مجزرة اورلاندو البشعة

بقلم: عمر حلمي الغول

لا اعرف سببا لعدم إكتراثي للمجزرة الرهيبة، التي حدثت فجر الاحد في مدينة اورلاندو التابعة لولاية فلوريدا الاميركية. رغم انها المجزرة الابشع في الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر 2001، حيث سقط خمسون قتيلا و55 جريحا. هل الاهمال ردة فعل على إستهتار اميركا بضحايا الشعب الفلسطيني او ضحايا شعوب ودول الامة العربية والعالم الثالث؟ ام عدم الاهتمام ناتج عن كون أميركا المنتج الاول للارهاب في العالم، وبالتالي ليس مستغربا كما يقول المثل الشعبي في بلادنا “اللي بيعمل السم بيذوقوا!؟ او لان الارهاب الاسرائيلي لم يتوقف، ويطال كل جوانب الحياة الفلسطينية؟ ام بسبب تفاقم التطورات الجارية في الساحة، وتغليب القضايا الوطنية في المعالجة على قضايا الارهاب في اميركا وغيرها من دول العالم؟

لكن الضحايا في فلسطين واميركا وسوريا والعراق وليبيا ومصر وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا والمانيا واستراليا والبرازيل وفنزويلا .. إلخ لا ذنب لهم، ولا يتحملوا وزر ما ترتكبه الادارة الاميركية او إسرائيل او “داعش” و”النصرة” او اي جماعة تكفيرية ارهابية بغض النظر عن مرجعيتها الدينية او الوضعية او السياسية. وبالتالي التضامن مع الضحايا وذويهم وشعوبهم، هي اول اشكال التضامن مع الذات الوطنية وضحايا وشهداء الشعب العربي الفلسطيني وشعوب الامة العربية والانسانية جمعاء. اضف الى ان الوقوف امام هذه العملية الارهابية او تلك، فيها إستخلاص للعبر والدروس الواجبة للانظمة الحاكمة وللشعوب على حد سواء. فكان لابد من إيجاد مساحة للمجزرة واستخلاص عبرها بهدف التعميم والاستفادة.

وقبل ان إستخلاص الدروس، تملي الضرورة التأكيد على ان الخلفية، التي حملت القاتل عمر متين، الافغاني الاصل،على جريمته، ليس بالضرورة الخلفية الدينية او الانتماء ل”داعش”، بل كما قال والده، قد يكون رفضه للعلاقات المثلية او كما قالت مطلقتة، انه ليس سويا ويعاني من أمراض عصبية ناجمة عن جملة التناقضات، التي حملها في وعيه، فهو من اسرة مسلمة محافظة، عاش في واقع منفتح، والثقافة السائدة في المجتمع، هي ثقافة مغايرة لتربيته الاسرية، ثقافة الحرية العالية: الجنس والدعارة والفقر والفاقة والتمييز العنصري بين البيض والسود، وبين اتباع الاعراق والاثنيات المختلفة، وانتشار السلاح وحرية إقتنائه واستخدامه وحتى تشكيل مافيات وجيوش مرتزقة .. إلخ من اشكال التناقض في المجتمع الاميركي. قد يسأل سائل، وهل هو الوحيد، الذي يعيش هذا التناقض، فهناك ما يزيد عن الثلاثمائة وخمسين مليون اميركي يتعايشون مع خصائص مجتمعهم؟ صحيح، لكن ليس كل إنسان لديه القدرة على تحمل إفرازات ومثالب المجتمع الاميركي. اضف الى ان عمليات القتل لا تتوقف في كل الولايات المتحدة، ولكن حجم ضحاياها اقل بكثير، الامر الذي يسمح للمجتمع والعالم بتمريرها دون ضجيج. مع ذلك على جهات الاختصاص الاميركية البحث الجدي والعميق في خلفية واسباب القاتل الافغاني، حتى تكون الاستخلاصات اشمل واعمق.

واي كانت الدواعي والاسباب الكامنة خلف الجريمة، فإن الدروس المستخلصة، هي: اولا عدم تمكن اميركا حتى الان من الارتقاء بوعي وثقافة ابناء الاعراق والاثنيات الاسيوية والافريقية واللاتينية الاميركية لتمثل خصائص المجتمع الاميركي. اي هناك نواقص ومثالب في النظام التربوي والثقافي الاميركي، لابد للقائمين على مستوى الولايات او على المستوى الفيدرالي من البحث الجدي في وسائل التعليم المنتشرة في ارجاء البلاد؛ ثانيا يفترض ان تعيد الولايات المتحدة النظر بشكل جذري في سياسة تجارة الاسلحة، والتدقيق في حيازتها؛ ثالثا إعادة النظر في التحالف مع الاسلامويين التكفيرين. لان بمواصلة دعمهم، لن تجني سوى المزيد من الارهاب في الولايات المختلفة؛ رابعا ايضا اعادة نظر جدية ومسؤولة مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. والتوقف عن الانحياز الاعمي مع إسرائيل ظالمة او مظلومة، ووقف تمويل ارهابها وترسانتها الحربية، التي تستخدم في قتل العرب والمسلمين عموما والفلسطينيين خصوصا؛ خامسا العمل بقوة مع فرنسا ودول العالم لالزام إسرائيل بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194 ومبادرة السلام العربية؛ سادسا التوقف عن تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد، وترك الشعوب العربية لتختار ممثليها وقادتها بحرية دون تدخل مباشر او غير مباشر في شئونها.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا