المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

قطاع غزة ينفجر تدريجيا

عامر أبو شباب – انطلقت شرارة المسيرات الغاضبة والاحتجاجات العفوية من مدينة رفح جنوب القطاع للمطالبة بإنهاء أزمة الكهرباء، وامتدت حالات الخروج والتجمع العفوي الى خانيونس ثم بلدات وسط القطاع لتصل على استحياء مدينة غزة الليلة الماضية.

لماذا رفح أولا؟

تعيش محافظة رفح وضع كارثي مع برنامج الكهرباء حيث تستمر ساعات انقطاع التيار الكهربائي الى نحو 20 ساعة يوميا، وقد تأتي الساعات الأربعة الباقية متقطعة وسط استياء عارم من المواطنين الذين خرجوا في شكل جماعات صغيرة وفرادى معبرين عن غضبهم الى “دوار النجمة” بالقرب من شركة توزيع الكهرباء حاملين شموع في أول الأيام وتطور الوضع لإحراق الاطارات.

ويشعر سكان رفح المدينة الحدودية بعدم المساواة مع باقي محافظات قطاع غزة التي تحصل على 6 ساعات كهرباء مقابل انقطاع 12 عند توقف محطة التوليد كما حدث خلال الأسبوع الجاري، و8 ساعات في حال تشغيلها، بينما تعتمد رفح على ما يصل من كهرباء مصرية مقدارها 30 ميغا واط، وتشهد الكهرباء المصرية انقطاع متكرر منذ بداية العملية العسكرية التي ينفذها الجيش المصري ضد الجماعات الارهابية المسلحة في محافظة شمال سيناء المصرية المتاخمة لمدينة رفح الفلسطينية، مما يؤدي الى انقطاع في الخطوط الناقلة جراء الاشتباك اليومية التي يسمعها الفلسطينيون كل ليلة بوضوح.

ويقول رئيس شركة توزيع الكهرباء عوني نعيم أن مصادر الكهرباء تتمثل في 120 ميقا واط من الشركة الاسرائيلية، وهي شبه دائمة تحصل اسرائيل على مقابلها المادي من السلطة الوطنية عبر نظام المقاصة، والمصدر الثاني 25 ميقا واط من الجانب المصري، فيما تنتج محطة التوليد عند توفر السولار 100 ميغا واط عند تشغيل المولدات الثلاثة بقدرتها الكاملة، و70 ميغا واط عند تشغيل مولدين كما يحدث في أغلب الأحيان، وفي حال توقفها يكون العائد منها صفر كهرباء.

ويؤكد نعيم أن حل أزمة الطاقة بغزة يتم فقط بتوفير 500 ميغا واط، بشكل دائم وأمن.

محطة التوليد في قبضة الخلاف

وتعد محطة التوليد المتوقفة حاليا هي مصدر تفاقم الازمة دائما خاصة عندما لا تلتزم سلطة الطاقة بغزة التي تتبع لحركة حماس بعدم ارسال 30 مليون شيكل لوزارة المالية برام الله من الجباية، وفق اتفاق بين رئيس الحكومة رامي الحمد الله وقائد حماس بغزة اسماعيل هنية خلال زيارة الاول لغزة، حتى تتمكن هيئة البترول من ارسال الوقود اللازم لتشغيل محطة التوليد.

وبدون انتاج محطة الكهرباء يعتمد القطاع على الكهرباء الاسرائيلية مما يوفر برنامج 6 ساعات وصل 12 ساعة قطع بالكاد، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال على خطوط التوزيع، فيما تعتمد محافظة رفح على الكهرباء المصرية المتذبذبة فقط.

باطن الأزمة وظاهرها

المعلومات أعلاه منحت أزمة الكهرباء استقرار، دون حلول جدية ما عدا محاولة قطر توفير الغاز لمحطة التوليد لتشغيلها بتكلفة أقل، أو زيادة الكهرباء الاسرائيلية 100 ميغا واط اضافية، أو تشيد محطة طاقة شمسية لإنتاج الكهرباء وكلها أمور تحتاج موافقة اسرائيلية ومناخ سياسي وبيئة أمنية مستقرة غير متوفرة في قطاع غزة حاليا.

استقرار الأزمة وارتفاع درجات الحرارة وتفاقم حالات الاحباط الجماعي جراء أزمات القطاع الاقتصادية وتوابعها الاجتماعية وأسبابها السياسية المتجددة دفعت المواطنين لكسر حاجز الخوف والخروج في مظاهرات ظاهرها أزمة الكهرباء البائسة وباطنها يخفي غضب شديد من الأوضاع الكارثية في كافة المجالات، وغياب أفق واضح للخروج من نفق الأزمات وتداعيات الحصار المتواصل، ونتائج ثلاثة حروب مدمرة في ظل حالة انحباس سياسي وتضاءل فرص المصالحة أمام تغول الانقسام وتزايد مؤشرات الفصل بين أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة.

تساؤل مشروع

خروج المواطنين لليوم الثالث في رفح، وفي شرق وغرب مدينة خانيونس ليلا لليوم الثاني على التوالي وامتدادا المظاهرات لمخيمي النصيرات والبريج وسط قطاع غزة، مع خروج عدد قليل من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة الليلة الماضية وتصدي الأجهزة الأمنية له واعتقال 3 نشطاء، يدفعنا للتساؤل هل سيستمر خروج المواطنين في مسيرات عفوية ناقمة مستقبلا؟ وهل ستنتهي المظاهرات عند العودة لبرنامج 8 ساعات يوميا كأفضل حل متوفر حسب القدرات الحالية؟، كلها أسئلة برسم الازمات وفي يد المواطن لكنها بالتأكيد تراكم حالة غليان شعبي كبير ومحبط لا يعرف احد محطته الأخيرة.

راية

Exit mobile version