من ينقذ نتنياهو من ورطته؟

الاحداث التي تشهدها الساحة الفلسطينية من اعتداءات اسرائيلية وما رافقها من هبة جماهيرية وشعبية فلسطينية تركت تداعياتها الخطيرة على الوضع المحلي والإقليمي والدولي وأثارت مخاوف الاسرائيليين من امكانية اندلاع انتفاضة جديدة ستترك ايضا تداعياتها على الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة سواء كانت في الجانب الفلسطيني او الاسرائيلي.
هذه الاحداث وضعت نتنياهو في مأزق جديد حتى مع حلفاءه في الائتلاف الحكومي والذين باتو يتهمونه بالعجز والتقصير في حماية امن اسرائيل واستغلت المعارضة الاسرائيلية الوضع القائم لتزيد من هجومها على نتنياهو حيث اتهمه اسحاق هيرتصوغ بفقدان السيطرة على امن مواطني دولة اسرائيل وانه فشل في معالجة المسائل الامنية والسياسية.
ووجد نتنياهو نفسه ايضا امام ضغوط دولية تطالبه بتهدئة الوضع مع الفلسطينيين فمسألة حسم الصراع بهذه الطريقة لن تؤدي الى نتيجة ولن يقبل بها المجتمع الدولي. وكانت الموجة الاعنف من الانتقادات قادمة من الولايات المتحدة حيث اتصل به وزير الخارجية الامريكي مرات عدة يطالبه بالتهدئة.
نتنياهو اضطر نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية في البحث عن مخرج للازمة التي باتت تعصف بحكمه وكان عليه البحث عن الاسباب التي ادت لذلك والعمل على ازالتها.
وبالفعل ادرك نتنياهو جيدا ولو بشكل متأخر ان موضوع القدس والمستوطنات هو من اشعل فتيل الانفجار القادم وبات عليه تدارك الوضع ومعالجة الموضوع حتى لو كان خارج قناعاته.
نتنياهو لم يتعلم من تجربة اسلافه ولم يستنسخ نتائج تجربة شارون الذي اغتصب الاقصى فكانت الانتفاضة الثانية عام 2000. ووقع نتناهو في نفس الفخ الذي وقع شارون به وسمح لمستوطنيه وبحماية جيشه من اقتحامات متكررة للأقصى وتدنيسه، ولا نعتقد انه للحظة واحدة بان نتنياهو كان عاجزا عن فهم طبيعة ما يجري وما يمكن ان يحدث نتيجة اعماله هذه بل من المؤكد ان هناك صورة مرسومة امامه لردود الفعل الفلسطينية وكان يدرك ان هكذا قرارات غير محسوبة النتائج يمكن ان تشعل شرارة لا تنطفئ وتكون سببا في توسيع رقعة الاحداث وهذا ما حصل عندما امتدت الاحداث الى المدن الاسرائيلية وباتت كافة المدن في دائرة الاستهداف.
كان على نتنياهو اتخاذ قرار وبناء على توصية من المجلس الأمني القومي الإسرائيلي، الذي طالب بمنع الزيارات، بغية التخفيف من حدة العنف والمواجهات في الضفة الغربية، كان عليه اتخاذ قرار لمعالجة الموقف والتخفيف اولا من ردود الفعل الفلسطينية وذلك بان اصدر قرارات بمنع دخول وزراءه وأعضاء الكنيست الاسرائيلي للمسجد الاقصى وذلك لتهدئة الوضع في الجانب الفلسطيني.وفي الوقت الذي عارض فيه اليمين المتطرف قرار نتنياهو، نظرت المعارضة لهذا الموقف بارتياح لان زيارات وزراء حكومة نتنياهو واعضاء الكنيست من اليمين شكلت تدهورا في الأوضاع الامنية في القدس، وكانت سببا لاندلاع المواجهات.
هذه الحقيقة قادته لمعرفة حقيقة اخرى كانت غائبة عن ذهن نتنياهو وهو ان الاستيطان الذي طالب ايضا بإيقافه كان سببا رئيسيا في توقف عملية السلام بشكل كامل وساهمت في تأليب المجتمع الدولي ضد دولة اسرائيل وأدرك نتنياهو بان الفلسطينيون لن يعودوا للمفاوضات دون توقف شامل للاستيطان. ومع دعوته التي اطلقها باستعداده للعودة الى المفاوضات لم يكن امامه بد الا بدء الاستجابة للمجتمع الدولي وخاصة ان الولايات المتحدة حذرته بعدم امكانيتها الدفاع عن الاستيطان الاسرائيلي في مجلس الامن حيث تنوي فرنسا طرح مشروع متكامل لحل الصراع.

خاص بمركز الإعلام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا