ذكرى السفيران زيد خضر علي أبو العلا و عصام السالم

زيد خضر أبو العلا من واليد شفا عمرو عام 1944م، وما أن تفتحت عيناه وهو في سن الرابعة من العمر حتى حلت نكبة عام 1948م، وتم تشريد عائلته التي نزحت إلى سوريا حيث استقر بهم مطاف اللجوء في مخيم الرمدان الواقع على طريق حمص، ومن ثم انتقلت الأسرة إلى مخيم اليرموك بدمشق، فعاش حياة المخيممنذ نعومة أظافره، ثم شاباً ومناضلاً حمل السلاح وهو في مقتبل العمر.

عائلة أبو العلاعائلة مناضلة حيث كان والده الحاج/ خضر أبو العلايعمل مع مجموعات القائد الشيخ/ عز الدين القسا، وعمه الشهيد/ روبين أبو العلا من ضباط فتح القدماء، وابن عمه الشهيد/ خالد أوب العلا.

التحق زيد أبو العلا للدراسة في مدارس مخيم اليرموك حيث أنهى المرحلة الإبتدائية والإعدادية، ومن ثم حصل على الثانوية العامة، التحق بعدها بمعهد المعلمين في دمشق والذي تخرج منه عام 1966م.

تفرغ زيد أبو العلا في حركة فتح بتاريخ 1/7/1967م حيث حضر دورة تدريب في كل من معسكر الهامة وميسلون، ومن ثم عينه القائد الشهيد/ أبو علي إياد مدرباً للياقة البدنية في معسكر الهامة.

سافر زيد أبو العلا في دورة إلى الصين أواخر عام 1968م وبداية عام 1969م، وعند عودته عمل في عدة قطاعات عسكرية من قطاعات الحركة مروراً بالأغوار والشمال الأردني ومن ثم استقر به الحال في جنوب لبنان، حيث عمل في كتيبة نسور العرقوب بقيادة

الشهيد/ نعيم الوشاحي (أبو محمود)، ومن ثم انتقل إلى القطاع الأوسطحيث عمل مع كل من الشهيد/ جواد أبو الشعر والشهيد/ بلال.

سافر زيد أبو العلا إلى الجزائر نهاية عام 1972م، وعاد مرة ثانية من الجزائر عام 1976م وذلك بعد استشهاد / جواد أبو الشعر قائد قوات الميليشيا التابعة لحركة فتح في ذلك الوقت.

بعد عودة زيد أبو العلا إلى لبنان عمل في قوات الميليشيا بقيادة الأخ/ زياد الأطرش، وعين زكن إدارة لها في الساحة اللبنانيةوحتى الخروج من عام 1982م إثر الاجتياح الإسرائيلي له.

بعد الخروج من لبنان توجه زيد أبو العلا إلى اليمن ومن ثم صدر قرار من الرئيس الشهيد/ ياسر عرفات بتعيينه نائباً للسفير في بلغاريالمدة سنتين (من 1/7/1984 – 1986م)، عاد بعدها إلى تونس، وعين عام 1986م سفيراً في أوغنداحيث بقي في ذلك الموقع حتى العودة إلى أرض الوطن وذلك في شهر نوفمبر عام 1994م، بعد عودة قيادة المنظمة.

عين بعد وصوله إلى الوطن مدير عام في وزارة الداخلية (فرع الجوازات) لمدة من الزمن عين بعدها مديراً عاماً في وزارة التخطيط والتعاون الدولي مدير عام ( دائرة إفريقيا )، ومن ثم صدر قرار بتعيينه سفيراً في أثيوبيا بتاريخ 1/6/2002م وحتى عام 2008م، عاد بعدها إلى رام الله للعمل في وزارة الخارجية حتى تقاعده.

المناضل / زيد أبو العلا التحق بجامعة بيروت العربية وحصل منها على ليسانس تاريخ عام 1981م، كما سافر في دورة عسكرية إلى كوريا الشماليةعام 1979م وكان قائداً للدورة وقتها.

بعد إحالته إلى التقاعد توجه للإقامة في سوريا.

أصدر المناضل زيد أبو العلا رواية:

– الخروج من وادي السلامة/ يناير 1998م.

– رواية: جواد/ ديسمبر 2000م.

– كما قام بإصدار مقالات أسبوعية وضعت في كتاب (صفحات من تاريخ أبو الياس الشفا عمري)/ صدرت عام 2002م.

– كذلك قام بترجمة كتاب على الأمين مازروي (قوة الثقافة في السياسة الدولية) عام 2006م.

أصبح زيد أبو العلا عضواً في اتحاد الكتاب الفلسطينيين منذ عام 1998م.

زيد أبو العلا كان دبلوماسياً مرموقاً وكاتباً ومفكراً، أديب مبدع ناضل في كافة الساحات، وشارك في العديد من العمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة.

كان هادئاً، دقيقاً، واعياً، مثقفاً، مطلعاً على الفكر الثوري باستمرار، قارئاً جيداً، كان صاحب حكمة ورؤية، مدافعاً صلباً عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل.

لقد ظل يحمل الهم الوطني الفلسطيني ختى غادرنا، كان متفانياً في عمل الخير، مضحياً من أجل الآخرين، وكانت له إبداعاته في العمل الأدبي والسياسي والمجتمعي.

لقد سجل الدبلوماسي والمقاتل/ زيد أبو العلا علامات فارقة في العمل الدبلوماسي في القارة الإفريقيةخلال عمله سفيراً لفلسطين، حيث ساهم في توثيق عرى الصداقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وتلك الدول.

انتقل المناضل والسفيروالكاتب الدبلوماسي/ زيد خضر أبو العلاإلى رحمة الله تعالى في دمشق بتاريخ 5/9/2011م، ودفت فيها.

لقد امتاز الراحل الكبير بالرجولة والأمانة والعفة والإخلاص والعمل المتفاني للشعب والوطن والقضية، كما كان يفتخر أنه ابن هذه الحركة العملاقة التي قدمت الشهيد تلو الشهيد من خيرة قادتها وكوادرها وعناصرها.

لقد سخر الراحل الكبير/ موقعه لخدمة الوطن والقضية والشعب التي آمن بها، فزاوج بين الكلمة والبندقية، وبين العمل العسكري والعمل السياسي والدبلوماسي، وبين القول والفعل وبين الإيمان بالفكرة والعمل والسعي إلى تحقيقها، هذا هو زيد أبو العلا المناضل الفتحاوي الذي عمل بشرف في كل المواقع التي شغلها منذ سبعينيات القرن الماضي بدون كلل أو ملل.

رحم الله السفير/ زيد خضر أبو العلا وأسكنه فسيح جناته

—————————–

الشهيد : عصام كامل عبد الرحمن السالم

ولد السفير الدكتور/ عصام كامل عبد الرحمن السالم في قرية كفر زيباد قضاء طولكرم بتاريخ 10/6/1938م، أنهى دراسته الأساسية والإعدادية في مدراس القرية، ومن ثم أنهى دراسته الثانوية في مدرسة الصلاحية بنابلس، توجه في ستينيات القرن الماضي بعد أن حصل على الثانوية العامة إلى الأردن ومن ثم إلى الكويت وعمل فيها مدرساً لمدة أربع سنوات تقريباً معتمداً على نفسه، ومن ثم توجع إلى أسبانيا لإكمال دراسته الجامعية، فالتحق بجامعة (الكوملوتيتسي) في مدريد العاصمة الإسبانية، حيث درس الإقتصاد والعلوم السياسية، وبعد أن تخرج أكمل دراسته العليا فحصل على شهادة الماجستير والدكتوراة في القانون الدولي، وأثناء دراسته الجامعية كان من نشطاء إتحاد طلاب فلسطين، وخلال دراسته أحب أسبانيا وفهم شعبها وسياستها كما أقام شبكة هامة من العلاقات عندما كان طالباً في مدريد.

بعد حصوله على الدكتوراة في القانون الدولي شغل عصام كامل عام 1973م منصب مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية (أعوام 1974-1975) من خلال مكتب جامعة الدول العربية في مدريد، ومن ثم عين مديراً لمكتب المنظمة في العاصمة الكوبية (هافانا) وبعدها نقل إلى ألمانيا الديموقراطية حيث عين ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية من عام

(1980-1990)، بعدها عين سفيراً لفلسطين في أسبانيا منذ عام 1990-1993م حيث توفاه الله بتاريخ 5/9/1993م في مدريد.

الدكتور/ عصام كامل كان له علاقات مشهود لها في مختلف المجالات، وكان وطنياً فلسطينياً بجدارة وظف علاقاته الكثيرة والمميزة مع شخصيات هامة في أسبانيا من أجل قضيته وشعبه.

كان الدكتور/ عصام كامل من الجنود المجهولين الذين خدموا القضية الفلسطينية وأعطوها زهرة شبابهم، وكان من مؤسسي الدبلوماسية الفلسطينية والتمثيل الفلسطيني الذي بدأت منذ سنوات طويلة باعتراف دول العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني، هذه التضحيات قد مثلها الدكتور/ عصام كامل وزملاء كثيرون له في السلك الدبلوماسي الفلسطيني على مدار سنوات طويلة.

هذا بالإضافة إلى عمله الدبلوماسي في عدد من العواصم كان عضواً في الوفد الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة على مدار سنوات، وناضل جنباً إلى جنب مع زملائه وأفنى حياته من أجل قضية شعبه وإيصال الصوت الفلسطيني إلى مختلف المحافل الدولية.

إلى مدريد انتهى بالدكتور/ عصام كامل المطاف عام 1990م كسفير لدى الحكومة الأسبانية، وفي مدريد لاقى وجه ربه قبل أيام من توقيع إعلان المبادئ بين م.ت.ف وإسرائيل، وقبل يومين من وفاته كان متواجداً في مقر الخارجية الأسبانية وقد ودع محادثيه بقوله:

(العام القادم في القدس إن شاء الله).

إنه عصام كامل السالم، دائماً كان مليئاً بالحيوية والنشاط، فلسطين في عقله وقلبه، الموت خطفه وهو في أوج عطاءه، محادثوه الأسبان الذين اجتمعوا به في الخارجية الأسبانية قبل وفاته قالوا إنه كان فرحاً بالتوصل إلى الإتفاق مع إسرائيل، كيف لا والعملية بدأت من الأساس في مكان عمله في مدريد قبل عامين، حيث كان منزله في ذلك الوقت يعج بأعضاء الوفد الفلسطيني وبقادة م.ت.ف الذين لم يكن مسموحاً لهم حينها بالمشاركة في الوفد بشكل مباشر في مفاوضات مدريد.

السفير الدكتور/ عصام كامل متزوج من الأخت المناضلة/ رندا النابلسي، وله خمسة من الأبناء وهم: (فارس، ريم، ربى، رنا، روان)هذه الأسرة ناضلت معه وتحملت التنقل والغربة عن الوطن من أجل القضية وعدالتها، وليصل الصوت الفلسطيني إلى كل المنابر الدولية.

كان السفير الدكتور/ عصام كامل السالم أول مسؤول فلسطيني في المنفى يدفن في فلسطين، وفي مسقط رأسه قريته كفر زيباد.

طوال تلك السنوات الماضية كان الدكتور/ عصام كامل مثالاً للدبلوماسي المناضل المتفاني في خدمة قضايا شعبه، حتى أصبح بحق رسولاً لقضيته في شبه الجزيرة الإيبيرية، لم يكن يمضي شهر دون تنظيم نشاط تضامني مع الشعب الفلسطيني في أسبانيا، ولم يكن يمر حدث فلسطيني دون أن تتوجه إليه الصحف ووسائل الإعلام الأسبانية للحديث عنه، ناهيك عن المقالات التي كانت تنشرها بقلمه عدد من الصحف خاصة صحيفة (البايس) أكبر الصحف وأوسعها انتشاراً في أسبانيا، وكان الدكتور/ عصام كامل يزود مجلة فلسطيني بالأسبانية التي تصدر عن الإعلام الموحد لمعظم مادتها، وكان يشرف بنفسه على توزيعها على أوسع نقاط من المؤسسات المؤثرة وفئات الشعب الأسباني.

بعض الجنود يسقطون على السياج الأول، بعضهم يسقط في طلقة الحرب الأخيرة، وبعض الجنود يسقط في المتر الأخير قبل تحرير الموقع، فبعضهم يرفع علم النصر على الموقع.

(منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلاً) صدق الله العظيم

بعض الدبلوماسيين الفدائيين سقط برصاص العدو، وبعضهم سقط بأدي عملاء أجهزة المخابرات العربية، وبعضهم سيشهد النصر بإذن الله تعالى.

من فتح جاء، ومن القواعد أتى سفيرنا عصام كامل السالم، ومن موقع إلى موقع تنقل، وكان موقعه الأخير سفارة فلسطين في مدريد حيث لعب دوراً مميزاً خلال التحضير لمؤتمر مدريد عام 1991م وافتتاحه.

ليس الشهيد الدكتور الفدائي الدبلوماسي/ عصام كامل أول شهداء الدبلوماسية الفلسطينية، لكنه أول العائدين (الشهداء) منهم ليوارى في ثرى الوطن مسقط رأسه في قريته كفرزيباد قضاء طولكرم.

إكليل من الرئيس، أعلام فلسطين، هتافات أول النصر، صرخات ميلاد فلسطين الدولة، سمعت في كفر زيباد أثناء تشييع جنازة الشهيد عصر يوم الإثنين الموافق 6/9/1993م من جانب آلاف المواطنين وكثير كثير من أعلام فلسطين، ولإنه كان يعمل طوال حياته بصمت، فإن الكثير من مآثره غير معروفة للآخرين.

لقد رحل السفير الدكتور بهدوء وصمت، في وقت كانت فيه أنظار شعبه موجهة نحو البزوغ الفلسطيني، كان أول الذين طبق عليهم إعلان المبادئ حتى قبل أن يوقع حين دفن في تراب فلسطين، الموت حق غادرنا دون أن تتكحل عيناه برؤية الوطن حراً سيداً، حيث ظل يحمل هموم هذا الوطن بين ضلوعه.

رحم الله السفير الدكتور/ عصام كامل عبد الرحمن السالم وأسكنه فسيح جناته.

وحرصاً من السيد الرئيس محمود عباس (أبومازن) فقد منح سيادته السفير المرحوم الدكتور/عصام كامل السالم وسام الاستحقاق والتميز الفضي بتاريخ 26/11/2013م تقديراً لعطائه ووجوده في مجال العمل الدبلوماسي وتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين لدى العديد من دول العالم، وتثميناً لنضاله دفاعاً عن شعبه الفلسطيني وقضيته العادلة.

حيث تسلم الوسام إبن الفقيد/ فارس عصام في العاصمة الأسبانية مدريد

كتب لواء ركن/ عرابي كلوب

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version