مقاطعة (إسرائيل).. آثار وإنجازات كتب د.أسعد عبدالرحمان

باتت (إسرائيل) تدرك حجم خطر إنجازات «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» (BDS)، الرامية إلى إضعاف مكانة الدولة الصهيونية حول العالم، ونزع شرعيتها في المنظمات الدولية، وممارسة ضغط عليها لإنهاء الاحتلال ومنح الاستقلال للشعب الفلسطيني. ومع تزايد تأثير هذه الحركة، اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرصد 100 مليون شيكل لمواجهة ما أسماه «الحملة العالمية لتشويه سُمعة إسرائيل»، مكرراً اسطوانة مشروخة لم يعد أحد يستمع لها كما في السابق وهي «معاداة السامية»، في الوقت الذي أكد فيه وزير الشؤون الاستراتيجية «جلعاد اردان» بأن هذا المبلغ قد يصل إلى 300 مليون شيكل، من خلال الحملة التي سيقوم من خلالها بدعم الجاليات اليهودية في العالم.

ووفقاً لوسائل الإعلام وتصريحات الحكومة الإسرائيلية، نرى اليوم الهجوم الصهيوني المضاد على نشطاء حملة المقاطعة وقد تحول إلى أولوية إسرائيلية، باعتبار أن «حركة المقاطعة» أصبحت تشكل تهديداً استراتيجياً لمصلحة الدولة العبرية، خاصة بعد أن تعدت المقاطعة الاقتصادية إلى مجالات أخرى سواء أكاديمياً أو سياسياً أو رياضياً. وفي هذا السياق، قالت وزيرة «العدل» الإسرائيلية «ايليت شاكيد»، إن «المنظمات التي تسعى لمقاطعة (إسرائيل) تريد محو دولة (إسرائيل) من الخارطة»، فيما طالب رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، بتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية وزيادة ميزانية الإعلام. كما اعتبرها الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين «تهديداً استراتيجياً للدولة». أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فكتبت: «الحرب ضد حملات المقاطعة ليست حرباً سياسية فقط بل هي حرب قومية»، وأطلقت حملة بعناوين: «إسرائيل أولا، لنحارب المقاطعة»، و«تجند في معركة التصدي»، مضيفة إنها ستنشر خلال الأشهر القادمة مقالات ومواضيع خاصة ضد نشطاء المقاطعة.

وبحسب تصريح عمر البرغوثي، أحد مؤسسي الحركة، فإن ما بات يخيف (إسرائيل)، كون حركة المقاطعة ترتكز «على القانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وترفض رفضاً قاطعاً كل أشكال العنصرية، بما في ذلك معاداة السامية، وأن واقع ازدياد الدعم اليهودي للحركة في الغرب هو نتيجة الانسجام الأخلاقي للحركة». وأضاف: «الحقيقة أن الحركة لا تستهدف اليهود، بل تستهدف فقط نظام الاحتلال الإسرائيلي، والاستيطان الاستعماري والفصل العنصري».
ومع اقتراب السنة العاشرة لتأسيس الحركة، لا يمكن للعين أن تخطئ الإنجازات التي حققتها المقاطعة، في وقت يضعف فيه التعاطف مع إسرائيل في أرجاء العالم خاصة في أوروبا وتدريجياً في الولايات المتحدة. ففي بداية العام الجاري، وقّعت نحو ألف مؤسسة ثقافية في بريطانيا التزامها بدعم مقاطعة (إسرائيل) ثقافياً، وتبعتها مبادرة شبيهة في مونتريال في كندا، ثم في ايرلندا، ولحقتها جنوب أفريقيا. كما تم منع سفن إسرائيلية تجارية من تفريغ حمولاتها في موانئ كاليفورنيا من قبل آلاف من مناصري الحقوق الفلسطينية وعشرات عمال الموانئ في منطقة خليج سان فرانسيسكو. كذلك، قرر «الاتحاد الأوروبي» حظر الألبان واللحوم الإسرائيلية المرتبطة بالمستوطنات. وطالبت 310 مؤسسات وأحزاب أوروبية قيادة الاتحاد بتجميد اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل. وفي السياق ذاته، تبنت جمعيات أكاديمية أميركية المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، وكذلك فعل 1200 أكاديمي في جامعات إسبانيا. كما أن مئات من علماء الأنثروبولوجيا والتاريخ في الولايات المتحدة وقعوا على بيان يدعو للمقاطعة الأكاديمية الشاملة (لإسرائيل)، أسوة بمئات الفنانين الإيرلنديين. وأخيراً وليس آخراً، انضمام اتحاد الطلاب البريطاني الوطني (7 ملايين عضو) لحركة مقاطعة إسرائيل.

إن من أبرز ما يميز حركة المقاطعة (لإسرائيل) هو دورها الكبير في مجال الوعي والضمير الإنساني، عبر هجوم ممنهج مشابه لما حصل مع نظام التمييز والفصل العنصري في جنوب أفريقيا. فمن جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن على «الأمين العام للأمم المتحدة تطبيق معايير ثابتة عند البت في الدول والجماعات المسلحة وتضمين تقريره السنوي إلى مجلس الأمن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في الصراع»، مطالبة بإدراج إسرائيل على «لائحة العار» التي تتضمن منتهكي حقوق الأطفال خلال النزاعات المسلحة، وذلك إثر الحرب على قطاع غزة العام الماضي. وختمت بالقول: «على كي مون مقاومة الضغوط من (إسرائيل) والولايات المتحدة لإزالة إسرائيل من مشروع القائمة».

حركة المقاطعة هي أحدث أشكال المقاومة الشعبية والمدنية الفلسطينية ضد الاحتلال الاستيطاني ونظام الفصل العنصري (الآبارتايد)، وهي الأكثر نجاحاً في العقد الأخير على المستوى العالمي. إنها ليست حزباً سياسياً ولا حركة أيديولوجية، بل هي حركة حقوق إنسان عالمية تعتمد على الجهود الطوعية والمبدعة للأفراد والمؤسسات المؤيدة لحقوق الإنسان

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا