لماذا ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء؟؟ كتب صلاح هنية

كان محور الحديث بيني وبين شاب من بني نعيم في محافظة الخليل: يا زلمة أنتم أهل الأضاحي دبرنا بسعر معقول، فاجاب: اذا كان قبل عشرة اعوام عدد رؤوس الاغنام في بني نعيم 7000 رأس اليوم انت تتحدث يا دوب عن 1000 راس، لم تعد عملية مجدية نتيجة ارتفاع اسعار الاعلاف والخسائر المتراكمة.
هنا يقع جوهر المشكلة برمتها أن أعداد المواشي في فلسطين لم تعد كافية للاحتياجات المترتبة نتيجة لزيادة عدد السكان بشكل طبيعي، ولمحدودية العدد المتاح على الكوتا حسب بروتكول باريس الاقتصادي، وتزداد الازمة تعقيدا ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك حيث لا يوجد «عرض» كاف من جهة ويزداد «الطلب» كون الاضحية لا يمكن الاستغناء عنها لمن اعتبر مقتدرا، وترتفع الأسعار بشكل مجنون من 88 – 90 شيكلا في غالبية المحافظات مستثنيا محافظة الخليل التي وصل الكيلو غرام للخروف والسخل من 95 – 98 شيكلا.
ما يحز في نفس المواطن/ة الفلسطيني/ة ان وزارة الزراعة وهي جهة الاختصاص في موضوع المواشي واللحوم والأمن الغذائي وتوفير الكميات المطلوبة لم تقم بالدور على اكمل وجه، وحتى لا نهضمها حقها نقول انها حاولت ولكن ليس بالمستوى المطلوب منها، في 26 أيار الماضي أعلنت إدارة التسويق الزراعي في وزارة الزراعة أن العجول الحية ستكون متوفرة في الأسواق، ما سيؤثر على انخفاض الاسعار في شهر رمضان المبارك، في 9 حزيران الماضي تم تكرار ذات الحديث مرة أخرى من ذات الجهة في الوزارة، في 12 حزيران كذبت إدارة التسويق الزراعي في وزارة الزراعة رواية جمعية حماية المستهلك أن هناك شرطاً بيطرياً إسرائيلياً يقضي بحجز العجول المستوردة في منطقة الكرنتينا (الحجر الصحي) لمدة أسبوعين ومن ثم السماح بدخولها للذبح، وخلال شهر رمضان المبارك تواصلت المتابعة بخصوص خرق للسقف السعري في أسعار لحمة العجل والدواجن وكنا نجول المدن والقرى والخرب وتقارب ساعات السحور في مسلخ هنا ومذبح دواجن هناك.
ما يزيد شعورنا في الحركة الفلسطينية لحماية المستهلك بعدم قيام جهات الاختصاص الرسمية بدورها لكبح جماح ارتفاع أسعار اللحوم والأضاحي بما يتناسب مع حجم هذا الارتفاع واثره السلبي اجتماعيا واقتصاديا على المواطن/ة واثره على حركة البيع والشراء في متاجر بيع اللحوم التي تضررت، فكان الاجتماع الأخير قبل ثلاثة أسابيع من الان في مقر وزارة الزراعة والذي خرج دون نتائج ولم نتمكن من تحقيق هدف الاستيراد ما قبل عيد الأضحى كون التجار اعلنوا بوضوح: لن نستورد خرافا وعجولا ونذبح خلال ثلاثة ايام دون ان تستريح الذبيحة وتعلف لكي تكون مناسبة لذوق المستهلك الفلسطيني، هذا يكبدنا خسائر وعزوفا من الزبائن، واصلا لن نتمكن من اليوم من تحقيق هدف الاستيراد للتأثير على السعر، وهذا الجواب من كبار مستوردي اللحوم الذين لم استأذنهم بنشر أسمائهم.
وصلنا اليوم فترة الزمن الحرج في الاستيراد والتأثير على السعر، وحتى لو قامت شركة ما بالاستيراد لكميات بسيطة ستؤثر على السعر بشواقل لا تزيد على ثلاثة شواقل ولكنها لن تخفض السعر لأنها ليست على «الكوتا»، واستمرار حالة الشراء الفردي من تجار في السوق الإسرائيلي يعني ان يتحكموا بالسعر ارتفاعا وهذا ما يحدث « 26 شيكلا كيلو العجل قائم» «36 شيكلا كيلو الخروف قائم» نحن نتحدث عن أضحية لن تقل عن (2485 شيكلا) بارتفاع عن أضاحي العام الماضي فلكي لا يقل عن 850 شيكلا.
عند هذه النقطة اعلنا في جمعية حماية المستهلك حملة مقاطعة اللحوم الحمراء لتقليل الطلب لفرض السعر العادل للمستهلك طالما أن كافة المكونات الرسمية التي يجب ان تمتلك قدرة التأثير على الأسعار لم تخفض السعر ولم تزد العرض للتأثير على السعر، بالتالي «بلاها اللحمة» وباتت الناس تضيف «ماله العدس المجروش» «من شو بتشكي المجدرة» «مالو الأكل الصومي»، وهنا بات ضروريا ان يقوم ميسورو الحال من جهة بدعم حملة المقاطعة، وأن تقوم الشخصيات العامة بمقاطعة اللحوم خصوصا في الأماكن العامة لنقل حالة المقاطعة إلى المطاعم والكوفي شوب ايضا ونلفت النظر لحجم المشكلة.
خاتمة القول واللهم اشهد أني بلغت «الامن الغذائي يوازي الأمن الاقتصادي وكلاهما يوازيان الأمن الوطني» وملف الأمن الغذائي لم يعد حكرا على وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني بل يجب ان يكون مكوناً اساسياً من عمل الجهات التي تهتم بالأمن الوطني.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version