خضر قطامي.. عين بيت الما كتب عيسى عبد الحفيظ

رصاصة في القفص الصدري لا تبعد عن القلب سوى ملمترات قليلة. تلقاها الشهيد خضر في معركة الكرامة، لكنه ولسبب لا يعرفه هو ولا الآخرون نجا من الموت بأعجوبة، قفز عنه الموت موفرا اياه لمناسبة أخرى، تبرعت له احدى الاخوات بكمية من دمها، فحمل روحه على كفه ليستمر في النضال، لم تكن تلك السيدة الا رقية عبد الحريم محمود ابنة شاعر فلسطيني عبد الرحيم محمود الذي حمل روحه على كفه، فحذى خضر حذوه. قطرات الدم تلك، ولدت في الجريح خضر حافزا جديدا للاستمرار، فلم يمض على اصابته سوى شهر واحد، حتى عاد الى قاعدته في الكرامة، ومنها انطلق الى عبور النهر، نحو الضفة الاخرى. الدورية التي اشتبكت مع الاحتلال في بيت فوريك، والتي كان للشهيد خضر شرف المشاركة فيها رغم مرور اقل من شهر واحد على معركة الكرامة واصابته في الصدر فيها، لم تقف حائلا دون اتخاذ قراره النهائي بالتوجه صوب الضفة الاخرى من النهر، الى الوطن، الى فلسطين. على سفح جبل طانا المعروف قرب بيت فوريك، اصطدمت الدورية بالجيش الاسرائيلي المزود بكل ما يلزمه من عتاد وتجهيزات وامكانيات على عكس مجموعة خضر التي لم يتجاوز تعدادها اصابع اليدين، بالاضافة إلى كمية محدودة من الذخيرة لا تكاد تكفي للاشتباك اكثر من ساعة او ساعتين. عادة ما تكون نتيجة اشتباك كهذا يجري على ارض الوطن المحتل احدى احتمالين: اما الاستشهاد او الوقوع بالاسر، والذي كان من نصيب خضر الذي نال حكم المؤبد، وارسل الى سجن عسقلان. سجن عسقلان كان المكان المعد لاستقبال المناضلين المقاتلين بالسلاح، لذا فهو المكان الاكثر وحشية بين جميع المعتقلات كونه المال لكبار المقاتلين الفلسطينيين، توجه خضر التنظيمي تغير بعد دخوله السجن فانضم الى كتيبة عمر قاسم ملتحقا بالجبهة الديمقراطية التي انشقت عن الجبهة الشعبية عام 1969، وبيد ان الامر لم يستمر طويلا، فقد ترك خضر تنظيمه الجديد والتحق بالتيار الديمقراطي الذي نشأ في السجن لكنه لم يلبث ان تركه الى غير رجعة بعد ان اكتشف زيف الادعاءات، والتي لم تكن الا لخلق بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. بقي خضر في السجن حتى عام 1983 عندما اكتشفت ادارة السجون الاسرائيلية تفشي الورم السرطاني في عنقه وتشكلت كتل لحمية بشعة اعاقت جهازه التنفسي عن العمل كما يجب ادركت الادارة الاسرائيلية خطورة حالته، ويبدو انها خشيت من ان يقضي وهو في قيد الاعتقال فتم اطلاق سراحه وهم على يقين انه لن يعمر طويلا، بناء على استشاره الاطباء. خرج خضر وطلب يد المناضلة الاسيرة المحررة عطاف يوسف واقترن بها، كانت عطاف تعلم جيدا انها ترتبط بزوج محكوم عليه بالموت المبكر، لكنها اقترنت به لتصبح زوجة وأماً وممرضة، وبعد فترة ليست بالطويلة ارملة ووالدة لطفل محكوم باليتم المبكر، ارسله القائد الشهيد ياسر عرفات الى لندن للعلاج ورافقته زوجته، لكن القدر خانه في المرة الثالثة، هكذا ذهب خضر تاركا زوجته المخلصة المناضلة عطاف وطفلين من زوجين مناضلين. رحم الله شهدائنا واسكنهم فسيح جنانه

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا