رسالة إلى أسير فلسطيني بمناسبة دخوله العام الرابع عشر في سجون الاحتلال الإسرائيلي

تمنعني العبرات وتهزمني من استكمال رسالة لك
إلى الأسير صدقي الزرو التميمي ها أنت تدخل عامك الرابع عشر …

منذ ثلاثة عشر عاماً ومن بدء يوم اعتقالك 16-8-2002 ،وكلما حاولت الكتابة لك ارتجفت وكأنما مداد القلم يرفض الذل والهوان مثلك أخي ، لا يود أن يصلك في حروف ورسالة مغلفة لتقبع في ركن مظلم في زنزانة سجن رهيب لمحتل عنيد ، عذراً أماه لم استطع إكمال لو رسالة واحدة تمليها علي لأسطرها للحبيب وكيف أماه أستطيع ودموعك تمتزج بدموعي وتذيب الأوراق أمامي ، عذراً مهجة الفؤاد وشقيق الروح ها أنت تدخل العام الرابع عشر في زنازين وسجون الاحتلال متنقلاً بين السجون لا أدري كيف هي أشكال ” بوسطة السجان ” لا أعلم هل ينقلوك معصب العينين ومقيد اليدين والساقين كما اعتقلوك أول مرة ؛ هل تتكرر رحلة الألم وهم ينقلوك بين السجون ؟
صوتك لا يفارقني وكلمك وخطابك الجريء الهادر الجهور يقول للمحتل ” اسمي صدقي الزرو التميمي ” والمحتل الغير متأكداً من هويتك ..ونشوتهم وتلذذهم الغير إنساني لحظة اعتقالك وبالليلة الظلماء وعلى مرأى أفراد أسرتك وأطفالك الثمانية عشر المفزوعين والمذعورين من همجية معتقليك..أجسامهم لبشر وليسوا هم من البشر ،مدججين بالسلاح بعثروا الأثاث وتمتموا بينهم غير مصدقين ومصعوقين بحقدهم الدفين .
وأنت بعنفوانك وكامل وعيك تقول لهم وهم غير مصدقين ؛ سمعتك تقول لهم أنا الحاج صدقي حامد الزرو التميمي ، وهم ما زالوا غير مصدقين وما بينهم يتمتمون “وأخيراً تم القبض على فلسطيني مطارداً ودعواهم بأنك ممن يهددون أمن اسرائيل” وتهم أخرى ألصقوها ..وأكبر جريمة منك لا تعجبهم “إنسانيتك ” فيريدون أن ينكلوا بك وكأنك أنت لست إنساناً ؛ نعم أخي هم مجردين من انسانياتهم وأنت كما أنت وكما كنت وستبقى إنسان ..وطنيتك إيمانك صدق انتمائك حبك لوطنك ولأهلك والمبادرة بعمل الخير لمن حولك ،حبك للأطفال وحبهم لك وغيرتك على انتهاك براءة الطفولة والعروبة هم جميعاً فيك ولم يشفعوا لك ..وستبقى أنت الشامخ الحر الكريم برغم القيد وأنت الإنسان أنت .
ها هي السنوات العجاف الثلاث عشر مضت ،وحكم المؤبد موجع وأنا ومن حولي من محبيك موجوع من الانتظار ؛ حتى أنا من جانب سكناك الذي اعتقلوك منه رحلت ..حبيبي لا تعتب على حتى اليوم لم استطع استكمال الرسالة ، لا تستهجن فحتى رسائلك لي امطرها بالدموع فتذوب من شوقي وحنيني وألمي على فراقك والغياب ، حتى هذه “الشابكة ” تتلكؤ والحاسوب يتضامن مستنكراً وتنزلق مفاتيحه من تحت أصابعي الضاغطة عليها من شدة غضبي ،وأنا أطبع الحروف مرتجفة من فرط لهفتي ولكن استجمع كل ما لدي من قوة وعزاء لي بأنك لن تستطيع قراءتها اليوم فأنت في أسر المحتل ولا تقنيات حديثة موفرة لديك ،أعلم كما غيري يعلم كثرة الانتهاكات عليك لا هواء لا دواء ولا علاج ولا مأوى يليق بإنسان ،فهي “زنزانة معتمة وسقفها وجدرانها دون حريات “فهي كل ما لدى الاحتلال ليوفره لك هي سياسة سلطة سجون الاحتلال ممنهجة ومتمرسة في انتهاك حقوق الإنسان وتكريس لغياب كافة الحريات .
لكن لا تيأس ..لعل معاناتك والأسرى تصل للضمير العالمي والقانون الإنساني ينتصر على سجانك ، وبإذن الله ستقرؤها بعد الإفراج عنك وحينها قد تكون هذه الرسالة آخر ما في ظلمتك وعنك كتبت ، لنروي بعدها سوياً للأهل والأحباب حكايات عن حب الأوطان والتضحيات بجل ما ينعم الإنسان ليبقى الإنسان مكرماً حراً إنساناً كما أنت ،وسلام لك حتى كامل الحرية للوطن والبشر والطير ولك ولأمي السلام ولروح والدنا الذي فارق الحياة دونما لحظات تودعه فيها ..ولكن روحه ستبقى ترفرف حولنا ومن ذكرى الشهداء وصبر أسرانا سننهل من وعاء الصبر حتى لحظة الإفراج عنك ،وفي الختام لك مني السلام ،وبإذن الله النصر قريب ؛ أختك : إكرام التميمي .
صدقي التميمي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا