راجعوا حساباتكم كتب عمر حلمي الغول

المراقب لأوضاع الساحة الداخلية، لا يشعر بالرضى عما هي عليه الحال الوطنية. ويشعر بالالم والغثيان من الكيفية، التي يتعامل بها البعض مع الخلافات والتباينات في الاوساط الفلسطينية. ولا يتحدث المرء عن الانقلاب الحمساوي، بل عما يجري في محافظات الشمال، وابرزها إضراب المعلمين المتواصل منذ شهر، والاعلان من قبل الجهات الرسمية، ان لا حلول سريعة للاضراب. وهو ما يؤشر إلى تفاقم الازمة وتراجع آفاق الحل، وغيرها من التفاصيل المتعلقة بعمل المؤسسات والوزارات وآليات اتخاذ القرارات في بعضها، وهو ما يشير إلى تآكل المعايير النظامية في آليات العمل.
كثيرة التفاصيل، التي يمكن طرحها كنماذج لتأكيد بؤس الواقع، وغياب الوعي والحرص في آن من قبل بعض المعنيين في الحالة الوطنية حيث لم يعد يميز هذا البعض بين إدارة التباين والخلاف مع هذا المسؤول او تلك المؤسسة وبين المصلحة العامة. وبقي متشبثا ذلك البعض بمواقفه، لأنه لم يرَ سوى تصفية حساباته الخاصة مع سين او ص، مما افقد اولئك، الذين يقفون خلف الاضراب، البوصلة في تحديد اتجاهات الضربة الرئيسية لنضالهم، وجعلهم غير قادرين على معالجة الامور في الساحة الوطنية، لا سيما وان خيار كسر العظم مع الاخرين لا يتم بهذه الطريقة، بل بالبحث عن الاساليب الديمقراطية المشروعة، والحرص على القضية الاهم من الافراد والحسابات الخاصة، اي على القضية والمشروع الوطني.
وعلى ذات الصعيد العمل على تعميق وحدة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وليس العكس. فتح بحاجة ماسة لتعميق بنائها التنظيمي والسياسي واللوجستي. قياداتها معنية في مستوياتها المختلفة بتعزيز ترابطها وتماسكها، وعدم إفساح المجال امام الاعداء والخصوم والمنافسين من “الاصطياد في المياه العكرة”. وإذا كان لأي منهم موقف من هذا المسؤول او ذاك، فإن مواجهته او تصفية الحساب معه يكون بوسائل البناء لا الهدم. لان ما ذهب إليه الاضراب من سياقات، عكس ما اراده من دفع به قدما للامام دون الانتباه للاخطار الناجمة عنه. مما حال دون النزول عن الشجرة، وبقي معلقا بين المطالب المشروعة وغير المشروعة وبين حساباته الخاصة، مما افقده السيطرة على مجريات الامور.
كما ان بعض المسؤولين، الذين تصرفوا بطريقة غير مسؤولة في معالجة الاضراب، يفترض بالقيادة، اولا تحويلهم للقضاء؛ وثانيا اتخاذ ما يلزم من الاجراءات المناسبة؛ لان مثل هؤلاء المتسلحين بالجنسيات الاجنبية، التي يحملونها، غير عابئين بمستقبل الوطن والمواطن والمشروع الوطني، السلطة بغنى عنهم، ولا تريدهم، ولا يستحقون تمثيلها او التعبير عن مواقفها، لأنهم ليسوا اهلا لذلك.
النتيجة لتفشي بعض الظواهر الخاطئة، يفرض العمل على الآتي: اولا مراجعة الذات والحسابات الخاصة؛ ثانيا تكريس الاولوية للمصالح العليا على حساب الشخصنة؛ ثالثا النزول عن شجرة الاضراب عبر الالتزام بما تم الاتفاق عليه مع الحكومة. وفي حال وجدت مطالب جديدة، يتم العمل على تحقيقها عبر البوابة النقابية؛ رابعا الاسراع بعقد المؤتمر الوطني العام للمعلمين لانتخاب قيادة جديدة، والتأكيد على اهمية الاتحادات الشرعية؛ خامسا قطع الطريق على القوى المتربصة بالسلطة والمشروع الوطني من خلال إيقاف الاضراب فورا؛ سادسا محاكمة كل من اخطأ في معالجة الاضراب من البداية؛ سابعا تثبيت النظام واللوائح الناظمة لعمل المؤسسات الرسمية في التعامل مع اي قضية؛ ثامنا الكف عن تصفية الحسابات مع الكفاءات الوزارية عبر سياسة الطرد او الاحالة على التقاعد المبكر، لان هذا الاسلوب لا يخدم عمل المؤسسة، لا بل يسيء لها، وسحب اي موظف من موقعه في حال ارتكب حماقة واساء لدور المؤسسة؛ تاسعا التخلي عن اي مسؤول يتسلح بجنسيته الاجنبية على حساب مصالح الشعب والوطن؛ عاشرا حماية وحدة المؤسسة والشعب والقضية والمشروع الوطني.
oalghoul@gmail.com

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا