حركة مقاطعة إسرئيل (BDS)… ساحة أُخرى للمقاومة

مُنال زيدان

في الوقت الذي يتراجع فيه دور الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، يولد جسم مقاوم لا يحمل بندقية ولا سكيناً، لكنه يؤثر بمقاومته الصامتة ضد الاحتلال الإسرائيلي أكثر من أزيز الرصاص، فيهز الاقتصاد الإسرائيلي ويحدث فيه شرخاً يتسع يوماً بعد. حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها “BDS” تستخدم أدوات بسيطة في شكلها، عظيمة في تأثيرها، لتفتح بذلك طريقاً لكل أحرار العالم للنضال ضد الاحتلال وعنصريته دون سفك قطرة دم واحدة.

نسلط الضوء على هذه الحركة، بدءاً من المقاطعة كفكرة، مروراً بتطور حركة المقاطعة ونشاطها. ونرصد التأثير الذي أحدثته، وردود الفعل الإسرائيلية على ذلك.

ماذا تعني المقاطعة؟

يعرّف معجم “ميريام- ويبستر” كلمة مقاطعة Boycott بأنها “رفض شراء أو مشاركة (شيء) كطريقة للتعبير عن الاحتجاج، والامتناع عن استخدام بضائع أو خدمات (شركة، دولة.. إلخ) حتى يحدث تغيير”.

وورد ذكر إجراءات المقاطعة الاقتصادية في ميثاق الأمم المتحدة في المادة 41 التي تنص على أن “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية.

وقد لجأت الأمم المتحدة إلى فرض عقوبة المقاطعة الاقتصادية في العديد من المنازعات، ففرضت هذا الجزاء ضد جنوب إفريقيا بسبب سياسة التمييز العنصري، وذلك بموجب قرار مجلس الأمن رقم 232 في كانون أول ديسمبر عام 1966، ثم قرار مجلس الأمن رقم 253 في أيار/ مايو من العام 1968. كما لجأ مجلس الأمن الدولي إلى فرض هذا الجزاء إثر الاجتياح العراقي للكويت في العام 1990، بموجب قراره رقم 661 في آب أغسطس 1990 والذي فرض مقاطعة اقتصادية شاملة على العراق.(1)

المقاطعة في التاريخ الحديث:

تم اللجوء إلى المقاطعة الاقتصادية كوسيلة للاحتجاج على موقف ما، أو بهدف الضغط لتحقيق مطالب معينة في عدة حالات، من أبرزها:

1- في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي خلال حركة تحرير إيرلندا من السيطرة الإنجليزية، امتنع حلف الفلاحين من التعامل مع وكيل أحد اللوردات الإنجليز من أصحاب الإقطاعيات الزراعية في إيرلندا.
2- مقاطعة الشعب الصيني العام 1906 للبضائع الأمريكية احتجاجاً على وضع السلطات الأمريكية قيوداً ضد هجرة الصينيين إلى أميركا واستيطانهم فيها.
3- دعوة الزعيم الهندي المهاتما غاندي شعبه لمقاطعة البضائع البريطانية، عن طريق تعزيز إنتاج واستهلاك المنتجات الهندية كأسلوب احتجاجي سلمي ضد الاستعمار البريطاني، وعرفت الدعوة باسم “حركة سواديشي” واستمرت المقاطعة بين الأعوام 1906-1911.
4- أصدر حزب الوفد المصري بعد اعتقال سعد زغلول في العام 1921 قراراً بالمقاطعة الشاملة ضد الإنجليز، وشمل قرار المقاطعة حث المصريين على سحب ودائعهم من المصارف الإنجليزية، وحث التجار المصريين بأن يفرضوا على عملائهم في الخارج عدم شحن بضائعهم على السفن الإنجليزية، كما أوجب القرار مقاطعة التجار الإنجليز بشكل تام.
5- مقاطعة ألمانيا النازية للمنشآت التجارية اليهودية في الأول من نيسان إبريل 1933، حيث تم لصق كلمة “Jude”، وهي كلمة ألمانية تعني “يهودي” على نوافذ العرض في المتاجر اليهودية، مع رسم نجمة داود باللونين الأصفر والأسود على الأبواب.
6- إعلان يهود الولايات المتحدة العام 1933 مقاطعة المنتجات الألمانية احتجاجاً على السياسة النازية تجاه اليهود في ألمانيا.
7- الموقف الدولي من نظام الفصل العنصري “أبارتهايد” في جنوب إفريقيا، وفرض مقاطعة دولية شملت النواحي الاقتصادية والثقافية والرياضية، وبدأت إجراءات عزل نظام الأبارتهايد العام 1950. وكانت أبرز دولة حافظت على علاقاتها مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا هي إسرائيل خاصة فيما يتعلق بتصدير إسرائيل السلاح له في ظل المقاطعة الاقتصادية الدولية المفروضة عليه.
8- المقاطعة العربية لإسرائيل: تعود جذور المقاطعة العربية لإسرائيل إلى ما مارسه الفلسطينيون منذ أوائل القرن العشرين من مقاطعة شعبية ضد المنتجات الصهيونية، وذلك رداً على حركة الاستيطان الصهيوني وما صاحبها من إنشاء صناعات يهودية في فلسطين، وعقب قيام مجلس جامعة الدول العربية التي أولت أهمية كبرى لموضوع المقاطعة العربية للمنتجات الصهيونية في فلسطين، بإصدار قرار في 2/12/1945 يعتبر أن “المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية، وأن إباحة دخولها للبلاد العربية يؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية”. ودعا مجلس الدول العربية الأعضاء في الجامعة إلى اتخاذ الإجراءات التي تناسبها والتي تتفق مع أصول الإدارة والتشريع فيها لتحقيق غرض المقاطعة، وفي أيار مايو 1951 أعلن مجلس الجامعة العربية تنظيم مقاطعة شاملة لإسرائيل، وأصدر القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل بموجب قرار مجلس الجامعة العربية رقم 849 في 11/12/1954. وقسمت الدول العربية مقاطعتها ضد إسرائيل إلى ثلاث درجات: تتضمن الدرجة الأولى منع التعامل المباشر بين الدول العربية وإسرائيل، وتتضمن الدرجة الثانية منع التعامل مع إسرائيل سواء بصورة مباشرة أو عن طريق وسيط ثالث، فيما تتضمن المقاطعة من الدرجة الثالثة فرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع إسرائيل ووضعها ضمن قوائم سوداء يحظر تعاملها مع أي دولة عربية، وقد خففت بعض الدول العربية نسبياً من مستوى تلك العقوبات بعد مؤتمر مدريد للسلام العام 1991. (2)

حركة المقاطعة BDS

امتداداً لتاريخ الشعب الفلسطيني الحافل بالمقاومة الشعبية، ومن ضمنها تجارب المقاطعة، سيما في الانتفاضة الأولى، وتأثراً بتجارب النضال في جنوب إفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ضد الاضطهاد، أصدرت في 9/7/2005 عدد من الفعاليات الفلسطينية شملت أحزاباً ونقابات وهيئات واتحادات وقوى شعبية في الوطن والشتات نداءً تاريخياً لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، ما شكّل الحركة الفلسطينية ذات الامتداد العالمي لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حتى تنصاع للقانون الدولي وتلتزم بحقوق الشعب الفلسطيني، والتي أصبحت تُعرف عالمياً بحركة Boycott, Divestment and Sanctions أو اختصاراً “BDS”.

وتطالب الحركة بعزل إسرائيل في كافة المجالات، الاقتصادية والعسكرية والأكاديمية والثقافية، على غرار عزل نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في جنوب إفريقيا من قبل، حتى تنصاع إسرائيل للقانون الدولي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وتحديداً حتى تلتزم بتطبيق ثلاث شروط ضرورية ليمارس الشعب الفلسطيني حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وهي إنهاء إسرائيل احتلالها واستعمارها لكل الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما في ذلك تفكيك الجدار والمستعمرات. وإنهاء نظام الأبارتهايد الإسرائيلي ضد فلسطينيي الـ48. وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجِّروا منها بموجب قرار ا?مم المتحدة رقم 194.

وتشمل الإجراءات العقابية التي طالب بتطبيقها نداء BDS

المقاطعة Boycott

وتشمل مقاطعة المؤسسات والنشاطات الأكاديمية والثقافية والرياضية الإسرائيلية، كما تشمل مقاطعة بضائع الشركات الإسرائيلية والشركات العالمية المتواطئة في انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي.

سحب الاستثمارات Divestment
تشمل بيع الأسهم والامتناع عن الاستثمار في الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية المتورطة في جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

فرض العقوبات Sanctions

يُقصد بها الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة أو جهة تنتهك القانون الدولي بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات، وتشمل العقوبات العسكرية والتجارية والمالية والاقتصادية والأكاديمية والثقافية وغيرها.

تمتد جذور حركة المقاطعة BDS في تاريخ المقاومة الشعبية والأهلية الفلسطينية على مدى عقود، وتستلهم تجربتها من نضال شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الأبارتهايد ومن حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وغيرها من نضالات الشعوب ضد الاضطهاد والاستعمار.
تضم اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، كل الطيف السياسي الفلسطيني والأطر النقابية والشعبية، وتقود هذه اللجنة حركة المقاطعة العالمية، وتضع معاييرها وتنسق مع الشركاء والحلفاء حول العالم في حملات مقاطعة أو سحب استثمارات عينية. كما أن هناك عدد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تعمل في نفس الاتجاه بشكل مستقل، مما يرفد عمل حركة المقاطعة.
ورغم السعي لفرض مقاطعة شاملة على إسرائيل، فإن المقاطعة تتبع مبدأ “الحساسية للسياق”، أي أن نشطاء المقاطعة في كل موقع هم الأكثر قدرة على تحديد الشركات أو المؤسسات التي يستهدفونها في حملاتهم وكيفية النضال للوصول إلى الأهداف المحلية. فأغلبية حلفاء الحملة في الغرب، على سبيل المثال، يستهدفون الشركات المتورطة في انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في الأراضي المحتلة عام 1967 فقط، لكن بعضهم بدأ بتجاوز ذلك فتبنى المقاطعة الشاملة لإسرائيل ومؤسساتها. كما أن للحركة حلفاء إسرائيليون من القوى المعادية للصهيونية والمتفقة على نداء المقاطعة بأكمله. ورغم قلة عدد مناصري BDS من الإسرائيليين، إلا أن تأثيرهم كبير وهام في الحركة العالمية للمقاطعة.

حركة المقاطعة ليست حزباً سياسياً ولا حركة أيديولوجية بحسب نشطاء الحركة، بل هي حركة حقوق إنسان عالمية ذات قيادة ومرجعية فلسطينيتين. وهي تعتمد على الجهود الطوعية للأفراد والمؤسسات المؤيدة لحقوق الإنسان وإعلاء شأن القانون الدولي، وهي ليست حكراً على طرف سياسي أو أيديولوجي أو غير ذلك. ويتكون نداء المقاطعة الذي أطلقة المجتمع الفلسطيني في 2005 من شقين: المبادئ والحقوق غير القابلة للتصرف. والتكتيكات المطلوبة للوصول إلى الأهداف. (3)

تنسيق حركة المقاطعة مع الخارج:

إن حركة BDS ليست حزباً سياسياً ولا حركة أيديولوجية، فهي حركة حقوق إنسان عالمية ذات قيادة ومرجعية فلسطينيتين. وهي تعتمد على الجهود الطوعية والمبدعة للأفراد والمؤسسات المؤيدة لحقوق الإنسان وإعلاء شأن القانون الدولي.

يتكون نداء المقاطعة من شقين: أولاً، المبادئ والحقوق غير القابلة للتصرف، وثانياً، التكتيكات المطلوبة للوصول إلى الأهداف.
يتبنى حلفاء حركة المقاطعة حول العالم الحقوق المنصوص عليها في نداء المقاطعة، ولكن كل منهم يقرر باستقلالية الأهداف المناسبة للمقاطعة أو سحب الاستثمار في موقعه والتكتيك الأنسب للوصول للهدف، وهذا هو مبدأ الحساسية للسياق. البعض يقرر مقاطعة جميع الجامعات الإسرائيلية، كما حدث من قبل عدة جمعيات أكاديمية في الولايات المتحدة منذ العام 2013، والبعض الآخر يتبنى مقاطعة شركة بعينها فقط لتورطها في المستعمرات المقامة في الأراضي المحتلة عام 1967.
وتعمل الحركة مع عدد كبير من النقابات والكنائس والمؤسسات والجمعيات الأكاديمية والطلابية والنسوية والثقافية وغيرها كشركاء وحلفاء لحركة المقاطعة في الخارج.(4)

وقد توسع نشاط حركة المقاطعة خلال العام 2015 بشكل ملحوظ، وظهر ذلك من خلال عدة مؤشرات أبرزها:

– تأسيس تحالف الحملة المصرية الشعبية لمقاطعة إسرائيل BDS Egypt، ويعتبر من أكبر تحالفات حركة المقاطعة.
– تأسيس تحالف حركة المقاطعة في ماليزيا.
– انتشار حركة المقاطعة في الوطن العربي وأمريكا اللاتينية.
– أقيم أسبوع مناهضة الابرتهايد الإسرائيلي في أكثر من 150 مدينة حول العالم.
– 63 عضو برلمان في الإتحاد الأوروبي يصوتون لصالح إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع دولة الاحتلال.
– الكنيسة المتحدة المسيحية تقرر سحب استثماراتها ومقاطعتها لأي شركة تنتفع من الاحتلال.
– قمة المركوسور الاجتماعية تطالب بإنهاء اتفاقية التجارة بين دولة الاحتلال ودول أمريكا اللاتينية.
– أكثر من 26 ولاية وسلطة محلية، تنضم لمبادرة “أماكن بلا عنصرية” وتقاطع دولة الاحتلال، ومنها، اشبيلية، بادالونا، تريسا. (5)

اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة:

بعد المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول لحركة المقاطعة BDS في العام 2007، تشكلت اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في أوائل 2008 وهي أكبر ائتلاف في المجتمع الفلسطيني، تمثل مرجعية الحركة العالمية للمقاطعة. وتضم عضويتها القوى الوطنية والإسلامية، الاتحاد العام لعمال فلسطين، الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، الائتلاف النقابي الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل، شبكة المنظمات الأهلية، الهيئة الوطنية للمؤسسات الأهلية، اتحاد النقابات المستقلة، الائتلاف الفلسطيني العالمي لحق العودة، مبادرة الدفاع عن فلسطين وهضبة الجولان السورية المحتلتين، الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، اتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية، الاتحاد العام للمرأة، الاتحاد العام للكتاب والأدباء، اتحاد المزارعين الفلسطينيين، الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، تنسيقية المقاومة الشعبية، الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، الائتلاف من أجل القدس، اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، نقابة الوظيفة العمومية، الاتحاد العام للفلاحين والتعاونيين الزراعيين، اتحاد الجمعيات الخيرية، النقابات المهنية، الحملة النسائية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، الراصد الاقتصادي، اتحاد مراكز الشباب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، اللجنة الوطنية للمقاومة الشعبية. (6)

تعمل اللجنة الوطنية للمقاطعة من أجل:

1- ترسيخ ونشر ثقافة المقاطعة كشكل أساسي من أشكال المقاومة المدنية للاحتلال والاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي.
2- بلورة وتطوير استراتيجيات وبرامج عمل لتطبيق نداء المقاطعة عبر حملات فعّالة تراعي الحساسية للسياق وضرورة تشكيل تحالفات عريضة.
3- قيادة حركة المقاطعة عالمياً، وتقديم الدعم والتوجيه للناشطين.
4- رصد ومناهضة مشاريع ونهج التطبيع الفلسطيني والعربي مع إسرائيل ومؤسساتها ورموزها، على الصعيد الاقتصادي والأمني والشبابي والعلمي والبيئي والرياضي والنقابي والنسوي والسياحي وغيرها.
5- تحديد وتطوير أولويات ومعايير المقاطعة.
6- التنسيق لمؤتمرات وورش عمل محلية وعالمية لتطوير ودعم حملات المقاطعة المختلفة.
7- تقديم أوراق بحثية ومعلومات دقيقة حول تورط الشركات الإسرائيلية والعالمية في انتهاكات القانون الدولي تمهيدا لمحاسبتها.

الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية داخل فلسطين:

هي حملة مستمرة مرتبطة بوجود الاحتلال، وهي جزء من حملة وطنية عامة تقودها اللجنة الوطنية للمقاطعة، تسعى لتفعيل الجهود المبذولة على هذا الصعيد بشكل منظم، بهدف تعزيز الثقافة الوطنية في موضوع المقاطعة والعمل على إحداث تغيير في سلوك المواطنين تجاه البضائع الإسرائيلية. من خلال الربط بين المقاطعة والمقاومة، وترفع لأجل ذلك شعار (بدنا نخسّر لاحتلال).
وتنادي الحملة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية التي لها بديل وطني أو عربي أو حتى أجنبي من الدول الصديقة للشعب الفلسطيني. مع التأكيد على دعم وحماية المنتج الوطني مما يساهم في إيجاد فرص عمل لآلاف العمال الفلسطينيين والفنيين العاطلين عن العمل.(7)

مؤشرات لتأثير حركة المقاطعة BDS
من الصعب سرد كل إنجازات حركة المقاطعة خلال عقدها الأول، ولكن نشير لعدد من المؤشرات المباشرة وغير المباشرة لتأثير حركة المقاطعة BDS في عزل إسرائيل خلال السنوات الأخيرة: (8)

أولاً: في المجال الأكاديمي والثقافي:

– توقيع ألف شخصية ثقافية وفنية بريطانية على ميثاق للمقاطعة الثقافية لإسرائيل حتى ينتهي القمع الإسرائيلي الاستعماري للفلسطينيين. (9)
– تصويت 73% من أساتذة وطلبة وعاملي كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن لدعم المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
– انضمام مئات المثقفين في أمريكا اللاتينية لحركة المقاطعة BDSومنها دعم الرئيس البوليفي “إيفو موراليس” لهذا التحرك.
– انضمام المجلس التنفيذي للاتحاد الوطني للطلبة في بريطانيا يمثل 7 ملايين الطلب.
– تبني عدة جمعيات أكاديمية أمريكية المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
– توقيع 1200 أكاديمي في جامعات إسبانيا ومئات علماء الإنثروبولوجيا والتاريخ في الولايات المتحدة على بيانات تدعو للمقاطعة الأكاديمية الشاملة لإسرائيل.
– انضمام مئات الفنانين الايرلنديين للمقاطعة الثقافية لإسرائيل.
– إلغاء عروض عدد من الفنانين والفرق الموسيقية العالمية في مهرجانات إسرائيلية.
– تصويت مجالس الطلبة في معظم أجزاء جامعتي كاليفورنيا وستانفورد، وعدد آخر من الجامعات الأمريكية والكندية والبريطانية لصالح سحب الاستثمارات من شركات متورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي.
– مظاهرة كبرى في جنوب إفريقيا ضمت أكثر من 10.000 طالب ضد متاجر Woolworths لبيعها منتجات إسرائيلية، وكانت المظاهرة جزء من الحملة التي تقودها حملة المقاطعة بجنوب إفريقيا ونقابات العمال وحملات التضامن مع فلسطين.
– في أواخر العام 2015 انضمت جامعة برشلونة المركزية UAB إلى حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
– خلال العامين الأخيرين أيدت تسع جمعيات أكاديمية في أمريكا الشمالية حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، كان آخرها جمعية الإنثروبولوجيا الأمريكية التي صوت أكثر من 88% من أعضاء مؤتمرها لصالح المقاطعة.
– انضم عدد كبير من اتحادات الطلبة في جنوب إفريقيا والمملكة المتحدة وبلجيكا وكندا وجامعات الولايات المتحدة لحركة المقاطعة. وتتزايد قرارات اتحادات الطلبة في الولايات المتحدة بسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة في جرائم الاحتلال.
– خلال العام 2015، صوت 73% من أساتذة وطلبة وعاملي كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) بجامعة لندن لصالح مقاطعة إسرائيل أكاديمياً.
– تبنى أكثر من 1000 فنان وكاتب بريطاني مقاطعة إسرائيل وكذلك فعل قبلهم آلاف الأكاديميين والفنانين في إسبانيا وإيرلندا وجنوب إفريقيا. كما تعهد مؤخرًا مئات الأكاديميين البريطانيين بمقاطعة إسرائيل أكاديمياً والالتزام بنداء المجتمع الفلسطيني للمقاطعة.
– أيدت أربعة مهرجانات أفلام كولومبية المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
– أصدر أكثر من مائة ناشط أسود ومنظمة تعنى بحقوق السود الأمريكيين نداءً تاريخياً لدعم حركة المقاطعة BDS والتأكيد على الروابط المشتركة بين نضال الشعب الفلسطيني ونضالهم من أجل الحرية والعدالة والمساواة.
– حسب BDS فقد ألغى عشرات الفنانين عروضهم في إسرائيل، ومن بينهم الراحل غيل سكوت ـــ هيرون، وكارلوس سانتانا. وكذلك الفرق الموسيقية كلاكسونز وغوريلاز ساوند سيستم وذا بيكسيز، والمغنية والممثلة الفرنسية فانيسا بارادي. وغاب الممثلان المشهوران داستين هوفمان وماغ رايان عن حضور مهرجان القدس السينمائي في ربيع 2010. وقال المغني البريطاني ألفيس كوستيلو إن ضميره لا يسمح له بالغناء في إسرائيل. والكاتب البريطاني إيان بانكس دعا “كل الكتاب والفنانين إلى إقناع إسرائيل بانحطاطها الأخلاقي وعزلتها الأخلاقية، ويفضل أن يكون ذلك عبر عدم التعامل مع هذه الدولة الخارجة على القانون”. وحث الكاتب السويدي الشهير هيننغ مانكل على “فرض عقوبات دولية على إسرائيل أسوةً بالنظام العنصري في جنوب إفريقيا”. وذكّرت الكاتبة الأميركية العالمية أليس ووكر بالمقاطعة التي بدأها مارتن لوثر كينغ وروزا باركس ضد شركة الباصات العنصرية في ولاية ألاباما في منتصف القرن العشرين، واعتبرت مقاطعة إسرائيل عملاً أخلاقياً “للتخفيف من آلام الفلسطينيين والإصغاء إلى أحزان شعب ظلم طوال عقود”.

ثانياً: في المجال الاقتصادي:

– أشار تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام 2014 بنسبة 46% مقارنة مع العام 2013. وعزت إحدى مُعدّات التقرير هذا الانخفاض الحاد للعدوان على غزة ونمو تأثير حركة المقاطعة BDS.
– توقعت مؤسسة راند البحثية الأمريكية أن تلحق حركة المقاطعة BDS خسارة بالناتج القومي الإسرائيلي بنسبة 1-2 % (أي بين 28 و56 مليار دولار) خلال السنوات العشر القادمة، إذا استمرت في صعودها.
– أشار البنك الدولي إلى انخفاض الصادرات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية في الربع الأول من العام 2015 بنسبة 24%.
– قررت شركة G4S وهي من أكبر الشركات الأمنية في العالم، الشروع في الانسحاب من كل مشاريعها الإسرائيلية خلال العامين القادمين، بعد خسارة عقود كبيرة حول العالم تحت ضغط حركة المقاطعة.
– بعد خسارة تجاوزت الـ 23 مليار دولار، انسحبت شركة “فيوليا” للبنى التحتية من كل مشاريعها مع إسرائيل في عام 2015 بعد حملة مقاطعة ضدها انطلقت في عام 2008.
– مع بداية العام 2016 انسحبت شركة الاتصالات العملاقة “أورانج” من السوق الإسرائيلية بعد حملة مقاطعة قوية قادتها BDS مصر وحملة إعلامية واسعة من قبل BDS فرنسا. كذلك سحبت أكبر شركة إيرلندية لمواد البناء كل استثمارها في شركة الإسمنت الإسرائيلية “نيشر”.
– قرر صندوق الاستثمار التابع للكنيسة الميثودية الموحدة (United Methodist Church)وهي من أكبر الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة، سحب جميع استثماراته من البنوك الإسرائيلية في بداية 2016، بينما قررت في 2015 كنيسة المسيح الموحدة سحب استثماراتها من الشركات المتورطة في دعم الاحتلال.
– تلاحقت خسائر شركة “صودا ستريم” الإسرائيلية حتى اضطرت إلى إغلاق مصنعها في مستعمرة معاليه أدوميم في الضفة الغربية المحتلة ونقله إلى مصنع جديد في النقب، في محاولة لتجنب آثار حملة المقاطعة ضدها، ومع ذلك بقيت حملة المقاطعة مستمرة ضدها.
– قام أحد أكبر صناديق الاستثمارات في العالم، وهو الصندوق الحكومي النرويجي (810 مليار دولار) بسحب استثماراته من شركتين إسرائيليتين، كما قام ثاني أكبر صندوق تقاعدي في هولندا (PGGM) 200) مليار دولار)، بسحب استثماراته من البنوك الإسرائيلية الكبرى.
– في عام 2014، باع صندوق بيل وميليندا غيتس (Gates Foundation) حصته البالغة ما يقارب 180 مليون دولار من شركة G4Sالأمنية بعد حملة ضغط من حركة المقاطعة، وذلك في إطار الحملة المتواصلة ضد شركة G4S المتواطئة في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني خاصة في السجون الإسرائيلية وعلى الحواجز العسكرية.
– انسحبت في 2014 بعض شركات الإنشاءات الأوروبية العملاقة من التنافس لإنشاء ميناءين يديرهما القطاع الخاص في أسدود وحيفا خشيةً من أن تشملهما حملات المقاطعة.
– في إطار الحركة العمالية، تبنت منظمة العمل العربية نداء حركة المقاطعة، كما تبنى مؤتمر عمال ولاية كونتكت (Connecticut) الأمريكية المقاطعة. وسبق ذلك تبني نقابة عمال الإذاعة والكهرباء في أميركا للمقاطعة. كما تبنت نقابات عمال البريد في كندا واتحاد نقابات العمال في جنوب إفريقيا مقاطعة إسرائيل وغيرها من الاتحادات حول العالم.
– انسحبت شركة فلسطين لتوريد الطاقة من عقد استيراد الغاز من الاحتلال بقيمة 1.2 مليار دولار بعد ضغط من حركة المقاطعة.
– خسرت شركة باصات “أيجد” الإسرائيلية عقداً مدته عشر سنوات في مقاطعة هارلم الهولندية، بفعل حملة مقاطعة محلية ضدها، كما خسرت عقدًا آخر في إقليم فريسلاند.
– انسحب بنك باركلايز (Barclays) كمستثمر لدى شركة البيت الإسرائيلية.
– قرر الاتحاد الأوروبي وضع علامات تميز البضائع القادمة من المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عام 1967.
– قررت سلسة صيدليات كبرى في هولندا مقاطعة منتجات شركة أهافا الإسرائيلية لمواد التجميل والتي تعمل في المستعمرات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
– قامت بلدية الكويت بإقصاء شركة “فيوليا” من مشروع لمعالجة النفايات الصلبة، تقدر قيمته بـ 750 مليون دولار، بسبب تعامل الشركة مع الاحتلال. وقد خسرت “فيوليا” عقوداً في العالم بقيمة تفوق 26 مليار دولار منذ بدء حملة المقاطعة ضدها في العام 2008 لتورطها في مشاريع استعمارية إسرائيلية تهدف لتهويد مدينة القدس، وتقديم خدماتها للمستعمرات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
– انسحبت الشركتان الفرنسيتان “بوما” و”سافيج” من المشاركة في مشروع القطار الكهربائي بالقدس المحتلة، بعد تحذيرات من وزيري الخارجية والمالية الفرنسيين وحركات التضامن الأوروبية حول انتهاك المشروع للقانون الدولي.
– مؤتمر الكنيسة الميثودية المتحدة يهدد بسحب الاستثمارات من شركات كبرى مثل “كاتربيلار” و”هيوليت باكارد” و”موتورولا”، بسبب استثمارها في إسرائيل ودعمها بناء المستوطنات في الضفة الغربية. وتقدر استثمارات الكنيسة الميثودية بـ21 ملياردولار، وكانت الكنيسة الميثودية قد قررت مقاطعة 5 مصارف إسرائيلية رئيسية هي “هابوعاليم” و”ليئومي” و”فيرست إنترناشيونال اوف إسرائيل” وبنك “مزراحي”.
– تم منع سفن إسرائيلية تجارية من تفريغ حمولاتها في موانئ كاليفورنيا، من قبل آلاف مناصري الحقوق الفلسطينية وعشرات عمال الموانئ في خليج سان فرانسيسكو.
– طالبت 310 من المؤسسات والأحزاب الأوروبية قيادة الاتحاد الأوروبي بتجميد اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد وإسرائيل.
– تبنت أربعة مجالس محلية في اسكتلندا، و 12 بلدية في تركيا مقاطعة البضائع الإسرائيلية.
– خسرت شركة “إلبيت” العسكرية الإسرائيلية عقد كبيراً مع البرازيل، حيث نجحت حركة المقاطعة والمجتمع المدني البرازيلي بإنهاء عقد بين حكومة إحدى ولايات البرازيل وشركة “إلبيت”. فيما خسرت شركة “ميكوروت” الإسرائيلية للمياه عقداً بـقيمة 170 مليون دولار مع الأرجنتين.
– حذرت وكالة “موديز” وهي إحدى الوكالات الرائدة في التصنيف الائتماني، من أن “الاقتصاد الإسرائيلي قد يعاني في حال اكتساب حركة مقاطعة إسرائيل BDS زخما أكبر”. فيما توقع تقرير حكومي إسرائيلي أن حركة المقاطعة BDS قد تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسارة سنوية بقيمة 1.4 مليار دولار.

ثالثاً: في المجال العسكري:

– وقّع ستة من حائزي جائزة “نوبل للسلام” على عريضة تطالب بحظر عسكري شامل على إسرائيل، كما وقع العريضة أكثر من 90 شخصية عالمية مرموقة وعشرات آلاف المواطنين حول العالم، وقام ناشطو المقاطعة في نيويورك بتسليم العريضة للأمم المتحدة.
– أوقفت إسبانيا مؤقتاً خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في صيف 2014 تصدير السلاح إلى إسرائيل، كما ارتفعت أصوات سياسيين بريطانيين وألمان وفرنسيين، بالدعوة إلى فرض حظر عسكري على إسرائيل.
– بدأت شركات تصنيع السلاح الإسرائيلية تشكو من “أزمة حقيقية في المبيعات” جرّاء تراجع سمعة إسرائيل في العالم. وأظهرت الأرقام مؤخراً انخفاضاً في صادرات الأسلحة الإسرائيلية من 7.5 مليار دولار عام 2012 إلى 5.5 مليار دولار في عام 2014. وتتوقع شركات الأسلحة الإسرائيلية الكبرى أن تكون مبيعاتها في 2015 قد انخفضت بنسبة 53% لتصل إلى 4 مليار دولار، ويعود ذلك جزئياً إلى حملات المقاطعة ضدها.
– أنهت أكثر من 20 شركة في جنوب إفريقيا تعاقدها مع شركة G4S الأمنية، بسبب تورطها في انتهاك حقوق الأسرى الفلسطينيين. كما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن أنها أنهت عقودها مع شركة G4S لتورطها في نشاطات داعمة للاحتلال.
– خسرت شركة ISDS الأمنية الإسرائيلية عقداً مع الحكومة البرازيلية بقيمة 2.2 مليار دولار، تحت ضغط حركة المقاطعة.
– أغلق نشطاء المقاطعة مصانع مملوكة لشركة إلبيت الإسرائيلية في المملكة المتحدة وأستراليا، واحد منها ينتج المحركات المستخدمة في الطائرات بدون طيار التي تفتك بأبناء شعبنا في قطاع غزة. كما تم إسقاط التهم المرفوعة ضد النشطاء التسعة الذين احتلوا سطح مصانعها في بريطانيا خلال مجزرة غزة 2014، والقضية أسقطت بسبب رفض الحكومة البريطانية وإلبيت الإفصاح عن صادرات الأسلحة ومكوناتها لإسرائيل.(10)

هيمنة الاقتصاد الإسرائيلي على السوق الفلسطيني

تسيطر المستوطنات الإسرائيلية على 85.2% من أخصب الأراضي في الضفة الغربية. وتُقدَّر الإيرادات التي تجنيها إسرائيل من استغلال الأراضي والموارد الفلسطينية في غور الأردن وشمال البحر الميت بنحو 500 مليون شيكل سنويًا (حوالي 130 مليون دولار). وفي الوقت نفسه، يُمنَع الفلسطينيون من العيش على تلك الأرض أو البناء عليها أو حتى الرعي فيها.

تكبَّد الاقتصاد الفلسطيني خسارةً مقدرة بنحو 3.4 مليار دولار بسبب القيود المفروضة على الوصول إلى المنطقة (ج) وعلى حركة الإنتاج فيها. فسيطرة إسرائيل على المياه والأراضي تقلل إنتاجية القطاع الزراعي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. ويزداد تلوث البيئة الفلسطينية بسبب التخلص من النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي من المناطق الصناعية في المستوطنات بإلقائها في الأرض الفلسطينية المحتلة.

إن القيود الإسرائيلية التي تحول دون الاستفادة من الموارد الهائلة في البحر الميت تمنع الفلسطينيين من إقامة صناعة مستحضرات التجميل وصناعات أخرى قائمة على التعدين. ولولا تلك القيود لبلغت الإيرادات المقدَّرة من إنتاج وبيع المغنيسيوم والبوتاس والبرومين 918 مليون دولار، أي ما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011. (11)

تضمنت اتفاقية باريس الاقتصادية بنوداً مجحفة بحق الاقتصاد الفلسطيني، ومن ذلك أنها تسمح بدخول المنتجات الإسرائيلية للأسواق الفلسطينية دون عقبات وعبر وكلاء فلسطينيين رسميين، الأمر الذي يجعلها منافساً شرساً للمنتجات المحلية في السوق الفلسطيني، في ظل تفوّق الاقتصاد الإسرائيلي وقدراته، ما يحد من فرص تطور الاقتصاد الفلسطيني. ويمكن رصد التأثير الإسرائيلي في الاقتصاد الفلسطيني من خلال عدد من المؤشرات، نذكر يعضها فيما يلي:

– تبلغ قيمة ما يجري استيراده من منتجات إسرائيلية إلى السوق الفلسطيني ما يزيد عن 4 مليارات و400 مليون دولار سنوياً.
– حصة المنتجات الفلسطينية في السوق المحلي تبلغ 18% فقط، فيما تزيد حصة المنتجات الإسرائيلية عن 70%، فيما تتوزع بقية النسبة بين منتجات عربية وأجنبية.
– يشكل السوق الفلسطيني ثاني أكبر سوق استهلاكي للمنتجات الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
– تبلغ قيمة منتجات المستوطنات في السوق الفلسطيني حوالي 700 مليون دولار.
– حجم مستلزمات الإنتاج الزراعي الفلسطيني يصل إلى 1200 مليون دولار سنوياً، يتم استيراد ما قيمته نحو 800 مليون دولار منها من إسرائيل.
– نحو 80% من الخضار والفواكه الموجودة في السوق المحلي الفلسطيني مصدرها إسرائيل ومستوطناتها.
– تبيع إسرائيل في السوق الفلسطيني سنوياً 120 ألف طن بطيخ بما يساوي 150 مليون شيكل.
– يخسر الجانب الفلسطيني حوالي 200 ألف دولار شهرياً، نتيجة عدم تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالبريد الدولي.
– نحو 35% من عائدات شركة “دور” الإسرائيلية للنفط تأتي من مبيعاتها للسوق الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
– 28% من عائدات شركة “نيشر” للإسمنت تأتي من مبيعاتها إلى أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.
– نحو 20% من إجمالي صادرات مصانع الأغذية الإسرائيلية تباع في السوق الفلسطينية.
– يبلغ حجم مشتريات السوق الفلسطينية من الأدوية الإسرائيلية سنوياً نحو 30 مليون دولار، علماً أن عدداً كبيراً من الأدوية الإسرائيلية لها بدائل فلسطينية منافسة.
ومع اتخاذ الحكومة الفلسطينية قراراً بمقاطعة منتجات المستوطنات، فقد بدأ اقتصاد المستوطنات يخسر مبالغ كبيرة، خاصةً مع الحملة الدولية الواسعة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها. لكنّ المستوطنين وحكومة الاحتلال طوروا من أساليبهم لاستمرار السيطرة على السوق الفلسطيني عبر أساليب احتيال عديدة منها:

– يخضع جزء كبير من المنتجات الزراعية والصناعية التي مصدرها المستوطنات لعملية “تبييض” بواسطة مكاتب وشركات تسويق تعمل من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
– تقوم إدارات بعض المصانع الإسرائيلية بتزوير منشأ منتجاتها، من خلال وضع عبارة “صنع في اليابان” أو تايلاند أو الصين، ومن ثم تقوم بتسويقه في مناطق الضفة أو الأردن أو دول أخرى.
– المنافس الحقيقي لصناعة الأجبان والألبان الفلسطينية هو شركة ‘تنوفا ‘التي تحوز على حصة من السوق الفلسطيني، ولا تصنف ضمن منتجات المستوطنات، رغم أن جزء من الحليب الذي تستخدمه في الإنتاج مصدره المستوطنات.
– تقوم الشركات الإسرائيلية أحيانا بتجميع منتجاتها التي قاربت مدة صلاحيتها على الانتهاء، وتصدرها للسوق الفلسطينية بأسعار مخفضة.
– عملت إدارة عدد من المصانع في المستوطنات وخاصةً في مستوطنة “بركان” على تغيير مكان الإنتاج المُعلن من “بركان” إلى مصانع وهمية داخل الخط الأخضر، وفي مدن عربية في الداخل الفلسطيني حتى لا تتم مقاطعتها من قبل المستوردين. كما تقوم عدد من المصانع بكتابة عناوين وهمية على منتجاتها لتصديرها إلى الأسواق الفلسطينية والعربية والأوروبية، وكأنها صنعت داخل “إسرائيل” وليست في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، حتى لا تتم مساءلة من يستوردها. (12)

تأثير المقاطعة على الاقتصاد الفلسطيني

ساهمت المقاطعة في دعم القطاعات الإنتاجية الفلسطينية، ما ساهم في رفع مداخيل الضرائب وخفض معدل البطالة. وتشير البيانات إلى اعتماد الفلسطينيين على التجارة الخارجية بشكل كبير، ففي عام 2012 استورد فلسطينيو 1967 ما يعادل 4.7 مليار دولار سنويا من الخدمات والبضائع، منها 4.3 مليار من إسرائيل، أي 91% من مجمل المستوردات، بغض النظر عن إن كانت هذه المستوردات منتجات إسرائيلية أو تأتي عبر إسرائيل، وهذا الاستيراد يكبح جماح الإنتاج المحلي ويحرم الفلسطينيين مبالغ الجمارك التي تجمعها إسرائيل عن هذه المستوردات. وتقدر الجمارك الضائعة على الفلسطينيين وفق هذه الآلية حسب تقرير الانكتاد (أيلول، 2011) ب500 مليون دولار سنويا. أي أن مقاطعة البضائع الإسرائيلية بما يعادل مليار دولار يمكن أن توفر ما يقارب 90.000 فرصة عمل فلسطينية، أو ما يعادل 11.5% من حجم التشغيل الحالي في الضفة والقطاع (781.000) ويقلص الاعتماد على إسرائيل، وبالتالي قدرتها على تركيع الفلسطينيين سياسياً واقتصادياً وفرض تسوية مجحفة على الفلسطينيين.(13)

ردود الفعل الإسرائيلية تعكس قوة تأثير حركة المقاطعة

في خطاب أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بتاريخ 29/1/2014، قال وزير المالية الإسرائيلي “يائير لبيد” معلقاً على تعاظم حركة مقاطعة إسرائيل في العالم إن “عدم الشعور بتأثير المقاطعة حالياً سببه أنها عملية تدريجية… لكن الوضع الحالي خطير جداً، فنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لم يتنبه إلى بداية حملة المقاطعة التي تعرض لها”.

وكان لبيد هاجم في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 10/1/2014 إعلان الحكومة الإسرائيلية قرارات بناء وحدات استيطانية جديدة قائلا “إن مقاطعة إسرائيل ستسبب الضرر لدخل كل إسرائيلي، والأضرار صارت ملموسة، فقد انخفض بيع الفلفل والعنب من غور الأردن إلى غرب أوروبا بـ50% والضرر هائل”.

تأتي تصريحات “لبيد” ضمن العديد من التصريحات المشابهة التي أطلقها مسؤولون في إسرائيل وخارجها. فرئيس الدولة شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزيرة العدل تسيبي ليفني ومسؤولون في وزارة الخارجية ناقشوا موضوع المقاطعة، بل وصل الوضع إلى جدل وتبادل للاتهامات بين وزارة الخارجية الإسرائيلية التي اتهمت ليفني بالتحريض على مقاطعة إسرائيل، والأخيرة التي ردت بأن المصرين على مواصلة البناء الاستيطاني هم الذين يشجعون المقاطعة.

وكان مئة من رجال الأعمال الإسرائيليين طالبوا رئيس وزرائهم نتنياهو بالحفاظ على نمو الاقتصاد الإسرائيلي واستقراره من خلال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن.

ويمكن القول إن “حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل” التي انطلقت في العام 2005، استطاعت أن توصل المقاطعة إلى مرحلة قريبة من الانفجار في وجه إسرائيل، واضطرت الأخيرة إلى إنهاء سياستها المتعمدة بتجنب الحديث عن BDS على المستوى الإعلامي خوفا من لفت نظر العالم إليها من ناحية، ولمعرفة قادة إسرائيل أن المواجهة لن تكون في صالحهم من ناحية ثانية.

تنقل صحيفة معاريف عن مسؤولين في المستوى السياسي تفسيرهم لتجنب إسرائيل التطرق إلى حركة BDS بالقول إن المواجهة المباشرة مع BDS ستكون لصالح النشطاء المعادين لإسرائيل.

ونقل موقع “القناة السابعة” عن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بتاريخ 5/1/2014 قوله أمام مؤتمر سفراء ورؤساء ممثليات إسرائيل في العالم “إن المقاطعة الاقتصادية أخطر على إسرائيل من التهديدات الأمنية”. وأضاف بيريس: “إسرائيل أمام فرصة للحصول على مكانة خاصة عند الاتحاد الأوروبي، وكذلك فإن جامعة الدول العربية تدرك أن إسرائيل لم تعد هي العدو، لكن لا تخطئوا –المقاطعة الاقتصادية أشد خطرا على إسرائيل من التهديد الأمني”.

وقال بيريس في مقابلة مع صحيفة “غلوبس” الاقتصادية بتاريخ 31/1/2014: “المقاطعة لا يجب أن تكون قادمة من الأعلى، أي أن تكون مقاطعة تقوم بها دول، نحن ثمانية ملايين شخص في إسرائيل، ونحن نعتاش من التصدير، ويكفي أن تشيح شركة بوجهها عنا مثل شركة المياه الهولندية التي أوقفت تعاونها مع “مكوروت” دون علم الحكومة الهولندية. الأضرار اليوم أكثر تأثيرا من الخطر الحربي، اليوم ليس من الضروري سفك الدماء، فالعقوبات الاقتصادية لها تأثير، إضافة إلى ذلك، في الشأن الامني نحن قادرون على طلب المساعدة من الولايات المتحدة، ولكن في الشأن الاقتصادي لن تستطيع مساعدتنا”.

حاولت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقليل من آثار المقاطعة الاقتصادية، وقال المتحدث باسمها يغئال بالمور “هذه عبارة عن ضوضاء مزعجة لا أكثر”، وادعى أن التأثير الاقتصادي للمقاطعة تافه. لكن مسؤولين في وزارة الخارجية نفسها هاجموا وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني قائلين إن تصريحات أطلقتها ليفني تحرض على مقاطعة إسرائيل.

وتنقل معاريف بتاريخ 23/1/2014 عن هؤلاء المسؤولين قولهم: “إن الحديث عن المقاطعة والعقوبات كان ولا يزال محصورا في مجموعات هامشية ولا يتجه إلى أن يكون تيارا عاما.. ولكن هذا لا يعني أنه ليست هناك مشكلة، توجد مشكلة لكنها محدودة في مجموعات صغيرة لا تتعدى خمسين أو ستين شخصا… هم أثاروا ضوضاء ولكن من دون تأثير حقيقي”.

ويضيف المسؤولون في الخارجية الإسرائيلية: “إن تصريحات ليفني التي تقول فيها إن إسرائيل ستواجه مقاطعات وعقوبات إن لم يحدث تقدم في المفاوضات السياسية، تصل إلى تلك المجموعات الهامشية.. هذه الأقوال نابعة من أجندة سياسية هدفها تخويف الجمهور [الإسرائيلي]، لكن هذا يخدم الأعداء السياسيين الذين يتحدثون إلى جمهورهم، لكنهم بذلك يقوّون أولئك الذين يسعون لمقاطعة إسرائيل، وعندما تقول ليفني “انظروا إلى المأساة التي ستقع، العالم يقاطعنا”، فإنها تقوّي الذي يسعون إلى فرض مقاطعة على إسرائيل. وهذه التصريحات تلقى اهتماما في وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية وهذا يأتي بالسوء”.

وتواصل معاريف “فسر مسؤولون في المستوى السياسي ذلك بالقول إن إسرائيل تجنبت ولعدة سنوات وعن قصد ذكر حركة BDS. هذه السياسة تم تبنيها بعد أن توصل مسؤولون متخصصون في وزارة الخارجية وفي “الهسبراه” (الدعاية الخارجية) وفي مجلس الأمن القومي إلى أن المواجهة المباشرة مع BDS ستكون لصالح النشطاء المعادين لإسرائيل”. (14)

ولا يقل قلق إسرائيل من المقاطعة الاقتصادية، عن قلقها من المقاطعة الأكاديمية والثقافية التي تبناها مؤخراً عدد من الشخصيات والمؤسسات والنقابات الأكاديمية الأوروبية والأميركية ومشاهير في عالم الترفيه.

دولياً، أطلق عدة مسئولين أبرزهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحذيرات من أن فشل المفاوضات قد يؤدي إلى عزل إسرائيل الأمر الذي سيمس اقتصادها. ولاقت تصريحات كيري هذه انتقادات من قبل مسؤولين إسرائيليين، اتهموه باستغلال التهديدات بالمقاطعة من أجل انتزاع تنازلات إسرائيلية في مفاوضات السلام.

وحذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري إسرائيل، في مؤتمر الأمن الذي عقد في ميونخ بألمانيا بتاريخ 1/2/2014، من فشل المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين، قائلا: هناك حملة تزداد اتساعا لنزع الشرعية عن إسرائيل، والناس يتحدثون عن المقاطعة، وهذا سيتكاثف في حالة الفشل.
وكان كيري قال في كلمته أمام منتدى دافوس في سويسرا بتاريخ 24/1/2014 إن “فشل المفاوضات مع الفلسطينيين سيؤدي إلى زيادة عزلة إسرائيل عالميا، وبالتالي الإضرار باقتصادها، هذا الاقتصاد المزدهر، في ظل الوضع الأمني المتدهور والعزلة المتعاظمة سيتعرض للخطر”.

لكن موقف كيري لقي هجوما من قبل مسؤولين إسرائيليين، فنتنياهو لمح إلى تصريحات كيري في افتتاح الجلسة الأسبوعية لحكومته قائلا إن “المحاولات لفرض مقاطعات على دولة إسرائيل ليست أخلاقية وليست مبررة وإضافة إلى ذلك فإنها لن تحقق أهدافها”. وبحسب نتنياهو فإن هذه المحاولات “أولا، تعزز التعنت الفلسطيني وتبعد من خلال ذلك السلام”. وأضاف “ثانيا، مهما كانت الضغوطات، لن أساوم على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل وعلى رأسها أمن المواطنين الإسرائيليين”.

وأثارت هذه التصريحات غضب اليمين الإسرائيلي أيضا، فقال وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينيتس إن تصريحات كيري “مهينة وغير عادلة ولا يمكن احتمالها”. وأضاف “لا يمكن إجبار دولة إسرائيل على التفاوض ومسدس مصوب إلى رأسها بينما نناقش مصالحنا الأمنية القومية الأكثر أهمية”.

كذلك هاجم وزير الاقتصاد نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي اليميني القومي المتطرف المؤيد للاستيطان وزير الخارجية الأميركي معتبرا أن إسرائيل “تنتظر من أصدقائها الوقوف بجانبها ضد المحاولات المعادية للسامية لمقاطعتها وليس تضخيمها”.

جاءت تصريحات كيري التي أغضبت إسرائيل بعد تصريحات لسفير الاتحاد الأوروبي لدى تل أبيب لارس فابورغ- أندرسن قال فيها إن “إسرائيل ستتعرض للعزلة بسبب المزاج العام [لدى المواطنين الأوروبيين]، وذكرت صحيفة معاريف بتاريخ 23/1/2014 أن السفير فابورغ- أندرسن أكد في لقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ونائبه زئيف إلكين أن المستوطنات ليست قانونية حسب القانون الدولي، وهي تعتبر عقبة سياسية أمام تحقيق تقدم في عملية السلام، وأضاف “هذا هو السبب.. عدم شرعيتها، وبسبب ذلك الاتحاد يدين البناء في المستوطنات”.

وقال فابورغ- أندرسن: “أوضحنا أن هناك ثمنا إذا فشلت المفاوضات. إذا واصلت إسرائيل البناء في المستوطنات وإذا انتهت المفاوضات دون نتيجة.. فأنا أخشى أن يستجدّ وضع تجد إسرائيل فيه نفسها معزولة في أوروبا، وليس بسبب قرار الحكومات، ولكن بسبب المزاج العام عند الجمهور ومن طرف هيئات اقتصادية خاصة”.

وأضاف سفير الاتحاد الأوروبي: “إن قضية وضع علامة على منتجات المستوطنات تكتسب دائما زخما عندما يتم الإعلان عن بناء مستوطنات.. وفعلا هناك خطر على مستقبل علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل، إذا ما فشلت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين”.

وكان الاتحاد الأوروبي أصدر مذكرة بتاريخ 19/7/2013 تتضمن مبادئ توجيهية تحدد شروط دعم الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الإسرائيلية أو لأنشطتها في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران 1967. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن الهدف من هذه المذكرة هو “ضمان احترامها لبنود القانون الدولي المتعلقة بعدم اعتراف الاتحاد بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ حزيران 1967 وهي مرتفعات الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية”. وتتضمن التوجيهات أيضا أن المنح التي يقدمها الاتحاد الأوروبي ستمنح فقط للكيانات الإسرائيلية التي أنشئت في حدود ما قبل العام 1967. وأكدت أن المفوضية الأوروبية سوف تسعى الى نقل مضمون هذه المبادئ التوجيهية إلى نصوص الاتفاقيات الدولية أو البروتوكولات أو مذكرات التفاهم المبرمة مع شركاء إسرائيل أو مع أطراف أخرى. وكانت أولى الدول الأوروبية التي سارعت إلى تنفيذ مذكرة الاتحاد الأوروبي ألمانيا، ما شكّل صدمة في الوسط السياسي الإسرائيلي باعتبار ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية التزاما تجاه إسرائيل.

ونشرت هآرتس بتاريخ 23/1/2014 خبرا يشير إلى أن برلين اشترطت أن تتضمّن أي اتفاقية للتعاون العلمي أو لتقديم دعم مالي لمؤسسات البحث العلمي ولشركات قطاع المعلومات عالية التقنية- “هايتك”- الإسرائيلية، بندا يمنع الشركات أو المؤسسات المتواجدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس من الحصول على هبات أو أي دعم آخر من الحكومة الألمانية.
وبحسب هآرتس، فإن هذه الخطوة تقلق إسرائيل بشكل كبير لكونها تأتي من أكبر صديقة لها في أوروبا ولديها تأثير واسع على باقي الدول الأوروبية، وتخشى أن تمتد موجة المقاطعة إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحكومة أن إسرائيل تجري محادثات مع ألمانيا لإقناعها بتغيير قرارها المتعلق بالمقاطعة، والتخلي عن البند المذكور، مشيرة إلى أن ألمانيا أبلغت إسرائيل حينما أعلنت اعترافها الرسمي بكلية مستوطنة “أريئيل” كجامعة، أن الحكومة تتعرض لضغط شديد من مؤسسات أكاديمية ألمانية لمقاطعة المؤسسات العلمية ومراكز البحث العلمي في المستوطنات. وبحسب الصحيفة، فإن قرار ألمانيا الأخير يهدف إلى طمأنة الباحثين والعلماء ومراكز البحث العلمي الألمانية بأن جامعة أريئيل لن تحظى بأي دعم ألماني.(15)

وقال يتسحاق فايزنبرغ من منظمة “مزارعي العربا”، التي تضم 200 مزارع، لمعاريف كلاما مشابها: “في اسكندنافيا يوجد عدد من الزبائن الذين امتنعوا عن الشراء منا.. وأجواء المقاطعة ملموسة، ولكنها ليست نشطة، هناك شعور أن الأمور لا تجري لصالحنا، ولكن من الصعب أن نحدد ذلك بلغة الأرقام”. ويضيف فايزنبرغ: “زبون هولندي خفض طلبية الشراء من 15 طنا في الشهر إلى طن واحد، وهو صاحب امتياز لشبكة اسكندنافية وقال لنا إن أصحاب الشركة لا يريدون العمل مع إسرائيل. نحن لم نتضرر من التخفيض لأننا وجدنا زبائن آخرين، المشكلة هي في قدرتنا على المساومة، عندما يقل عدد الزبائن الذين يرغبون بالشراء، تتراجع قدرتنا على المساومة على السعر، وقد أجد نفسي أبيع بأسعار رخيصة أكثر. الوضع أكثر صعوبة ولكنه ليس هستيريا، نحن مسيطرون على الوضع”.

سوق التوابل الذي يملكه دافيد لحياني رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن، والذي يديره ابنه في مستوطنة أرغمان، كان يصدر في الماضي 140 طنا في السنة، لكنه في السنوات الأخيرة صدر فقط 90 طنا. ويقول لحياني: “شبكات التسويق البريطانية قالت لابني إنها لا تريد شراء منتجات من غور الأردن.. في دول أخرى لا يقولون إنهم يقاطعون المنتجات الإسرائيلية، بل يقولون إن لديهم مشكلة مع منتجاتنا”.

لكن ليست المقاطعة المباشرة هي العقاب الوحيد، حسبما يقول لحياني لمعاريف، “ففي بعض الدول يطلبون وضع إشارة على المنتجات القادمة من المناطق (الضفة الغربية)، والاتحاد الأوروبي لا يسمح لوزارة الزراعة الإسرائيلية بمراقبة جودة منتجاتنا تحت الادعاء أننا لا ننتمي لدولة إسرائيل. كذلك قاموا بتشديد شروط الزراعة العضوية وبذلك خرجنا من هذا المجال، شبكات التسويق الأوروبية تقول لنا إن هناك ضغطا عليها من الزبائن كي لا تبيع منتجات قادمة من المناطق”.

وتختم معاريف: “إن معطيات التصدير من دولة إسرائيل تؤكد أقوال المزارعين والمصدرين. الاتحاد الأوروبي هو وجهة التصدير الكبرى من إسرائيل، بنسبة 26.7 بالمئة، وبشكل أساس فإن الزيادة في التصدير كانت في مجالات الصناعات الكيماوية والأجهزة الطبية، في العام 2010 ازداد التصدير الإسرائيلي بنسبة 19 بالمئة وفي العام 2011 بنسبة 11 بالمئة. ومع ذلك ففي العام 2012 حدث انخفاض في التصدير لأوروبا بنسبة 70 بالمئة. التصدير الذي وصلت قيمته في السنة السابقة إلى نحو 17.5 مليار دولار، تلقى ضربة بشكل أساس في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وتركيا، وحدث تباطؤ في بريطانيا وهولندا. وفي الشهور الثمانية الأخيرة من العام 2013 طرأ ارتفاع بنسبة 4.5 بالمئة في التصدير لأوروبا، وصعد إلى 11.7 مليار دولار”.(16)

أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت وفي تقرير احتل العنوان الرئيس على الصفحة الأولى بتاريخ 20/1/2014 إلى تحرك رجال الأعمال الإسرائيليين المذكور أعلاه، وقالت إن التبعات الاقتصادية للمقاطعة ستكون أكبر بكثير بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اعتبارا من 1 كانون الثاني 2014 سيمتنع عن تمويل مشاريع ونشاطات إسرائيلية خارج الخط الأخضر.
وذكرت يديعوت في مقابلة مع وزير المالية يائير لبيد أن دخل مزارعي غور الأردن تضرر، فشبكات الغذاء خاصة في بريطانيا والدول الاسكندنافية تمتنع عن شراء الفلفل والعنب والتمور وأعشاب التوابل التي تزرع في المنطقة. أضافت الصحيفة: “في السنوات الأخيرة فإن شبكات التسويق في بريطانيا ودول أخرى بدأت بوضع علامة على المنتجات المستوردة من مستوطنات، أو توقفت عن شرائها. جزء من الشبكات قال إن قراره أيديولوجي معتبراً المستوطنات “غير قانونية”، وشبكات أخرى قالت إن القرار اقتصادي. ويقول مايكل دايس من قادة الدعوة لمقاطعة إسرائيل في بريطانيا إن المتاجر بدأت الآن بإدراك أن هناك إمكانية كبيرة للإساءة لسمعتها”.

بثت القناة الإسرائيلية التلفزيونية الثانية في ساعة الذروة (الساعة الثامنة مساء السبت 18/1/2014)، تقريراً تناول قضية مقاطعة إسرائيل، أعدته الصحفية دانا فايس ومدته 16 دقيقة، لم يهاجم حركة مقاطعة إسرائيل ولم يتهمها بأنها مناهضة للسامية، بل اعتبر أنها تحرك منظم يتسع بسرعة بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية، وعلاج المقاطعة هو التراجع عن هذه السياسة. عرض التقرير أقوال مدير مصنع “سَلَطات شامير” في مستوطنة بركان قرب سلفيت: “بسبب المقاطعة الأوروبية والفلسطينية، المصنع يخسر ما بين 115-143 ألف دولار شهريا”.

بثت وكالة أسوشييتدبرس بتاريخ 10/1/2014 تقريراً أشار إلى أن دخل المزارعين الإسرائيليين الذي يعتمد على التصدير في 21 مستوطنة في غور الأردن انخفض في السنة الماضية أكثر من 14%، أو ما يعادل 29 مليون دولار، والسبب الرئيس هو امتناع المزيد من شبكات متاجر الأغذية في أوروبا عن شراء منتجات إسرائيلية مصدرها مناطق خارج الخط الأخضر، أي في مستوطنات الأراضي المحتلة العام 1967.
أعدت أسوشييتدبرس أيضاً قائمة بأسماء بعض الشبكات الملتزمة بمقاطعة إسرائيل: “ماركس أند سبنسر” لا تبيع منتجات قادمة من الضفة [المستوطنات المقامة في الضفة] منذ 2007؛ شبكة التسويق الكبرى “وايت روز” أوقفت شراء أعشاب التوابل من المستوطنات قبل عدة سنوات؛ “موريسونز” توقفت عن شراء التمور في العام 2011؛ “جروب” رفعت منتجات المستوطنات عن رفوف متاجرها في العام 2012″.

ونشر تقرير في صحيفة معاريف بتاريخ 17/1/2014 تحت عنوان “هل يمكن أن تؤدي المقاطعة الأوروبية إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي؟”. ونقلت عن إيهود كوفمان المدير السابق لمكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله “إن المقاطعة الاقتصادية التي تفرض على إسرائيل تدريجيا أسوأ بكثير من المقاطعة العربية التي في سنواتها الأربعين تسببت بخسائر قيمتها 40 مليار دولار. في فترة المقاطعة العربية، لم تقبل الدول العربية وجود دولة إسرائيل، في حين قبِل المجتمع الدولي ذلك، اليوم المقاطعة تعكس حقيقة أن المجتمع الدولي لا يقبل بنا، ولذلك فهي أكثر خطورة”.

كتب حيمي شاليف في صحيفة هآرتس وبعد وفاة الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا “إن العالم استذكر هذا الأسبوع العلاقات المخزية التي كانت لإسرائيل مع ذلك النظام (الأبارتهايد). واليوم نشعر بعدم الارتياح جراء دعمنا التاريخي لأعداء مانديلا… وأيضاً حيال صورتنا على أننا ورثة ذلك النظام”.

وذكّر شاليف بأنه عندما كانت جنوب إفريقيا معزولة في العالم أقامت إسرائيل تحالفا مع النظام الأبيض بالذات في الوقت الذي بدأ المجتمع الدولي يتجند لإسقاطه. وأضاف محذراً من أن العقوبات الأوروبية على إسرائيل التي بدأت بقبولها إملاءات الاتحاد الأوروبي في شأن الدعم العلمي للمؤسسات الإسرائيلية، تشكل بداية حملة مقاطعات تذكر بتلك التي تعرض لها النظام الأبيض في سنواته الأخيرة، وكتب: “ما بدأ في حينه كمقاطعة أكاديمية غير منظمة في بريطانيا ودول في إفريقيا للنظام الأبيض، انتشر تدريجياً إلى مجالات الرياضة والترفيه ثم الاستثمارات، فقطع علاقات تجارية اضطرت آخر حليفين لذلك النظام، الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى المقاطعة الشاملة، ففعَل تسونامي المقاطعة مفعوله وسقط النظام”.

وحذر شاليف من أن تكون المقاطعات الأولية هذه “نقطة تحول” في حال فشلت المفاوضات، وأن ثمة مؤشرات كثيرة تدلل إلى ذلك، “فالضرر الكبير الذي تلحقه مشاريع البناء في المستوطنات، خصوصاً أنها استفزازية، والمواجهة المتواصلة مع الإدارة الأميركية على خلفية الملف الإيراني، وتدهور سمعة إسرائيل على خلفية مظاهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، كلها تهيّئ الأرضية لنقطة التحول الخطيرة”.

ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا بتاريخ 31/1/2014، ذكرت فيه أن شركات إسرائيلية قامت بنقل أنشطتها المثيرة للجدل من الضفة الغربية إلى إسرائيل ولكن بشكل لا يلفت الانتباه، وذلك خوفا من تعرضها للمقاطعة، لكن هذا التوجه ما زال محدودا بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

كتب توماس فريدمان في صحيفة “نيويوروك تايمز” تحت عنوان “الانتفاضة الثالثة”، في عموده الأسبوعي بتاريخ 4/2/2014 أنه “يتوقع انتفاضة ثالثة، ليست بالحجارة أو التفجيرات مثل السابقتين.. لكنها أشد ما تخشى إسرائيل حدوثه، انتفاضة تقوم على أساس المقاومة اللاعنفية والمقاطعة الاقتصادية. ولن يقوم بها الفلسطينيون في رام الله، بل الاتحاد الأوروبي، وغيره من معارضي الاحتلال الإسرائيلي على مستوى العالم”.

ويضيف فريدمان أنه إذا أرادت إسرائيل ان تبطئ حملة المقاطعة، فيجب عليها أن تجمد أنشطتها الاستيطانية “لكن ما يفعله الإسرائيليون من مواصلة انتقاد (جون) كيري، وعدم وقف بناء المستوطنات، لن يقلل كره مقاطعي إسرائيل في أوروبا وأميركا بل سيزيد منه”.(17)

مسؤولون في الخارجية الإسرائيلية: المقاطعة ستتعاظم

تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي قال فيها إن هناك إمكانية لتضرر الاقتصاد الإسرائيلي في حال عزل إسرائيل إذا فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين، وإصدار الاتحاد الأوروبي قائمة التوجيهات الملزمة لأعضاء الاتحاد فيما يتعلق بمنع تمويل مشاريع إسرائيلية في الأراضي المحتلة العام 1967، وتمييز منتجات المستوطنات في الأسواق الأوروبية، وتراجع تصدير المنتجات الزراعية من مزارع مستوطنات الغور، إضافة إلى حالة القلق التي عبر عنها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ووزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني، والمدير السابق لمكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الخارجية الإسرائيلية إيهود كوفمان- كل هذه المواقف هي مؤشر قوي على قلق إسرائيل الشديد من حملة المقاطعة، وما قد يكون لها من تأثير مستقبلي عليها، خاصة مع استحضار تجربة جنوب إفريقيا، واضطرار نظام الأبارتهايد أواخر الثمانينيات إلى التخلي عن مبادئه العنصرية بسبب المقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية التي تعرض لها، والتحول إلى نظام ديمقراطي لكل مواطنيه. وهو مبدأ عبرت إسرائيل بشكل قاطع أنها ترفض تطبيقه، فهي لن تقبل بأن تكون دولة لكل مواطنيها، فضلا عن قبولها فلسطينيي الأراضي المحتلة العام 1967.
نقلت يديعوت أحرونوت بتاريخ 26/12/2013 عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله “نتنياهو يقودنا إلى المقاطعة”. ويضيف المسؤول الذي لم تذكر الصحيفة اسمه “مشكلتنا المركزية ليست الحروب، بل الوضع الاقتصادي، ليس من الضروريّ أن يصدر قرار عن الأمم المتحدة لفرض عقوبات علينا أو لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، إذ يكفي أن تعلن دولة واحدة عن القيام بذلك، وهذا سينتشر في كل أوروبا، نحن دولة مصدّرة، وفي ظل الوضع مع الفلسطينيين واستمرار الاحتلال، يتم النظر إلينا على أننا دولة أبارتهايد. إن مقاطعة إسرائيل هي الخطر الأكبر حاليا، والتدهور قد يكون سريعا”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في وزارة الخارجية بتاريخ 2/2/2014 قولهم: “لا توجد طريقة لمحاربة المقاطعة… للدبلوماسية أدوات محدودة في محاربة الشركات التجارية التي ستقاطع إسرائيل.. فطالما استمر البناء في المستوطنات، فإن التوجه إلى المقاطعة سيتواصل”.

خلاصة القول- بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت- جاءت على لسان من وصفته بالمستوى المتخصص في وزارة الخارجية الإسرائيلية: “إذا واصلت إسرائيل تجاهل تحذيرات أصدقائها ومنتقديها، ستتعاظم الموجة المناهضة لإسرائيل، ففي ممثليات إسرائيل في أوروبا لاحظ الدبلوماسيون نزعة سلبية تتمثل في إظهار الاهتمام بالفلسطينيين، وهناك شركات تقرر مقاطعة شركات إسرائيلية فقط لأنها تريد أن تكون جزءا من هذه الموجة… وفي حقيقة الأمر لا يمكننا أن نفعل شيئا إزاء هذا الوضع. (18)

أما صحيفة جيروزاليم بوست فنشرت بتاريخ 7/2/2014 نتائج استطلاع بيّن أن 67% من الإسرائيليين يرون أن المقاطعة ستؤثر عليهم مباشرة. فيما أشار استطلاع رأي شهري آخر عن مؤشر السلام “بيس إندكس” نشرت نتائجه حديثاً أن 50% من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن المقاطعة احتمال وارد مقابل 47% يرون العكس.(19)

خطة إسرائيلية لمواجهة المقاطعة

نقلت صحيفة معاريف بتاريخ 3/2/2014 عن وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينيتس قوله إن وزارته تعد خطة لمواجهة حملة المقاطعة. وتشمل الخطة حسب شتاينيتس “حملة إعلامية، وتنشيط منظمات دولية مؤيدة لإسرائيل وخطوات أخرى”. وعلقت الصحيفة على ذلك قائلة “حتى في هذه الحالة فإن الخطة المستقبلية هذه بعيدة عن التنفيذ، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت ستناقش موضوع المقاطعة بشكل موسع لكن النقاش ألغي في اللحظة الأخيرة”.

من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف إلكين لمعاريف إنه قبل البدء بمواجهة موجة المقاطعة من المهم إجراء تحليل صحيح للظاهرة، المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين لا تحمي إسرائيل من المقاطعة، ومعادلة ربط المقاطعة بالعملية السلمية معادلة فاشلة، وكل نماذج المقاطعة الأخيرة مثل خطة هورايزون 2020، والقرارات في هولندا والدنمارك وغيرها اتخذت أثناء المفاوضات مع الفلسطينيين، ويمكن القول إنه ومنذ بدء المفاوضات تعاظمت المقاطعة. ونظرية “غياب المفاوضات سيؤدي إلى مقاطعة” أثبتت فشلها.

وحذّر ألكين من أن الربط بين المقاطعة والعملية السلمية سيرتد على إسرائيل بنتائج عكسية، “وعبارة ممنوع مقاطعة إسرائيل لأن ذلك سيضر بالمفاوضات ليست جيدة.. فماذا سنفعل إذا ما تفجرت المفاوضات؟ ماذا سنقول حينئذ؟ هناك فرصة كبيرة لحدوث ذلك وليس بسببنا، لذلك فشعار ليفني ولبيد أنه بوجود السلام لن تكون هناك مقاطعة غير واقعي وهو خطير في حال فشل المفاوضات”. (20)

رجال الأعمال في إسرائيل يتحركون ضد نتنياهو

وفي موقف يظهر شدة قلق رجال الأعمال في إسرائيل من اتساع المقاطعة، ذكرت عدة وسائل إعلام إسرائيلية أن مئة من رجال الأعمال الإسرائيليين وجهوا رسالة شديدة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طالبوه بالتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقالت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية إن رجال الأعمال هؤلاء حذروا نتنياهو من اتساع المقاطعة الاقتصادية، وأشاروا إلى القرار الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر عن صندوق التقاعد الهولندي “بي جي جي إم” بقطع علاقاته مع خمسة بنوك إسرائيلية بسبب أنشطتها في المستوطنات.

ويرى رؤساء شركات إسرائيلية كبيرة أنه يتعين التوصل بشكل عاجل إلى سلام مع الفلسطينيين يقوم على حل الدولتين، وأضاف هؤلاء أن النزاع يكلف المدنيين غاليا، مشيرين إلى أن العالم “بدأ يفقد الصبر، وأن التهديد بمعاقبة إسرائيل يتزايد يوما بعد يوم”. ومن هؤلاء الرؤساء يوسي فاردي أحد رموز صناعة التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل، ومئير براند رئيس مجلس إدارة غوغل في تل أبيب.

وتنقل معاريف بتاريخ 17/1/2014 عن دافيد لحياني رئيس المجلس الإقليمي في غور الأردن قوله “الضرر هائل.. اليوم نحن عمليا لا نصدر منتجاتنا إلى دول غرب أوروبا”. أما تسيفي أفنر رئيس اللجنة الزراعية في المجلس الإقليمي هناك فأكد أن بيع الفلفل والعنب للدول الأوروبية انخفض بـ 50%.

وتقول نيفا بن تسيون (وهي مستوطِنة) تعيش في المستوطَنة الزراعية “نتيف هجدود” في غور الأردن لمعاريف إنها في الماضي كانت تبيع 80% من كميات الفلفل الحلو والعنب التي تزرعها إلى متاجر في غرب أوروبا، خاصة بريطانيا، ولكن في السنتين الأخيرتين انخفضت المبيعات وهي تبيع منتجاتها فقط في شرق أوروبا، وفي المجمل انخفضت المبيعات 40%، ما اضطرها إلى تخفيض المساحات التي تقوم بزراعتها. وهي تؤكد أنها لا تعرف كيف ستتمكن من الإنفاق على نفسها حتى نهاية الشهر في المستقبل.(21)

نتنياهو يروّج لإسرائيل ويحرض ضد المقاطعة في دافوس

في خطاب ألقاه أمام المشاركين في منتدى دافوس بسويسرا بتاريخ 23/1/2014، سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تقديم إسرائيل على أنها مركز التحديث العالمي وأن “المستقبل للمحدثين، وإسرائيل أمة التحديث”. ولاستشعاره بخطر المقاطعة وجه نتنياهو في خطابه دعوة مباشرة للمستثمرين إلى الحضور إلى إسرائيل “لأننا منفتحون على الأعمال”.

بدا خطاب نتنياهو كحملة دعائية لتسويق إسرائيل عالميا، إذ عرض فيه المقومات الخمسة، التي تجعل الاقتصاد الإسرائيلي تحديثياً وناجحاً -حسب نتنياهو- “أولها، لعنة غدت نعمة”، وهي حاجة إسرائيل إلى جيش قوي، الأمر الذي ألزمها بالتحديث الدائم. ثم استثمار إسرائيل الكبير في الأبحاث والتطوير “حوالي خمسة في المائة من الناتج القومي أو أقل قليلا، وهي بين النسب الأعلى في العالم”. والثالث هو “الثقافة الخاصة، فاليهود على الدوام حملوا تقديرا للمعرفة ودائما يطرحون الأسئلة”. أما المقوم الرابع فهو الحجم “فنحن صغار فعلاً، ولذلك كل شيء قريب… والتكنولوجيا التي تخدم الصواريخ يمكن أن تخدم في الكاميرات والأدوية”. أما المقوم الخامس “فهو ألا خيار أمامنا. نحن نواجه على الدوام مخاطر، ومقاطعة، لذلك علينا دوما التحديث من أجل أن نبقى”.

وقال نتنياهو إن العالم يتحرك بسرعة كبيرة ويغدو “رقمياً، وإسرائيل فاعلة تقريبا في كل الميادين”، وركز على ميدانين أساسيين: الأول “ميدان الوجود- وإسرائيل متقدمة في مجالات المياه، الغذاء، الطاقة المتجددة”. وتساءل “أين توجد الأبقار الأكثر إدرارا للحليب؟ في إسرائيل. إنها أبقار محوسبة. عندما تفكرون في الوجود، فكروا في إسرائيل”. أما الميدان الثاني فهو “حماية الشبكات”، حيث يجب حماية الانترنت وإسرائيل رائدة في مجال “حماية السايبر، التي من دونها لا يمكن لاقتصاد الانترنت أن يتقدم”.

و أشار نتنياهو في ختام حديثه بشكل مباشر إلى دعوات المقاطعة في أوروبا قائلا إن “الاستثمار في اقتصاد إسرائيل لا يساعدنا فقط بل يساعد جيراننا أيضاً. في محادثات السلام تحقيق السلام الاقتصادي لا يأتي على حساب السلام السياسي، إنهما يكملان بعضهما، ويمكن رؤية ذلك في المستقبل. إن الاستثمار في إسرائيل هو استثمار في السلام”.

علقت صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 24/1/2014 على خطاب نتنياهو بالقول: “من الضروري ملاحظة أن العالم لا يستقي معلوماته عن إسرائيل من نتنياهو أو المتحدثين الرسميين باسمه. فهو يقول إن إسرائيل هي مركز التحديث العالمي، لكن وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الدولية ترى خلاف ذلك.. صحيح أن إسرائيل دولة متقدمة، ولكنه في هذا العام وضمن مقياس الوكالة للتحديث تقع الدولة العبرية في آخر قائمة الدول الثلاثين الأكثر تحديثاً. بل إنها كانت في العام الماضي في المكان 32 ضمن قائمة الخمسين دولة الأكثر تحديثاً. وتحتل كوريا الجنوبية المكان الأول في العالم ضمن هذا المقياس، الذي يأخذ بالحسبان كثافة الأبحاث وتركيز الصناعات التكنولوجية العليا وقدرات الإنتاج ونجاعة الاختراعات الجديدة”.(22)

مؤيدو إسرائيل في أميركا يحاولون سن تشريعات ضد المقاطعة الأكاديمية

مع تعاظم حركة المقاطعة خاصة الأكاديمية في الولايات المتحدة كثف مؤيدو إسرائيل هناك جهودهم لتضييق المجال على المؤسسات والنقابات الأكاديمية في موضوع المقاطعة، من خلال طرح مشاريع قوانين محلية (على مستوى برلمانات الولايات)، أو فيدرالية (على مستوى الولايات المتحدة من خلال الكونغرس) تنص على سحب الدعم المالي الفيدرالي (الحكومي) في حال استغلاله لمقاطعة مؤسسات أكاديمية في دولة أخرى. لكن هذه المشاريع تواجه عقبات عديدة أبرزها تعارضها مع التعديل الأول في الدستور الأميركي الذي يحمي حريات التعبير والحريات الأكاديمية، وبسبب هذه العقبة سحب مشروع ضد المقاطعة الأكاديمية في ولاية نيويورك، فيما نقل عن أبرز منظمتين داعمتين لإسرائيل في الولايات المتحدة هما “مجلس العلاقات الأميركية الإسرائيلية- إيباك”، ورابطة مكافحة التشهيرADL، تحفظهما على مشروع قانون مشابه سيطرح على الكونغرس. واعتبرت المنظمتان اللتان لا تخفيان معارضتهما الشديدة لمقاطعة إسرائيل، أن هذا القانون سيكون متعارضا مع الدستور الأميركي من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن هذا المشروع سيقوي الصورة النمطية أن لليهود تأثيراً قوياً في الولايات المتحدة. (23)

حركة المقاطعة مستمرة وفي تصاعد

تشكل المقاطعة الاقتصادية مصدر خطر وإزعاج لأية دولة تُمارَس ضدها، ويزداد التأثير حين تكون المقاطعة اقتصادية ثقافية عسكرية كما يحدث مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من مقاطعة أكاديمية واقتصادية ونقابية وعسكرية وثقافية وإعلامية وغير ذلك من الأشكال. ويعود هذا التأثير لنشاط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها.

ولا تقدّم حركة المقاطعة نفسها بديلاً عن مقاومة الاحتلال بأشكاله الأخرى، بل هي مكملة بما لها من تأثير قد يكون أكبر على الاحتلال من المقاومة السياسية أو العسكرية، وهذا ما يلمسه القائمون على الحملة من خلال حجم رد الفعل الإسرائيلي وتسخير ملايين الدولارات لمواجهتها.(24)

وبهدف دعم حركة المقاطعة وتعزيزها في مختلف المحافل لتحقق أهدافها، فإن ذلك يتطلب تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الرسمية والشعبية، والتاجر والمستهلك لإقناعه بأهمية مقاطعة إسرائيل والضغط عليها للانصياع للحقوق الفلسطينية. وكذلك العمل على تشكيل تجمعات لتفعيل المقاطعة في كل المحافظات والمناطق والدول، وتعزيز الدور الإعلامي في هذا المجال. بالإضافة لإعادة تقييم الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وإحياء مكاتب لجان المقاطعة في جامعة الدول العربية وتنشيط دورها لمنع وصول المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق العربية.

——————
الهوامش:

(1) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، حملة المقاطعة أسباب توجس إسرائيل، 2/3/2014.
(2) مقابلة مع محمود نواجعة/ منسق عام اللجنة الوطنية للمقاطعة، 2/4/2016.
(3) مقابلة مع عمر البرغوثي/ ناشط حقوق إنسان وعضو مؤسس في حركة مقاطعة إسرائيل BDS ، 9/5/2016.
(4) مقابلة مع عمر البرغوثي، مصدر سابق.
(5) موقع بوابة اقتصاد فلسطين، (بي دي إس) تزداد قوة وتزعزع إسرائيل خلال 2015 ، 28/1/2016.
(6) مقابلة مع محمود نواجعة، مصدر سابق.
(7) مقابلة مع خالد منصور/ ناشط سياسي، 2/3/2016.
(8) شبكة فلسطين الإخبارية، إسرائيل تطرح خطة لمحاربة BDS ، 28/1/2016.
(9) موقع مقاطعة إسرائيل لتحقيق العدالة، 15/1/2015.
(10) شبكة فلسطين الإخبارية، مصدر سابق.
(11) موقع الشبكة، المستوطنات الإسرائيلية تخنق الاقتصاد الفلسطيني، 15/12/2015.
(12) مقابلة مع خالد منصور، مصدر سابق.
(13) موقع الاقتصادي، المقاطعة وجع إسرائيل الصامت، 16/3/2015.
(4) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(15) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(16) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(17) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(18) يديعوت أحرنوت، 2/2/2014.
(19) جروزليم بوست، 7/2/2014.
(20) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(21) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(22) مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مصدر سابق.
(23) مقابلة مع عمر البرغوثي، مصدر سابق.
(24) مقابلة مع خالد منصور، مصدر سابق.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا