سياسيون ومتابعون: مؤتمر باريس أعاد القضية الفلسطينية بقوة إلى الساحة الدولية

عريقات: المؤتمر أنقذنا من مستنقع المفاوضات الثنائية وأعاد قضيتنا إلى أجندة العالم

بلال غيث كسواني – يرى مسؤولون ومحللون سياسيون، أن مؤتمر باريس الذي عقد يوم أول أمس، أسهم في إعادة القضية الفلسطينية لأجندة العالم في ظل الانشغال بالحروب المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط، وأسهم في إعادة تدويل القضية الفلسطينية ووضعها في سياقها الصحيح، وكسر الاحتكار الأميركي للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعقده في واحدة من الدول العظمى وهي فرنسا.

وتضمن البيان الختامي للمؤتمر، الذي حضره أكثر من 25 وزير خارجية من الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة بعد رفض إسرائيل منذ البداية هذا التحرك، التأكيد مجددا على الحاجة إلى حل من خلال التفاوض لإقامة دولتين، وأن المفاوضات المباشرة بين الجانبين يجب أن ترتكز على قرارات مجلس الأمن الدولي القائمة، والتأكيد على ضرورة حل قضايا الوضع النهائي بما فيها اللاجئون والقدس والمستوطنات والأسرى وغيرها من القضايا، والتحذير من أن استمرار الحالة الراهنة من الجمود والافتقار إلى تحقيق تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، أمر لا يمكن قبوله.

عدا عن عقد هذا المؤتمر، من المقرر عقد مؤتمر دولي للسلام نهاية العام الجاري، كماأكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو في مؤتمر صحفي يوم الجمعة عقب الاجتماع “إن قوى كبرى ستسعى بحلول نهاية حزيران الجاري وضع مجموعة من الحوافز الاقتصادية والضمانات الأمنية لحث الجانبين على إحياء محادثات السلام”.

وقال أمين سر منظمة التحرير صائب عريقات إن ما حدث في باريس هو اجتماع دولي بامتياز دعت له فرنسا وشارك فيه العالم أجمع وعبر الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أن عدم حل القضية الفلسطينية سيتسبب بانفجار جديد في المنطقة، وبمعنى أن العالم قال في مؤتمر باريس لرئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرف بنيامين نتنياهو لن نسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه.

وقال عريقات إن “فلسطين شُطبت عن خرائط المنطقة بقرار دولي ولن تعود لخارطة المنطقة إلا بقرار دولي، وبعقد المؤتمر بباريس اتخذ قرار بإعادة فلسطين للخارطة الدولية، فالعالم يقوم برسم خارطة جديدة، مؤتمر باريس قال إنه لا أمن ولا سلام في الشرط الأوسط إلا بوجود دولة فلسطين على الخارطة، رغم محاولات نتنياهو المحمومة لإفشال المؤتمر”.

وأوضح عريقات أن المطلوب الآن هو تحديد ما يجب عمله للحفاظ على هذا الزخم الدولي “والجواب هو بإزالة أسباب الانقسام، فهناك فرصة يوفرها الأشقاء في مصر وفي قطر للوصول لحكومة وحدة وطنية والذهاب لصناديق الاقتراع بأسرع وقت ممكن، فما حدث في باريس هو تطور استراتيجي نوعي والعالم قال إنه لا انتصار على الإرهاب إلا بإقامة دولة فلسطين الذي يحاول البعض تنفيذ ارهابه بحجة تحرير فلسطين”.

وبين أن فرنسا رفضت وضع القضية الفلسطينية جانبا حتى يجري حل الصراعات في دول الشرق الأوسط، فالمبادرة الفرنسية والاجتماع في فرنسا “أكد للقاصي والداني أن القضية الفلسطينية لا يمكن إهمالها ولا يمكن وضعها جانبا”.

وفيما يتعلق بالبيان الختامي، قال عريقات، لــ”وفا” إن “العالم أجمع حضر الاجتماع والبيان خرج بـ11 نقطة أساسية الأولى أكد على حل الدولتين إسرائيل وفلسطين، والتهديد الذي يهدد الدولتين هو الاستيطان وكذلك عنف الاحتلال، ونقطة أخرى عدم قابلية استدامة الوضع الحالي وهو ما يسعى له نتنياهو، وأيضا لأول مرة في أي بيان دولي يستخدم مصطلح الإنهاء التام للاحتلال الإسرائيلي من المناطق المحتلة عام 1967، وأكد المؤتمر على حل جميع قضايا الوضع النهائي بما فيها اللاجئين والقدس والمستوطنات والأسرى وغيرها من القضايا، وأهمية ارتكاز ذلك لمبادرة السلام العربية، وتوفير محفزات للجانبين بخلق أدوات وأطر جديدة للمفاوضات من خلال تنفيذ التصور الوارد في مبادرة السلام العربية وهو أن تنسحب إسرائيل ويصار للتطبيع، واللجنة الرباعية لها دور أساسي، والنقطة الأخرى دعوة البلدان المعنية للإسهام بفرق عمل للتمهيد للمؤتمر الدولي ترأسها الدول المختلفة لبناء الدولة الفلسطينية، وتقوم فرنسا بتنسيق هذه الجهود وتكون لجنة مرجعية برئاسة فرنسا”.

وأضاف عريقات أن مؤتمر باريس “هو خطوة سحبنا من مستنقع المباحثات الثنائية والتحكم الإسرائيلي بهذه المفاوضات، فالمهم أن نصل إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بالمرجعيات المحددة، يحدد سقوفا زمنية للمفاوضات وللتنفيذ ونريد إطارا جديدا لمتابعتها من دول العالم”.

وبين أن إسرائيل بدأت حملة قوية جدا للتقليل من نتائج مؤتمر باريس، موظفة أكبر مطابخ الإعلام في أوروبا وأميركا لإحباط عقد المؤتمر الدولي للسلام نهاية العام الجاري، “ولكن سنعمل بكل جهدنا من أجل عقد هذا المؤتمر”.

وعن وجود أصوات فلسطينية خرجت لتعارض المبادرة، قال عريقات إن المجتمع الفلسطيني “مجتمع ديمقراطي يوجد أطراف ترفض مبدأ المفاوضات، ولكن في استطلاعات الرأي غالبية شعبنا مع دولة في حدود 1967، وعندما تخرج فرنسا تقول أن الفلسطينيين يستحقون دولة هذا نصر كبير، حيث شهد المؤتمر نشاطا دوليا هائلا لصالح الفلسطينيين، والعالم كله رفض استدامة الوضع القائم في فلسطين”.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم لـ”وفا”، إن المؤتمر الدولي حقق 3 أشياء مهمة لفلسطين، أولها إعادة القضية الفلسطينية للواجهة، وثانيها التأكيد على حل الدولتين والتزام المجتمع الدولي بحل الدولتين، إضافة إلى أن المؤتمر أكد على أهمية عقد مؤتمر سلام عالمي في الخريف المقبل، “وهذا نصر آخر للشعب الفلسطيني حيث يعتبر عقد هذا المؤتمر إنجازا لشعبنا”.

وأَضاف: أن نصوص بيان باريس الختامي لم تكن بالصورة التي أرادها الوفد الفلسطيني ولكن الدول لها مصالح أيضا، وهنا يمكن القول إن ما حصل في باريس هو نصر لنا وفشل لإسرائيل التي سعت لإفشال المؤتمر، أو محاولة الالتفاف عليه، والجامعة العربية اليوم وأمس أكدت أنه لا يوجد أي تعديل على مبادرة السلام العربية وكذلك تأكيد وزير الخارجية السعودي على نفس المسألة.

وقال سويلم “إن من يقرأ علم السياسة جيدا يعرف أن المؤتمر نجح وحقق شيئا للفلسطينيين، وأن من يرفض المؤتمر هي فصائل أيديولوجية وارتباطات خارجية تنطلق منها في رفض المؤتمر، ولا يعول على هذا الرفض لأنه غير معلل… ونرى في المؤتمر الدولي الذي سيعقد في الخريف المقبل فرصة لوضع حد للاستيطان الإسرائيلي”.

وقال إن عقد المؤتمر في فرنسا “مهم، فهي أقرب دول الاتحاد الأوروبي في المنطقة ولها دور في الشرق الأوسط وهي الأقدر على عقد المؤتمر، كما أن أوروبا معنية بالحل أكثر من أي منطقة أخرى لأنها هي التي تعاني من الإرهاب واللجوء الذي وصل لبيتها الداخلي، وهي الأقرب جغرافيا للمنطقة العربية وهي جارة مباشرة للوطن العربي، وفرنسا هي الأقرب لشعبنا”.

من جانبه، قال المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض لـ”وفا”، إن المؤتمر أعاد وضع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأجندة الدولية، وعرى الادعاءات الإسرائيلية، وحدد شكل الحل النهائي، وعمل آلية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، كما عمل على توحيد الرأي العام العالمي بضرورة حل القضية الفلسطينية كوسيلة لمحاربة الإرهاب.

وأضاف لــ”وفا”، أن المؤتمر أسهم في التخفيف من الاحتكار الأميركي لعملية السلام، ففرنسا تريد أن ترعى التسوية بموافقة أميركا التي شارك وزير خارجيتها جون كيري في المؤتمر، الذي انتصرت فيه الرؤية الفلسطينية بعقد مؤتمر سلام في الخريف المقبل.

وشدد عوض على أهمية أن يتقدم العرب بمبادرتهم ويتمسكون بمبادرتهم بصفتها أساس للحل بين الفلسطينيين والإسرائيليين باعتبارها أقصى ما يمكن أن يقدمه الفلسطينيون والعرب لإسرائيل.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا