نحن والغرب وإسرائيل

بقلم: عمر حلمي الغول

علاقة العرب مع الغرب تاريخيا منذ الصراعات الدينية الاولى او الحروب الصليبية، علاقات تناقض وعداء، ومع ولوج الحقبة الرأسمالية وتراجع وانهيار الحضارة العربية الاسلامية، لم يطرأ اي تحسن على تلك العلاقات، لا بل تفاقمت مع التوقيع على اتفاقية سايكس بيكو 1916، وتقسيم الوطن العربي بين اقطاب الرأسمال الاوروبي وخاصة فرنسا وبريطانيا وحصول إيطاليا على حصة تتناسب مع وزنها وثقلها الرأسمالي، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 تسلمت الولايات المتحدة مقاليد قيادة دول الغرب المنتصرة والمهزومة باستثناء دول المنظومة الاستراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي، وتعمق العداء مغ الغرب باقامة دولة إسرائيل الكولونيالية على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطينية 1948، ومحاولاتها الدؤوبة للحؤول دون تحرر الدول العربية من استعمارها القديم، والعمل على إخضاع الدول العربية المتحررة لسيطرتها، كما فعلت في العدوان الثلاثي على مصر العربية اكتوبر 1956، وما تلا ذلك من جرائم ومؤامرات إستهدفت النهوض العربي، ومازالت تستهدفه حتى الان.

هذا الغرب الرأسمالي، رغم انه شهد تطورا حضاريا غير مسبوق في مسيرة البشرية، غير ان الناظم لعلاقاته مع دول العالم الثالث كافة وخاصة العالم العربي، هو مدى تبعيتها له، ومقدار خضوعها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفق معايير الاستعمار الجديد. وبقي الغرب حتى يوم الدنيا هذا الداعم الاساسي لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية، رغم وجود تباين بين اقطابها حول تسوية الصراع العربي الاسرائيلي وخاصة على المسار الفلسطيني، إلآ انها على الاقل من حيث الشكل، جميعها تؤيد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لكن بالجوهر هناك تباينات في فهم كل منها كيفية بلوغ الحل، ومازالت الولايات المتحدة تحول دون تجاوز رؤيتها ورؤية دولة الاحتلال الاسرائيلية للحل، وهو ما يعني عمليا التساوق مع المنطق الاسرائيلي، الذي يملك حق النقض الفيتو على اي قرار غربي لاعتبارات تتعلق بمركبات العلاقات الاستراتيجية بين الدولة الصهيونية والغرب عموما.

اضف لذلك، ان الغرب وقبلهما دولة الاستعمار الاسرائيلية تتغير مواقفهم صعودا او هبوطا من مصالح العرب عموما والفلسطينيين خصوصا بمقدار تمسكهم بمصالحهم والدفاع عنها او العكس، وايضا بمقدار ما يستخدموا اوراق القوة المتوفرة بايديهم في مواجهة السياسات العدوانية الاسرائيلية والغربية المتواطئة معها.

نموذج جديد على تساوق دول الغرب الرأسمالي مع إسرائيل، الدولة المارقة والخارجة على القانون، هو ترشيحها لرئاسة اللجنة الاممية القانونية السادسة المعنية بمكافحة الارهاب. الدولة، التي تمارس الاحتلال، اعلى اشكال الارهاب الدولاني المنظم، وتبطش بالشعب العربي الفلسطيني ومصالحة على مدار الساعة، ترشحها دول مجموعة غرب اوروبا لرئاسة لجنة اممية معنية بمكافحة الارهاب؟ كيف؟ وعلى اي اساس؟ وما هي معايير الارهاب، الذي تريد ان تجابهة؟ وهل هذا منطقي ويستقيم مع قرارات الشرعية الدولية؟ وماذا عن جرائم اسرائيل على اقل تقدير ووفق تقارير دول الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة العاملة في فلسطين المحتلة المتعلقة بتدمير المباني والمنشآت، التي اشادتها دول الاتحاد الاوروبي في الاراضي المحتلة عام 67؟ اليس ذلك إرهابا؟ ام ماذا تسميه دول المجموعة؟ وماذا عن سياسات الاستيطان الاستعماري ومصادرة وتهويد الاراضي الفلسطينية،؟ وماذا عن سياسة العقاب الجماعي؟ وماذا عن تدنيس والاعتداء على اماكن العبادة الاسلامية والمسيحية؟ وماذا عن إعدامات الفتيان والفتيات في الميادين دون اي معيار قيمي او اخلاقي او قانوني؟ وماذا عن تفشي وصعود العنصرية والفاشية في اوساط الدولة المارقة؟ وماذا عن الاعتقالات والاجتياحات والحروب؟

سؤال للغرب كيف تستقيم المعادلة، التي تحث فيه فرنسا وجزء اساسي من دولكم الخطى لتكريس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، وتأكيد البيان الصادر عن مؤتمر باريس في الثالث من حزيران الحالي، من ان الاستيطان الاستعماري الاسرائيلي، هو المعرقل الاساسي لخيار التسوية السياسية، وفي نفس الوقت، ترشحون إسرائيل لتولي رئاسة اللجنة الاممية المذكورة لمواجهة الارهاب؟ على الغرب مراجعة الذات، ووقف المهزلة بترشيح إسرائيل، ان كانت فعلا اوروبا معنية بالسلام. فهل تفعل؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version