المخاوف الخليجية من الاتفاق النووي الايراني ليس لها ما يبررها استراتيجيا، لأن ايران لا تحتاج إلى سلاح نووي فيما لو أرادت الاعتداء على أية دولة خليجية فهناك فاصل مائي هو الخليج العربي الذي يسميه الايرانيون الخليج الفارسي.. فالأسلحة التقليدية تكفي لشن هجمات على كل دول الخليج دون الحاجة إلى سلاح نووي.. فايران عملياً حققت ما تريده دون سلاح نووي فهي على المدى المنظور امتلكت التكنولوجيا النووية كغيرها من الدول النووية وتبقى لها مسافة زمنية إن شاءت نقض الاتفاق لكي تحصل على سلاح نووي لكنها قايضت شبح السلاح النووي برفع الحصار.. وحققت الاعتراف بها كقوة إقليمية لها مصالحها ومناطق نفوذها. ففي اليوم التالي لتنفيذ الاتفاق سيرفع الحظر على الصادرات النفطية والواردات بما فيها الأسلحة التقليدية.. وفي اليوم التالي ستمتلئ الخزينة الايرانية تدريجيا بأكثر من مئة مليار دولار من الأموال المجمدة في البنوك الأجنبية.. ومثلما لا نسمع أي انتقاد للهيمنة المعنوية والعسكرية الايرانية في العراق وسوريا ولبنان الآن لن نسمعها غداً لأن ايران كسبت اعترافا غربياً بنفوذها ووجودها في هذه الدول.. ولذلك أتوقع استراتيجية عسكرية جديدة في العراق وسوريا بدعم ايراني للقضاء على داعش وأخواتها والمعارضة السورية المستأنس منها أو المتطرف.
فالرابح الوحيد هو ايران لأنها ستزداد قوة وتأثيراً واعتقد أن ايران ستتصرف بحكمة تجاه دول الخليج ولن تلقي بثقلها في حرب اليمن ولن تحاول تحريك الشيعة في السعودية وغيرها، لأن ذلك يعتبر تصادماً مع الولايات المتحدة والغرب ولذلك ستحرص على اللعب في الملاعب المتاحة وهي العراق وسوريا ولبنان. وفي حالتنا الفلسطينية لا أظن أن ايران بعد الاتفاق هي نفسها قبله لأنها لن توثق علاقاتها مع حماس والاخوان ولا خلق قلق لمصر وهي الدولة العربية التي تحرص على حسن العلاقات معها.
اتفاق ليلة القدر كان بالفعل ليلة قدر لايران لكن كان ليلة غدر بالنسبة للعرب كما وصفه زميلنا الكويتي صلاح الساير لأنهم وضعوا بيضهم في السلة الأميركية وتجاهلوا منذ عقود عروضا شرقية وغربية لبناء مفاعلات نووية بمواصفات أحسن من الايرانية لكن الركون إلى الضمانات الأميركية ثبت أنه خاطئ, وقبل سنوات قال حسني مبارك “اللي متغطي بأميركا عريان ” فهناك فرق بين من يهتم بالبرنامج النووي وبين من يركز على البرنامج المنوي.
