ميثاق حركة حماس :قراءه في النصوص و الأهداف

المؤلف :يونس الرجوب

مقدمـــة:-

قبل الولوج في نقاش الصفات السياسية لحركة حماس، وطرح الأسئلة السياسية حول هذه الصفات ثم الإجابة عنها بكل أمانه وموضوعية لا بد -في البداية- من دراسة الوثائق الرسمية لهذه الحركة، ونقاش المفاهيم والمقولات السياسية الصادرة عنها، وإخضاعها لعلم السياسة وقواعد العمل السياسي الجارية في الحركات والأحزاب السياسية لاستجلاء مضمونها وتحديد المواقف والتصرفات السياسية منها رفضاً او قبولاً .
إن الحقيقة غير القابلة للتزوير أو التغيير في البحث والدراسة السياسية لحركة حماس هي الوثائق الصادرة عنها ،وفي المقدمة منها والأساس ذالك المنشور بين الناس الذي يسمى ميثاق حركة حماس ، والذي لم يصدر بيان واحدا من هذه الحركة يشكك في وجوده أو يتنكر للنصوص الواردة فيه ، لذلك فإن الباحث في شأن حركة حماس يعتبر هذا الميثاق هو الإطار الجامع لوحدة هذه الحركة والمصدر الوحيد لكافة المفاهيم والمقولات السياسية الصادرة عنها ،والتي على أساسها تدعي حركة حماس أنها تمثل كياناً سياسياً متكاملاً في إطار المجتمع الفلسطيني ، فهل هذا الادعاء يستند الى معقولية في المفاهيم السياسية المعروفة محلياً وعالمياً ؟؟ أم أن ما تدعيه حركة حماس هو انتساب الى صفة غير موجودة في أصل الموصوف ؟ وبالتالي: هل حركة حماس هي فعلاً حركة سياسية أم هي حركة دينية وعضيه ليس لها علاقة بالسياسة والعمل السياسي من قريب أو بعيد ؟؟ أو هل هي حركة كل هذه الصفات دون ورود ذلك في ميثاقها الداخلي ؟؟ .
لقد نصحني بعض المثقفين أثناء نقاش هذه الجدلية بالقول إن الظروف لا زالت مجافية لنقاش مثل هذه القضايا في المجتمع الفلسطيني ، وإن الذاكرة الشعبية لا زالت معرضة عن التعرض بالدراسة والتمحيص لمناهج التنظيمات الفلسطينية الكبرى والدخول في عمليات خاصة من المراجعة الشاملة للأفكار والمقولات السياسية الصادرة عنها ،وخاصة حركة حماس بما تزعمه من كونها حركة ربانية ،وبأن مقولاتها منبثقة من القرآن والسنة وبالتالي لا يجوز نقاش المبنى السياسي لهذه الحركة والقواعد الفكرية التي يقوم عليها هذا المبنى طالما بقيت مستندة للقرآن والسنة الشريفة .
لقد حكم هذا الهاجس العديد من المفكرين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، وصمت البعض طويلاً عل غيره يأتي ويطرح الأسئلة المهمة حول هذه الحركة، وهل هي تمثل تشكيلة اجتماعية اقتصادية عسكرية ثقافية متماسكة ومقاومة فعلا للمشروع الاستعماري الصهيوني؟ أم أنها عبارة عن كتلة عمومية مختلطة تنشأ على الدوام استجابة لواقع مختلط من التفاعلات الداخلية والخارجية وتزول على الدوام أيضا دون مبرر موضوعي في الحالتين معاً ؟وبالتالي يكون المجتمع الفلسطيني بمفرده غير قادر على إنشاء تشكيلة اجتماعية واضحة المعالم على النحو المفروض تاريخيا مثلما كان قائما في إطار منظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاقية أوسلو التي قامت على اجتماع مجموعة من العناصر والعوامل الذاتية والموضوعية في حينه ،وليس اعتماداً على العامل الذاتي لوحده .
إن قرار الثورة وتحديد أساليبها وإشكالها في التاريخ هو قرار اجتماعي في أصله ومبناه، وهو قرار يتخذه المجتمع بكل مكوناته، ولا يفرضه شخص أو مجموعة من الأشخاص على بواعث المنطق ومجريات التاريخ ؛ لذلك ورغم حرص الناصحين في هذا الشأن، وصعوبة الظروف التي يجري فيها النقاش، وحالة الإغراق الدائرة في فوضى المفاهيم وفوضى المصالح الفردية والتنظيمية التي دبت في المجتمع الفلسطيني بعد الدخول في مسار اوسلو .

ورغم ما هو واضح وصريح من الانحراف عن نهج المقاومة الحقيقية وتعاظم تأثير علاقات الانقسام والصراع الدائر بين الكيانات السياسية الفلسطينية إلا أن البحث عن الحقيقة والدفاع عنها في التاريخ يبقى هو الأساس الذي يحرك عقول المناضلين الذين آمنوا بقضايا شعوبهم، وتمسكوا دوما بالخيار الصعب وأصروا عليه في كل الأحوال والظروف .
إن الشعب الفلسطيني هو شعب متعلم وصاحب عقل وذاكرة جماعية واعية وحية في النضال والثورة والسياسة والاجتماع والآداب والثقافة ،وبالتالي لا بد من المحاولة والمضي قدماً في الدفاع عن المعرفة ،وتحطيم الإغلاق على العقل الفلسطيني والعمل على تحريره من دواعي الخرافة والجمود والشعارات الجوفاء والتعلق بالعناوين غير الصحيحة المرتبطة بكتابة اللفائف الاستبدادية من العواصم العربية ، وتصعيد الاختلاف والفوضى عبر فتاوى المسكونين بالمقولات البائدة والعقائد الرجعية المتخلفة التي تقوم عليها ركائز الثورة المضادة وحواضن الاستبداد السياسي والاجتماعي في المجتمعات البشرية .
اللهم افتح علينا بالحق ولا تجعلنا من الأخسرين عملاً الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .

الفصل الأول
((قراءة في النصوص))
—————

عندما يتحول الموقف السياسي إلى نص مكتوب تفقد ‘ الذرائعية ‘ سلطتها، وتهيمن بواعث العقل والمنطق على مجريات النصوص ،ويصبح النص نفسه ملزماً لثقافة الإنسان وقدرة العقل على فهم المضمون ، لذا فنحن أمام نص مكتوب وملزم لأصحابه ومعبر عن قضية يؤمنون بها ويدعون الشعب الفلسطيني للإيمان بها مثلما هم يؤمنون، فهل هذه القضية الوارد ذكرها في ميثاق حركة حماس هي فعلاً القضية الوطنية الأساسية للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة من كفاحه الوطني لانتزاع حقه في الحرية وتقرير المصير ؟ وهل هذه النصوص المكتوبة في ميثاق هذه الحركة تعبر عن علم بعناصر ومكونات القضية الوطنية الفلسطينية ودراية بالظروف والوقائع التي جرت في إطارها ؟ أم هي نصوص واضحة وجلية لقضية افتراضية تعتقد حركة حماس أنها القضية الوطنية الفلسطينية .
إن النصوص المكتوبة أمامنا في ميثاق حركة حماس هي نصوص دينية على وجه حزبي واحد من الفهم الديني للإسلام الحنيف وليس الفهم المعروف في حياة الأمة العربية وثقافتها المرتبطة بهذا الدين، وإن القضية المطروحة علينا في هذه النصوص هي قضية دينية افتراضية لعالم كامل وليس فقط للشعب الفلسطيني حيث يبدأ ميثاق حركة حماس بثلاثة آيات من سورة آل عمران، ومقولتين طويلتين واحدة للشيخ حسن البنا والأخرى للشيخ امجد الزهاوي ثم دعاء ديني طويل أيضا ،ويختتم مقدمته التي هي عبارة عن صفحة واحدة بثلاث آيات كريمات من صور مختلفة ،ومن ثم يتوسط كل ذلك تورية دينية عامة ليست لها علاقة بالقضية الفلسطينية ،وليس لها ارتباط بأية نصوص سياسية تشير إلى وجود حركة سياسية تقف خلف هذه النصوص أو حركة ثقافية تدرك ما تقول وتعي ما تريد ؛هذا فضلاً عن أن ضمير المخاطب في هذه النصوص هم الناس عموما وليس الشعب الفلسطيني على وجه الدقة والتحديد مثلما هو جار في النصوص الصادرة عن التنظيمات والحركات السياسية الأخرى، وبالتالي تقول هذه التورية الدينية .
أيها الناس من وسط الخطوب، ومن نبضات القلوب المؤمنة وإدراكا للواجب واستجابة لأمر الله كانت الدعوة وكان التلاقي.. على منهج الله والاستعداد لبذل النفس والنفيس في سبيل الله .
وبذلك ينتهي النص دون ذكر من هم الذين كانوا في وسط الخطوب ؟ وهل أبناء فلسطين هم من أصحاب هذه القلوب ؟ وهل يعرفون أحكام الوضوء ونقائض الطهارة لتكون سواعدهم أشد وأقوى من سواعد الآخرين ؟ أم ليس لهم من هذا العلم نصيب إذا ما كان علم الوضوء هو العلم الذي يؤدي إلى تفجير الثورات في التاريخ .
إن جوهر هذا النص فارغ تماما من أية صلة أو احتكاك بالقضية الوطنية الفلسطينية ،ولا يشكل من الناحية الموضوعية أساسا لتقديم حركة سياسية تمكنت من استجماع شروط انطلاقتها السياسية ، ومن جانب آخر فهذا النص يضع أصحابه أمام السؤال الأكبر من الناحية الدينية أيضا حول أمر الله الذي يتحدثون عنه ، وهل تنزّل هذا الأمر عليهم حديثا ليعلنوا طاعتهم له ؟ أم هو أمر سابق لكتابة نصوصهم ، فإن كان كذلك ، فلماذا كانوا عن أمر الله غافلين كل هذه المدة الطويلة ؟ وهل كانوا على جهل من أمر الله خلال سني العذاب التي واكبت مأساة فلسطين وشعبها المنكوب ؟ وماذا كانوا يعملون خلال سريان أمر الله على غيرهم من أهل فلسطين ؟ وهل يستوي العالمون والجاهلون ؟
أما قولهم ‘وكان أن تشكلت النواة وأخذت تشق طريقها في هذا البحر المتلاطم من الأماني والآمال ، ومن الأشواق والتمنيات فإنه قول غريب في استعراض الخلفيات التاريخية لوعي سياسي يؤسس لإنطلاقة ثورة أو حركة سياسية في التاريخ ، إنه يمثل فقط معزوفة من بحر الأماني والأشواق ، ولا يشير إلى قراءة سياسية تعبر عن وعي سياسي بواقع الحال الفلسطيني، وربما يكون مناسبا لكتابة نص أدبي أو خاطرة أدبية من بحر الأماني والأشواق ،وليس تحليلاً لمقدمات حركة سياسية تسعى لتغيير الواقع السياسي البائس للشعب الفلسطيني، واستبداله بواقع وطني مقاوم للمشروع الاستعماري الصهيوني حيث يتواتر النص على نفس الخلفية من بحر الأماني والأشواق في محاولات مقصوده من التورية الدينية والتغريب السياسي عن القضية الوطنية الفلسطينية لحياكة ثوب مرقع من خيوط بالية في غرز التاريخ دون ربط منطقي بين الازمان والأمكنة التي يتحركون فيها ، ولا أحد يعلم ماذا يقصدون بقولهم ‘وكان أن تشكلت النواة’ لماذا لا يقولوا: أين تشكلت هذه النواة ؟ ومن ثم ما هي الظروف والمعطيات السياسية التي أوجبت هذا التشكيل ؟ ألا يحق لنا بعد قراءة هذا النص القول إن الطريقة المذكورة أعلاه في استعراض التاريخ هي الطريقة ذاتها التي استخدمها أحبار اليهود الذين قاموا بتزييف التوراة التي تنزلت على سيدنا موسى عليه السلام واستبدالها بالتوراة الهوكسوسية السارية الآن بين أيدي الطائفة اليهودية في العالم، وبالتالي تغافلوا في كتابتهم عن ذكر العصور والأزمان التي ظهر فيها أنبياء الله ، والفواصل التاريخية بينهم ، وتجاوزوا لعنة الله على المنافقين منهم وتحريفهم لكلام الله عن مواضعه ، وإشباع توراتهم الحديثة بالزيف والأباطيل .
إن النص الديني الوارد في مقدمة ميثاق حركة حماس قد تم وضعه بإحكام مقصود لطمس الحقائق الجامعة للقضية الوطنية الفلسطينية أرضا وشعباً وحضارة وتاريخا وعناصر ومكونات انفرادية لشخصية وطنية مستقلة ، واستبدالها بشخصية افتراضية جديدة بديلة للمجتمع الفلسطيني جميعه ،ومن ثم تفعيل ركائز الثورة المضادة التي تستهدف الهوية الوطنية لهذا المجتمع ،وليس فقط الحركات والتنظيمات السياسية العاملة بين أوساطه حيث ذكرت كلمة فلسطين في هذه المقدمة مرتين فقط ؛.
الأولى للتأكيد على أن سواعد هذه الجماعة المتوضئة سوف تتشابك مع السواعد المتوضئة الأخرى من أجل تحرير فلسطين ، والثانية جاءت للاستحواذ على التاريخ وسلبه من ثقافة المجتمع الفلسطيني والإيحاء للقارئ بأن هذه الجماعة هي الامتداد الوحيد لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين جادوا بأنفسهم على أرض فلسطين منذ الفتح الإسلامي وحتى يومنا هذا ، وبالتالي فهم يحاولون بهذه التورية الدينية إلصاق أنفسهم بالرسالة الإسلامية السمحة واعتبار أنهم وحدهم فقط الإسلام جميعه ، وليس جماعة دينية أو سياسية في الإسلام الواسع ، وذلك كله دون ربط واضح بين زمان وجودهم السياسي أو الحزبي والعصور الإسلامية السابقة وما نشأ فيها من مدارس فكرية وسياسية وطرق دينية وجماعات مذهبية وطائفية أيضا، ودون تعريف أنفسهم تاريخاً وتصرفات في المجتمع العربي أو الفلسطيني الذي يسعون لاستبداله جذرياً بمجتمع افتراضي جديد ، واستبدال قضيته الوطنية الراسخة في وجدانه بقضية افتراضية جديدة أيضا ليس لها علاقة بالواقع القائم أو طبيعة الصراع العربي الصهيوني . أما قولهم ‘وهذا ميثاق حركة المقاومة الإسلامية حماس يجلي صورتها ويكشف عن هويتها’ فإنه قول لم يعد له من البلاغ عن شيء سوى التأكيد على النصوص الدينية السابقة، وبالتالي فانه لا يشير هو الآخر إلى مضمون جديد ولا يعبر عن قضية جديدة غير القضية الافتراضية المحبوكة بعلم الكلام والذرائعية السياسية والعقائدية، والدفع باتجاه المضمر والمجهول الذي لا يفيد القارئ بشيء ولا يرشده إلى حرف مكتوب .

الباب الأول
التعريف بالحركة
———————

المادة الأولى: المنطلقات الفكرية
يقول النص في هذه المادة الإسلام منهجها، ومنه تستمد أفكارها ومفاهيمها وإليه تحتكم في كل تصرفاتها.
حيث تعترف وبموجب المادة الأولى من ميثاقها بأنها حركة لطائفة من أهل فلسطين ، وليست حركة لكل الشعب الفلسطيني ، وتقول إن هذه الجامع الطائفي لوحدتها التنظيمية هو الإسلام دون تحديد المذهب أو المرجعية الفقهية لهذا الإسلام ، مثلما هو قائم في نصوص الحركات الدينية الأخرى ، ودون التأكيد أيضا على أهمية الاعتراف بفقه الاختلاف داخل هذا الإسلام الذي تدعي أنها تمثله , علما أن المسلمين في فلسطين لا يرون في أنفسهم قيادة لطائفة تحتاج إلى مثل هذا النوع من التنظيمات الطائفية لا سيما وأنهم مؤسسون وقادة لكافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني التي تقاتل لتحرير فلسطين حسب معايير وطنية تعبر عن القضايا الوطنية للمجتمع الفلسطيني بكل عناصره ومكوناته الجامعة لوحدة قضيته الأساسية وليس قضايا الطوائف والمذاهب الطائفية التي تدعوا إليها حركة حماس .
إن عنونة الصراع بغير عناوينه الحقيقية لا يؤدي فقط إلى انحراف المجتمع عن الطريق الصحيح بل يؤدي إلى هدم الأسس والقواعد التي تأسس عليها الصراع نفسه ، وبالتالي هدم المجتمع بكل صفاته الإنسانية وإضاعة القضية الوطنية الفلسطينية برمتها في زحمة النشاط لخدمة قضايا ليست هي القضايا الحقيقية الضاغطة على المجتمع الفلسطيني ، وهو الأمر الذي تدعو إليه حركة حماس بوضوح تام في نصوص ميثاقها الداخلي، هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر؛ فإن هذه النصوص تهدف إلى جر المجتمع الفلسطيني إلى نوع آخر من النقاشات البيزنطية والعودة به إلى المربع الأول من فهم التاريخ وإشغاله في جدل عقيم دون فائدة اللهم فقط لتعزيز فكرة الإتهاميه في العمل السياسي تلك الفكرة التي تؤمن بها حركة حماس كجزء من نظرية المؤامرة التي تنطلق منها هذه الحركة في التعبير عن وجودها واعتبار الصراع الدائر في المنطقة بين المشروع الاستعماري الصهيوني والأمة العربية هو صراع لتحطيم الإسلام واقتلاع تأثيره في البلاد العربية ، وليس صراعا لنهب ثروات الأمة العربية واستغلال موقعها الجغرافي ، وبالتالي اتهام من يرفض لزومية التنظيمات الطائفية في العمل الفلسطيني بالعداء للإسلام والتبشيع على المسلمين ، وهي الإتهامية التي تلجأ إليها الثورة المضادة لتفتيت وحدة الشعب الفلسطيني ، وتصريف طاقاته الوطنية في غير مكانها السليم ، وقد شخص هذه الحالة من تصرفات الثورة المضادة في الوطن العربي الشاعر الكبير محمود درويش رحمه الله بقوله ‘يدعوا إلى أندلس إن حوصرت حلب ‘.
إن التوظيف السياسي للدين وإن كان ضروريا في مرحلة الكفاح الوطني ضد العدوان الخارجي بوصفه أحد عناصر القوة في المجتمع لا يأتي بإنشاء التنظيمات السياسية الطائفية داخل هذا المجتمع بالصورة التي تدعو إليها حركة حماس ، بل يكون توظيفا أخلاقيا بوصف الدين قيمة إيمانية ثابتة وفوق وظيفية في المجتمع ، أي قيمة تلقائية جارية في وحدة هذا الشعب وعناصر وجوده مجرى الهواء في الروح ولا تحتاج الى تنظيم طائفي يتولى رعايتها والدفاع عنها انطلاقا من مصلحة حزبية أو رؤية حزبية لجوامع الشعب وعناصر بنيانه القيمي في التاريخ .
إن المقصود من وراء النصوص الواردة في ميثاق حركة حماس هو إلغاء التفكير بالحاضر المؤلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني ، والهروب من معالجة الظواهر التي تشكل أساس وجوده بما في ذلك الظاهرة الاستعمارية الصهيونية ، وما ينتج عنها من سياسات ومخططات عدوانية ضد الوطن العربي الكبير، وبالتالي إلغاء المستقبل الذي هو الابن الشرعي لهذا الحاضر ، ودفع الجماهير إلى التعلق بالماضي الذي لا يمكن له أن يكون البديل الحقيقي عن الحاضر والمستقبل معاً ، وفي لحظة واحدة من حركة التقدم والتطور في التاريخ حيث تجتهد الحركات والتنظيمات الوطنية في دراسة الحاضر المعاش لشعوبها وفهم الظواهر التي تشكل أصل الجدليات الحية والفاعلة في وجوده ، ومن ثم تقوم بالرد عليها الرد المطلوب بأدوات العصر الذي تعيش فيه وليس بالماضي الذي فشل في إحداث الولادة الجديدة لهذا الحاضر .
إن الدعوة لأسلمة الثورة الوطنية التحررية وأسلمة المجتمع بالطريقة التي تدعو إليها حركة حماس هي دعوة رجعية شكلا ومضمونا ، وهي دعوة لاغتصاب الحاضر بروح الماضي وعناصره الفاشلة ، وبالتالي فهي محاولة بائسة لمنع المجتمع الوطني التحرري من استملاك الشروط الملائمة لولادة المستقبل المعاصر بروح المدنية الحديثة ؛ هذا فضلاً على أنها دعوة لمواصلة العبث في الحاضر والتبشيع عليه بفشل الماضي ، وفشل الأدوات التنظيمية والفكرية التي كانت هي السبب الأول والأخير في وجوده ، لا سيما وأن حقيقة الصراع القائم مع المشروع الاستعماري الصهيوني تتلخص في كونه صراعا وطنيا وليس صراعا دينيا طائفيا ، أو صراعا طبقيا داخل المجتمع الفلسطيني نفسه ، بل هو صراع مع المجتمع برمتّه بكل طوائفه وطبقاته الاجتماعية، وبالتالي لا ضرورة تاريخية في مثل هذا النوع من الصراع لوجود تنظيمات دينية طائفية تخلخل وحدة المجتمع الفلسطيني في مواجهة هذا الصراع ، وتبيح للطوائف الأخرى التي هي الشريك الأصيل في مكون الوطن الفلسطيني والمواطنة الفلسطينية عبر التاريخ بإنشاء تنظيماتها الطائفية هي الأخرى لحماية نفسها أمام هذا الانقسام الخطير وحماية حقوقها ومكتسباتها في فلسطين ، هذا فضلاً على أن الإسلام الذي تحاول حركة حماس إلصاق نفسها به لإضفاء صفة التدين والقداسة على نشاطها الطائفي هو دين الغالبية العظمى من أبناء الأمة العربية ودين العديد من الأمم والشعوب الأخرى في العالم ، وبناء عليه ، لا يجوز حصره واحتكاره لخدمة جماعة سياسية واحدة من المسلمين .
إن التعلق بقداسة الدين للحصول على المنافع والمكاسب الحزبية والشخصية لا يزيل تهمة المتاجرة بدين الله عن أولئك الذين يخدعون بسطاء الناس بهذه الحرفة الملعونة دينيا واجتماعيا بل يزيد الشبهات حولهم ، ويضعهم في الدرك الأسفل من النار من بين طبقات الهالكين من أهل الخزي في الدنيا كونهم يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ، ويعتاشون من دينهم ، وهم يعلمون أن في ذلك إثما عظيما .

المادة الثانية : إرتباط حركة حماس بجماعة الإخوان المسلمين بفلسطين
يقول النص إن حركة حماس هي جزء لا يتجزأ من حركة الإخوان المسلمين أن حركة الإخوان المسلمين هي تنظيم عالمي وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث .
حيث تعرف هذه المادة حركة حماس تعريفاً دقيقاً لا التباس في نصوصه وتعرف حركة الإخوان المسلمين بنفس الصيغة والوضوح لذلك نحن أمام نص يوضح هوية الأصل وهوية الجناح ويؤكد ان سريان الحياة في هذا الجناح لا يمكن ان تجري بمعزل عن أوامر وتعليمات الأصل الذي هو القيادة العالمية لهذا التنظيم العالمي المحاط دوما بالسرية والغموض ومن ثم يدعي انه يجمع الكون جميعه في قضية سياسية واحدة دون أن يعلم هذا الكون بهذه القضية ودون موافقة الامم والشعوب الإنسانية التي تعيش فيه على تفاصيلها ورغم ذلك لا بد من التمسك بالنص المكتوب في هذه المادة لمعرفة اين هم أصحابه من قضايا الكون السياسية وهل يعترفون بقضايا وطنية لشعوب هذا الكون ويسعون الى حلها وفقاً لخصائص وجودها ودواعي الأخذ بالأسباب الموضوعية للتغلب عليها ؟ أم يهربون من مواجهة هذه القضايا أيضا الى ما هو ابعد من الكون ليعودوا بعد تحليق طويل في بحر الأماني والأشواق الذي هو قاعدة الاشتقاق لنظرياتهم السياسية ويقولون ان الصراع في الكون هو صراع بين الخير والشر وصراع بين الإيمان والإلحاد وان التناقض المركزي الذي نسعى إلى حله في هذا الصراع الكوني هو الاشتباك مع إبليس وبالتالي فالصراع هو مع هذا الإبليس وليس مع الامبريالية الاستعمارية وأدوات القمع والاستبداد التي تستعين بها لمواجهة شعوب الكون واستغلال ثرواتها الطبيعية .
إن أبلسة الصراع الكوني وسعي الحركة الكونية لجماعة الإخوان المسلمين إلى اسلمة المجتمعات البشرية في هذا الكون من اجل خوض هذا النوع من الصراع وسحق وهزيمة إبليس هي بمجموعها ظلال لمعتقدات افتراضية تصورية عن واقع الحال القائم في هذا الكون وليست مبنية على أي علم من العلوم الإنسانية المعروفة حتى الآن هذا فضلاً على ان إبليس الذي يدعون إلى سحقه في هذا الصراع هو ليس واقعاً ماديا مسلحا لكي يحتشد الكون من حولة ويقوم العالم بإطلاق النار عليه والتخلص من شروره .
إن إبليس المعروف في معتقداتنا الإيمانية هو الوسواس الخناس الذي يخوض صراعه في العقل البشري عبر الوساوس الخبيثة وبالتالي فإن الرد عليه يكون داخل العقل وفي قلب الميدان الذي يجري فيه الصراع وذلك بوسيلة المعرفة والثقافة العقلية وعناصر الخير والقيم الإنسانية ضد الأطماع والشرور في النفس البشرية أما إبليس الذي يتواجد على الأرض وينقسم الى فصائل وشعوب وأديان ويتزاوج ويعاشر النساء ويتحدث الانجليزية والصينية والروسية والهندية وغيرها من لغات الشعوب البشرية فهذا إبليس الخرافة الذي ليس لنا إيمان به وليس للشعوب التي يتحدث لغاتها إيمان بكل هذه المعتقدات من أصلها ، هذا فضلاً على ان هذه الشعوب لا تؤمن أيضا بنظام الجمعية الإسلامية الكونية التي تتكسب من خلالها الجماعة العالمية للإخوان المسلمين عبر هذه الابلسة للصراع الكوني وبالتالي فان الدعوة الكونية لهذا الصراع الافتراضي تعتبر من الناحية الموضوعية دعوة تغريبية بامتياز لكل شعوب العالم عن خدمة قضاياها الحقيقية وتصب مباشرة في خدمة الاضطهاد وحماية القوى الاستعمارية وأدواتها القمعية من ثورات المستضعفين والمضطهدين في العالم وقد تعمق هذا النزوع في الفكر ألذرائعي التبريري داخل التشكيلات الاجتماعية الشرقية وأنماط الإنتاج الآسيوي بعد تحول الرأسمالية العالمية الى امبريالية احتكارية وتراجع حركة الاستعمار الكولونيالي ورسوخ مرحلة الاستعمار الحديث في العلاقات الدولية التي تقوم فيها قوى الاستغلال العالمي على إنشاء شرائح رأسمالية طرفيه مدارية من الكومبرادور الداخلي وتسليحها بمليشيات عائلية وإشراكها في استغلال البنية الاستثمارية المحلية داخل شعوبها بعد انسحاب القوات العسكرية المحتلة وتصفية آثار الإدارة المباشرة للاستعمار القديم حيث انتقل في هذه المرحلة الفكر الانعزالي الصوفي القديم الذي كان يدعوا إلى الخلاص الفردي من واقع الحياة الى مرحلة جديدة من التفاعل مع القضايا الخارجية الضاغطة على شعوب العالم وتمركز هذا الفكر في نهاية المطاف على مربع واحد مع فكر الامبريالية الاستعمارية الذي اخذ بالذرائعية أساسا لتبرير القمع والاستبداد القائم في كل زوايا المعمورة وبالتالي تبلور هذا المسار وتعمق في الفكر السياسي العربي واخذ مكانته في خدمة الاستعمار الحديث عبر افتراض قضايا من خارج الواقع القائم ودعوة الناس للإيمان بها من اجل تحييدها عن الاشتباك مع الاستعمار وأدواته المحلية المباشرة حيث نشأت على هذه الخلفية جماعة الإخوان المسلمين العالمية كجمعية ماسونية سرية في مكاتب الشركة العامة لقناة السويس عام 1921 وأخذت تفرخ لنا الأجنحة في الوطن العربي وتقوم على تسويق ايدولوجيا الاستعمار الحديث وإبعاد أبناء الأمة العربية عن الاشتباك مع هذا الاستعمار وحماية أدواته المحلية وتقديم البرامج لهذه الأدوات والفكر ألذرائعي التبريري .
لقد انطلق في هذه الحقبة التاريخية كما ذكر الدكتور سمير تادروس في كتابه تاريخ الجمعيات الماسونية الدينية ثلاثة جمعيات كونية في هذا الإطار , هي جمعية التنوير والإصلاح التي عرف من رموزها الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبدو وجمعية الاتحاد الانجليزي اليهودي التي عملت على إنشاء الحركة الصهيونية الاستعمارية في عام 1897 وجمعية الإخوان المسلمين التي تزعم نشاطها الشيخ حسن ألبنا في مدينة الإسماعيلية منطلقا من مكاتب الشركة العامة لقناة السويس التي تم ذكرها في عام 1921 وذلك بعد ان قام البارون آرثر روتشيلد بشراء 49% من أسهم الشركة المذكورة وتسديد تكاليف الحكومة البريطانية في الحرب العالمية الأولى مقابل وعد بلفور الذي صدر عام 1917 وتمويل جمعية الإخوان المسلمين السرية بمبلغ شهري قيمته خمسة آلاف جنيه مصري في ذلك الوقت لأخذ دورها في تهيئة مصر لمرحلة الصناعة النفطية والعلاقات الدولية القائمة على هذا الأساس .
حيث نادت هذه الجمعية بالملك فاروق أميرا للمؤمنين واعدت له الجبة والعمة وأخذت تدعوا له في المساجد دعائها المشهور الله مع الملك وليس الملك مع الله وعندما قام النظام الخاص التابع لهذه الجمعية باغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء أمير المؤمنين الملك فاروق تبرأ رئيسها الشيخ حسن ألبنا من أعمال النظام الخاص التابع لها وأعلن في الصحافة الرسمية عن حل هذا النظام وعودة أعضاء جمعيته للعمل الوعضي والإرشادي وخدمة الملك والتفاني في طاعته والدعاء له على المنابر من جديد وبالتالي شكلت هذه الجمعيات مجتمعة الإطار الموضوعي للتحالف الرأسمالي الطرفي المداري بين شعوب العالم الثالث والأطر التنظيمية والسياسية للإقطاع الديني في هذا التحالف الذي ضم بين صفوفه أيضا الأعيان والباشاوات في الأنظمة البائدة وحمل الطابع الديني وبقي ملتزما به لتسويق الفكر ألذرائعي التبريري الذي هو فكر الرأسمالية الاحتكارية في مرحلة ما بعد الاستعمار العسكري المباشر .
لقد تماهت جماعة الإخوان المسلمين التي تعرف نفسها في ميثاق حركة حماس بانها حركة عالمية مع المسار الرسمي التجزوي العربي وظهرت كشريك أصيل مع هذا المسار في تصريف الشؤون العربية خدمة للاستعمار وتبريرا لوجوده ومثلت بدورها في هذا الإطار الحركي الأقدر عل تعميق الاغتراب السياسي والجماعي والثقافي في الوطن العربي وإبعاد أبناء الأمة العربية عن الانشغال في حل القضايا الحقيقية الضاغطة على بلادهم وصرفهم عن الاشتباك مع الامبريالية الاستعمارية وأدواتها القمعية الداخلية وعندما تكثفت قضية الأمة العربية وتشابكت في التجزئة السياسية والقمع والاستبداد الداخلي واحتلال الأراضي من قبل الغير ونهب الثروات الطبيعية والنفطية ومنع البلاد العربية من الانتفاع بها وضعت هذه الجماعة نفسها على سكة التناقض المباشر والتناحري مع هذه القضية وأخذت ضالتها في تصريف القمع والتخلف والاستبداد الاجتماعي والفكري بين أوساط الجماهير العربية وتقديم الوعاظ والمرشدين لدويلات الارتباط مع الاستعمار الخارجي ومحاربة القوى الوطنية والقومية الوحدوية الى جانب هذه الدويلات الضعيفة حيث حاربت على خلفية ارتباطها العميق بالقوى الاستعمارية العالمية الثورة الوطنية في مصر بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ولا زالت مستمرة في حربها على كل مؤثرات هذه الثورة وتهلل أعضائها بالبهجة والدعاء شاكرين الله على هزيمة جمال عبد الناصر عام 1967 أمام اندفاع المشروع الاستعماري الصهيوني في احتلاله للأراضي العربية في العام المذكور ولا زال أعضاء هذه الجمعية يحمدون الله على هذا النصر الصهيوني ويشتمون جمال عبد الناصر لأنه نادى بوحدة الأمة العربية وتحرير أوطانها من السيطرة الاستعمارية ثم حاربوا الثورة الجزائرية بنفس الطريقة والأسلوب وكذلك الثورة اليمنية بقيادة الجبهة القومية والثورة الوطنية العراقية والسورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وكذلك حركة الضباط الأحرار في الأردن عام 1957 التي نادت بتغيير وجه الدولة الأردنية وارتباطها بالمعاهدات والأحلاف الخارجية هذا فضلاً عن دورهم كشريك أصيل في بنية الشرائح الرأسمالية الطرفية المدارية في الوطن العربي وانصرافهم الى جانب القوى المحلية المستغلة للبنية الاستثمارية العربية في تأسيس الشركات وإقامة البنوك والمستشفيات التي حافظت من خلالها على وحدة المنهج والتصرفات المعادية للحرية والإستقلال العربي ومناصرة القوى الداخلية والخارجية المستغلة لهذا الوطن وبالتالي فان القضية الكونية التي تدعوا إليها هذه الجماعة لا تقع ضمن القضايا التي تعيشها الشعوب المضطهدة في هذا الكون وليس من حق احد من أبناء هذا الكون وفقا لمعتقدات هذه الجماعة أن يسأل عن هذه القضايا غير الجهات التي تقوم بتفعيلها في دهاليز التآمر الدولي على هذه الشعوب المحرومة .
إن القضية الكونية الملموسة لشعوب العالم هي قضية الاستعمار ومؤثراته ، لذلك الا يحق لمن يؤمن بقضية هذه الشعوب أن يسأل هذه الجماعة: أين هي من هذه القضية ؟ وأين هو التنظيم الكوني الذي يحمل هذه القضية ؟ وأين مقر القيادة الكونية لهذا التنظيم الكوني ؟ وهل هم عرب يمتلكون شرعية الإقامة والمواطنة العربية في فلسطين ليقوموا بإنشاء أجنحة لهم على هذه الأرض الطيبة, دون موافقة أهلها وأمتها على ذلك ؟ أم هم غير عرب وغير أفارقة وغير آسيويين أيضا ؟؟!!!.
وهل يحق للناس تعّرف من يقودهم ؟ ولماذا أعلن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه رسول لله بين أبناء أمته، وأخبر الجميع عن مصادر رسالته واسم الملاك الذي يوحي إليه بها من رب العالمين.
إن التاريخ لا يكتبه أعمى ولا يفهمه فاقد للبصيرة ، لذلك فإن الإعلان عن وجود الأصل يبطل الادعاء باستقلالية الجناح وطالما ان الأصل هو صاحب كل هذه الصفات الغامضة ، فإنه من الواجب الإلحاح بالسؤال عن مكان وجوده لأن حصانة الجناح هي من حصانة الأصل وهذا الأمر معرف بدءا من تاريخ الرومان واليونان والفرس ، وانتهاء بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقاً اللذين كان كل منهم يدعوا البشرية جمعاء إلى قضية كونية ، ويقوم بإنشاء تنظيمات وأنظمة وجماعات سياسية واقتصادية للتعبير عن وجوده في خدمة هذه القضية ، فكيف تسمي نفسك تنظيمياً عالمياً دون أن يكون لك مقر عالمي ومركز قوة عالمية يرعى وجود القضية التي تدعو إليها ؟، ألا يحق لنا الإيمان بعد كل ذلك بما قاله د. سمير تادروس عن هذه الجماعة الكونية ‘ لقد أعلن أعضاء هذه الجماعة انتصارهم على القومية العربية بعد الانتصار الصهيوني في عدوان 1967 وأقاموا الاحتفالات الكبرى ابتهاجا بانهيار الكتلة الشرقية التي كانت داعمة و مساندة لقضايا الأمة العربية ، وها هم اليوم يوجهون سهامهم لحركة فتح اعتقادا منهم أن هذه الحركة بحكم مرونتها السياسية والفكرية ستبقى الشوكة التي يصعب انكسارها’ .

المادة الثالثة: البنية والتكوين
—————–

يقول النص في هذه المادة: تتكون البنية الأساسية لحركة المقاومة الإسلامية من مسلمين أعطوا ولائهم لله وعرفوا واجبهم تجاه انسفهم وأوطانهم فاتقوا الله في كل ذلك ورفعوا راية الجهاد في وجه الطغاة لتخليص البلاد والعباد من إرهابهم.
وهذا النص يتوسطه آية كريمة من القرآن الكريم ويأتي في ختامه آية كريمة أخرى هي ‘نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق’ ، أما بقية النص فهو عبارة عن استمرار للتورية الدينية الواردة في كل ميثاق حركة حماس لجعله منسجماً مع المبنى الخاص بالدعوة التغريبية التي تدعوا إليها هذه الحركة وهي تزيد من تعقيدات موضوع الانتماء التنظيمي لها ولا تساعد في حله وتفكيكه وفضلاً على ان جميع المفردات الواردة في النص جاءت مكتوبة بصيغة الماضي الا أنها تدعوا إلى إباحة الوطن الفلسطيني اذا ما كان المقصود من النص هو ان يقوم هؤلاء المسلمين الذين اعطوا ولائهم لله بتحرير فلسطين علما ان النص لا يوضح ذلك بالتحديد فهو يتحدث عن مسلمين يريدون ان يقاوموا الطاغوت ولا يقول من أين هم هؤلاء المسلمين , وما هو اسم الطاغوت الذي سيقاومونه وهل هو العدو الصهيوني في فلسطين , أم هو طاغوت الحركات والأحزاب الوطنية والقومية الذي كانوا يقاومونه في السابق والذي جاء مرشدهم العام طارق الهاشمي على ظهور الدبابات الأمريكية للقضاء عليه في العراق وبناء نظام الشركات الامبريالية الاستعمارية على أنقاضه .
ان كلمة المسلمين هي كلمة عامة وليست جملة سياسية تعبر عن واقع سياسي لتنظيم يسعى إلى تعريف نفسه في صراع سياسي بحجم القضية الفلسطينية ، وكذلك كلمة الطاغوت والطاغي والطغيان وغيرها من الكلمات والأوصاف القبيحة في معجم اللغة العربية وهي ليست جمل سياسية ولا تحمل دلالات التحديد السياسي للعدو الصهيوني ، ولا مكان وجوده هذا فضلاً على ان هذه المادة لا تقول كل مسلم يؤمن بعروبة او إسلامية فلسطين وينخرط في صفوف حركة حماس ويتعهد ويلتزم بتطبيق البرامج والتعليمات الصادرة عنها مثلا لكي نعتقد أن هذه الحركة تقوم بتعرف أعضائها تعريفا تنظيميا سليما , أما القول مسلمين أعطوا ولائهم لله فهذا قول مبتور، وليس له مدلول مباشر يعبر عن انتماء تنظيمي بل يؤكد ان فلسطين في نظريتهم التنظيمية هي ملكية إباحية لكل المسلمين في العالم وطالما أنها كذلك فلماذا لا تكون ملكيتها إباحية لغيرهم من الأمم والشعوب الأخرى .
إن هذا المنطق هو منطق تهشمي للحق الشرعي والحق التاريخي والحق الطبيعي في الأوطان ولا يجوز لأي كان التساوي في مكليه فلسطين مع زعران بشاور و غيرهم من زعران العالم .
أما القول البنية والتكوين الواردة في نص المادة فإنه لا يشير هو الآخر إلى جملة سياسية تؤكد وجود بنية وتكوين سياسي لهذه الحركة ولتوضيح ذلك لا بد ان يعرف الناس ان الحركة السياسية مثلاً تتكون من مجموعة من الأشخاص الذين يلتقون فيما بينهم على خدمة قضايا سياسية في حياة الشعب الذي تقوم بين أوساطه وهي أوسع من الحزب واقل من الجبهة وبالتالي تلتأم وحدتها التنظيمية على أربعة أركان أساسية على النحو التالي :-
1- وحدة التكوين الاجتماعي للحركة السياسية أي الطبقة او الطبقات والشرائح الاجتماعية التي تشكل أساس البناء الاجتماعي للحركة السياسية ، والتي لا بد و أن تجمعها وحدة الموقع من وسائل الإنتاج اذ لا يجوز ان تكون الفرو قات الاجتماعية بين أعضائها فروقات واسعة ومتنافرة بحيث تؤدي الى الصراع والانقسام الطبقي في بنيتها الاجتماعية وبالتالي فالحركة ضرورية ونافعة في العمل السياسي لمواجهة حالة مثل الحالة الفلسطينية التي يحكمها واقع فقدان الوطن ، وفقدان المواطنة و البنية الاستثمارية الموحدة والموقع من وسائل النتاج المحلية وكذلك واقع التشرد والتشتت في بلدان العالم وفقدان الدولة والشخصية الوطنية المستقلة التي يجري في داخلها الصراع لاجتماعي الاقتصادي لذلك تقوم القوى الاجتماعية المتجانسة بالالتفاف من حول القضايا الوطنية الكلية في حياة الشعب وتستمر في الوحدة والانسجام التنظيمي حتى انتزاع الأهداف الوطنية التي أوجبت وجودها في التاريخ وبعد ذلك يعود و ينفرط عقدها الاجتماعي وتأخذ أشكالا تنظيمية أخرى في العمل السياسي يستجيب لوحدة مكوناتها الاجتماعية الجديدة .
2- وحدة التكوين السياسي للحركة السياسية أو وحدة البرامج والنظرية السياسية التي تعبر عن علم ومعرفة سياسية بالظروف والوقائع التي تحيط بقضية الشعب أو قضية البنية الاجتماعية للحركة السياسية.
3- وحدة التكوين الفكري والثقافي للحركة السياسية التي هي وحدة المفاهيم والمنطلقات الأخلاقية التي تجمعها خلال مرحلة وجود القضية المشتركة لبنيتها الاجتماعية التي تساعد على تعميق الشعور بوحدة تكوينها النفسي وشعور الجماعة السياسية التي تنتمي إليها بأهمية هذا الانتماء بين أعضائها.
4- وحدة اللوائح والأنظمة والقوانين الداخلية التي تحكم علاقتها الخاصة وتنظم هيكلية بنائها الداخلي وسريان الأوامر والتعليمات التنظيمية داخلها ، وبصورة إجمالية تعتبر التنظيمات والحركات السياسية هي تنظيمات وحركات اجتماعية أولا وأخيرا وتخضع في شكلها ومضمونها الى قوانين علم الاجتماع وبواعث الفكر والعقل الاجتماعي في حركة التاريخ ولا تخضع قط لدواعي الارتجال والمناكفة بين القوى السياسية ، لهذا عندما نتحدث عن تكوين سياسي خاص ؛ فإننا نتحدث عن حالة منظمة من الانسلاخ العميق عن العام ، والانفكاك من المشاع والتلقائي في حياة الشعب المعني بهذا التنظيم ، ولا يجوز القول يتكون التنظيم الفلاني من مسلمين آمنوا بربهم ، فهذه حالة عامة من الإطلاق والشيوع في حياة الناس ، وتؤكد أن أصحابها ليس لديهم شيء يقولوه لشعبهم غير إصرارهم على تغريبه وسلخه عن خدمة قضيته الأساسية ، وتفتيت وحدته الوطنية وإطلاقه من جديد في عالم الشيوع والاغتراب السياسي عن شخصيته الوطنية وتحميله قضايا الآخرين دون مبرر موضوعي لذلك .

المادة الرابعه :-
————–

وهي مادة ترحيبية بلا عنوان يقول النص الوارد فيها: ترحب حركة المقاومة الإسلامية بكل مسلم اعتقد عقيدتها واخذ بفكرتها وحفظ أسرارها وأجره على الله.
وهذه النوع من الانتماء التنظيمي لا يحمل صاحبه أي نوع من التبعات ويكفي ان يكون الإنسان معتقداً بعقيدتها ليصبح عضواً في تنظيمها وهذا نص لا يختلف عن النصوص السابقة المشبعة بالإبهام والغموض في تحديد موطن المسلمين الذين ترحب بهم في صفوفها وهو نص ينطبق على كل ميثاق حركة حماس الذي جرت كتابته على طريقة الوكالة العامة للاستخدام في أكثر من موقع وتعبئة أسماء وأطراف العلاقة وقت الطلب حيث ترحب هذه المادة بكل مسلم آمن بربه ولا فرق بين النصين من حيث الأهداف والمضمون فلماذا هذا التكرار غير المبرر أليس هو استخفاف بعقول الدارسين !!! .
إن هذه المادة كما هو واضح في شكل النصوص هي المعنية بتعريف العضوية إلا أنها لا تشير الى نوعية الأعضاء المسلمين وهل هم مسلمين حديثا ؟ أم هم مولودون لأب وأم مسلمين وهل يتمتعون بحسن السيرة والسلوك ؟ أم يكفي أن يكونوا مسلمين فقط ؟ وهل يجب عليهم معرفة اللغة العربية لكي يفهموا التعليمات والأوامر التنظيمية ويقومون بتنفيذها دون الوقوع في أخطاء تؤدي الى قتل الأبرياء دونما ذنب ارتكبوه مثل ما حدث في قطاع غزه ؟ أم يكفي أن يكونوا مسلمين من كافة أجناس العالم ولغاتها المختلفة .
إن الإيمان بالإسلام والاسلمة التنظيمية في العمل السياسي لا تعطي أصحابها صفات النزاهة والسلوك القويم ومثلها في ذلك مثل الأبلسة في العمل السياسي التي تزيد من شهوة أصحابها لاستغلال قضية عامة من اجل المنفعة الشخصية وبالتالي لا بد من القول في هذا المقام ان الإنسان الغبي هو ليس فقط الإنسان الذي يتحدث ويتصرف بغباء بل هو الذي يعتقد ان الآخرين أغبياء لذلك قال العرب في أمثالهم الشعبية الناس أقلام الحقيقة بل هم الحقيقة المطلقة في ذاكرة الوجود .

المادة الخامسة: البعد الزماني والمكاني لحركة المقومة الإسلامية:
————————————-

حيث ينكر النص في هذه المادة ذكر كلمة حركة حماس كما هو جار في المادة السابقة ويتواتر في كل النص الوارد فيها التوصيف الديني الوهمي لزمان انطلاقتها ومكان هذه ألانطلاقه ولكن دون جدوى في ذلك , حيث لا زمان محدد ولا مكان معروف لهذه ألانطلاقه .
يقول النص: بعد حركة المقاومة الإسلامية باتخاذها الإسلام منهج حياة لها يمتد الى مولد الرسالة الإسلامية.
ومن ثم ينقطع النص ويقفز مباشرة الى جملة من الشعارات المستنبطة من بحر الأماني والأشواق المكتوبة على قواعد خاصة من السجع الموزون مثل ‘الله غايتها والرسول قدوتها والإسلام دستورها’ وذلك لعرض هذا التعريف على ذهنية القارئ وحملة على التصديق ان الزمان الذي انطلقت فيه حركة حماس هو زمان الرسالة الإسلامية وان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بإنشائها وتفويض السلف الصالح الذي هو وصف لجماعة عامة غير معروفة وغير محددة في التاريخ بقيادتها وتصريف أمورها وصولاً الى القيادة الحالية التي هي جزء لا يتجزأ من السلف الصالح والقيادة الدينية للإسلام عبر التاريخ .
إن هذا التعريف لزمان انطلاقة حركة حماس لا يتجاوز فقط حقيقة معاصرة هذه الحركة بل يخرج عن كل مضمون ويتجاوز كافة حوادث الزمان في التاريخ العربي الإسلامي ويفصح عن طريقة أخرى للتزوير والتدليس الذي تقوم به هذه الجماعة في أصل الحقائق الثابتة والمعروفة في التاريخ فإذا ما كان مولد الشيء باتخاذ الفكرة السابقة لنفسه فكيف تجري الولادة الحقيقية للأشياء ؟ وهل تاريخ ميلاد أي منا هو باتخاذه سيدنا ادم عليه السلام أصلا للبشرية ؟ أم هو التاريخ المسجل في شهادة ميلاده المعترف بها في الدوائر الرسمية ؟ وإذا ما كان هذا هو منطقهم في ولادة الأشياء لماذا لا يكون تاريخ نزول سيدنا ادم عليه السلام إلى الأرض هو تاريخ الدعوة الإسلامية وبالتالي تكون انطلاقة حركة حماس هي اليوم الذي وطأت فيه أقدام سيدنا آدم الأرض وبذلك تكون انطلاقة الحزب الشيوعي الفلسطيني مثلاً هي عام 1848 باتخاذه البيان الشيوعي الأول الذي صدر في هذا العام منهجاً في حياته التنظيمية ويكون البعد الزماني لانطلاقة حزب البعث العربي الاشتراكي هو يوم حدوث معركة ذيقار ويكون الملك النعمان وهانئ ابن مسعود هما السلف الصالح المؤسس لهذا الحزب باتخاذه من بواعث وجود الأمة العربية منهجا في حياته التنظيمية هو الآخر ؟؟!! .
إن الغرابة في هذا التعريف للأبعاد الزمانية في انطلاقة حركة حماس ليس فقط في مخالفته لكل أصول المنطق في قراءة التاريخ بل في شجاعة هذه الجماعة وإصرارها على تزييف التاريخ وسرقة المقدس في الوقائع التي جرت في مجرياته , وتحويل السقوط في حبائل الماسونية العالمية والاستعمار الى قداسة دينية على مرأى ومسمع من الناس كافة وكأن الطير قد حط على رؤوسهم وأصاب الجهل منهم بصائر العقول , هذا فضلاً على أن مواقع التصريح في النص وطرق الإيحاء بالمضمون يختمان دوماً بالآيات القرآنية والقفلات الربانية المحكمة لإخافة العقل وإغلاق المعرفة على قاعدة ‘ بهت الذي كفر ‘.
أما البعد المكاني لانطلاقة حركة حماس فهو الطامة الكبرى في التزوير والتضليل الافتراضي هو الآخر , حيث يقول النص: وبعدها المكاني حيثما وجد المسلمون يتخذون الإسلام منهج حياة لهم.
وبعد الانتهاء من كل الاتخاذات في المعجم العربي يقولون فهي بذلك ‘ تضرب في أعماق الأرض وتمتد لتعانق السماء ‘ ثم يدخلون خلسة ودون مقدمات إلى الآيات القرآنية الكريمة لتأكيد الإيمان في قولهم السابق وتثبيت القفلة الربانية لإغلاق المعرفة العقلية وإنهاء التفكير في موضوعية النصوص ‘ الم ترى كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ‘ وبذلك يصورون للقارئ ان كل من يسير على الأرض هو عضو في حركة حماس او مناصر لها بصرف النظر عن لونه او دينه.
أما حقيقة الواقعة التاريخية التي حكمت زمان ومكان انطلاقتهم فقد جرى تسجيلها في تاريخ 21/2/1988 في فندق برج بابل في العاصمة الأردنية عمان وليس في مكة المكرمة مع بداية الدعوة الإسلامية كما يدعون وذلك بعد حدوث مجموعة كبيرة من التحولات والإرهاصات الداخلية والخارجية في جماعة الإخوان المسلمين التي برزت على أعقاب الثورة الخُمينية وانكشاف ترهل هذه الجماعة الذي أحدثه ارتباطها الطويل مع القوى الاستعمارية الرجعية في البلاد العربية وانشغالها في خدمة الآخر والقيام بمقامه في تصريف القمع والاستبداد بين الشعوب العربية والإسلامية , الأمر الذي أدى في نهايته الى تمزيق الشبكية القديمة في العمل الإسلامي الذي كان مرتبطا بالقوى الداخلية والخارجية المعادية لشعوبها وبروز التنظيمات والحركات الإسلامية الجديدة من أرحام هذه الشبكية البائدة لتأخذ دورها من جديد على خارطة التحولات المحلية والدولية المتسارعه التي حدثت خلال هذه المرحلة وفي المقدمة منها انهيار الكتلة الشرقية وانتقال الواقع العربي من حالة العجز في احتواء المشروع الاستعماري الصهيوني الى الإعلان عن هذا العجز والانخراط في مسارات التسويات السياسية على قاعدة الاعتراف بهذا المشروع والتكيف مع شروطه وإملاءاته ورحيل قوات الثورة الفلسطينية عن بيروت وتوزيع قواتها وقرارها السياسي على العواصم العربية.
حيث بدأت على خلفية هذه التحولات تتأسس في المراكز الاستعمارية الدولية الدوائر والحلقات الاستخبارية الحوارية مع القوى السياسية العربية لغايات إيجاد المقاربات الأمنية مع هذه القوى تمهد الطريق الى حدوث مقاربات سياسية وفكرية تفضي الى إيجاد تسوية سياسية للصراع العربي الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي تم خلال هذه المرحلة انتقال نشاط جماعة الإخوان المسلمين داخل فلسطين من نشاط مقبول وغير ملاحق من قبل قوات الاحتلال الصهيوني إلى نشاط مرخص ومباح في كل المناطق المحتلة حيث تم ترخيص جمعياتهم المنتشرة في كل مكان من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإطلاق يدها في العمل العلني حسب قانون الجمعيات العثمانية من قبل وزارة الدفاع الصهيونية في حكومة (مناحيم بيجن) عام 1977 وذلك باتفاق مصري ورضاء عربي من كافة الحكومات التي كانت تحتضن هذه الجماعة وتقوم بتوظيفها لنشر الايدولوجيا الفاسدة والفكر ألذرائعي التبريري بين أوساط الجماهير العربية وهكذا شرّع الاحتلال نشاط جماعة الإخوان المسلمين في الأراضي المحتلة كنتيجة للمقاربات الأمنية المذكورة وأخذت هذه الجماعة تمارس نشاطها المكشوف لصالح الاحتلال في مواجهة القوى الوطنية الفلسطينية متخذة من جمعية المجمع الإسلامي في قطاع غزه مقراً لقيادتها الميدانية في القطاع المحتل والتي كان يشرف عليها من الخارج القيادة الاخوانية في الخليج العربي التي كانت تتألف في حينه من ( الدكتور عبد الرحمن الحوراني والدكتور أمين الأغا و الدكتور خيري الآغا والدكتور عبد الرحمن بارود والدكتور قاسم البشير والشيخ احمد رجب عبد المجيد والشيخ ابو بشير الزميلي ) حيث كان ارتباط هذه القيادة بالمراقب العام للإخوان المسلمين في لندن وليس في القيادات المحلية في المحيط العربي وكان قطاع غزه يتبع مباشرة للمراقب العام عبر هذه القيادة وليس للقيادة الاخوانية في مصر أيضا.
أما القيادة الاخوانية في الضفة الغربية المحتلة فقد تأسست عام 1943 في مدينة القدس بالاتفاق مع الأمير عبد الله في ذلك الوقت كوحدة واحدة لتصريف نشاط هذه الجماعة تحت الرعاية الهاشمية السامية على ضفتي النهر وبالتالي تشكلت في ذلك الوقت من (الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني والدكتور يوسف العظم والشيخ سمير ابو قوره والدكتور زياد ابو غنيمة والدكتور عبد المجيد ذنيبات) وآخرين لم يذكروا في الوثائق الرسمية لهذه ألجماعه وبالتالي حافظت قيادة الضفة الغربية على ارتباطها بالدولة الأردنية والقيادة الأردنية لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج وأخذت من مكاتب وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية في الضفة الغربية المحتلة منطلقاً لإدارة نشاطها المرخص تحت الاحتلال ومن ثم اندفع عناصر وقيادات هذه الجماعة في الضفة والقطاع لتسعير حملاتهم الإعلامية ضد الهيئات والمؤسسات الوطنية والنقابية والطلابية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الوطن المحتل وبناء الجمعيات والهيئات الإسلامية البديلة وكذلك النقابات والاتحادات الطلابية والمهنية ودفعها الى الصراع والاشتباك بالأيدي والأدوات الحادة مع القوى الوطنية والاجتماعية الفلسطينية والتأسيس بدعم من الاحتلال والقوى العربية الأخرى إلى إنشاء بنية اجتماعية اقتصادية ثقافية إعلامية معادية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومشتبكة في كل الأحوال الظروف مع الهوية والمجتمع الفلسطيني عبر هذه الممارسات لانضاج المقاربات الفكرية السياسية مع الاحتلال في المرحلة اللاحقة ومباشرة الحوارات السياسية من جديد مع المحتل لشرعنة نشاطهم في هذه المرحلة أيضا.
لقد بدأ الحراك داخل كل جماعة الإخوان المسلمين في الوطن العربي والعالم على هذه الأرضية من جديد وأخذت قيادة قطاع غزه استنادا لتوجهات المراقب العام على مسؤوليتها مهمة إحداث التحول المطلوب في بنية هذه الجماعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وضمان انتقالها من محاولات التعبير الاجتماعي عن الوجود التنظيمي والهيكلي القائم في بنيتها الخاصة الى محاولات التعبير السياسي عن المجتمع الفلسطيني والمطالبة بتمثيله أمام الرأي العام العربي والعالمي وبالتالي قامت هذه القيادة يعقد مجموعة كبيرة من الاجتماعات بين القيادات الاخوانية في الوطن العربي وداخل فلسطين المحتلة تمخضت جميعها عن عقد اجتماع موحد في منتصف الشهر الثاني من عام 1988 وذلك في فندق برج بابل في العاصمة الأردنية عمان حضره ما يزيد عن مئة وخمسون قائداً وكادرا اخوانياً من الضفة الغربية وقطاع غزه المحتلين وبعد المداولات التي استمرت أسبوعا من تاريخ هذا الاجتماع اتفق الحضور على تحويل كافة عناصر وقيادات ومنظمات وهيئات الإخوان المسلمين في الضفة والقطاع الى هيئة اعتبارية جديدة تابعه لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج تسمى حركة المقاومة الإسلامية وبناء على هذا القرار تم إنشاء مكتب خاص من بعض أعضاء القيادة الاخوانية لقطاع غزه المتواجده في الخارج وأعضاء قيادتهم في الأردن يتولى قيادة هذه الهيئة الاعتبارية الجديدة ويعمل على تصريف المهام المطلوبة منها عبر الارتباط المباشر مع المراقب العام للإخوان المسلمين في العالم ومن ثم تم الإعلان عن الشيخ احمد ياسين رحمه الله مرشداً عاماً لهذه الهيئة وليس قائداً لها او عضوا في المكتب الخاص الذي يتولى قيادتها وبالتالي كان تأسيس هذه الحركة في تاريخ 21|2|1988 وليس في نهاية عام 1987 وبعد ذلك قام المكتب الخاص بكتابة ثلاثة بيانات شهرية بتواريخ سابقة لتاريخ تأسيسها تقليداً لبيانات القيادة الوطنية الموحدة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تحمل توجيهات شهرية للمواطنين في الداخل من أجل استمرار فعاليات الانتفاضة وذلك لغايات سرقة نضال الشعب الفلسطيني والادعاء أمام الرأي العام أنها هي التي قامت بتفجير الانتفاضة الشعبية في فلسطين وان انطلاقتها كانت بهذه الانتفاضة العظيمة حيث حضر سمو الأمير الحسن بن طلال مجموعة من اجتماعات فندق برج بابل من اجل السماح للإخوان في الأردن المشاركة في عضوية المكتب الخاص الذي تم ذكره وبعد انجاز هذا الحدث المهم في تاريخ الإخوان المسلمين داخل الوطن المحتل تم كتابة ميثاق حركة حماس بعد ستة شهور من ذلك و اجتماع القيادة الميدانية لقطاع غزه مع رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق شمعون بيرس لتوضيح موقف هذه الهيئة الاعتبارية من الاحتلال وارتباطها في السياسة العامة لجماعة الإخوان المسلمين في العالم ومطالبته بالإبقاء على ترخيص الجمعيات العثمانية وعدم إخراجها عن الأنظمة والقوانين العسكرية المعمول بها في الأراضي المحتلة حيث حضر هذا الاجتماع مع شمعون بيرس ممثلاً لقيادة الإخوان المسلمين في قطاع غزه كل من( الدكتور محمود الزهار والدكتور رياض الأغا والشيخ زهير الريس والشيخ خيري ناصر والشيخ إبراهيم اليازوري) مدير عام جمعية المجمع الإسلامي في قطاع غزه.
هذه هي حقيقة البعد المكاني لانطلاقة حركة حماس وحقيقة البعد الزماني لهذه الانطلاقة وحقيقة الظروف والملابسات التي نشأت في ظلها وقد استخدم قادة الإخوان المسلمين كل وسائل التزوير لإخفائها وذلك هروبا من أسئلة الواقع وحقائق التاريخ.

المادة السادسة التميز والاستقلالية:
———————–

يقول النص في هذه المادة : حركة المقاومة الإسلامية حركة فلسطينية متميزة ولا يقول بماذا هي متميزة ورغم ذلك يواصل النص عرض نفسه امام القارئ بعد انقطاعه بفاصلة ، وبعد ذلك يتضح أنها تعطي ولائها لله وتتخذ من الإسلام منهج حياه.
حيث لا يقول النص تعطي ولائها لله ثم لفلسطين لكي تكون متميزة بل يواصل تكراره لهذه الجمل في تورية غامضة ليس فيها ما يشير إلى حقيقة التميز بشيء سوى جهل النصوص في توضيح الغايات التي تريدها , وبعد عملية طويلة من الإطناب في غير مكانها من الكلمات الدينية العاطفية وخوفا من التكرار يعود النص ويقول وتعمل على رفع راية الله على كل شبر من فلسطين وبعد رفع راية الله يأتي دور الغناء في النص حيث يثبتون في نص هذه المادة أغنية للسيدة ام كلثوم تقول فيها اذا ما الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينه ،،،، الخ
إن الغرابة في هذه المادة ليس في شمول نصها على أغنية لام كلثوم فقط بل في افترائها على الله سبحانه وتعالى فإذا ما كان لله راية خاصة به أليس هو الأقدر على رفعها في كل مكان من خلقه وخليقته و حمايتها دون تدخل هذه الجماعة السياسية في هذا الأمر هذا فضلا على ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد ابلغنا رسالة التوحيد كاملة ووضع بين أيدينا قرآن كريم قال فيه رب العالمين ‘ إنا أنزلنا الذكر وانا له لحافظين صدق الله العظيم ‘ ولم يقل لنا ان له راية يجب ان نرفعها في كل مكان , ولم يوصي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بتصميم راية تسمى راية الله جل وعلا وأن جل ما قاله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع ‘ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ‘ أما الرايات التي كان يعقدها لجيوش الفتوحات الإسلامية فكانت رايات خاصة بهذه الجيوش لتميزها أثناء القتال وعندما قال خالد بن الوليد تميزوا يا قوم في إحدى المعارك الإسلامية رفع المقاتلين رايات قبائلهم وكان ذلك مقبولا للتميز في القتال والتضحية.
أما إذا ما كان المقصود بقولهم راية الله هي الراية الخضراء التي ترفعها جماعة الإخوان المسلمين على مقراتها الحزبية فهي مرفوعة على هذه المقرات في كل العواصم العربية والغربية ومرفوعة أيضا وبترخيص من دولة الاحتلال في ام الفحم وتل أبيب وكل المدن والقرى الفلسطينية المحتلة عام 1948 وغير محجور على رفعها بكل الصفات التي تدعو إليها بما في ذلك اسم الحركة الإسلامية في أي مكان من العالم لأنها ليست تعبير عن هوية شعب أو هوية دين يناصب الحركة الصهيونية العداء داخل فلسطين المحتلة او خارجها بل هي تعبر عن إصرار هذه الجماعة على تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وحرف نضالاته عن مسارها الصحيح وطمس وإلغاء هويته الوطنية وحمله على ازدراء راية بلاده واحترام الرايات الطائفية البديلة.
إن ادعاء القداسة بهذه الطريقة والإكثار من الحديث عنها وعمل الرايات باسم الله والادعاء ان لله راية يجب رفعها لا تجعل من الجماعة التي تدعو الى ذلك جماعة مقدسة في التاريخ بل يزيد هذا الإدعاء من الشكوك والضنون في وجودها ويضعها في موقع ألشبهه من الدين والأخلاق الوطنية والاجتماعية في حياة الشعوب.

المادة السابعة عالمية حركة المقاومة الإسلامية :
—————————–

يقول النص بحكم انتشار المسلمين الذين ينهجون منهج حركة المقاومة الإسلامية في كل بقاع العالم ويعملون على مناصرتها وتبني مواقفها فهي حركة عالمية.
وهذا تعريف غريب وساذج تماماً بمفهوم عالمية العمل السياسي او عالمية البرنامج النضالي لشعوب العالم وتصريف مهام نضالية بحجم العالم وبالتالي لا تكون الحركة السياسية عالمية لأن المسلمين منتشرين في العالم بل يجب أولاً أن تكون ثمة قضية عالمية واحدة ضاغطة على هذا العالم بنفس الحجم والمعيار وثانياً يجب ان يكون التنظيم الذي يتصدى لهذه القضية تنظيما عالميا منطلقاً من موقع قوة عالمية ويملك أدوات نضال عالمية وبرنامج و مهمات يومية عالمية قادرة على انجازه وليس تنظيما محلياً لا يعرف ما هي القضية التي يسعى الى انجازها وبدلاً من هذا الادعاء الذي لا يصدقه عاقلاً كان يجب ان يقوم النص بتعريف الوسائل التي يجب عليه إتباعها إستجابة للحالة الفلسطينية وشروط تجنيد الرأي العام والطاقات العالمية لخدمتها بدلاً من هذا الإغراق الجاهل في عملية التوصيف .
إلا أن هذا النص يواصل الإطناب في هذا الشأن ويتحدث بصفة التأكيد عن عالمية حركة المقاومة الإسلامية قائلاً : ( وهي مؤهلة لذلك نتيجة لوضوح فكرتها ) وهذا سبب غير كافي أيضاً لاعتبارها حركة عالمية علما إن فكرتها غير واضحة تماماً ولو كانت فكرتها واضحة كما يدعون لما أعطت نفسها هذه الصفات الخيالية هذا فضلاً على ان وضوح الرؤية في العمل السياسي وليس الفكرة يعني وضع الريادة الفكرية التي هي القدرة على تحديد الأهداف الإستراتيجية في البرنامج النضالي موضع التطبيق ومن ثم استنباط الصيالة المناسبة لخدمتها والتي هي التكتيك المناسب لخدمة الريادة الفكرية في العملية النضالية برمتها وهو الأمر الذي لا يلمسه القارئ في كل ميثاق حركة حماس وسلوكها السياسي والتنظيمي وليس فقط في نصوص هذه المادة وبعد إدراج السبب الوارد أعلاه يواصل النص عرض نفسه بصيغة الإلزام للقارئ وصولاً الى اعتبار من يجادل في هذا النص كمن يجادل القدر وهذه أبلسة في الحوار مع العقل البشري ليس بعدها أبلسة في التاريخ فأي قدر هذا الذي عنه يتحدثون ؟؟!! ألم يطلق لنا الله سبحانه وتعالى الحق في النفاذ الى السموات العلى والذهاب الى الصين طلبا للعلم والمعرفة ؟! ومتى كان الله جل جلاله تنظيما سياسيا خادماً لهذه الجماعة ؟ ومانعاً لدور العقل في المعرفة ؟! ومن أحل لهذه الجماعة الضالة الافتراء على الله بهذه الطريقة ؟! وهل الذين قاموا بكتابة ميثاقها حقاً يعتقدون أنه معجزاً للعقل والبصيرة لكي يسمى قدراً لا فائدة من جداله.
إن النص في مجمله وحتى هذه الفقرة يعتبر نصاً جاهلاً ولا يراعي أصول الدين والإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى ولا يحترم القيم والأخلاق الدينية في منع التعدي على حدود الله لذلك فهم يعلمون أنهم يقومون بهذا العبث تجاوزا لكل القيم والأعراف السارية في المجتمع العربي وبالتالي يخرجون من الدين الى الشعر بعلم ودراية علّهم بذلك يعملون على قلب الحقائق وتطويع الأدمغة العربية وحملها على الإيمان بنصوصهم الغريبة حيث يختمون النص في هذه الفقرة التي فيها تعدي واضح على حرمة الدين ووحدانية الإيمان بالله سبحانه وتعالى بهذا البيت من الشعر العربي لإلقاء اللائمة على الآخرين وليس على أنفسهم وتجاوزاتهم على الخالق والخليقة .
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة من وقع الحسام المهند
فإذا ما كانت نصوصهم سليمة لماذا يفترضون الظلم من ذوي القربى ؟ فهل كانوا يفترضون هذا النوع من النقاش في نصوصهم ؟.. وبالتالي قاموا بالاتهام سلفا لمن سيناقش نصوصهم بأنه شخص ظالم من ذوي القربى ؟ أم كانوا مقتنعين أثناء كتابة النصوص أنهم يمارسون اشد أنواع الظلم لأمتهم ويقولون على الله الكذب ؟؟؟.
لماذا قاموا بحشر هذا البيت من الشعر لوصف حال ليس وارد في صلب الموضوع حيث لا يضير العرب إذا ما كانت حركتهم حركة عالمية أم حركة محلية أليس هذا مفرحاً لأبناء أمتنا أن يقوم نخبة من أبناء فلسطين بحل مشاكل الكون قبل حل مشكلتهم الرئيسية ؟؟
ألا يعتبر ذلك تفان في خدمة الكون والتزاماً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون أولى بالمعروف ؟ هذا فضلا على أنهم بعد تطويق العقل بكل دواعي الإغلاق والتحجير يعودون الى القفلات الربانية من جديد ويقدمون الى الأكاذيب الواردة في نصوص هذه المادة بالآيات القرآنية الشريفة حيث يضعون بين قوسين في صلب هذه المادة الآيات الكريمة التالية ( وإنا نزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلونكم فيما أتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) .
حيث يوحون بهذه الآية الكريمة الى ان نصوصهم قرآنية وان ميثاقهم ميثاقاً ربانياً وإنهم فوق الخطأ والخطيئة في كل ما يقومون به من أعمال وتصرفات .
حيث يقولون بعد كل هذه الإيحاءات ان حركة المقاومة الإسلامية تتصل وترتبط بانطلاقة الشهيد عز الدين القسام وإخوانه المجاهدين من الإخوان المسلمين في فلسطين عام 1936 وهذا افتراء واضح ومكشوف أمام التاريخ فلم يثبت أحداً من الباحثين في سيرة الشهيد عز الدين القسام انه كان عضواً ان نصيراً لجماعة الإخوان المسلمين او كان معه مجاهداً واحدا من أعضاء هذه الجماعة , وبعد ذلك يقولون أن حركة المقاومة الإسلامية متصلة بحلقة أخرى من جهاد الإخوان المسلمين في فلسطين عام 1948 وهو الأمر الذي لم يحدث أيضا بصفاتهم التنظيمية والسياسية ولم يذكر التاريخ الفلسطيني أن هذه الجماعة قامت بإنشاء فصيلاً واحداً مجاهداً في فلسطين للتعبير عن وجودها في مكافحة المشروع الاستعماري الصهيوني في العام المذكور أو في غيره من أعوام الكفاح الوطني الفلسطيني ثم يقولون كذلك في هذه المادة إنهم كانوا يقاتلون بصفاتهم الاخوانية عام 1968 في قواعد الثورة الفلسطينية على الأراضي الأردنية والحقيقة الثابتة في هذا الشأن تؤكد أن ثمة قاعدة مقاتلة لحركة فتح كانت في منطقة السلط وكان فيها شيوخ أعضاء في حركة فتح وكانوا يقاتلون باسم وصفات هذه الحركة ولم يكونوا أعضاءاً في تنظيم الإخوان المسلمين وبعد كل هذا الحشو والافتراء والتزوير يعودون في نص هذه المادة التي هي عبارة عن خطبة جمعه وليست مادة قانونية او سياسية للتبشير بوعد الله من جديد حينما يختبئ اليهودي وراء شجر الغردق الذي ليس له أصل في النباتات المكتشفة حتى الآن. ويقول: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فاقتله, وهو الأمر الذي لا أصل له في الشريعة الإسلامية وبالتالي فإن هذا النص يضع كل النضال الوطني الفلسطيني في عنادٍ مع وعد الله وفي غير مكانه من حيث الزمان والمكان .
إن كل النص المكتوب في هذه المادة هو نص مكتوب على شكل الخطبة أو الموعضة وهو نص يجمع بين الترغيب والترهيب والقرآن والشعر والأحداث والعبر ويقوم بتوظيف كل ذلك لخدمة هدف مجهول لا يعرفه الناس ولا يشعرون بوجوده وهو نوع من أنواع الهذيان الفكري بين العالمية والمحلية وبين الماضي والحاضر وبين الصفات الحقيقية للكيان السياسي الذي يحاولون بناءه والكيان الافتراضي الذي يستخدمونه لعمليات تطويع الدماغ وحمل الناس على خدمة قضايا ليست هي القضايا الحقيقية التي تعيشها .

المادة الثامنة شعار حركة المقاومة الإسلامية:
——————————

يبدأ النص في هذه المادة بالقول : الله غايتها وينتهي بالموت في سبيل الله أسمى أمانيها إما حشوة المنتصف فهي معروفة وتسمع يومياً في الهتافات الدارجة بين أعضائهم والغريب في هذا النص هو مخالفته لقول الله سبحانه وتعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ورغم هذا الوضوح في الآية القرآنية الشريفة إلا أنهم يصرون على طلب الموت وليس الشهادة علماً ان الموت والقتل ليس نظرية تعبوية نافعة في أي صراع بين الحق والباطل .
لأن الباطل هو الموت والفناء اما الحق فهو الحياة والحق الإلهي والطبيعي في حمايتها من القتل والموت لذلك تقاتل الشعوب دفاعاً عن حقها في الحياة وتسعى بكل قوتها لإستملاك القدرة على ردع الموت ومنع حدوثه , هذا فضلاً على أن الموت لا يطلب ولا يعتبر قيمة سامية لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) والموت في الشريعة الإسلامية عقاب وليس ثواب لان الحياة هي الثواب الذي يفوز به الإنسان قي الدنيا والآخرة لذلك تقوم عقيدة الجيوش في العالم على منع حدوث الموت والخروج الى قتاله براً وبحراً وجواً والثبات في وجهه على كل الدروب والثغور والمفارات بلا خوف أو تردد ومنازلته وسحقه في كل الأحوال والظروف وحماية الآخرين من وقوعه حيث تجري تعبئة الناس بعقيدة الحياة ومواجهة كل أسباب الموت التي تحاول حرمان الناس منها وحماية القيم التي لا يسمحون بانتهاكها وبالتالي فالناس السويين يدافعون عن الحق الطبيعي في الحياة بما في ذلك منع الأمراض والأوبئة والفقر والجوع والكوارث الطبيعية.
أما أن يعتبر الموت قيمة سامية نستقدم شروط حدوثها ونهتف لها في الساحات والميادين فهذا أمر في غاية الغرابة ولا يشير الى فهم سليم لقواعد الصراع بين الحق والباطل ولا يطمئن الشعب على وجود نظرية تعبوية سليمة تقوم على تدبر وسائل القتال وتجنيد طاقات الشعب وتوظيفها في مكانها السليم دفاعاً عن وجوده وحقه في الحياة , وقد لخص العالم الروسي المعروف اكلاوزفتش موقفة من هذه القضية الحساسة في حياة البشرية وذلك في كتابه ‘ الوجيز في علم الحرب ‘ بقوله : الحرب وسيلة لتحقيق أهداف سياسية بوسائل أخرى وهي كالحرباء تتبدل طبيعتها في كل لحظة ملموسة من تطور المعارك على الأرض ومع هذا التبدل تتبدل طبائع البشر المنخرطين فيها ولا يقوى على مواصلتها من المقاتلين غير ذوي الطبائع والأمزجة الهادئة الحساسة الذين يحبون الحياة ولا ينحدرون بالشجاعة الى أعمال الغريزة وبواعث الانتحار لأن الشجاعة من أعمال العقل في القتال وهي القدرة العقلية على التصميم لانتزاع النصر في اللحظات الخاصة والنادرة جداً من الحياة وليس الاندفاع الى الموت والهلاك .
وفي معركة ‘ ذيقار ‘ اختار الأجداد العرب هانئ ابن مسعود لقيادة معركة الدفاع عن حياتهم وذلك لأنه كان الأقدر كفاءة وشجاعة في إدارة الحرب والصبر على تضحياتها وبالتالي قام بوضع خطة حربية كانت غريبة على ذهنية الفرسان في حينه إلا أنها كانت هي الخطة الأكثر استجابة لإمكانياتهم القتالية أمام الجيوش المنظمة والمعدة للقتال حيث اقام خطته على ردم آبار المياه وإخفائها تحت التراب والتي كانت عائدة الى أهله وأبناء قومه ومن ثم التوغل بالجيوش الغازية الى عمق الصحراء وقطع الطرق على إمدادها وضربها من الأطراف والمؤخرة وإتباع طريقة الدفاع ألقنفذي في إهلاك قلب الهجوم بصورة مستمرة أي تمديد قلب الهجوم وتقطيعه عبر عملية متواصلة من التمدد والانكماش أثناء القتال حتى القضاء على العدوان وتصفية جيوبه وآثاره وبالتالي كانت كانت ذيقار عبارة عن مجموعة متحركة من الجبهات المشتعلة والعقد القتالية المتواصلة القادرة على اجتراح النصر والدفاع عن الحياة ولو كان الموت هو القيمة الأسمى لهلك الناس جميعا وأحل على الأرض الفناء لذلك تزداد التضحية في القتال مع زيادة وضوح الأهداف الباقية للحياة وليس في زيادة الرغبة في الموت وتأجيج بواعث الهلاك .
إن العقيدة القادرة على اجتراح الانتصار هي العقيدة القائمة على حماية الحق الطبيعي في الحياة وعدم التفريط بهذا الحق مهما تعاظم بطش المستكبرين وامتد الزمان في عمر القتال .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا