالبة بتحديد موعد لمؤتمر نزع السلاح في الشرق الاوسط، وتحويل القرار النهائي الى الأمين العام للأمم المتحدة، لأنه في هذه الحالة لن تستطيع الولايات المتحدة منع القرار.

وقال مسؤول اسرائيلي انه لو تم اتخاذ القرار لكان سيعني فرض عقوبات دولية على المشروع النووي الاسرائيلي بعد عدة سنوات. ويوم الجمعة اعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا انها لا توافق على مشروع القرار المصري، ما يعني احباطه كليا. وشنت المندوبة الامريكية روز غوتملور هجوما شديد اللهجة على مصر، وادعت ان مصر تحاول تنفيذ احبولة ساخرة واستخدام المؤتمر لدفع اهدافها. واجرى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، يوم السبت، اتصالا مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، وشكره على صد القرار.

اليوم: اصدار الحكم على اولمرت في ملف تالينسكي

ذكرت الصحف الاسرائيلية ان قضاة المحكمة المركزية في القدس سينشرون، اليوم، قرار الحكم على رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت، في القضية المعروفة باسم “تالينسكي” والتي ادين فيها بتلقي رشوة وخرق الثقة. وكانت النيابة قد طلبت حبس اولمرت لمدة سنة على الأقل وفرض غرامة مالية عليه. ورفض اولمرت خلال الجلسة السابقة للمحكمة الاعراب عن ندمه او الاعتراف بالتهم، لكنه طلب من المحكمة ان تأخذ في الاعتبار مساهماته لإسرائيل ولأمنها ووضعها الاقتصادي والاجتماعي وان تخفف من عذاباته. يشار الى ان اولمرت ينتظر حاليا بدء تنفيذ حكم اخر بالسجن لمدة سبع سنوات في ملف “هولي لاند”.

مقالات

الجريمة: قول الحقيقة

تحت هذا العنوان تكتب “هآرتس” في افتتاحيتها عن معاقبة الجيش للملازم شاحر ابراهام بران، وزجه في السجن بسب التصريح الذي ادلى به لبرنامج تلفزيوني الماني، قال خلاله “ان ما يجعل الدولة جيدة هو ليس مدى سعادة سكانها، وانما مستوى اخلاقهم. وعندما يتم دفع الجنود وتشجيعهم كل يوم على قمع واهانة البشر ومعاملتهم كأناس أقل شأنا، فإن ذلك يؤثر على الجنود، وعندما يعودون إلى المنزل في عطلة نهاية الاسبوع، يحملون ذلك معهم.”

وكان بران قد ادلى بهذا التصريح قبل عشرة ايام خلال تسجيل حلقة من برنامج “The New Arab Debates”، الذي تبثه الشبكة الالمانية “دويتشي وولا” في انحاء العالم. وقام نشطاء من المستوطنين واليمين بتصوير بران اثناء ادلائه بتصريحه، وخلال نصف يوم جرت محاكمته وحكم عليه بالسجن لمدة اسبوع. وقد ناقش البرنامج الادعاء الذي يقول ان “الاحتلال يدمر اسرائيل”. وشمل نقاشا بين داني ديان، (من المستوطنين) وناشط ميرتس اوري زكي. وبعد قول ديان بأن إسرائيل تحتل المكان الحادي عشر في العالم من ناحية سعادة سكانها، واستنتج من ذلك ان الاحتلال لا يدمرها، قام بران، الذي تواجد بين الجمهور، وتحدث عن تجربته الشخصية. وقال: “في الأسبوع الماضي فقط، عندما تعامل افراد شرطة حرس الحدود بخشونة مع سياح، قالت لهم صديقتي الجندية: “ما الذي تفعلونه؟ هؤلاء بشر وليسوا فلسطينيين”.

واضاف: “انا ارى كل يوم كيف يتحدث ويتصرف الجنود مع الفلسطينيين. عندما تتعود على التفكير هكذا، فانك تأخذ ذلك معك الى البيت، وهذا يؤثر بشكل عميق، ويخلق مجتمعا اكثر عنصرية”. وبدل ان يصغي لهذه الاقوال ويقدر الجرأة والاخلاق التي اظهرها بران، اتهمه قائده بالمشاركة في اجتماع سياسي وهو يرتدي الزي العسكري وتحدث امام وسائل الاعلام خلافا لأوامر الجيش. ولكن حقيقة ان الحدث لم يكن اجتماعا سياسيا، وان بران لم يدل بتصريح مباشر لوسائل الاعلام، لم تقنع الجيش. فعندما يكون الهدف السامي هو كم الأفواه الناقدة، فان الرأي الموزون يخلي مكانه بسرعة فائقة لوسائل الكبت والعقاب.

من المشكوك فيه ان الجيش يشخص المقياس الساخر في الحكاية: ان الفساد الاخلاقي الكامن في الاحتلال والذي حذر منه بران، هو الذي لاحقه حتى القاعة في القدس وارسله الى السجن. بلغة الناطق العسكري تم وصف هذه الملاحقة كالتالي: “الجندي حوكم لأنه ادلى بتصريحات لوسائل الاعلام بدون صلاحيات وبدون تصريح يتفق مع الاوامر العسكرية”. وبكلمات بسيطة: الجندي حوكم وسجن لأنه قال الحقيقة خلافا لأوامر الجيش.

أبرتهايد جيد للفلسطينيين

يكتب عودة بشارات، في “هآرتس” مناشدا احدهم التطوع للتحدث الى الرئيس الامريكي كي يهدأ، ويقول له انه ليس من المناسب احداث كل هذه الضجة بسبب تصريح عنصري لنتنياهو. فما الذي قاله في مجمل الأمر: “العرب يتدافعون بأعداد هائلة الى صناديق الاقتراع”. وماذا في ذلك.

ويضيف: “في هذه الاثناء يرجى منكم ان لا تحكوا للأصدقاء في البيت الأبيض، بأن المحكمة العليا صادقت على اقتلاع العرب من اراضي ام الحيران كي تزرع فيها اليهود. اذا عرف اوباما بقرار الحكم، فقد يتهموا اليهود بأنهم ادخلوه في حالة كآبة عميقة يمكن ان تكلف العالم ثمنا باهظا.

ورجاء لا تذكروا أمامه بأي شكل من الأشكال اسم نفتالي بينت. فالرجل قد يبدأ التجوال بمصاحبة حارس شخصي كي يحافظ على مؤخرته. كما هو معروف فان الاشخاص الحساسين يتخيلون ان الامور الصعبة التي تحصل للآخرين تحصل لهم، وليس من السهل التعايش مع شظايا في المؤخرة. ورجاء لا تتجرؤوا على اطلاعه على الستاتوس الجديد الذي كتبته اييلت شكيد. فرجلنا في البيت الأبيض الذي تجمع الآراء على انه يعاني من مخاوف صعبة، قد يبدأ الربط بين العيون الخضراء والثعابين الصغيرة.

كما يبدو قرر اوباما بأن الطريق الافضل لمواجهة الامور الصعبة التي يسمعها من اسرائيل، بواسطة النفاق. وهكذا نجده من جهة يشجب، ومن جهة اخرى يوقع على امر بتزويد السلاح الجديد للجيش الاسرائيلي. لقد تعلمت درسا جيدا من الصهاينة يا سيادة الرئيس. الآن سيتذكر العالم كله الهاجس ضد “العرب الذين يهرعون بحشودهم”، لكنه لن يكون هناك من يلاحظ الأسلحة التي تزودها لإسرائيل عقابا على تصريحات نتنياهو العنصرية. مع عقاب كهذا ارغب بارتكاب خطيئة.

وفي هذه الأثناء، وقبل ان يجف الحبر على التحذير من الحشود المتحركة – واذ بنائب وزير الأمن ايلي بن دهان، خريج دفيئة اخوة الشعوب في “البيت اليهودي” يبشرنا بتأسيس دولة أبرتهايد. وكالمتوقع لم يتأخر العقاب الأمريكي بالوصول – لقد منعت الولايات المتحدة قرارا بعقد مؤتمر لنزع الاسلحة النووية في الشرق الاوسط، كي لا تحرج إسرائيل.

رغم ذلك، هناك جديد تحت الشمس. الان تم كشف كل الأوراق. الصهاينة رغبوا جدا بالدولة حتى حلموا بالنقب العبري الأول. فاليوم يتضح ان هذه الرغبة اوصلتهم الى ألوية رهيبة الى حد باتوا يملكون ليس النقب فقط وانما الأبرتهايد. مبروك يا ثيودور! اذا شئتم فالأبرتهايد ليس اسطورة!

صحيح ان الفصل على اساس عنصري هو ليس اختراعا صهيونيا، لكن تبني قيم الفصل العنصري يثير الانفعال. يصعب العثور في التاريخ على مثل هذا الانتقال من شعب يتعرض للملاحقة الى شعب يلاحق شعبا آخر. وفي هذه الأثناء، ولكي نلفت انتباه فرسان اليسار والمركز، الذين يواصلون الرقص على انغام اليهودية – الديموقراطية، الى وجود موسيقى اخرى. الأبرتهايد يا رفاق! واصلوا الرقص باستمتاع في صالوناتكم المكيفة بالهواء. فلقد سيطر على الساحات بن دهان ورفاقه. وحتى تستيقظوا ستكونون انتم ايضا زرعا غريبا هنا، في الاقليم الجنوب افريقي القديم الذي جاء الينا بالسوء.

لكن العالم، والحمد لله، هو ليس امريكا. في حينه، عزى السود في جنوب افريقيا انفسهم بادعاء ان العالم ليس اسرائيل، التي تعاونت مع نظام الأبرتهايد. لقد اعتمدوا على أنفسهم وعلى العالم المتنور. هكذا ايضا يفعل الفلسطينيون. فاليوم كل واحد من قادة سياسة الأبرتهايد الاسرائيلي يرتجف خوفا بسبب رجل واحد، جبريل الرجوب، رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، الذي يمكن لإسرائيل في كل لحظة زجه في السجن او تأخيره على الحاجز. اذا لم تتوقف اسرائيل عن التنكيل بالرياضيين الفلسطينيين، فغدا بعون الله وبمساعدة القوى الطيبة في العالم، سيتم تعليق عضويتها في الاتحاد العالمي لكرة القدم. من قال ان الأبرتهايد ليس جيدا للفلسطينيين.

جريمة قتل في ساحة المدينة الجديدة

يكتب بن درور يميني في “يديعوت احرونوت” انه يجب الاعتراف بأن العنصرية تحولت الى سلاح خطير. من السهل ضخها، ولا شك ان المقصود شر مستطار. لقد عانى اليهود والسود من العنصرية اكثر من غيرهم، لكنه يبدو ان الارتداع من هذا المرض البالغ، القائم في كل مجتمع، حول كل شيء الى عنصرية – وهذا الأمر في تزايد فقط. حتى رئيس الدولة، بجلاله، ادعى ان إسرائيل تحولت الى مجتمع مريض وعنيف. واذا كان هو يقول ذلك فمن المؤكد ان هذا صحيح.

التظاهرات التي بادر اليها شبان من الجالية الأثيوبية مؤخرا، صبت الزيت على النيران. في نهاية الأسبوع الماضي سقط ضحية لمهرجان العنصرية. فقد ادعت شابة سوداء انه تم التمييز ضدها في الطابور بسبب لونها، واتهمت مدير سلطة السكان، اريئيل رونيس بالعنصرية. ونشرت ملاحظة على مدونتها في الفيسبوك، وانتشر صدى كلماتها المؤلمة والفصيحة في فضاء الشبكة. وعرض المدير صيغة مختلفة تماما، حكاية مقابل حكاية. فمن الذي سيتم تصديقه؟

اللياقة السياسية تحتم طبعا تصديقها. فهي امرأة وسوداء. وهو رجل يهودي وابيض. لقد سارع الآلاف الى ابداء اعجابهم بالملاحظة التي نشرتها المرأة، وقام الآلاف بمشاركة ما كتبته على صفحاتهم، وتحولت الشبكة الى محكمة ميدانية، دون حاجة الى اثباتات. وكرس رافي ريشف في القناة العاشرة مساحة طويلة للمشتكية. فمن الواضح انها محقة.

لكنه يتضح ان الواقع معقد بشكل اكبر. فالمدير اياه كان ناشطا ضد العنصرية ومن نشطاء جمعية عملت من اجل المساواة. وسبب له النشر مساً بالغا وصل اعماق روحه. ولم يستطع تحمل العار، فاقدم على الانتحار. يمكن الافتراض ان هناك امور ليست معروفة. وفي الايام القريبة قد تظهر افادات من الحادث الذي جعل الشابة السوداء تتذمر. وربما يتضح ان المنتحر عانى من حساسية مفرطة. لكن الواضح بأنه ليس الوحيد. ورغم انهم لا ينتحرون جميعا إلا ان الكثير منهم يعانون.

امام جموح الشبكة يصعب المواجهة. الحشود تهجم وتدوس. يجب ان نتذكر: ليس كل ادعاء هو اثبات، وليس كل شيء هو عنصرية. الملاحظات التي يتم كتابتها ضد العرب لا تجعل كل اليهود في اسرائيل عنصريين، والتنكيل بالعرب من قبل مثيري الشغب اليهود لا يجعل اسرائيل عنصرية. فمثل هذه الظواهر قائمة حتى في السويد واستراليا. بشكل نسبي وربما بنسبة اكبر. فهل يجعل ذلك تلك الدول عنصرية؟ بالتأكيد لا.

نحن نخلط بين ظواهر العنصرية، وتوجد مثلها هنا، وبين المجتمع العنصري. يوجد بيننا من ينمي ادعاء العنصرية الذي يشمل كل شيء. هذا كذب. واحيانا فرية دموية. تماما كالادعاء بأن “إسرائيل هي دولة أبرتهايد” والذي ينميه اسرائيليون من نوع معين ويحظى بتأييد كبير من جانب المعادين للسامية من النوعين القديم والجديد. هم ايضا “ضد العنصرية”.

النتيجة ذاتها هي عنصرية. لأن احدى الميزات البارزة للعنصرية هي الشمولية. من يحول المسلمين الى حيوانات بشرية، لأن واحدا من كل عشرة يتماثل مع الجهاد العالمي، هو عنصري تماما مثل من يحول اسرائيل الى عنصرية. تلك المشتكية التي نشرت الملاحظة ادعت انها تنتظر اللحظة التي ستتمكن فيها من مغادرة اسرائيل. يجب ان نأمل بأن هذا لا يدل على شيء لديها. ربما واجهت مشكلة في اللغة، او عدم فهم. لا حاجة لتحويلها الى وحش. بين آلاف مستخدمي الدولة الذين يقدمون خدمات للمواطنين، يمكن الافتراض انهم ليسوا جميعا متكاملين. ولكن وكما قال لي امنون بن عامي، رئيس سلطة السكان فان رونيس كان صاحب قيم، وآخر من يمكن اتهامه بالعنصرية. ولذلك فان العبرة يجب ان تكون واحدة ووحيدة: يجب محاربة العنصرية، ولكن يجب النضال ايضا ضد سهولة ادعاء العنصرية.

داعش يسيطر- الهدف – دمشق؛ كتب البروفيسور ايال زيسر، في “يسرائيل هيوم” ان تنظيم الدولة الإسلامية داعش يعود بعد سنة من سيطرته على مساحات واسعة في سوريا والعراق، ليعزّز قوته. ويتضح أنّه في الوقت الذي اعتقدت فيه واشنطن أنها قضت على التنظيم بل ونشرت شائعات حول اغتيال زعيمه، فقد جمع داعش قوته واستعد للجولة القادمة. في الأسبوع الماضي وجه ضربة مزدوجة للحكومة العراقية ولنظام الأسد، وأثبت مهارته في إدارة العمليات، بصورة مثيرة، فقد تمكن مقاتلوه من السيطرة على مدينة الرمادي البعيدة مسافة 120 كيلو مترًا عن العاصمة العراقية بغداد، وأيضًا سيطروا على تدمر، التي تمثل بوابة الدخول إلى قلب سوريا، البعيدة نحو 200 كيلو متر فقط عن العاصمة دمشق.

ويبدو أنّ الوحيد الذي فوجئ بالنجاح الهائل لداعش هو الرئيس اوباما، الذي كان يعتقد حتى الآن أنّ الخطر زال وأنّ التنظيم يتراجع، وفي طريقه للانهيار. إلا أنّ نجاح داعش هو دليل قاطع على فشل الاستراتيجية الأمريكية في التعاطي مع التنظيم بواسطة الغارات الجوية، والعمليات الاستعراضية لقوات الكوماندوس. بل أكثر من ذلك، ان نجاحه يقدم دليلا واضحا على انفصال واشنطن عن الواقع على الأرض. والمشكلة أن الأمريكيين قرروا استعمال النظارات الإيرانية، كي يرون بشكل افضل عبر عيون طهران، ويعلقون آمالهم على إيران وحزب الله بمساعدتهم، حتى لو بشكل يغر مباشر، على كبح جماح داعش في سوريا والعراق.

نجاح داعش في العراق يثير القلق، لكن من المشكوك فيه أنّ تكون وُجهة التنظيم هي بغداد والمناطق الشيعية في جنوب الدولة. فمن المعروف أنّ العراق اصبح منذ زمن دولة غير فاعلة، وأنّ نظامها لم يعد يراهن على التحدث باسم جميع العراقيين. وما تبقى في الاساس هم أبناء الطائفة الشيعية في العراق، الذين يحظوْن بدعم أمريكي ومساعدة من الحرس الثوري الإيراني. كل هؤلاء يحاربون داعش لحماية المناطق الشيعية في جنوب العراق وليسوا مستعدين أو قادرين على محاربته في الجبهة الشمالية.

ومقابل هذا الوضع المعقد في العراق، يظهر نظام الأسد كفريسة سهلة يستسيغها داعش. إذ إنّ نجاح التنظيم في تدمر بسوريا، يشكّل ضربة قاسية أخرى للنظام السوري الذي يستصعب أصلاً الوقوف على كلتا رجليه ووضعه يشبه المصاب بجراح نازفة حتى الموت.

لقد بقي بشار بدون جنودٍ يحاربون إلى جانبه، ويجري الحديث عن مئات الجبهات القتالية في جميع أنحاء الدولة الذي يقاتل فيها جنوده المستنزفين وليس لديهم أي حافزٍ ويعانون من هبوط في المعنويات، بينما تبدو يد بشار أقصر مِن أن يمدها لإنقاذ جيشه. وهكذا، في الوقت الذي يتم الاستعانة بآلاف مقاتلي حزب الله، يحارب النظام السوري في منطقة جرود القلمون على الحدود السورية اللبنانية، في مساحة تصل الى مئات الكيلومترات المربعة أو أقل، نجح داعش بالسيطرة على أكثر من ثلثي مساحة سوريا، 100 الف كيلومتر، علمًا أنّ الحديث يجري عن منطقة صحراوية غير مأهولة بالسكان تقريبًا.

ان احتلال مدينة تدمر، إلى جانب قيمتها الرمزية، يمنح داعش قفزة إلى قلب سوريا، جنوب العاصمة دمشق، وحتى شرقها، باتجاه حمص التي تشكّل نقطة تقاطع بين جنوب الدولة وشمالها، لكن مشكلة بشار ليست مرتبطة فقط بداعش. فالنظام السوري يحارب أيضًا الجبهة المُساعِدة، جبهة النصرة، التي تتعاون مع مجموعات منظمة من المتمردين، المدعومة من الأردن، تركيا والسعودية. هؤلاء وحدوا صفوفهم، ويهددون الاسد من الجنوب، في محيط مدينة درعا، وعلى امتداد هضبة الجولان السورية، حيث يهددون من هناك بالوصول إلى العاصمة دمشق. اما في الشمال فقد استكملت هذه المجموعات احتلال ادلب وجسر الشاغور، وتهدد بالوصول إلى حلب، المدينة الثانية من حيثُ حجمها في الدولة، بل وحتى شاطئ العلويين، معقل النظام. في ظل واقع كهذا، فإنّ الدعم الذي يقدمه نصر الله لبشار، هو نقطة في بحر ويمكن لمعجزة فقط ان تنقذه من الانهيار، حتى لو استغرق الأمر وقتًا طويلاً. ورغم اوهام واشنطن، إلا أنّ داعش قد يكون احد الذين سيملؤون الفراغ الذي سيتولد في سوريا، وهذا الأمر سيسبب مشكلة لإسرائيل.

الهدف المفقود: “جولات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي في الأراضي المقدسة

يلخص أمير تيفون في “واللا” الزيارة التي قامت بها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني، الى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ساعية الى دفع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ويقول ان هذه الزيارة كان يمكن ان تقابل بنوع من اللامبالاة في كلٍ من القدس ورام الله، لولا قرار وزير الأمن، موشيه يعالون، عرض برنامج الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الباصات، بالذات ليلة وصول الوزيرة إلى المنطقة، الأمر الذي أثار بشكلٍ مفاجئ اهتماما عالميا بالزيارة، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، نجح بإطفاء هذا الحريق بسرعة، وأعاد زيارة موغريني الى حجمها الطبيعي.

أسباب اللامبالاة بزيارة وزيرة الخارجية واضحة للجميع، وربما باستثناء موغريني نفسها. مجرد التفكير باستئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية في هذا الوقت بالذات يبدو بعيد المنال بالنسبة لأصحاب القرارات في القدس، رام الله والمجتمع الدولي. صحيح أنّ رئيس الحكومة نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن تعاونا مع موغريني وأطلقا تصريحات فارغة المضمون حول المفاوضات وحل الدولتين، ولكنها فعلا ذلك في الأساس كي لا تشعر الضيّفة بالإهانة.

مع ذلك، كلاهما، لا يؤمنان، حقا، أنهما سيعودان في القريب إلى طاولة المفاوضات. ففي المرة الأخيرة التي جرت المفاوضات بينهما ، في أعقاب المساعي الحثيثة لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، انتهى الأمر بانفجار دبلوماسي، ساهم بخلق انفجارات ملموسة، في أشهر الصيف. ولذلك فان كلا الزعيمين غير معنيين بالعودة إلى تلك التجربة. في العام 2013 ادار كلاهما، إلى جانب مبادرة كيري الرسمية، مفاوضات سريّة، ناقشا في اطارها بعمق الخطوط الحمراء للطرفين. والنتيجة النهائية لتلك المباحثات كانت واضحة: اكثر ما يعرضه نتنياهو لا يلتقي بالقليل الذي يراه أبو مازن، والعكس صحيح.

هذه الأمور نشرت بتوسع في إسرائيل وفي الصحافة العالمية، وهي معروفة لموغريني تمامًا كما يعرفها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أعلن قبل عدة أشهر أنّ مساعي المفاوضات في الشرق الأوسط وصلت إلى نهايتها، وأنّ الولايات المتحدة تسعى الآن لإيجاد بدائل أكثر عمليّة. حقيقة أنّ موغريني وصلت إلى البلاد كي تتحدث عن المفاوضات، كما لو أن الفشل الذريع لجون كيري وجورج ميتشيل لم يحدث أبدا، نجحت بإثارة استغراب عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين الكبار الموجودين في تل أبيب والقدس.

أحد هؤلاء الدبلوماسيين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال هذا الأسبوع في حديث لموقع واللا: “إذا كان هدف الزيارة من أجل وضع علامة صح في البروتوكول، والقول “منحت نتنياهو وأبو مازن فرصة لتجديد المفاوضات، لكنهما لم يأخذا هذه المساعي بجدية، والآن حان وقت الخطوات الحاسمة من الجانب الأوروبي- أستطيع أن أفهم ذلك، لكن إن كانت فعلاً تنوي بذل جهودٍ وطاقة في محاولة لاستئناف المفاوضات، فعلى ما يبدو لديها الكثير من الوقت كي تستثمره في أهداف مفقودة.

ما أعلنته نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتوفيلي، أمس، يثبت ما يقوله الدبلوماسي، فالمحادثة بين موغريني وحوتوفيلي، تطرقت لمواضيع شخصية وعائلية، وكلتاهما تحدثتا عن التحديات التي يعشنها في الدمج بين السياسة-الدبلوماسية وبين الأسرة، وهو موضوع مهم، لكن ليس لذلك أي علاقة بالشأن الإسرائيلي الفلسطيني. لقد سلمت حوتوفيلي لموغريني، “صفحة المبادئ” التي اعدها نتنياهو حول رغبة إسرائيل بالعودة الى المفاوضات، دون أن تؤمن بأي كلمة نقلتها في هذا الموضوع، ويمكن الجزم، انه لو كان الخيار لديها، لكانت ستعرض امام موغريني خطتها البديلة لضمّ الضفة الغربية.

يشار أنّ موغريني عينت مؤخرًا “مبعوثا خاصا لمساعي السلام” – الدبلوماسي الإيطالي فرنندو جنتليني، الذي عمل في السابق في الدبلوماسية البلقانية، وليست لديه أية تجربة عملية في الشرق الأوسط. ومنذ تعيين جنتليني للوظيفة، لم يذكر اسمه في الأخبار في كل من اسرائيل أو السلطة الفلسطينية، ويتحدث مسؤولون سياسيون في القدس أنّ سبب ذلك، ليس انتهاجه للسريّة الاستثنائية. الأمر الاكثر عاصفا الذي حدث منذ بدأ وظيفته هو النقاش بينه وبين رجال القنصلية في الاتحاد الأوروبي في القدس حول استعماله لمكاتب القنصلية.

فالاتحاد الأوروبي في إسرائيل لديه سفارة في رمات غان وقنصلية في القدس، وفي كلاهما لا يفهمان الحاجة لتعيين مبعوث خاص إضافي، خاصة وانه لا توجد أي دلائل تؤكد تجديد المفاوضات قريبًا. يوجد في الاتحاد الأوروبي من يتخوفون من ان يؤدي اقتراح موغريني لتجديد مسار المفاوضات الى استغلاله من قبل الطرفين للمس بخطوات فرنسا المعنيّة بدفع اقتراح في مجلس الأمن الدولي، في موضوع الدولة الفلسطينية. فمن جهته يعارض نتنياهو الاقتراح الفرنسي، فيما يتخوف أبو مازن من بعض البنود التي يشملها الاقتراح، مثل الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. والحل الأفضل هو قتل المساعي الفرنسية، التي يمكنها لأول مرة منذ بداية “مساعي السلام” أن تضع حدودًا صلبة امام الطرفين، وتطرح مسارا عاقرا “لمحادثات التقارب” في محاولة لتجديد المفاوضات التي ليس لها أي احتمال.

كل ما ذكر لا يعني أنّ على موغريني أن تتخلى تمامًا عن الموضوع الإسرائيلي –الفلسطيني، في ظل غياب الشروط المناسبة للمفاوضات. هناك أمور أخرى يمكن القيام بها – بدءً بخطوات بناء الثقة في المجالين الاقتصادي والأمني، مرورا ببعض اللفتات السياسية الرمزية، وغير الدراماتيكية، وصولا الى دفع خطوات أوروبية في موضوع المستوطنات. كل واحد من هذه الأمور، وربما دمجها معا، يمكن أن ينجح أكثر من جولة اخرى من المفاوضات. ربما تؤمن موغريني أنها قادرة بصورة شخصية على تقريب وجهات النظر بين الأطراف، لكن هذه الثقة بقدرة الدبلوماسي الذي عينته، سيكون مثله مثل جون كيري وجورج ميتشل، وكلنا نعرف كيف انتهت مساعيهما.

القدس: يجب توحيدها، لكن فعلا!

كتب د. رون برايمن، في موقع القناة السابعة (التابعة للمستوطنين)، أن يوم القدس يستحق أن يكون بمثابة يوم لاجراء حساب مع النفس، حول ما نجحت وفشلت فيه دولة إسرائيل في عاصمتها خلال 48 سنة مضت منذ حرب الستة أيام. فكل من عاش في تلك الأيام الماضية، وخاصةً من خدم في تلك الفترة في الجيش الإسرائيلي، لا يستطيع تناسي مدى الفرح الكبير الذي عشناه لحظة تحرير القدس وتوحيدها، وعند شرع بإعادة بنائها بعد الدمار الذي احدثه فيها المحتل الأردني خلال 19 عامًا من احتلاله لها، وعندما عادت الجامعة العبرية الى جبل المكبر، وعندما أعلن موطي غور بصريح العبارة: “إنّ جبل الهيكل في أيدينا”!

لقد سنحت لإسرائيل فرصة تاريخية – لن تتكرر – بأن تستكمل وتصحح ما لم تستطع عمله في حرب التحرير، سواء في القدس أو في يهودا والسامرة، لكن للأسف فإنّ الحكومات الإسرائيلية المتتالية أضاعت 48 عامًا.

لقد بدأ المسار في تلك الأيام التاريخية الماضية، عندما أمر، وزير الأمن في حينه، موشيه ديان، بإنزال علم إسرائيل عن جبل الهيكل – المكان الأكثر قدسية لدى اليهود – وهكذا أعطى إشارة بأنّ اسرائيل مستعدة لتقاسم الإدارة والسيطرة على جبل الهيكل بشكلٍ خاص، وعلى القدس على وجه العموم وعلى إسرائيل كلها. وتواصل المسار بالعراقيل الكبيرة التي وضعها الحاخامات العاجزين عن تحمل المسؤولية امام اليهود الذين طلبوا الوصول إلى جبل الهيكل. ففي عملهم هذا انشأ الحاخامات تحالفا غير مقدس، مع الوقف الإسلامي: كلاهما، من منطلقات مختلفة، فعلوا كل ما باستطاعتهم لتقليص وتقليل الوجود اليهودي في جبل الهيكل.

واستمر المسار في الفجوة العميقة بين التوصيات الفارغة بتوحيد المدينة وبين الواقع في الأحياء العربية في القدس، التي لم تحظ ببنى تحتية عملية وبجهاز تربية كما هو في الأحياء اليهودية، وهكذا بثت حكومات إسرائيل ورؤساء بلدية القدس طوال الوقت أنّ القدس ليست مدينة واحدة موحّدة، وطرحوا بذلك الإمكانية لتقسيمها.

واستمر الأمر من خلال رغبة انصار اوسلو بإقامة دولة للعدو في قلب إسرائيل وبضرورة تقسيم القدس بصورة أفقية، حتى يكون نصفها عاصمة للعدو. وانضم اليهم رئيس الحكومة ووزير الأمن ايهود براك، الذي اقترح تقسيم القدس طوليًا، ما يعني فوز العرب بجبل الهيكل واكتفاء اليهود بقاع الأرض. واستمر الأمر من خلال اقوال الديماغوجيين الذين يعظون على التنازل عن أحياء عربية كثيفة إذ “من يريدها”، في الوقت الذي يعرفون فيه أنّ الخلافات لا تتعلق بهذه الأحياء وإنما بالبلدة القديمة وجبل الهيكل. وعندما يتطوع اليهود للتخلي عن قلب دولتهم، عاصمتهم، المكان الأقدس بالنسبة لهم، لا عجب أنّ أمم العالم، تطالب بتسليم العدو، ما يستعد الكثير من اليهود للتنازل عنه.

كاتب هذه السطور – مثل آخرين من أصدقائه، وفي الواقع الكثير من المصوتين في إسرائيل- يرفض الحماقة المسماة “حل الدولتين” – وهي ليست حلاً وليست سلامًا – وإنما مرحلة إضافية من مخطط مستمر لن تكون نهايته عند “الخط الأخضر”، وإنما عند “الخط الأزرق”، خط الشاطئ والنهاية. من يرفض فكرة إقامة دولة عربية أخرى، غربي الأردن – في الجانب الشرقي من الأردن هناك دولة فلسطينية – هو أصلاً لا يؤيد تقسيم القدس، ولكن من يريد أن تبقى القدس مدينة واحدة عليه أن يأخذ على عاتقه معالجة احتياجات جميع المواطنين اليهود والعرب. وحتى بعد تأخير الكثير من السنوات يتحتم على حكومة إسرائيل وبلدية القدس عليهما التجند وتقبل، كمهمة إنقاذ وطنية، مساواة مستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين العرب في القدس، بما يحظى به اليهود (رغم انه حتى هؤلاء لا يحصلون على مستوى خدمة خاصة). لا يمكن لأجهزة البنى التحتية – امدادات المياه، وشبكات الصرف الصحي، والمواصلات – التي تقدم لثلث سكان عاصمة إسرائيل في المائة الـ 21 أن تكون بهذا الوضع، ومن يُبقي على هذا الوضع فإنه عمليًا سيتسبب في تقسيم المدينة.

وهذا الأمر ينسحب على واقع جهاز التعليم. مقابل ذلك فإنّ المضامين في الجهاز يجب أن تقرّ من قبل وزارة التعليم وليس من قبل العدو. في المقابل، على حكومة إسرائيل وبلدية القدس التجند وتحمل مسؤولية الانقاذ الوطني بدعم المواطنين اليهود في القدس. عندما تدير المكاتب الحكومية والوزراء بعثات ومكاتب وزارية في تل أبيب فإنهم يضعفون القدس، والأمر كذلك عندما يكون مقر القيادة العامة في تل ابيب. مقابل ذلك، فإنّ نقل معسكر القيادة العامة الى القدس، الى قلعة كفير، يمكنه أن يبث اصرار دولة إسرائيل على حماية العاصمة، بل انه سيأتي بقوى كثيرة من الشباب الى المدينة التي تتوق الى تجديد دمها البشري. وهذه الخطوة ليست أقل أهمية من نقل الجيش الإسرائيلي إلى النقب.

من الصعب، اليوم، القيام بما لم يتم القيام به خلال ال 48 سنة الماضية، وخاصةً عندما تكون هنالك جهات لا سامية في إسرائيل، تعمل على زيادة الضغط الخارجي الكبير من أجل تقسيم القدس، كخطوة إلزامية في مسار لا طائل منه والذي يهدد إسرائيل. لكن، لا مناص، إذا كنا نرغب بالعيش، بدلاً من الانغماس والانشغال في هوس “مفاوضات السلام” المدمِّرة، من الأفضل أن ينشغل رئيس الحكومة ببناء خطة للمساواة في الخدمات لكافة مواطني القدس، والعمل على فتح الهجرة الإيجابية باتجاه عاصمة إسرائيل. يوم القدس ويوم بداية عمل الحكومة الرابعة، هو اليوم المناسب لقرارات من هذا النوع بلاً من التصريحات الفارغة.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا