الامن في تحكيم العقل لا العقوبات كتب عزت دراغمة

الاعتقاد الخاطئ يقود بالتأكيد لنتائج ومخرجات خاطئة أو اشد خطأ، وهكذا الاحتلال الإسرائيلي ممثلا بحكومته، التي تذهب على مدار كل سنة وكل شهر وكل أسبوع باتخاذ سلسلة جديدة من العقوبات ضد شعب محتل واعزل، جربت معه أشكال العنف والإرهاب والممارسات كافة، معتقدة أن عقوباتها وعدوانها المتواصل سيحقق لها ما تتمناه من استمرارية الاحتلال والاستبداد والقهر والتعسف ويوفر لشعبها الأمن والأمان بالقوة والبطش وعلى حساب إذلال وقهر شعب آخر، مع أن مثل هذه الأمنيات والاعتقادات أمر مستحيل حتى لو توفر لفترة وجيزة من الوقت، وهذا الأمر ربما لا تريد حكومة الاحتلال إدراكه او انها تحاول تناسيه وإلا فإنها تكون فاقدة لعين الصواب وحقائق التاريخ ولا تعي تطلعات الشعوب وهذا ما يبدو هو الدافع لكل ممارساتها وعدوانها واستمرارية احتلالها.

بالأمس اتخذ المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينيت” لحكومة نتنياهو سلسلة عقوبات وإجراءات عقابية جماعية وفردية جديدة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وبضمنها إغلاق كافة المنافذ “الفتحات الصغيرة” في جدار الفصل العنصري في محيط مدينة القدس المحتلة، واستكمال بناء ما تبقى من هذا الجدار في مناطق الخليل، إلى جانب شن حرب لا هوادة فيها على الإعلام الفلسطيني بما يتضمن إغلاق محطات الإذاعة والتلفزة المحلية والوطنية ووسائل الإعلام الأخرى من صحف ومواقع الكترونية وتواصل اجتماعي، وبالتأكيد تخفيض أعداد التصاريح الخاصة بالعمال والتجار والمزارعين الفلسطينيين، ومعاقبة أقارب من يتصدون للاحتلال ويقاومونه خاصة ذوي الضحايا والشهداء الذين تهدد إسرائيل بإبعادهم وطردهم من منازلهم الى قطاع غزة وسوريا، وفرض حصار وطوق عسكري على القرى والبلدات التي يقيم فيها الضحايا والشهداء وإغلاقها على من فيها من المواطنين، ومع أن كل هذه الإجراءات العقابية سبق وان مارستها حكومة الاحتلال ولا تزال تمارسها حتى اليوم، إلا أن الإعلان عنها مجددا بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي لإسرائيل وإعلانه تأييد بلاده لما تنفذه إسرائيل من هجمات على الفلسطينيين تحت الشعار الزائف مواجهة “الإرهاب”، له بعد آخر ستحاول إسرائيل استثماره لإقناع الإدارة الأميركية الجديدة وربما الحالية لزيادة حجم مساعداتها المالية والعسكرية وتحقيق دعم سياسي وإعلامي إضافي لا سيما في فك العزلة الدولية عنها.

إن حكومة الاحتلال تستطيع توفير الأمن والأمان لشعبها وتستطيع توفير كل مجهوداتها الحربية والعسكرية بأقل كلفة مما تقوم به، لكن عليها أن تحكم العقل الإنساني أولا وان تقتنع بان لغيرها حقوق ومطالب كما هي لشعبها، وبمعنى آخر فان وقف كافة الأنشطة والعمليات العسكرية التي ينفذها جيشها في الضفة وفي مقدمتها القدس المحتلة، وتجميد توسعها الاستيطاني وسيطرتها على متطرفيها وإزالة الحواجز العسكرية ووقف عدوانها بكافة أشكاله وألوانه، وتحكيم لغة العقل والمنطق في العودة للعملية السياسية بناء على قرارات الشرعية الدولية، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني كافة وفي مقدمتها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة، يوفر عليها الكثير الكثير من المليارات وأرواح البشر، ويجعل أبناء الشعبين يعيشون في أمان واستقرار بدلا من العنف والعدوان.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version