الوضع السياسي الراهن (مكانك سر)

مقدمة

حاولت ان اجد وصف دقيق للوضع السياسي الذي نعيشه نحن الفلسطينيين الآن وخلال مرور الافكار في ذهني وهي كثيرة فوجدت نفسي اقف عند حدث كان يمر علي شبه يومي ايام ألطفولة وبالأخص ونحن في المدرسة وأكثر دقة وقت الصباح عندما كان يدق جرس المدرسة نهرع جميعا للوقوف في صفوف منتظمة، وكل صفين يعبران عن احدى سنوات الدراسة مثلا الصف الاول او الثاني وهكذا حتى صف التاسع ( كان يسمى سابقا بالثالث اعدادي ) لان مراحل المدرسة كانت ثلاثة مراحل الابتدائي حتى السادس وهناك امتحان شامل للنجاح للانتقال للمرحلة الثانية والتي تسمى بالإعدادية ومدتها ثلاث سنوات ثم امتحان شامل للانتقال الى العاشر وهو بداية المرحلة الثالثة وكانت تسمى بالثانوية وتنتهي بامتحان شامل يسمى بالتوجيهي الذي يؤهل الشخص للجامعة اسف على هذا السرد وإنما جاء للتذكير في التعليم سابقا وللمقارنة لصناع حملة العلم والى صناع حملة الشهادات أليوم للتنويه فقط.

نعود لوقفة الصفوف الصباحية بعد دق ألجرس كان يأتي معلم الرياضة ويصرخ بأعلى صوته انتبه …استعد….مكانك راوح…او مكانك سير…ثم ندخل الى ألصفوف هذا العمل استوقفني لأصف به الوضع السياسي الراهن.

نعم نحن مكانك سر وبهذا الوضع على ما يبدو يرضي جميع الاطراف المحلية والإقليمية والدولية. ولنبدأ من الوضع ألفلسطيني.

الوضع في غزة

الجميع فلسطينيا وإسرائيليا وعربيا وإسلاميا ودوليا يعترف بان الوضع في غزة مأساوي ومع كل هذه الاوصاف لم يتقدم احد بأي خطوة عملية لإنقاذ ألموقف لان اية خطوة يتقدم بها أي طرف ستكلفه كثيرا غير قادر على دفع ثمنها سياسيا واقتصاديا ولا حتى اجتماعيا، ولهذا افضل شيء هو التحدث كثيرا على ان لا تفعل شيئا وهذا يشبه اوامر المعلم الرياضي مكانك سر.

مواقف حماس

حماس تريد نصف مصالحة

تدرك حماس ان الوضع في غزة خطير جدا ولكنها تدرك اكثر بأنه الانتقال من الالف الى الباء ثم الوصول الى الياء خطير ومضر بمصالحها الحزبية ومواقفها السياسية والاقتصادية وتحالفاتها العربية والدولية وخاصة الاقليمية ولهذا تتبنى موقف المعلم الرياضي مكانك سر.

ان حماس لا تريد فك الحصار وانفتاح المجتمع الفلسطيني في غزة على بقية شعبه والعالم ، لان هذا الانفتاح يكلف حماس الكثير من اعادة الاعمار، والتعددية السياسية والمحاسبة على التلاعب بمقدرات الشعب وملاحقة الفساد والثراء غير القانوني والثارات المجتمعية والظلم الذي وقع على جزء كبير من الشعب والمطالبة بسيادة القانون …. الخ، ولهذا تريد حماس نصف مصالحة مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية ألفلسطينيه من اجل التخلص من كل السلبيات الموجودة وقذفها ورميها في وجه السلطة الوطنية ألفلسطينية لتحملها كل الاوزار التي نجمت بعد الانقلاب ولتغرقها في حل المشاكل المتراكمة من اقتصادية واجتماعيه التي يصعب حلها في ظل عدم وجود وحدة وطنية حقيقية عل الأرض وان تدفع السلطة كل المستحقات السابقة دون ان يكون لديها القدرة في المحاسبة لأحد او حتى الحصول على اية فوائد سياسية او اقتصادية ولا اجتماعية مثل الضرائب والمقاصات..عليها ان تدفع الرواتب وان تبقى السيطرة السياسية والأمنية والعسكرية والقانونية تحت امرت حماس من اجل الانقضاض على السلطة في اي انتخابات ان جرت ، فمثلا تريد حماس ان تأخذ من الناس فواتير الكهرباء وتريد من السلطة ان تدفع ثمن المحروقات..اما الهبات البترولية القطرية فمواردها كلها لحماس، ولهذا افضل حل للطرفين البقاء على الوضع القائم كما هو مثل تعليمات المعلم الرياضي مكانك سر.

حماس تريد ربع مقاومة

حماس تتغنى بالمقاومة لان هذا يدغدغ ألمشاعر ويريح الكثير ممن لا يريدون العمل ألجاد بحجة ان الاخرين يتآمرون على المقاومة فهم دائمي صب غضبهم على السلطة والمنظمة وليس على اسرائيل(حيث تقوم بالخفاء بالمفاوضات مع اسرائيل لهدنة طويلة الامد مقابل ان تكون هناك امارة لحماس في غزة، وستحاول جلب اعتراف دولي بها مستقبلا، وهذا يعني انه تم حل للقضية الفلسطينية باقامة دولة فلسطينية”حل الدولتين” وفقا لمخطط اسرائيل السابق والذي يتناغم مع طموحات حماس والذي رفضته منظمة التحرير الفلسطينية، وسوف تساعد اسرائيل بجلب اعتراف دولي بهذا الحل، الذي يعني فصل غزة عن قضية القدس والمستوطنات واللاجئيين)، مما مزق وحدة الشعب الذي تم اغراقه في حرب أهليه نزف فيها الدم الفلسطيني ، حيث انهم غير ثابتي بالمواقف ألسياسية حيث يغيرون تحالفاتهم السياسية من اجل اقناع الشعب بأنهم دائمي البحث عن شريك للمقاومة، وفقا لتحالفات الاخوان المسلمين عالميا التي مقرهم في أوروبا، علما بان قيادة حماس في الخارج موجودة في قطر وتركيا،اذن تحالف واختلاف ثم تحالف ثم اختلاف مع حزب الله وإيران وسوريا الأسد والآن الحيرة التحالف مع السعودية او مع إيران، ولأنها لا تقبل الشراكة السياسية مع احد حتى ولو كان حزبا او جماعة دينية، ولهذا مما يجعلها عاجزة عن جمع كل هؤلاء لدعم القضية الفلسطينية على اسس دينية وطنية وحدوية، وهذه المرجعيات واضحة جدا لها اجنداتها الخاصة بها وبمصالحها وليس الهدف الاول ولا مرة، القضية الفلسطينية وعلى رأسها القدس. فدائما يطلقون الشعارات الرنانة باسم المقاومة ولكن دون استخدام نقاط قوة الشعب الفلسطيني المبدع للمقاومة ليس بالسلاح فقط .فما رأيكم بخروج نصف مليون من غزة ونصف مليون من الضفة يحملون الاعلام البيضاء ويرفعون زجاجات مياه فارغة والسير نحو الصلاة في القدس ما دام نريد الشهادة والجنة فليستشهد من يستشهد ويصل من يصل وما بالكم لو شاركهم عشرة ملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين الغلابة قادمين بحرا وبرا وجوا تصوروا ماذا سيحدث؟ ولكن للأسف نبحث عن توازن استراتيجي عسكري مع العدو المدعوم امريكيا وغربيا بأحدث الوسائل التكنولوجية للانتصار عليه في ظل بؤس شعبي عارم يبحث عن بيت يؤويه ورغيف خبز يوقته، ولا يوجد حليف قوي يحمي الشعب الفلسطيني، وبالمقابل نضع دوريات ونقاط حراسة لحماية الحدود من اجل الوفاء بالاتفاقيات التي لا يلتزم بها العدو من تهدئة وحدود مؤقتة (علما كانوا يهاجمون ابو عمار عندما كان يحاول الالتزام بالاتفاقيات وبمنع اطلاق النار) كما واخرجوا القدس والمستوطنات خارج اللعبة وهذه ألاتفاقيات فلا يوجد أي مبرر لأحد لعدم العمل الايجابي والنضالي للحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه العادلة والمشروعة ويبرر فشله من خلال تقصير او تخاذل الاخرين.

لا يستطيع احد ان يصادر بطولات الشعب الفلسطيني ومقاومته للمحتل

الكل يعرف ماذا قدم الشعب الفلسطيني من تضحيات، وللتذكير نكتب بان مقاومة الاحتلال واجب على كل فرد فلسطيني اينما كان، وان المقاومة متعددة الاشكال تكمل بعضها ألبعض اما المعارك البطولية التي جرت في غزة ما هي سلسلة من بطولات الشعب الفلسطيني منذ بداية الهجمة الاستيطانية على فلسطين منذ بداية القرن ألعشرين لقد بدأها القائد عزا لدين القسام (الذي حضر الى فلسطين 1927 مع تشكل حركة الاخوان المسلمين في مصر والتي لم تقدم أي دعم مادي ولا معنوي له ولجهاده، وكثيرا اختلفوا معه وهاجموه) مرورا بثورة 1936 وعبد الرحيم محمود وحسن سلامة وسعيد العاص ومحمود عبد الرحيم وغيرهم من القادة العظماء وهم كثر ( قدم الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة حوالي 30 الف شهيد) مرورا بعبد القادر الحسيني وحرب 1948(الذي قدم الشعب الفلسطيني حوالي عشرة آلاف شهيد على الحدود خلال محاولة عودتهم من المخيمات الى قراهم) ولا نتحدث عن المجازر الصهيونية التي ارتكبت داخل المدن والقرى والمضارب البدوية في النقب العربية)، وبالعمليات الفدائية بالخمسينات قبل انطلاقة ألمنظمة ثم انطلاقة منظمة التحرير الفلسطينية وانطلاقة الكفاح المسلح بقيادة فتح والمعارك في جبال نابلس والخليل وغزة وجيفارا غزة، ومعركة الكرامة، ومعارك لبنان، والصمود في بيروت، ومعارك حزب الله في الجنوب، ومعارك المقاومة في الضفة و غزة ما هي إلا محطات من اجل تحقيق هدف سياسي وهو حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة والعادلة، ويجب على أي معركة عسكرية نقوم بها ان تحقق هدفا سياسيا لصالح الشعب الفلسطيني بقدر تضحياته وشهدائه . وليس مكانك راوح رغم كل هذه البطولات والصمود والتضحيات الجسام للشعب الفلسطيني ، او انتاج نسخ مكررة لاتفاقيات هزيلة لا يفي بها العدو إلا مؤقتا.

حماس سائرة نحو فصل غزة عن بقية فلسطين

ان المفاوضات السرية الحمساوية (اذا صحت تسريبات الصحافة وبعض المحللين والقادة السياسيين واعتقد انا شخصيا انها صحيحة بحاجة لتغطية عربية وإقليمية) مع اسرائيل لفصل غزة عن بقية فلسطين ومطالبهم وإقامة امارة هناك بحجة فك الحصار مقابل التخلي عن القدس والضفة واللاجئيين وتجميد المقاومة وهو ما تسعى اليه حماس باسم ألدين، وان ظهور كلمات مثل (الشعب الغزاوي) في الصحافة ورسوم الكركاتيه في غزة يخدم هذه السياسة الحزبية الضيقة،،مما بث الفرقة واثار النعرة وقسم الشعب الفلسطيني وانها انجازاته السياسية والجغرافية وذهبت جميع التضحيات هباء منثورا،وان اصحاب هذا الرأي عندما لا يلاقون اية محاسبة وقمع من القيادة في غزة وخاصة حماس يعني رضاهم على ذلك، نقول لهم اين هذا من الوحدة والدين والوطنية، وان هؤلاء الذين يروجون لمثل هذا الانفصال يعني انهم يدغدغون احلام بعض قادة حماس وأمانيهم الحزبية الضيقة،وسيذكرهم التاريخ ولكن ليس كأبطال بل متآمرين على فلسطين وليعلم الجميع ان فلسطين ليست باكستان وبنغلادش هذه الارض التي بارك الله فيها ومر عليها اكثر من عشرون محتلا لا وجود لهم إلا في كتب التاريخ وبعض حجارة تدل على انهم مروا من هنا.

لقد مر الشعب الفلسطيني بمراحل سياسية وهي قسمان:

الاول :

في حالة عدم وجود وحدة وطنية سياسية بين جميع القطاعات ومكونات الشعب الفلسطيني ان كانت عسكرية او سياسية ساهم الى ضياع الشعب الفلسطيني وتحويله من شعب على ارضه الى شعب لاجئ شطب من الخارطة السياسية والجغرافية (.واكبر دليل على ذلك تجارب ثورة 1936 وحرب 1948 يجب تقييم هذه المرحلة بموضوعية والاستفادة منها لتلاشي الاخطاء ).

الثاني:

عندما توحد الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية استطاعت المنظمة ان تعيد الشعب الفلسطيني الى الخارطة السياسية عبر سلسلة من الشهداء والجرحى والأسرى، رغم ان هذه المرحلة اعتراها في بعض الاوقات بعض ألتصدع، بدءا بتشكيل جبهة الرفض 1974 والخروج عن الاجماع ألفلسطيني ولكن الحوار والقيادة الحكيمة وحب الوطن كان يغلب عن الجموح الحزبي ويعيد الجميع الى ألوحدة الوطنية والقيادة الجماعية،والتجربة المرة بعد الصمود في حرب 1982 في لبنان انشقت مجموعة عن الاجماع الفلسطيني وبتأييد عربي وأجنبي وسال الدم الفلسطيني ألمقدس وعندما انكشف هذا المخطط لإنهاء وحدة الشعب الفلسطيني عاد والتحم مرة اخرى بفضل القادة ألحكماء ، وأنتجت انتفاضة شعبية عارمة في الضفة وغزة وساهم اهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 في هذا النضال مما ادى الى تكامل الادوار في هذه الوحدة.

مما اوجد الشعب الفلسطيني على الخارطة الجغرافية ولكن لم يكتمل التحرير لأنه بحاجة لمعارك عدة لترسيم حدود هذه الدولة وبحاجة لقادة عظماء ووحدة وطنية ذات اجندات وطنية لا حزبية.

إلا ان ظهور حماس وغيرهما من الحركات الدينية والتي تعاملت مع منتجات اوسلوا (ولم توقع عليه ولم يطلب منها احد ان توقع عليه وتعتبره خيانة ).ان ظهور هذه الحركات كان يجب ان تكون عامل وحدة وتكامل ودفع النضال الفلسطيني الى الامام على اسس اجندة وطنية تحقق مصالح الشعب الفلسطيني العليا .إلا انها وضمن فكرها الخاص بها(حماس) وهو عدم القبول بالشركاء ولو من ذوي الاتجاه الديني، واعتماد التكفير والتخوين اساس المعركة مع الشركاء، وإباحة الدم الفلسطيني وعدم القدرة على التسامح على طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة ورده على سيدنا خالد ابن الوليد رضي الله عنه عندما قال هذا يوم الملحمة فرد عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا يوم المرحمة صدق رسول الله، ومنذ ذلك الوقت والعالم ينظر الينا شعب منقسم براسين بدون أي وحدة وطنية، ولهذا يقول لا يستحقون وطنا ، والأدهى والأمر ان ثقافة الانقسام بدأت تترسخ حزبيا وشعبيا وانتشرت ثقافة الانقسام على ثقافة الوحدة (وقد استخدمت الاكاذيب وتزوير للتاريخ في تثقيف الافراد المنظمين، مما يحقق الاهداف الحزبية لا الوطنية.) سلاحا فتاكا وأصبح هناك اختلافا على الاولويات والثوابت الفلسطينية رغم التغني بها وعدم العمل بها.

السلطة الفلسطينية والمصالحة

ارادت السلطة ان تعيد غزة لحضن السلطة وان توحد الشعب والأرض ، إلا ان العودة الى غزة ليس سهلا لان هناك قوى عسكرية مهيمنة على الارض وعلى الشعب وهذه تريد من السلطة ان تعود شكلا وليس فعلا، وان تفك الحصار دون ان يكون لها اية سيادة حتى على المعابر ، وان تعمر دمار غزة وتجلب المانحين والأموال دون ان يكون لها سلطة على الاعمار.

تريد السلطة ان تعود للعمل في جميع مجالات الحياة وإعادة الوزارات لسابقة عهدها دون تحمل اعباء (الانشقاق) من الموظفين الجدد الذين ليس لها عليهم اية سلطة، وتريد ان توحد الاجهزة الامنية، وان تكون هناك سلطة واحدة دون دفع رواتب من لم يلتزموا في إقراراتها، ووافقت السلطة على ان تكون كتائب القسام مثل حزب الله في لبنان وهو عدم التدخل بشؤون ألدولة ويبقون لحماية الحدود،الا ان جميع القوى العسكرية على الارض لا تقبل التنازل عن الحكم ، بحجة المقاومة ورفض اتفاقية اوسلوا. كما ان هناك قيادات حزبية من كلا الطرفين وحتى رجال الاعمال ومستقلين لا يريدون الوحدة لأنها تضر في مصالحهم الذاتية ألخاصة رغم اللقاءات الدائمة من فيما بينهم تحت مسميات كثيرة.

كما ان السلطة لم تحقق أي اختراقات حقيقية في المفاوضات ولم تستطع ايقاف الاستيطان والاعتداء اليومي على الشعب الفلسطيني ومقدراته، كما ولم تستطع ان تحقق انجازات في داخل محكمة الجنايات ألدولية حتى الان.

و رغم الخلاف الامريكي الاسرائيلي الظاهر ما زال الموقف الاميركي وجزء من اوروبا وخاصة بريطانيا وألمانيا تدعم اسرائيل بكل ثقلها، وان الوضع العربي الراهن اضعف الموقف الفلسطيني امام امريكا وأوروبا ، كما ان السلطة الفلسطينية لم تستطع ايجاد بدائل او حلفاء قادرين على الضغط على الموقف الامريكي والأوروبي المتحيز لإسرائيل رغم بعض الاختراقات الدبلوماسية ونشاط المقاطعة الدولية للبضائع الإسرائيلية ان هذا الوضع القائم ليس فيه أي تشجيع او دعم حقيقي للوحدة الوطنية والمصالحة ، كما انه لم يشجع السلطة للإقدام بكل قوة لتحمل المسؤولية في غزة ، وفضلت ان تبقى غزة مشاغبه (ربما تستفيد السلطة من هذه المشاغبة) في ظل تجمد الوضع السياسي واستشراء الاستيطان والإرهاب الاسرائيلي في الضفة والنقب ، الذي قابلته المنظمة برفع شعار المقاومة الشعبية التي لم تأخذ طريقها الصحيح حتى الآن لتبق شبه مقاومة ترضي الجميع خوفا من انحرافها وعدم السيطرة عليها وتسبب ازمة للأجهزة الامنية( كل دول العالم لها مؤسسة امنية لحماية الشعب والوطن، ولكن هذا يختلف الوضع في السلطة الوطنية الفلسطينية الواقعة عمليا تحت الاحتلال والتي اسست هذه المؤسسة لتكون نواة الدولة الفلسطينية الموعودة ولكن “رغم عشرون عاما من المفاوضات واتي لا يبدو لها نهاية ايجابية للشعب الفلسطيني باقامة دولته على حدود 1967” منعها من ممارسة حقها الطبيعي، وجمد تحركها والغى كثيرا من الاتفاقيات على ارض الواقع، مما اربك دور المؤسسة المنوط بها وهو حماية الشعب، حتى انها لا تستطيع حماية افرادها من الاعتقال، حيث يوجد اكثر من 800 معتقل من هذه المؤسسة لدى اسرائيل)، ادىكل ذلك الوضع لارباك هذه الاجهزة ووضعها في موقف محرج امام الشعب . ولهذا يفضلون كلام المعلم الرياضي مكانك راوح.

ان عودة السلطة الى غزة والقبول بالمصالحة بالشروط السابقة لا تستطيع الايفاء بها ويحولها من قيادة حقيقية الى قيادة ضعيفة ومهزلة، ويدخلها في دوامات يومية كثيرة لا تستطيع ان تجد حلول لها . فالسلطة تريد وحدة حكم وسيادة واحدة لتذهب بقوة هذه الوحدة للعالم اجمع بأننا سلطة واحدة لا سلطتان ولهذا تم على نصف اتفاق بين الطرفان لتشكيل الحكومة ، حكومة الوفاق الموحدة ليستخدمها كل طرف حسب مصلحته ولتبقى مكانك رواح، فغزة تحمل هذه الحكومة كل المشاكل في غزة وتعفي نفسها من تحمل ألحل وتريدها الضفة لتذهب بها الى المحافل الدولية بان لنا حكومة واحدة ، ولا احد يرغب في الاقدام على انتخابات تشريعية ولا رئاسية ولا اصلاح منظمة التحرير لتضم الجميع لان جميع الاطراف لا تستطيع دفع ما هو غير متوقع ولهذا تفضل كلام المعلم مكانك راوح.

اسرائيل والوضع الراهن

ان الحكومات الاسرائيلية المتتالية منذ مقتل رابين غير معنية بالسلام مع الفلسطينيين ، وكل ما فعلته من مفاوضات هو فقط لكسب الوقت في تثبيت وتوسيع ألاستيطان والإمعان في قتل وتهجير ألفلسطينيين وإرضاء العالم بأننا نتفاوض، وبدا المجتمع الاسرائيلي يزداد يمينية وعنصرية وأصبح اكثر وضوحا في ظل حكم نتنياهو الذي اظهر عنصريته ويمينيته المتطرفة بالتحالف مع المستوطنين في الحكومة العنصرية ألحالية وقد تجلت هذه العنصرية بالإرهاب الاسرائيلي بحرق الطفل محمد ابو خضير في القدس و منزل وعائلة علي دوابشة في قرية دوما قضاء نابلس، وأصبح الاعتداء من قتل وهدم وقلع اشجار ومصادرة ارض واعتقال اطفال والاعتداء على المقدسات وعلى كل شيء يخص حياة الفلسطينيين وبشكل علني ويومي هو الابرز حدثا و اعلاميا ، ولا يلاقي من العالم سوى الشجب والتنديد فقط مما امعن المستوطنون في عنصريتهم وتفاخرهم بإرهابهم لعدم وجود من يردعهم او يحاسبهم.

ان العجز الفلسطيني في اتخاذ قرارات جريئة للدفاع عن أنفسهم وزاد هذا العجز الانقسام الفلسطيني والحروب الاهلية في الوطن ألعربي كل هذا انتج مقاومة شعبية خجولة وموسمية، ترضي القيادات الحزبية التي اصبحت منتفخة وغارقة في الفساد مما ادى الى ابتعاد الشعب عنهم وضمور هذه الاحزاب واختفائها من أي تأييد شعبيي كما ان تراجع الثقافة الوطنية من العمل الجماعي الى الاهتمام بالفردية والانتهازية ساعد في تراجع القضية الفلسطينية عربيا ودوليا، كل هذا ساعد صاحب القرار السياسي الاسرائيلي في الابتعاد عن الاهتمام بالسلام او بالمفاوضات وعدم منح الفلسطينيين اية حقوق سياسية واستبدلها بتقديم المساعدات بالشؤون اليومية والحياتية بما يخدم مصالحه السياسية والاقتصادية تحت شعار للفلسطينيين لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم.

ان هذا الوضع مريح جدا للاسرائليين فهم ماضون بمخططاتهم دون دفع أي ثمن غالي ويكسبون الزمن لانجاز ما لم يتم انجازه ولهذا يتبعون سياسة المعلم الرياضي مكانك سر.

الوضع الامريكي

اصبحت القضية الفلسطيني في اخر الاهتمامات ولا تجد احدا يتحدث او يضغط لحل القضية الفلسطينية او دفع مباحثات السلام قدما. فالوضع العربي غارق في حروبه وبمشاكله والعالم الاسلامي لا يسمع بالقدس ولا يعرف اين تقع؟ ولا يعرف اهميتها الدينية والتاريخية والسياسية؟ فهو يعيش في همومه ألخاصة وما استعمال كلمة القدس مع الفلسطينيين إلا مجاملة ولهذا لا تأثير لها بالضغط على اصحاب القرار الامريكي وأوروبي ، وتدرك امريكا بان حليفتها الاستراتيجية اصبحت اكثر امنا بعد الاتفاق النووي مع ايران. ولدى امريكا معظم الاوراق للضغط على اسرائيل اقلها سحب الجنسية الامريكية من المستوطنين والسماح للفلسطينيين رفع دعاوي على المستوطنين حملة الجنسية الامريكية امام المحاكم الامريكية ومقاضاتهم او الامتناع عن استخدام الفيتو او تجنيد معارضين داخل مؤسسات المجتمع الدولي لعدم تاييد الفلسطينيين في هذه المحافل . ولهذا لان الوضع مريح اتبعت تعليمات المعلم الرياضي مكانك راوح.

الوضع العربي

ان الوضع العربي عاجز عن فعل أي شيء لانه غارق في مشاكله وحروبه الداخلية وهو يتجه نحو التمزق ربما تختفي دول وتظهر دول اخرى في المنطقة العربية ، وما عجز الجامعة العربية التي هي في غرفة الانعاش الا انعكسا للوضع العربي الخطير ولهذا ما تبقى من حكومات عربية تتبع تعليمات المعلم الرياضي مكانك راوح؟

وان الاسلام السياسي المتصارع طائفيا وحزبيا ادى الى تدمير الامة العربية واهدر مقدرتها والغى دولا ومؤسساتها وشرد اهلها واثخن في القتل والذبح والاغتصاب( حيث نفذ العرب بايديهم ما كان يتمناه ابن غوريون حيث قال لا مستقبل لاسرائيل الا بعد تدمير ثلاث جيوش عربية وهي العرلق وسوريا ومصر، وقال يعلون قد تم تدمير جيشين وهما العراق وسوريا وبقي الجيش المصري)، مبتعدا عن الدين السمح فاعطى صورة سيئة عن الاسلام المحمدي صلى الله عليه وسلم واصحابه الراشدين رضي الله عنهم، وان القدس وفلسطين ابعد ما تكون في مخيلتهم او برنامجهم، فأعجبتهم لعبة السلطة والمال وحب النساء فمارسوا تعاليم المعلم مكانك سر.

الوضع الاقليمي

ان الصراع او التحالف ما بين ايران وتركيا واسرائيل القوى الاقليمية في منطقتنا تختلف او تتحالف من اجل الحصول على اكبر قدر من حصتها في الوطن العربي ، وما تقاربها او ابتعادها او التساوق اللفظي مع القضية الفلسطينية سوى من اجل خدمة مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة في ظل عجز عربي كامل وما محاولة مصر والسعودية اللتين علاقاتها صعودا وهبوطا في ايجاد امن قومي عربي وجيش عربي موحد ، من اجل ايجاد قوة اقليمية عربية رابعة تحافظ على مصالحها القطرية خوفا من الحروب الداخلية والمؤامرات الخارجية التي تحذق بهم من كل ألجهات فأحبوا تعاليم المعلم الرياضي التي ترضي الجميع مكانك سر.

الوضع الاوروبي

ان اوروبا غارقة في همومها الاقتصادية ، ورغم قربها من الوطن العربي ومنها ما يتخوف من التأثير على دولهم ، إلا انهم كما كانوا وما زالوا مستمرين السير في الفلك الامريكي رغم بعض المحاولات السياسية لبعض الدول ان تقدم شيئا للقضية الفلسطينية إلا انها عاجزة ان تحدث خرقا في مسيرة السلام او على الاقل وقف الاعتداء الاستيطاني والعنصري والإرهابي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وذلك بسبب المواقف المتحيزة لبريطانيا وألمانيا في دعم اسرائيل سياسيا واقتصاديا وعسكريا، فالوضع في المنطقة مريح جدا لهم فهم يرحبون بتعاليم المعلم الرياضي مكانك سر.

الخلاصة

1- اتخاذ اجراءات جريئة بمنع فصل غزة عن فلسطين وافشال أي مشروع لانشاء دويلة في غزة ، لانها ستكون مقدمة لتمزيق الوطن العربي اكثر مما هو ممزق فدائما يبدؤن بفلسطين.

2- اتخاذ قرارات جريئة في حماية الشعب من اعتداءات المستوطنين التي استفحلت مؤخرا.

3- بدء بحملة دبلوماسية وبمساعدة الاشقاء لإسقاط الجنسية الاجنبية عن الاسرائيليين ساكني المستوطنات والاشخاص الذين يساندوهم في الاعتداء على الفلسطينيين ، ومحاكمتهم داخل هذه الدول باعتبارهم من رعاياهم.

4- ايجاد وسائل وطرق جديدة وإبداعات للمقاومة السلمية لتحرز تقدما في الحصول على حقوقنا المشروعة.

5- الاحتكام للشعب والذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية واعضاء المجلس الوطني.

6- دعم وممارسة المقاطعة للبضائع الاسرائيلية والاستيطانية محليا ودوليا بشكل يومي وليس في المواسم

7- ان الوضع الفلسطيني يسير من سيئ الى اسوء ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ، فهو بحاجة الى اعادة سياسته التعليمية الاساسية والجامعية ضمن خطة وطنية شامله لإيجاد اجيال تنهض بالقضية الفلسطينية ، والى ايجاد سلطة عدل وقانون يطبق على الجميع ويحسم في حل مشاكل المجتمع بسرعة ، لا يتبع اسلوب المماطلة والتأجيل في حل مشاكل المجتمع لسنيين او اختفاء ملفات ، وإبقاء المواطن تحت قانون الحكم للقوي والقانون لا يطبق الا على الضعيف الملتزم . ومن هنا على المثقفين والإعلاميين والمتعلمين ان يأخذوا دورهم الريادي في استنهاض السلطة والمجتمع وان لا يكونوا اما مطبلين ومزمرين كل حسب مصلحته الشخصية.

8- على القيادة اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة ان كانت في محاربة الفساد (ومعظم الفساد يكون ضمن القانون) ، وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني من مصالحة مجتمعية ووحدة سياسية وتعرية القوى المناهضة للوحدة.

9- ملاحقة المتلاعبين بالاقتصاد الفلسطيني وملاحقة المهربين وأصحاب المواد الفاسدة المضرة بصحة الشعب.

كتب انور خلف ابو النور
رام الله 22/8/ 2015

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا